حرص المشرع المصري في قانون التجارة الجديد رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ على الاهتمام بالشيك ووضع تنظيماً شاملاً له لكي يعالج أوجه القصور في المجموعة التجارية الملغاة الصادرة عام ١٨٨٣ التي اقتصر تنظيمها للشيك على المواد من ١٩١ إلى ١٩٣ حيث لم تهتم به إلا بتنظيم قانوني ضئيل، وإذا كان هذا يتناسب مع الواقع العملي الذي صدرت فيه المجموعة التجارية الملغاة إلا أنه لا يتناسب مع الوضع القائم حالياً حيث يحظى الشيك بأهمية بالغة في الحياة الاقتصادية عامة والتجارية خاصة، لذلك حرص المشرع في قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ على إعادة تنظيم الشيك بما يتناسب مع أهميته.

النصوص التشريعية التي تحكم الشيك :

٥٣٩ وقد عمل – أفرد المشرع في قانون التجارة للشيك المواد من ٤٧٢ المشرع على حماية الشيك كورقة تجارية والحرص على اعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في التعامل، ووضع من النصوص ما يحقق ذلك ويحول دون ما كان يجري عليه العمل من استغلاله كأداة ائتمان بعداً عن طبيعته التي استقر عليها في العالم أجمع. وطبقاً للمادة الثالثة من مواد إصدار قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ م يعمل بأحكام قانون التجارة اعتباراً من أول اكتوبر سنة ١٩٩٩ ، عدا الأحكام الخاصة بالشيك فيعمل بها اعتباراً من أول اكتوبر سنة ٢٠٠٠ م.

ونصت ذات المادة الثالثة من مواد الإصدار على أنه تطبق على الشيك الصادر قبل هذا التاريخ الأحكام القانونية المعمول بها في تاريخ إصداره، إذا كان ثابت التاريخ أو تم إثبات تاريخه قبل أول أكتوبر سنة ٢٠٠١ . ويكون إثبات تاريخ الشيك المشار إليه لدى أحد مكاتب التوثيق بمصلحة الشهر العقاري، بلا رسوم، أو بقيده في سجلات خاصة لدى أحد البنوك، أو بأية طريقة أخرى من الطرق المنصوص عليها في المادة ) ١٥ ( من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية. يتضح من نص المادة الثالثة من قانون التجارة الجديد أن المشرع حرص على التمهيد لتطبيق أحكام قانون التجارة الجديد في شأن الشيك فقد قرر فترة انتقالية ، قدرها عام واحد لتطبيق أحكامه والتي يعمل بها اعتباراً من أول أكتوبر عام ٢٠٠٠ وحرصاً من المشرع على حماية الأوضاع القائمة وقت صدوره والتي اعتمدت على الشيك الأجل المستحق الوفاء بعد فترة من إصداره وكذلك الشيكات الخطية، وهي الأوضاع التي كان يجري عليها العمل في مصر، فقد اعترف بها المشرع في قانون التجارة بشرط إثبات تاريخها خلال عام تالي لتاريخ نفاذ أحكام الشيك. ثم صدر القانون رقم ١٦٨ لسنة ٢٠٠٠ م ليعدل تطبيق الأحكام الخاصة بالشيك والواردة في قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ م إلى أول أكتوبر ٢٠٠١ م ، ثم صدر القانون رقم ١٥٠ لسنة ٢٠٠١ م فيما عدا المادة ٥٣٦ من قانون التجارة رقم ٢٠٠١ م وهو اليوم الثاني لنشر /٦/ ١٧ لسنة ١٩٩٩ م حيث يعمل بها إعتبارا من ٢٦ القانون رقم ١٠٥ لسنة ٢٠٠ م في الجريدة الرسمية والتي تنص على أن ” ويعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز نصف قيمة الشيك أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ادعى بسوء نية تزوير شيك وحكم نهائيا بعدم صحة هذا الإدعاء ” ، ثم صدر القانون رقم ١٥٨ لسنة ٢٠٠٣ م ليؤجل تطبيق أحكام الشيك الواردة في القانون رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ م حتى أول أكتوبر ٢٠٠٥ ، وتم بالفعل تطبيق الأحكام المتعلقة بالشيك اعتبارا من هذا التاريخ .يتضح من ذلك أن المشرع حرص على التمهيد لتطبيق أحكام قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ م في شأن الشيك فقد قرر فترة انتقالية مدتها عام بعد عام لتطبيق أحكامه والتي عمل بها اعتبارا من أول أكتوبر عام ٢٠٠٥ م وقد تضمن قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ م ، لأول مرة تنظيماً شاملاً لأحكام الشيك في الفصل الثالث من الباب الرابع وذلك في ٦٧ مادة المواد من٥٣٩ بالإضافة للأحكام المشتركة للأوراق التجارية كلها، كذلك أحكام الإحالة -٤٧٢ على الكمبيالة حيث نصت المادة ٤٧٢ من قانون التجارة على أنه “في المسائل التي لم ترد بشأنها نصوص خاصة في هذا الفصل تسري على الشيك أحكام الكمبيالة بالقدر الذي لا تتعارض فيه مع طبيعته”. والجدير بالذكر في هذا الشأن أن المشرع المصري في تنظيمه الجديد لأحكام الشيك قد استجاب إلى آراء الفقه بضرورة الأخذ بأحكام قانون جنيف الموحد مواكبة للتشريعات في معظم الدول المتقدمة خاصة اعتبار الشيك كأداة وفاء فقط وعدم الخروج على طبيعته واعتباره أداة ائتمان.

