الإطار الدولي و المحلي لمكافحة الإتجار بالبشر في ليبيا

 

نتحدث في هذا المقال عن الاتفاقيات و العقود و القوانين و المواثيق و المعاهدات الدولية و كذلك الوطنية التي تتعلق بالاتجار بالبشر في ليبيا ، أيضا سنذكر أي من القوانين أو الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها ليبيا و صادقت عليها بما يجعلها ملزمة.

دوليا ـ يعرف ميثاق الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود و البروتوكول المكمل له لمنع و معاقبة الاتجار بالبشر و خاصة النساء و الأطفال ( و الذي يشار إليه في الأغلب باسم بروتوكول باليرمو، لأن التوقيع عليه كان في سنة 2000 في مدينة باليرمو الإيطالية ) هو الأساس القانوني الدولي الذي يستند عليه المشرعون في وضع القاونين لمكافحة الإتجار بالبشر. تم اعتماد الميثاق من قبل الأمم المتحدة في سنة 2000 و لكنه دخل في حيز التنفيذ سنة 2003. بينما بروتوكول باليرمو المكمل له دخل حيز التنفيذ في ديسمبر من سنة 2003 بالرغم من التوقيع عليه سنة 2000.

دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في 29 سبتمبر 2003. و اعتبارا من يناير 2015 فقد صدق على الاتفاقية 185 طرف وهم 180 دولة عضو في الأمم المتحدة وجزر كوك والكرسي الرسولي ونييوي وفلسطين والاتحاد الأوروبي

إن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) هو المسؤول عن تنفيذ هذا البروتوكول، ويقدم المكتب مساعدة عملية للدول في سن القوانين وإيجاد إستراتيجيات وطنية شاملة لمكافحة الاتجار بالبشر والمساعدة بشأن الموارد اللازمة لتنفيذها.

 الفرق بين التوقيع و المصادقة. توضيح مبسط.

توضع المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان بالتفاوض فيما بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة للتوصل إلى اتفاق على مجموعة من المعايير المقبولة. ثم تتخذ كل دولة قراراً مستقلاً بالالتزام بالمعاهدة, وثمة طريقتان لتصبح الدولة طرفاً في اتفاقية حقوق الأطفال وهما: التوقيع أو المصادقة، أو الانضمام. ويعبر هذان الإجراءان على موافقة الدولة بالالتزام ببنود الاتفاقية.

وتعتبر البروتوكولات الاختيارية مستقلة عن الاتفاقية، وينبغي التصديق عليها أو الانضمام إليها بقرار منفصل غير أنه يجب اتباع نفس الأجراء المتبع عند التصديق على الاتفاقية. ولا يتطلب التصديق على البروتوكولين أو الانضمام إليهما أن تكون الدولة طرفا في الاتفاقية.

التوقيع
يعتبر التوقيع على الاتفاقية أو البروتوكول الملحق بها بمثابة موافقة مبدئية. غير أن التوقيع في حد ذاته لا يلزم الدول قانوناً الإ أنه يعبّر عن نوايا الدولة في تجربة المعاهدة محليا والنظر في التصديق عليها. بينما لا يلزم التوقيع الدولة بالتصديق على المعاهدة الإ انه يلزمها بالامتناع عن الإجراءات التي قد تؤدي إلى إضعاف وتقويض أهداف الاتفاقية.
المصادقة أو الانضمام
يعتبر التصديق على الاتفاقية أو الانضمام إليها موافقة ضمنيه بالتزام الدول بشروط الاتفاقية. وتختلف الإجراءات رغم أن الانضمام إليها يشكل الالتزام القانوني ذاته, ففي حالة المصادقة، توّقع الدولة أولاً، ثم تصادق على المعاهدة. ويشمل إجراء الانضمام خطوة واحدة فقط وهي المصادقة.

وتختلف الإجراءات الرسمية للانضمام أو المصادقة طبقاً لمتطلبات التشريعات الوطنية الخاصة بالدولة. فعادة ما تقوم الدولة باستعراض المعاهدة قبل المصادقة أو الانضمام إليها لتحديد ما إذا كانت قوانينها الوطنية تتوافق مع نصوص المعاهدة والنظر في الوسائل المناسبة التي تعزز الالتزام ببنود المعاهدة.

وعادة ما توقع الدول التي تعزز الاتفاقية عليها بعد تبنيها بفترة وجيزة, وتتم المصادقة عليها بعد إتمام الإجراءات القانونية المحلية اللازمة. قد تبدأ بعض الدول الأخرى عملية الموافقة المحلية قبل التوقيع على المعاهدة، وتنضم إليها حال الانتهاء من الإجراءات.

ويشتمل إجراء المصادقة أو الانضمام على خطوتين: فأولاً، تبدأ الهيئة الوطنية المعنية، في البلد ـ البرلمان أو الكونغرس أو الأوساط الملكية، أو رئيس الحكومة أو مجموعة من هؤلاء ـ إجراءات الدستور الوطني لاتخاذ القرار الرسمي بالانضمام إلى المعاهدة . ثم يتم صياغة صك التصديق أو الانضمام كوثيقة رسمية موقعة من الجهات المسؤولة في الدولة ومختومة بالشمع الأحمر وتودع لدى الأمين العام للأمم المتحدة في نيويورك.

العديد منا قد لا يعلم عن هذه القوانين الدولية الكثير ، بل البعض قد يكون قد سمع بها لأول مرة ، هل نعلم بوجود قوانين محلية/وطنية لمكافحة الاتجار في ليبيا؟

مهلا ، لنرجع قليلا و نوضح نقطة مهمة قبل الاجابة عن هذا السؤال ، يجب أن نعرف أن الميثاق الدولي كما ذكرنا يتطلب توقيع و مصادقة من الدول الاعضاء في الجمعية العمومية الأمم المتحدة ، و بما أن ليبيا عضو في هذه الجمعية العمومية ، يسرني أن اعلمكم أن ليبيا من أول الدول الموقعة و المصادقة علي ميثاق مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود و بروتوكول باليرمو المتمم لها ، و ذلك ما يجعل من ليبيا تحت مسؤولية العمل لسن قانون محلي/وطني يحدد كيفية مكافحة الاتجار بالبشر في ليبيا. فقد قامت ليبيا بالتوقيع على الاتفاقية و البروتوكول التابع لها في 13 من شهر نوفمبر 2001 ، و بالمصادقة يوم 24 سبتمبر 2004.

في حقيقة الأمر ، لقد بدأت ليبيا فعليا منذ سنة 2013 في العمل على سن قانون محلي وطني يختص بمكافحة الإتجار بالبشر ضمن خطة وزارة العدل بهذا الشأن و بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) ، سنتحدث في مقال قادم منفصل عن هذا القانون.

وددت فقط أن اضيف أن جريمة الاتجار بالبشر في أحيان عدة تتكون من بعض الجرائم الأخرى ، و كمثال ، فإن استغلال الأطفال في العمل القسري و العبودية ، هو أيضا خرق لقانون عدم تشغيل الأطفال ، أيضا لا ننسى أن استغلال ضحايا الاتجار بالبشر في الأعمال الجنسية الغير مباحة هو أيضا خرق لقانون الآداب و تجريم الزنا ، كما لا ننسى أن استغلال العمال في العمل بدون دفع مقابل هو أيضا خرق لقانون العمل ، ما أود الإشارة إليه هنا أنه في بعض الدول ، قد لا يوجد قانون محلي لمكافحة الإتجار بالبشر ، و لكن يمكن إنقاذ الضحايا من الاستغلال من خلال النظر للقوانين المحلية الأخرى و الاستناد عليها لمعاقبة المجرمين و محاسبتهم.

يجب أن نعي كلنا الحاجة الماسة للعمل على سن المزيد من القوانين المحلية التي تساهم في الحد من النشاطات الإجرامية التي تهدد المواطنين في ليبيا و تضعهم عرضة للإستغلال و المعاناة.

إن الاتجار بالبشر جريمة لا تفرق بين أحد دون الآخر و المتاجرون بالبشر لا ينظرون للشخص ما صفته أو لونه أو جنسيته ، و لكن يهمهم استغلاله و جني الأرباح ، و نحن كمواطنون بسيطون أو كصناع قرار أو أي كانت صفتنا ، يهمنا أن نقلل من ألم الناس و معاناتهم و أن نضع حدا للمجرمين.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت