الانترنت اصبح وسيلة لاستهداف القاصرين

جرائم الإنترنت التي تستهدف القاصرين
يعترف الخبراء، اليوم، بأن الانترنيت أضحى وسيلة رهيبة تعوّل عليها عصابات الإجرام لاقتراف جرائم عديدة، من أخطرها تلك التي تستهدف استغلال الأطفال جنسيا وابتزاز الشركات الكبرى، أو سرقة المعلومات المصرفية، أو تخريب الأنظمة المعلوماتية.

جريمة الإنترنيت تخطت الحدود الجغرافية وأصبحت تستعمل تقنيات متطورة يصعب رصدها ومراقبتها حتى في البلدان ذات التكنولوجيا المتطورة، فما بالك بالبلدان النامية التي لا تتوفر حتى على القوانين الردعية.

ومن أخطر الجرائم التي بدأ الانتباه إليها، تلك التي يذهب ضحيتها القاصرون. فحسب تقارير دولية ، من بينها تقرير صادر عن “المركز القومي الأمريكي للأطفال المختطفين والمفقودين” ، ارتفعت حالات استغلال الأطفال جنسيا عبر شبكة الإنترنت حول العالم بشكل كبير. بحيث تزايد عدد المواقع الإباحية لاستغلال الأطفال بنسبة 400 % بين سنة 2004 وسنة 2005. كما أن أكبر شريحة لمشاهدي البورنوغرافيا في الإنترنيت هم فئة القاصرين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 و17 سنة، حسب نفس المصدر.
وحسب إحصاءات قدمتها “مؤسسة مراقبة الإنترنيت” ، كان عدد المواقع الإباحية للقاصرين، سنة 2004، يصل إلى 3433 موقع. وسيقفز هذا الرقم إلى 10656 موقع سنة 2006. وتتواجد 54 في المائة من المواقع الإباحية للقاصرين بالولايات المتحد الأمريكية.

وقدرت مجلة “إنترنيت فيلتر” دخل تجارة الجنس عبر الإنترنيت، سنة 2006، بـ 97.06 مليار دولار، وصلت نسبة الولايات المتحدة منها إلى 13 مليار دولار. وقدرت نفس المجلة عائدات التجارة الخاصة بالاستغلال الجنسي للأطفال بـ 3 مليار دولار سنة 2005.

وأظهرت العديد من الدراسات، أن المنتديات الإلكترونية وخطوط الهواتف المفتوحة ونوادي المناقشات تمثل ثلاث وسائل سهلة لدخول مواقع الإنترنت المتخصصة في الصور الخلاعية التي تستخدم الأطفال جنسيا. ففي المنتديات والمعارض الالكترونية يلتقي الهواة ويتبادلون مواد خلاعية. وفي نوادي المناقشات يحضر “قناصة” الصور الخلاعية بحثا عن طفل يغوونه، فيقنعونه بالدخول إلى إحدى الصالات المعدة للمناقشات الخاصة حيث يأخذون منه عنوانه على البريد الالكتروني ورقم هاتفه النقال.

الانتشار الخطير لجرائم الإنترنيت، واكبه تطور في التشريعات القانونية الخاصة بهذه الجرائم، إضافة إلى تطور في السياسات التربوية والبيداغوجية الموجهة إلى الأطفال والآباء والمربين من أجل الوقاية والتحسيس. وفي كثير من البلدان نشأت جمعيات مدنية تختص في مجال توعية وتحسيس الأطفال والآباء بخطورة جرائم الانترنيت ومواجهتها. وأدخلت كذلك موادا، ضمن برامج التعليم، حول مخاطر الإنترنيت.

جرائم الإنترنت في البلدان العربية

على المستوى العربي، يلاحظ غياب سياسات وطنية تواجه مخاطر جرائم الإنترنيت التي تستهدف القاصرين، وغياب إحصاءات وتقارير ودراسات حول العالم العربي، عكس ما هو موجود في العديد من البلدان، إضافة إلى عدم اهتمام البرامج التعليمية بالجانب التحسيسي في هذا المجال. نفس الغياب يلاحظ على مستوى المجتمع المدني، الذي تنقصه الخبرة والاحترافية.

وتركزت سياسات الدول العربية لمواجهة جرائم الإنترنيت على مجال الإرهاب الإلكتروني وغسيل الأموال والتجارة الإلكترونية والاعتداء على أنظمة الشبكة والحاسوب.

ويعود غياب الاهتمام بجرائم الإنترنيت التي تطال القاصرين إلى الطبيعة المحافظة للمجتمعات العربية وسيادة الطابوهات وضعف المواكبة الإعلامية والرقابة على الصحافة. كما أن معظم الأبحاث والدراسات التي اهتمت بجرائم الإنترنيت، على المستوى العربي، أغفلت التطرق إلى الجرائم التي تستهدف القاصرين.
لجرائم التي تستهدف القاصرين

إلى جانب الاهتمام بالجرائم التي تطال أنظمة الحاسوب وتزوير المعلومات، أفردت التشريعات القانونية اهتماما خاصا بأنواع الجرائم الجنسية التي تطال القاصرين عبر الإنترنيت.

وقد عرفت نفس الاتفاقية الأوربية، الجرائم المتعلقة الأطفال جنسيا في:

* إنتاج صور الأطفال الإباحية بغرض توزيعها عبر منظومة الكومبيوتر.
* توزيع أو بث صور الأطفال الفاضحة عبر منظومة الكومبيوتر .
* الحصول على صور الأطفال الفاضحة عبر منظومة الكومبيوتر لصالح الشخص ذاته أو لصالح الغير. وحددت الاتفاقية الأوربية المقصود بصور الأطفال الفاضحة كما يلي
* المواد التي توضح بالتصوير المرئي أحد القاصرين منشغلا بارتكاب فعل أو سلوك جنسي واضح.
* شخص يبدو واضحا أنه قاصر منشغلا بارتكاب فعل أو سلوك جنسي واضح.
* صور واقعية وحقيقية تبين وجود أحد القاصرين منشغلا بارتكاب فعل أو سلوك جنسي واضح

و يمكن إجمال أنواع الجرائم الجنسية والأعمال الإباحية التي تستهدف القاصرين كما يلي:

* تحريض القاصرين على الأعمال الجنسية
* إغواء أو محاولة إغواء القاصرين لارتكاب أعمال إباحية
* تلقي أو نشر المعلومات عن القاصرين عبر الكمبيوتر من أجل أعمال إباحية
* التحرش الجنسي بالقاصرين عبر الكمبيوتر
* نشر وتسهيل نشر واستضافة المواد الفاحشة عبر الانترنت للقاصرين
* تصوير أو إظهار القاصرين ضمن أعمال إباحية
* استخدام الانترنت لترويج الدعارة أو لنشر المواد الفاحشة عن القاصرين.

حماية القاصرين من جرائم الإنترنت

أصبح أمن وحماية الأطفال خلال استعمالهم للانترنيت يشكل قلقا للآباء والمختصين في التربية ومهنيي المعلوميات. أصبحت سوق المعلوميات توفر العديد من التقنيات لحماية الأطفال، لكن خبراء التربية والإنترنيت يؤكدون على أهمية المزاوجة بين حرية الوصول إلى المعلومات والحماية والتحسيس. لذلك، لا يوصون بالمنع أو الرقابة، بل يفضلون المصاحبة للأطفال ومشاركتهم متعة الإبحار عبر الشبكة، وزرع الثقة فيهم، ومناقشة المشاكل التي تعترضهم، وشرح الأضرار التي يمكن أن تلحقهم وتلحق العائلة جراء الاستعمال الخاطئ للانترنيت. ويفضل خبراء التربية أن يتحول استعمال الإنترنيت إلى آلية عائلية تشترك في الاستفادة منه وتنظم الولوج إليه

ويعتبر الخبراء أن هناك علامات خطورة تمكن من الانتباه إلى احتمال انزلاق الأطفال للوقع فريسة مجرمي الإنترنيت. ومن بين هذه العلامات:

* إذا كان الطفل يقضي وقتا طويلا أمام الإنترنيت خاصة أثناء الليل: إن الأطفال الذين يتم الإيقاع بهم يقضون وقتا طويلا أمام شاشة الكومبيوتر وخاصة خلال تصفح غرف الدردشة، وقد يفرغ الطفل بسرعة من الأكل من أجل استعمال الإنترنيت كما أنه يقضي نهاية الأسبوع أمام الجهاز الإغراء يبدأ حين يتم التعرف على أصدقاء جدد وتبادل ملفات الأغاني الجديدة والهدايا

* الأطفال المعرضون للمخاطر هم الذين يستعملون الإنترنيت أثناء الليل: ذلك، أن مجرمي الإنترنيت يقضون وقتهم أمام الإنترنيت طيلة ساعات النهار والليل ويعرفون جيدا كيف يتم الإيقاع بالأطفال عبر عرض الصور الجنسية مجانا.
* إذا وجدت صور جنسية بجهاز الكومبيوتر الذي يستعمله الأطفال: يعني ذلك أن مجرمي دعارة الأطفال يسهلون حصولهم على تلك الصور من أجل إظهار أن الممارسة الجنسية بين القاصرين والكبار أمر عادي. ويجب الانتباه إلى أن الأطفال يمكن أن يخفوا تلك الصور عن أنظار عائلاتهم.
* الأطفال يتوصلون بمكالمات هاتفية من أشخاص راشدين غرباء عن العائلة: أن يتوصل الأطفال أو يجرون مكالمات هاتفية مع أشخاص غرباء عن العائلة وخاصة من أماكن بعيدة. إن محترفي دعارة الأطفال يبحثون عن الاتصال الهاتفي مع الأطفال لإجراء مكالمات جنسية قد تتطور إلى لقاء مباشر. وعادة ما يتم الإيقاع بالأطفال عبر مدهم بأرقام هاتفية ليتم التعرف على الرقم الذي يتصلون منه، وهذه الطريقة تم استعمالها في الكثير من الحالات التي تم فيها التغرير بالقاصرين
* الأطفال الذين يتوصلون بهدايا عبر البريد الإلكتروني أو عبر البريد العائلي من أشخاص غرباء: هذا مؤشر على أن الأطفال وقعوا في فخ المجرمين
* الأطفال يغيرون فجأة مواقع التصفح أو يطفئون الجهاز: عند اقتراب أحد أفراد العائلة من الطفل ويتصرف بهذا الشكل، قد تعتبر هذه الحالة أن الطفل بصدد مشاهدة صور جنسية أو منهمك في محادثة غير لائقة
* الطفل أصبح منزويا وكتوما ومنطويا عن باقي أفراد العائلة: إن محترفي دعارة الأطفال يبدلون مجهودا جبارا لعزل الطفل عن محيطه العائلي واستغلال توتر علاقاته العائلية للانفراد به. كما أن الأطفال الذين يتعرضون للاستغلال الجنسي يصبحون أكثر انطواء على أنفسهم.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت