الدية المستحقة هي تعويض للمضرور وتعتبر تركة يتقاسمها ورثته

حكم تمييز (تعويض)
محكمة التمييز
الدائرة المدنية
جلسة 12/ 12/ 2005
برئاسة السيد المستشار/ يوسف المطاوعة – رئيس الجلسة وعضوية السادة المستشارين/ فتحي محمود السيد، ولطفي عبد العزيز، وأحمد هاشم، وعبد الرحمن فكري سليم.
(59)
الطعن رقم10/ 2005 مدني
1 – إرث – تركة – نيابة (نيابة الوارث عن باقي الورثة) – خصومة – دعوى ( بعض أنواع الدعاوى: الدعاوى التي ترفع على التركة).
– الدعاوى التي ترفع من التركة أو عليها – جواز أن ينتصب الوارث خصماً عن باقي الورثة إذا خاصم أو خوصم طالباً الحكم للتركة بكل حقها أو مطلوباً في مواجهته الحكم على التركة نفسها بكل ما عليها.
2 – دية – تعويض (التعويض عن إصابة ذات النفس) – تركة – إرث.
– الدية تعويض عن ذات إصابة النفس – مؤدى ذلك – دخولها في مال المضرور وتعتبر تركة يتقاسمها ورثته وفقاً للأنصبة الشرعية – م (250) مدني.

3 – تعويض (التعويض عن الضرر المادي).
– التعويض عن الضرر المادي نتيجة وفاة شخص آخر – شرطه – ثبوت أن المتوفى كان يعوله وقت وفاته على نحو مستمر ودائم وإن فرصة الاستمرار بالإعالة كانت محققة – مغادرة الوطن سعياً للحصول على المال – لا تكفي بمجردها لقيام المصلحة المادية التي تسوغ المطالبة بالتعويض المادي بسبب الإعالة.

1 – النص في الفقرة الأخيرة من المادة (50) من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أن (وفي جميع الأحوال يجوز أن ينتصب أحد الورثة ممثلاً للتركة في الدعاوى التي تقام منها أو تقام عليها من الغير)، يدل وعلى ما هو مقرر وما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن الوارث ينتصب خصماً عن باقي الورثة في الدعاوى التي ترفع من التركة أو عليها وذلك إذا كان الوارث قد خاصم أو خوصم طالباً الحكم للتركة بكل حقها أو مطلوباً في مواجهته الحكم على التركة نفسها بكل ما عليها.

2 – إذ كانت الدية المستحقة عن فقد النفس هي تعويض عن ذات إصابة النفس فإنها حق للمضرور وتدخل في ماله وتعتبر تركة يتقاسمها ورثته وفقاً للأنصبة الشرعية طبقاً لنص المادة (250) من القانون المدني، ولما كان الثابت من صحيفة الدعوى أن المطعون ضدهم طلبوا الحكم بالدية الشرعية المستحقة عن وفاة مورثتهم طبقًا لأحكام القانون المدني وبحق والد المورثة أيضًا في الدية وهو أحد والورثة الذي لم يمثل في الدعوى ولم يتخلوا عن ذلك في دفاعهم بالرد على استئناف الطاعنة، مستهدفين بدعواهم الحكم بالدية الشرعية للتركة ممثلة في أشخاصهم كنائب شرعي عنها قائم في الخصومة مقامها ومقام باقي الورثة، لا يغير من ذلك عدم ذكرهم إنهم يمثلون باقي الورثة لأن صفتهم كورثة تنصبهم خصماً عن الباقين و هي واضحة من طلبهم بصفتهم ورثة بالدية الشرعية, وإذ انتهى الحكم الابتدائي المؤيد والمكمل بالحكم المطعون فيه إلى القضاء للمطعون ضدهم بكامل الدية الشرعية على أن توزع بالفريضة الشرعية فإنه يكون قد حكم للتركة بكل حقها، ومن ثم فقد صادف صحيح القانون، ويكون نعي الطاعنة عليه بهذا السبب على غير أساس.

3 – من المقرر أن طلب التعويض عن الضرر المادي نتيجة وفاة شخص آخر مشروط بثبوت أن المتوفى كان يعول طالب التعويض فعلاً وقت وفاته على نحو مستمر ودائم وأن فرصة الاستمرار بالإعالة كانت محققه. وكان البين من أسباب الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلزام الطاعنة بمبلغ التعويض المادي المحكوم به للمطعون ضدهم، ليس على ما ثبت له بيقين من إعالة مورثتهم لهم فعلاً وقت وفاتها، وإنما تأسيسًا على التخمين والاستنتاج من مجرد مغادرة مورثتهم وطنها – سيريلانكا – سعيًا للحصول على المال لمساعدتهم من دون أن يكون في الأوراق من الدليل ما يكشف عن إعالة المورثة لهم، كما أنه لم يثبت عدم مقدرة زوج أم المتوفاة الإنفاق عليها أو عجزه عن ذلك، ورغم تجاوز شقيقي المورثة مرحلة الإنفاق عليهما لبلوغهما ولعدم ثبوت عجزهما عن الكسب كما هو بين من شهادة حصر إرث المورثة، ومن ثم فلا يكون المطعون ضدهم قد افتقدوا بوفاتها المصلحة المادية التي تسوغ لهم المطالبة بالتعويض المادي بسبب الإعالة، ويكون ما ساقه الحكم عن ثبوت الضرر وعناصره غير سائغ ولا يكفي لحمله. وإذ قضى لهم بالتعويض المادي رغم ذلك فإنه يكون معيباً مما يوجب تمييزه في هذا الخصوص تمييزاً جزئياً.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهم وهم بعض ورثة – ………. أقاموا على الطاعنة – شركة التأمين العربية المحدودة – الدعوى رقم 622/ 2004 مدني كلي بطلب إلزامها بأن تؤدي إليهم مبلغ 18000 دينار تعويضًا عما أصابهم من أضرار مادية وأدبية وما يستحقونه من دية شرعية، تأسيسًا على أنه بتاريخ 5/ 8/ 98 تسبب قائد السيارة رقم (15912) المؤمن عليها لدى الطاعنة. حال قيادته لها في قتل مورثتهم – ابنه المطعون ضدها الأولى وشقيقة المطعون ضدهما الثاني والثالث – وقد ثبت خطأه من الحكم النهائي الصادر في الجنحة رقم 253/ 98 الصليبخات الذي دانه بجريمة القتل الخطأ، وإذ يستحقون دية شرعية جراء ذلك فضلاً عن تعويض ما لحقهم من أضرار مادية وأدبية فقد أقاموا الدعوى.

قضت المحكمة بطلبات المطعون ضدهم. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1699/ 2004 مدني فحكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق التمييز, وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بتمييز الحكم المطعون فيه, وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعي الطاعنة بالسبب الثاني منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع. ذلك لأنه حكم بالدية للمطعون ضدهم رغم تمسكها بصحيفة استئنافها بوجوب إخراج نصيب والد المتوفاة وهو أحد الورثة الغير ممثل في الدعوى, إلا أن الحكم التفت عن دفاعها وقضى مع ذلك للمطعون ضدهم بكامل الدية مما يعيبه ويستوجب تمييزه.

وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في الفقرة الأخيرة من المادة (50) من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أن (وفي جميع الأحوال يجوز أن ينتصب أحد الورثة ممثلاً للتركة في الدعاوى التي تقام منها أو تقام عليها من الغير)، يدل وعلى ما هو مقرر وما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن الوارث ينتصب خصماً عن باقي الورثة في الدعاوى التي ترفع من التركة أو عليها وذلك إذا كان الوارث قد خاصم أو خوصم طالباً الحكم للتركة بكل حقها أو مطلوباً في مواجهته الحكم على التركة نفسها بكل ما عليها، ولما كانت الدية المستحقة عن فقد النفس هي تعويض عن ذات إصابة النفس فإنها حق للمضرور وتدخل في ماله وتعتبر تركة يتقاسمها ورثته وفقاً للأنصبة الشرعية طبقاً لنص المادة (250) من القانون المدني،

ولما كان الثابت من صحيفة الدعوى أن المطعون ضدهم طلبوا الحكم بالدية الشرعية المستحقة عن وفاة مورثتهم طبقاً لأحكام القانون المدني وبحق والد المورثة أيضاً في الدية وهو أحد الورثة الذي لم يمثل في الدعوى ولم يتخلوا عن ذلك في دفاعهم بالرد على استئناف الطاعنة، مستهدفين بدعواهم الحكم بالدية الشرعية للتركة ممثلة في أشخاصهم كنائب شرعي عنها قائم في الخصومة مقامها ومقام باقي الورثة، لا يغير من ذلك عدم ذكرهم إنهم يمثلون باقي الورثة لأن صفتهم كورثة تنصبهم خصماً عن الباقين وهي واضحة من طلبهم بصفتهم ورثة بالدية الشرعية, وإذ انتهى الحكم الابتدائي المؤيد والمكمل بالحكم المطعون فيه إلى القضاء للمطعون ضدهم بكامل الدية الشرعية على أن توزع بالفريضة الشرعية فإنه يكون قد حكم للتركة بكل حقها، ومن ثم فقد صادف صحيح القانون، ويكون نعي الطاعنة عليه بهذا السبب على غير أساس.

وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الأول من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع. ذلك أنه أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي فيما حكم به من تعويض مادي لوالده المتوفاة وشقيقها البالغين واللذان تجاوزا مرحلة الإنفاق عليهما ولديهما القدرة على العمل والكسب وقد بلغ أحدهما الثامنة والعشرين عاماً والآخر عشرين عاماً ووالد المتوفاة هو المسؤول عن الإنفاق على زوجته أم المتوفاة، وقد خلت الأوراق من أي دليل على إعالة المتوفاة للمطعون ضدهم، وإذ رتب الحكم قضاءه بالتعويض المادي على سند حرمانهم من إعالة مورثتهم فإنه يكون معيباً مما يستوجب تمييزه.

وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن من المقرر أن طلب التعويض عن الضرر المادي نتيجة وفاة شخص آخر مشروط بثبوت أن المتوفى كان يعول طالب التعويض فعلاً وقت وفاته على نحو مستمر ودائم وأن فرصة الاستمرار بالإعالة كانت محققه. وكان البين من أسباب الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلزام الطاعنة بمبلغ التعويض المادي المحكوم به للمطعون ضدهم، ليس على ما ثبت له بيقين من إعالة مورثتهم لهم فعلاً وقت وفاتها، وإنما تأسيساً على التخمين والاستنتاج من مجرد مغادرة مورثتهم وطنها – سيريلانكا – سعياً للحصول على المال لمساعدتهم من دون أن يكون في الأوراق من الدليل ما يكشف عن إعالة المورثة لهم، كما أنه لم يثبت عدم مقدرة زوج أم المتوفاة الإنفاق عليها أو عجزه عن ذلك، ورغم تجاوز شقيقي المورثة مرحلة الإنفاق عليهما لبلوغهما ولعدم ثبوت عجزهما عن الكسب كما هو بَيّن من شهادة حصر إرث المورثة، ومن ثم فلا يكون المطعون ضدهم قد افتقدوا بوفاتها المصلحة المادية التي تسوغ لهم المطالبة بالتعويض المادي بسبب الإعالة، ويكون ما ساقه الحكم عن ثبوت الضرر وعناصره غير سائغ ولا يكفي لحمله. وإذ قضى لهم بالتعويض المادي رغم ذلك فإنه يكون معيباً مما يوجب تمييزه في هذا الخصوص تمييزاً جزئياً.

وحيث إن موضوع الاستئناف صالح فيما ميز من الحكم المطعون فيه صالح للفصل فيه. ولما تقدم فإن طلب المستأنف ضدهم التعويض عما لحقهم من أضرار مادية ولفقدهم مورثتهم التي تعولهم يضحى على غير سند من الأوراق، وإذ انتهى الحكم المستأنف إلى غير ذلك فإنه يكون في غير محله ويتعين إلغاؤه في هذا الشق على النحو الوارد بالمنطوق والقضاء برفض الدعوى بالنسبة لهذا الشق من الطلبات.