أهم الأحكام التي استحدثها قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ م لحماية الشيك :

…اهتم قانون التجارة الجديد بتنظيم الأوراق التجارية وفقاً لأحكام الاتفاقيات الدولية خاصة أحكام اتفاقية جنيف الموحدة، كما استحدث أحكاماً جديدة لحماية الشيك وإعادة الهيبة إليه وإضفاء الثقة على التعامل به من أمثلة ذلك:

١- لابد أن يذكر كلمة “شيك” في متن الصك وباللغة التى كتب بها (م ٤٧٢ /أ تجاري) .

٢- لا يعد شيكاً، إلا الورقة التي تحرر على نموذج صادر من بنك يمثل حساباً حقيقياً لدي ساحب الشيك، وتبطل الأوراق الأخرى التي لا يتوافر لها هذا الشكل.

٣- أن يكون الشيك مستحق الوفاء ولا يعتد بالتاريخ اللاحق الذي قد يدون به، لأن الشيك يعد مستحق الوفاء لدى الإطلاع أياً كان التاريخ الذي يحمله، فإذا ما قدم الشيك للوفاء به قبل التاريخ المبين فيه لإصداره وجب الوفاء به في يوم تقديمه بغض النظر عن التاريخ المبين به، وذلك باستثناء الشيكات الحكومية الخاصة بالمرتبات والمعاشات تدفع في التاريخ المبين بها ولو كان لاحقاً على تاريخ إصداره )م ٥٠٣ تجاري(، والهدف من ذلك هو القضاء على الشيكات الآجلة التي تؤدي وظيفة غير الوظيفة القانونية والاقتصادية للشيك باعتباره أداة وفاء. وهذا الحكم هو ما تأخذ به اتفاقية جنيف بشأن الشيك وهو ما تنص عليه كل تشريعات العالم، احتراماً لوظيفة الشيك وليحل محل النقود في التعامل.

٤- يعاقب الدائن الذي تحصل على شيك وهو يعلم وقت تسلمه له أنه بدون رصيد، إذ أنه يعد محرضاً للساحب على ارتكاب جريمة إصدار الشيك بدون رصيد، وجعل القانون العقوبة هنا الغرامة، إذ قد يكون الدائن شخصاً اعتبارياً. ومما لاشك فيه أن القانون يهدف بذلك إلى حماية التعامل بالشيك، لأن المستفيد ليس هو المقصود فقط بالحماية في جريمة إصدار الشيك بدون رصيد، وإنما الهدف أصلاً هو إضفاء الثقة على الشيك كبديل للنقود.

٥- يعاقب من يظهر شيكاً وهو يعلم وقت التظهير أنه بدون رصيد، ومع ذلك يقوم بإطلاقه للتداول.

٦- اعتبر القانون تصالح المحكوم عليه مع حامل الشيك من الظروف المخففة التي يؤدي إلى الحكم بوقف تنفيذ العقوبة في أية مرحلة، ولو أثناء تنفيذ العقوبة تشجيعاً على الوفاء بالشيك.

٧- يعاقب كل من يدعي بسوء نية تزوير شيك ليتهرب أو يماطل في سداده، متى حكم برفض هذا الادعاء.

٨- شدد القانون العقوبة على الساحب الذي يعود إلى ارتكاب جريمة شيك بدون رصيد.

٩- يعاقب بالغرامة التي لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه كل موظف بالبنك ارتكب عمداً أحد الأفعال الآتية :

أ- التصريح على خلاف الحقيقة بعدم وجود مقابل وفاء للشيك أو بوجود مقابل وفاء أقل من قيمته.

ب-الرفض بسوء نية وفاء شيك له مقابل وفاء كامل أو جزئي ولم يقدم بشأنه اعتراض صحيح.

ج- الامتناع عن وضع أو تسليم البيان المشار إليه في الفقرة الأولى من المادة ٥١٨ من هذا القانون.

د- تسليم أحد العملاء دفتر شيكات لا يشتمل على البيانات المنصوص عليها في المادة ٥٣٠ من هذا القانون. ويكون البنك مسئولاً بالتضامن مع موظفيه المحكوم عليهم في سداد العقوبات المالية المحكوم بها. وقد أثر قانون التجارة أن يتضمن النصوص العقابية بالنسبة للتعامل بالشيك، نظراً لما استحدثه من أحكام موضوعية بالنسبة للتعامل، بالشيكات، فيجب أن تحمي هذه الأحكام بنصوص عقابية ترد في ذات الموضع.

أساس نشأة الشيك :

نشأ الشيك، منذ البداية، متصلاً بعمليات البنوك ومنفذاً لها، إذ أنه نشأ كوسيلة سهلة لاسترداد الأموال المودعة بالبنوك سواء كان هذا الاسترداد لحساب المودع نفسه، وهذا أساس نشأته، أو كان هذا الاسترداد لحساب الغير، إذ تطور وأصبح مثل الكمبيالة ويخول للمودع أن يأمر البنك بأن يوفي لأمر شخص آخر أو لحامله يسمى المستفيد مبلغ من النقود من الرصيد المودع لديه. بل أن الشيك قد تفوق على الكمبيالة بأن زاع صيته وأصبح أكثر انتشاراً منها في العمل. بل أنه قد حل محلها في العمل كأداة تنفيذ لعقد الصرف على المسحوب عليه بل وجدت وظيفة أخرى للشيك هي استخدامه بدلاً من النقود(1).

تعريف الشيك :

صدر قانون التجارة دون أن يتضمن تعريفاً للشيك – تاركاً ذلك للفقه – وقد تطلب شروطاً جديدة لم تكن موجودة من قبل كما حدد البيانات التي يجب أن يتضمنها الصك ليعتبر شيكاً وفقاً لأحكامه بالمادة ) ٤٧٣ تجاري(. ويمكن تعريف الشيك بأنه صك محرر وفقاً لبيانات معينة نص عليها القانون يتضمن أمراً غير معلق على شرط بدفع مبلغ من النقود من شخص يسمى الساحب إلى المسحوب عليه البنك بوفاء مبلغ معين من النقود إلى شخص ثالث يسمى المستفيد أو لحامله بمجرد الإطلاع.

ويأخذ الشيك عادة الشكل الآتي :

البنك الأهلي المصري فرع ………..

١٠٠٠٠،٠ جنيه مصري

ادفعوا لأمر / عمر محمود مبلغ وقدره عشرة آلاف جنيه مصري القاهرة في ١/يناير/ ٢٠٠٠

التوقيع

المحرر

يتضح من تعريف الشيك وشكله وأحكام قانون التجارة أنه يشبه الكمبيالة حيث أن كل منهما يتضمن ثلاثة أطراف هم الساحب والمسحوب عليه والمستفيد، كما يفترض الشيك أيضاً مثل الكمبيالة وجود علاقتين سابقتين، الأولى علاقة بين الساحب والمستفيد وهي أساس إصدار الشيك، والثانية علاقة بين الساحب والبنك المسحوب علي وأساسها مقابل الوفاء أو الرصيد. غير أن الشيك يتميز عن الكمبيالة من عدة نواحي، منها أن الشيك يجب أن يتضمن في متن الصك كلمة شيك، وكذلك الكمبيالة يجب أن تتضمن في متن الصك كلمة كمبيالة. كما أن الشيك لا يجوز سحبه إلا على بنك. والشيك دائماً مستحق الدفع لدى الإطلاع لأنه أداة وفاء فقط، وأيضاً يجب أن يكون للشيك مقابل وفاء مقدم أو موجود وقت إصداره، كما أن الشيك لا يجوز تقديمه للمسحوب عليه للقبول حيث لا قبول في الشيك وإذا كتبت عليه صيغة القبول اعتبرت كأن لم تكن لأن الشيك واجب الدفع بمجرد الاطلاع وتقديمه للمسحوب عليه البنك يعني الوفاء بقيمته.

___________________________

1- كمال محمد أبو سريع، بحث مقدم في المؤتمر العلمي الثاني للقانونين المصريين- في الفترة من ١ -2/5/2000م.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .