الحصانة النيابية
كرامة حسام الساموك
قد يكون موضوع الحصانة النيابية ليس بجديد ولا غريب فقد تطرق له الكثير من اهل القانون والسياسية وعلى مســتوى كل الدول. الحصانة ســلاح ذو حدين، ســبب تشــريعه حمايــة للنائــب وفســح المجال له فــي ممارســة دوره الرقابــي مــن دون تضييــق أو تهديــد بحجة الملاحقة القانونية. ولكن في الوقت نفســه، قــد يســتعمل النائب الحــد الثاني للســلاح ويستلغه لتحقيق غايات شــخصية.بيد أننــا عندمــا تذكــر عبارة الحصانة النيابية فســيخطر فــي بالنا الحد الثانــي فقط، ترى ما الســبب؟ فلنحســن النية ونذهب نحو معنــى الحصانة.

فهي يراد بها ً التحــرز والمناعة لغة، أما اصطلاحا فهــو امتياز منحه المشــرع لبعض الاشــخاص بحكــم وظائفهــم لاعفائهم من مســؤوليات قانونية قد تترتب عليهــم كما تترتب على بقيــة افــراد الشــعب. ومن يغوص في بحر هذا الموضوع سيكتشــف مــدى التشــابه فــي الموضــوع في التجــارب النيابية للعالم دون عناء. بداية الشــرارة للحصانــة النيابية ً كانــت من انكلترا وتوهجت شــيئا ً حتى صدرت وثيقة الحقوق فشــيئا وكان موضــوع هــذه الوثيقــة عدم المســؤولية البرلمانيــة وحمايــة لأعضاء البرلمان من تدخل ســلطة الملك نهاية القرن الســادس عشر، إذ اصبحنــا أمــام معادلــة وهي (لا مسؤولية+ لا استجواب+ لا عقوبة).

ونذهب غير بعيد إلى فرنســا حيث كانــت الثــورة هناك لهــا دورها في التمســك بموضــوع الحصانة حيث وجدت المعادلة الاتية (ذات مصونة+ لا اجــراءات+ لا قبض+ لا حبس…).أما الولايــات المتحــدة الاميركيــة فقد عرفــت الحصانيــة البرلمانيــة إلــى ان وصلــت في عــام ١٩٧٢ فقصرت التمتــع بمبدأ عدم المســؤولية على اعضــاء الكونغــرس وحدهم.

ولــو تقربنا إلى الدول العربية نبدأ بالمادة ١١٣ مــن الدســتور المصــري فأنها نصت على عدم جواز في غير حالة التلبــس بالجريمــة اتخــاذ اي اجراء جنائــي ضد عضو مجلــس النواب، ً للمادة ذاتها فتعين البت لكن وفقا في طلب اتخاذ الاجراء الجنائي ضد عضــو مجلس النواب خــلال ثلاثين ً على الاكثر. يوما امــا الامــارات، ففــي المــادة ٨١ مــن الدستور الاتحادي للدولة فأنها تؤكد ان لا مســؤولية لاعضــاء مجلــس النواب داخل اجمللس او خارجه ولهم مطلــق الحريــة وتمامهــا ولكن وفق حدود الدستور والقانون. ووفــق المــادة (٤٠)مــن الدســتور اللبنانــي فأنــه لا يجــوز اثنــاء دورة الانعقاد اتخاذ اجراءات جزائية نحو اي نائــب أو القاء القبــض عليه اذا ً الا بأذن مجلس ً جزائيا اقتــرف جرما النواب مــا خلا حالة التلبس بالجرم المشهود. ً

للمادة (٦٣ / اما في العراق وتطبيقا ً) من الدســتور وحكم المحكمة ثالثا الاتحادية العليا رقــم (١٣٤ /اتحادية/ ٢٠١٧ (فأن للنائب حصانة، ولا يمكن محاسبته الا في الحالات التالية.

١ -حالة إذا كان النائب متهم بجريمة تعد من الجنايــات وهي وفقا لقانون العقوبات التــي تكون عقوبتها من السجن خمس سنوات إلى الاعدام، فأنــه لا يجــوز القبــض عليه خلال الفصــل التشــريعي الا بموافقــة الاغلبيــة المطلقة وهي اغلبية عدد ً للمادة (٦٣/ب) اعضاء الحاضرين وفقا مــن الدســتور وحكمــي المحكمــة الاتحاديــة العليا رقــم (٣٧ /اتحادية/ ٢٠٠٩ (و (٢٣ /اتحاديــة/ ٢٠٠٧ ،(اما اذا كان الامر خارج الفصل التشــريعي فأنه يتطلب مواقفه رئيس مجلس النواب.

٢ –حالة التلبس في الجرم المشــهود بجنايــة، وهــذا لا يتطلــب موافقة رئيس أو اعضاء مجلس النواب. هــذا يعني أن المشــرع الدســتوري العراقــي اعطــى الحصانــة للنائب عمــا يدليــه مــن اراء خــلال الدورة الانتخابيــة ومنع اتخــاذ الاجراءات القانونيــة بحقــه عمــا يدليه من اراء، كمــا أنــه حظر القــاء القبض عليه باستثناء الحالات المشار اليها ً، ولكــن الحصانة لم تمنع اتخاذ انفا الاجراءات القانونية بحق النائب اذا اتهــم بارتكابه جريمة ســواء كانت مخالفــة أو جنحــة أو جنايــة ومن الممكن أن تمضي تلك الاجراءات بعد انتهاء الدورة الانتخابية.

ويقول الفقهــاء أن هناك حصانتين للنائب وهما:-

١ -الحصانــة الموضوعية التي تعني عدم مســؤولية النائب عــن اقواله وافعالــه اثنــاء انعقــاد جلســات مجلس النــواب فله مطلــق الامان والضمان الا ما عدت مخلة بالنظام العــام أو خرجت منه عبارات مخلة بالدستور والاداب، وتظل معه حتى بعد انتهاء دوره كنائب.

٢ -الحصانــة الاجرائيــة وتعنــي حماية النائــب من اجراءات القانون الجنائي وملاحقتــه اثناء مدة الدورة الانتخابيــة الا مــا اقــره الدســتور وحدده. وتنتهي هــذه الحصانة بانتهاء عمر الدورة الانتخابية والتي هي بحسب المــادة (٥٦ (مــن الدســتور العراقي اربع ســنوات تقويمية تبدأ من تاريخ انعقاد أول جلسة. ً للتجربة وقد عــدت الحصانة وفقــا العراقيــة بمنزلــة الامتيــازات التي يســتحقها الفائز فــي الانتخابات بعــد ترديــده القســم اســوة بالمستحقات المالية

إعادة نشر بواسطة محاماة نت