الدفع بشيوع الاتهام للهروب من عقوبة الإعدام .

شيوع الاتهام.. يقصد بها أن هناك أكثر من فاعل تدور حولهم شبهة ارتكاب الفعل، ولكن تخلو أوراق الدعوى من دليل جازم يشير بأصبع الاتهام إلى أحدهم على سبيل الجزم واليقين فالجميع فى موضع الشبهة والظن، بخلاف أن الفعل لا يتصور حدوثه إلا من شخص واحد أو اثنين من المشتبه فيهم وليس منهم مجتمعين.

«صوت الأمة» رصدت فى التقرير التالى: «ماهية شيوع الاتهام، وآثاره، والسند القانوني للدفع بشيوع الاتهام، والقواعد التى يستند إليها، والأساس الدستوري للدفع بشيوع التهمة، وتطبيقات من الواقع»، بحسب المحامى والخبير القانونى سامح رسلان.

فرضية شيوع الاتهام

يفترض عند الدفع بشيوع التهمة أن يتعدد المتهمين بفعل واحد أو بجريمة واحدة – ولأن لكل متهم الحق في الدفاع عن نفسه دفعاً للتهمة بصرف النظر عن مصير المتهمين الآخرين يكون الدفع بشيوع التهمة دفعاً هاماً وجوهرياً، والدفع بشيوع التهمة – هو وضع المحكمة أمام قدرها المحتوم بالبحث عن متهم واحد بين عدة متهمين قدمتهم النيابة العامة للمحاكمة، ولا مفر من أن تحدد المحكمة دور كل منهم فرادا وإلا بطل حكمها.

ووفقاَ لـ«رسلان» فإن تعدد المتهمين لا يحول دون محاكمتهم جميعاً، ولكن يشترط أن يحاكم كل منهم لفعل محدد آتاه، فلا يحاكم الشخص من أجل ذنب ارتكبه غيره ولو تصورنا غير ذلك لاتسعت دائرة الاتهام بلا ضوابط، وإعمالاً لمبدأ شخصيـة العقوبـة والذي يقتضي ألا يعاقب شخص إلا عن جريمة ارتكبها أو ساهم في ارتكابها فإن كل نفس بما كسبت رهينه، وأن كل متهم مسؤل عما قارفت يداه والمسئولية الجنائية شخصية والإجرام لا يحتمل الاستيناب فى المحاكمة، والعقوبة لا تحتمل الاستيناب فى التنفيذ وأن الجريمة لا تأخذ بجرريتها سوى مرتكبها فهذا الدفاع بجد أساسه فى أن المسؤلية الجنائية شخصية – ولتحقيق مبدأ شخصية العقوبة – يجب أن يبين الحكم الصادر حقيقة الدور الذي أداة المتهم بحيث يشكل هذا الدور في عمومة أركان الجريمة التي تتم المحاكمة من أجلها، وبمعني آخر ألا يكون الحكم مشوباً بإجمال أو إبهام مما يتعذر معه تحديد الدور الحقيقي للمتهم.

لذا يجب علي المحكمة إذا ما دفع أمامها بشيوع التهمة أن تحدد في الحكم الصادر منها – بالإدانة – الدور الذي قام به كل من المتهمين على حده العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون.

كما يقصد بشيوع الاتهام أنه طالما لم يحدد محدث الإصابة من المعتدين فيتم عقابهم بالقدر المتيقن من التعدى فى حق كل معتدى فعلى سبيل المثال، لو أن عشرة اشخاص تعدوا على شخص آخر، وأدى هذا التعدى إلى وفاة المتعدى عليه، وجاء بتقرير الطبيب الشرعى أن ضربة على رأسه هى التى أدت للوفاة، ولم تسفر التحقيقات عن معرفة محدث تلك الاصابة تحديدا والتى أدت إلى الوفاة فيكون القدر المتيقن فى حق كل معتدى من المعتدين العشرة هو ضرب أفضى إلى الموت- بحسب «رسلان».

لذا يجب علي المحكمة إذا ما دفع أمامها بشيوع التهمة أن تحدد في الحكم الصادر منها – بالإدانة – الدور الذي قام به كل من المتهمين علي حده.

فيدفع بانتفاء رابطة السببية بين ما قام به المتهم ونتج من إصابات بالمجني عليه.

فالدفع بشيوع التهمة هو دفاع منبثق من قواعد المساهمة الجنائية، تلك الأخيرة التي يجب أن يحدد فيها دور كل شريك أو مساهم فيها تحديدا واضحا دقيقا جليا حتي يتحمل تبعات جرمه، فإن تعسر تحديد دور الشريك أو المساهم وأختلطت الأدوار مع بعضها البعض كنا أمام حالة من حالة الشيوع.

وهو دفاع موضوعي وليس قانوني، والغرض منه التشكيك في صحه إسناد أرتكاب الواقعه للمتهم، والشيوع حالة موضوعية واقعيه تتجلي حال تداخل وتعدد أطراف الاتهام وهو دفاع موضوعي اسانيده واقعيه تستخلص من وقائع وظروف كل دعوي وهو دفع لا يستأهل ردا صريحا خاصا من المحكمة، وهو من الدفوع التي لاتخضع لرقابه محكمه النقض إلا اذا شاب عموم الحكم الابهام والغموض.

السند القانوني للدفع بشيوع الاتهام

مردوده لقاعدتين:

القاعدة الأولى: قاعدة موضوعية وهي أن العقوبة شخصية مما مؤداه أنه لا تجوز مساءلة الشخص جنائيا عن غير فعله «أو امتناعه».

القاعدة الثانية : تتعلق بشق الاثبات و من هنا يبين دور قاعدة الاثبات و هي أن «الشك يفسر لصالح المتهم» فالدفع بشيوع الاتهام مؤداه عدم امكانية تحديد نسبة السلوك الذي أفضى لتحقق النتيجة لأحد المتهمين على وجه يقيني و بمعنى آخر أنه ليس بالامكان الجزم بأن السلوك الاجرامي لأحد المتهمين هو الذي تسبب في النتيجة الاجرامية بما يثور معه الاحتمال بأن يكون كل من المتهمين ليس لسلوكه أثر في تحقق النتيجه بما مؤداه أن الشيوع يفضي للشك في نسبة السلوك الاجرامي لمتهم بعينه فمن ثم لا تسوغ مساءلة المتهمين جميعا حتى لا يؤاخذ أحدهم بفعل غيره و بما يناقض مبدأ شخصية العقوبة.

القواعد التى يستند إليها الدفع بشيوع الأتهام

الدفع بشيوع الاتهام مبنى على عدة قواعد قانونية تكفى لتشكيك المحكمة وهى القواعد التى أرستها محكمة النقض فى العديد من أحكامها الباته فإذا ما تعقبنا هذا الدفاع فإننا نجده يقوم على كل تلك القواعد القضائية وهذه القواعد هى:

القاعدة الأولى: أن الاحكام الحنائية تبنى على الحزم واليقين.

القاعدة الثانية: إن الشك حتما يفسر لصالح المتهم.

القاعدة الثالثة: العقوبة شخصية ولا تتعدى مرتكبها.

القاعدة الرابعة: حرية القاضى فى تكوين عقيدته بما يتفق مع الفطرة والمنطق.

الأساس الدستوري للدفع بشيوع التهمة

العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون.

( المادة 66 من الدستور) ومبدأ شخصية العقوبة وتحديد دور المشاركين في المساهمة الجنائية.

تطبيقات من الواقع

بمطالعة المحضر نجد أن محضر جمع الاستدلالات به قصور فلم يحدد دور كل متهم فمن الذي قام بالإتلاف المنقولات المبينه بالمحضر ومن الذي قام بالتعدي علي قوات الشرطة و من الذي أحرز مولوتوف و من الذي قام بسرقة محل بوستيج؟

وبمطالعة حكم أول درجة نجد أن الدفاع قد قدم مذكره بدفاعه تمسك فيها بالدفع بشيوع الاتهام و عدم تحديد دور كل متهم و هو من الدفوع الجوهرية التي لابد علي المحكمـــة أن تقوم بالرد عليها و بحث دور كل متهم فراداً و إلا بطل حكمها و ذلك أعمالاً لمبدأ شخصية العقوبة و الذي يقتضي ألا يعاقب شخص إلا علي جريمة أرتكبها أو ساهــــــم في ارتكابها وألا يكون الحكم مشوباً بأجمال أو أبهام مما يتعذر معه تحديد الدور الحقيقي للمتهم حيث أن العقوبة شخصية و لا جريمة و لا عقوبة إلا بناء علي قانون.

إلا أن حكم أول درجة لم يقم ببحث هذا الدفع أو الرد عليها أو البحث في أوراق المحضر الماثل إلا أنه أكتفي بالرد في الحكم من أن الدفع بشيوع الاتهام من أوجه الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً.

وهذا يعد إخلالا بحق الدفاع وذلك لكون هذا الدفع يعد دفعا ‏جوهرية يترتب على قبوله انعدام التهمة فى حق المتهمين وبراءتهم لذلك كان لزاما على الحكم أن يتعرض له ‏ويرد عليه و يقوم بتحديد دور كل متهم على حدي.

قد قضت أحكام محكمة النقض علي أنه:

( لما كان تسبيب الأحكام يعد من أعظم الضمانات التى فرضها القانون على القضاة إذ هو مظهر قيامهم ‏بما عليهم من واجب تدقيق البحث وإمعان النظر لتعرف الحقيقة التى يعلنوها فيما يفصلون فيه من الأقضيه ‏وبه وحده يسلمون من مظنة التحكم والاستبداد، لأنه كالعذر فيما يرتأونه ويقدمونه بين يدي الحضور ‏والجمهور، وبه يرفعون ما قد يرين على الأذهان من الشكوك والريبة، فيدعون الجميع إلي عدلهن مطمئنين ‏ولا تنفع الأسباب إذا كانت عباراتها مجمله لا تقنع أحدا، ولا تجد محكمة النقض فيها مجالا لتبين صحة ‏الحكم من فساده).‏

‏(نقض 21/2/1929 القواعد القانونية ج 1 رقم 170 ص 178) ‏

‏(نقض 20 نوفمبر سنة 1950 مجموعة الأحكام س 2 رقم 70 ص 272)‏.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت