شروط واجب توافرها في المدين المطلوب شهر إفلاسه:

* لما كان من المسلم به أنه يتعين لصدور حكم بالإفلاس، جملة شروط يجب توافرها جميعاً معاً وهي:
1- أن يكون المطلوب شهر إفلاسه “تاجراً”.
2- أن يكون هذا التاجر مُلزماً بإمساك دفاتر تجارية.
3- أن يتوقف هذا التاجر الممسك بالدفاتر التجارية عن سداد ديونه التجارية.
4- وأن يكون هذا التوقف أثر اضطراب أعماله المالية.

الشرط الأول – أن يكون المدين تاجراً:
* تنص الفقرة الأولى من المادة 10 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على أن: “يكون تاجراً: كل من يزاول على وجه الاحتراف، باسمه ولحسابه، عملاً تجارياً”.
وتنص المادة 21 من قانون التجارة المذكور على أنه: “على كل تاجر رأس ماله المُستثمر في التجارة عشرين ألف جنيه أن يُمسك الدفاتر التي تستلزمها طبيعة تجارته وأهميتها وعلى وجه الخصوص دفتري اليومية والجرد بطريقة تكفل بيان مركزه المالي وما له من حقوق وما عليه من ديون متعلقة بالتجارة”.
وتنص الفقرة الأولى من المادة 550 من ذات القانون على أنه: “يُعد في حالة إفلاس كل تاجر – مُلزم بموجب أحكام هذا القانون بإمساك دفاتر تجارية – إذا توقف عن دفع ديونه التجارية إثر اضطراب أعماله المالية”.
وتنص الفقرة الأولى من المادة 554 من ذات القانون على أنه: “لكل دائن بدين تجاري خال من النزاع حال الأداء أن يطلب الحكم بشهر إفلاس مدينه التاجر …”.

ومفاد جميع تلك النصوص أنه يلزم لشهر إفلاس المدين ما يلي:
1- أن يكون “تاجراً” بالمعنى القانوني الوارد بالمواد من 10 : 20 من قانون التجارة، أي يزاول عملاً تجارياً مما ورد بالمواد من 4 : 9 من هذا القانون.
2- أن يكون ملزماً بإمساك دفاتر تجارية طبقاً للقانون (المواد من 21 : 29) وتقضي المادة 21 بأن كل تاجر يجاوز رأس ماله المُستثمر في التجارة عشرين ألف جنيه عليه أن يمسك الدفاتر التي تستلزمها طبيعة تجارته وأهميتها.
3- بما معناه أنه يفترض أن التاجر الذي يمكن تفليسه يجب أن يجاوز رأس ماله المستثمر في التجارة عشرين ألف جنيه، والعبرة هي برأس المال المستثمر في التجارة، فقد يكون رأس مال التاجر المستثمر في التجارة أقل من ذلك، وقد لا يكون له رأس مال إطلاقاً إنما يتاجر بسمعته الطيبة، كالسمسار العادي مثلاً، وبعض المقاولين، فلا يجوز شهر إفلاسه، لأن هذا هو النص.
والحكمة من ذلك، أنه لوحظ في كثير من الحالات أن التفليسة تستغرق وقتاً وجهداً، وقد لا يتوافر المال الكافي للإنفاق عليها فتقفل لعدم كفاية الأموال وتظل مقفلة ولا يعاد فتحها، ولا يحصل دائنوها على شيء، لذلك من الأفضل إقصاء صغار التجار عن ميدان الإفلاس. (المرجع: “الإفلاس في قانون التجارة الجديد” – للدكتور/ علي جمال الدين عوض” – الطبعة الثانية – بند 42 – صـ 45 و 46).

عبء إثبات توافر صفة التاجر عند المدين المطلوب شهر إفلاسه:
* عبء إثبات توافر صفة التاجر عند المطلوب شهر إفلاسه يقع على من يدعي هذه الصفة، ويختص قاضي الموضوع بالنظر في ثبوت الوقائع والعناصر المُثبتة لوصف التاجر، ولكن تكييف هذه الوقائع والقول بأنها تؤدي إلى كسب هذا الوصف يخضع لرقابة محكمة النقض لأن توافر صفة التاجر شرط جوهري لإمكان شهر الإفلاس، ولهذا يجب على القاضي أن يبين تفصيلاً الوقائع التي استقاء منها توافر وصف التاجر كي تتمكن محكمة النقض من التأكد منه، فإذا لم يرد بالحكم هذا التفصيل بحيث أعجز محكمة النقض عن مباشرة رقابتها، تعرض حكمها للنقض. (المرجع: “الإفلاس في قانون التجارة الجديد” – للدكتور/ علي جمال الدين عوض – الطبعة الثانية – بند 35 – صـ 41 و 42).

وجوب تحقق محكمة الموضوع من توافر صفة التاجر في المدين المطلوب شهر إفلاسه:
* وعلى محكمة الموضوع أن تستوثق من تلقاء نفسها من تحقق صفة التاجر في المدين المُطالب بشهر إفلاسه، لأن جميع الشروط اللازمة لشهر الإفلاس من النظام العام، ويلزم توافرها جميعاً.
فمن المُقرر قانوناً أن: “إشهار الإفلاس في التشريع المصري هو جزاء يقتصر توقيعه على التجار الذين يتوقفون عن سداد ديونهم التجارية نتيجة اضطراب مركزهم المالي، وأن وصف التاجر لا يصدق إلا على كل من يزاول التجارة على سبيل الاحتراف، واحتراف الأعمال التجارية لا يُفترض، فيقع على من يدعيه عبء إثباتها. ومن ثم يتعين على محكمة الموضوع قبل الحكم بشهر الإفلاس التحقق من قيام صفة التاجر في حق المدين الذي توقف عن دفع ديونه التجارية وأن تبين في حكمها الأسباب التي استندت إليها في اعتباره تاجراً وأنه ملزم بمسك دفاتر تجارية”. (المرجع: “الإفلاس في قانون التجارة الجديد” – للدكتور/ علي جمال الدين عوض – الطبعة الثانية – بند 44 – صـ 48).
هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن: “إشهار الإفلاس. ماهيته. جزاء يقتصر توقيعه على التجار الذين يتوقفون عن سداد ديونهم التجارية. عدم افتراض احتراف التجارة. وقوع عبء إثباته على من يدعيه. وجوب تحقق محكمة الموضوع قبل الحكم بإشهار الإفلاس من توافر صفة التاجر في حق المدين”. (الطعن رقم 6784 لسنة 66 قضائية – جلسة 10/4/1997. ونقض جلسة 15/11/1982 مجموعة المكتب الفني – السنة 33 – العدد الثاني – صـ 921).
وأن: “الحكم. عدم بيانه المصدر الذي استقى منه توافر صفة التاجر وموقعها من أوراق الدعوى. قصور”. (نقض جلسة 12/2/1963 السنة 14 صـ 156. ونقض جلسة 26/12/1963 السنة 14 صـ 1231).

لا يحوز شهر إفلاس القصر:
* تنص الفقرة الثانية من المادة 11 من قانون التجارة الجديد على أنه: “لا يجوز لمن تقل سنه عن ثماني عشرة سنة أن يزاول التجارة في مصر …”.
هذا، ومن المُقرر قانوناً أنه: “يُشترط لكسب صفة التاجر – بجانب احتراف التجارة – أن تتوافر للمحترف “أهلية” هذا الاحتراف، فإن الأصل أنه لا يجوز شهر إفلاس شخص – ولو احترف التجارة – ما لم تتوافر لديه الأهلية المطلوبة. فلا يجوز إذن شهر إفلاس القاصر، ولا المحجور عليه لسفه أو عته.
وحتى إذا كان القاصر بالغاً الثمانية عشر عاماً إلا أنه لم يُأذن له بالتجارة، ولكنه باشرها بالفعل، فلا يكتسب صفة “التاجر” ولو أدعى أمام الغير أنه تاجر، ولا يجوز شهر إفلاسه. (المرجع: “الإفلاس في قانون التجارة الجديد” – للدكتور/ علي جمال الدين عوض – الطبعة الثانية – بند 28 – صـ 36 و 37 وهوامشها).

طلب إشهار إفلاس عدة مدينين:
* من المُقرر قانوناً إنه ولئن كان لعدة دائنين أن يشتركوا في طلب تفليس مدينهم، إلا أنه لا يجوز طلب تفليس عدة مدينين بطلب واحد ولو كانت الديون التي يُطلَب التفليس بسبب التوقف عنها مرتبطة، لأن أساس التفليس هو التوقف عن الدفع الذي يجب بحثه بالنسبة لكل منهم على حدة طبقاً لظروف كل حالة.
حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: “إقامة المطعون ضدهم دعواهم بطلب شهر إفلاس الطاعن وآخر عن شخصيهما وبصفتهما مُديرين بالشركة العمومية للسيارات والتجارة – شركة ذات مسئولية محدودة – لازمة أن تفرد محكمة الموضوع في أسباب قضائها بحثاً خاصاً يواجه طلب إفلاسهما تتناول في كل منهما مدى توافر شروط القضاء به”. (الطعن رقم 389 لسنة 69 قضائية – جلسة 7/3/2000. المصدر: “الإفلاس في قانون التجارة الجديد” – للدكتور/ علي جمال الدين عوض – الطبعة الثانية – بند 93 – صـ 96).
لما كان ذلك، وكان من المُقرر في قضاء النقض أن: “اتجار الأب بصفته ولياً على أبنه ليس بذاته فى حكم القانون موجباً لمسئولية الأب فى جميع ماله ولا لإشهار إفلاسه هو شخصياً متى كانت صفة الولاية على أبنه معروفة للمتعاملين بإشهار عقد الشركة. ولكنه يكون موجباً لذلك إذا ثبت أن الولي كان مستتراً تحت صفة الولاية عاملاً لحساب نفسه. ومن ثم يكون متعيناً على المحكمة إذا ما هى قضت بإفلاس الأب أن تبين العناصر الواقعية التي تصلح أساساً لقضائها بذلك وإلا كان حكمها باطلاً”. (الطعن رقم 117 لسنة 17 قضائية – جلسة 4/3/1948 مكتب فني 5ع صـ 556).
* وبتطبيق كل تلك القواعد القانونية على وقائع الطعن الماثل نجد أن المستأنف ضده الأول (المُدعي في دعوى الإفلاس المستأنف حكمها) لم يثبت أياً من تحقق تلك الشروط المتعلقة بالنظام العام وهي أن المدين المطلوب شهر إفلاس “تاجراً” و “ملزماً بإمساك دفاتر تجارية” و “أن تجارته تربو على العشرين ألف جنيه”. كما لم يثبت الحكم المستأنف أياً من تلك الشروط في حق المستأنف ولم يبين تفصيلاً الوقائع التي استقاء منها توافر تلك الشروط في حق المستأنف كي تتمكن محكمة الطعن من التأكد منه، وإذا لم يرد بالحكم المطعون فيه هذا التفصيل بحيث يعجز محكمة الطعن عن مباشرة رقابتها، تعين القضاء بإلغائه.
فضلاً عن أن الحكم المستأنف قد قضي بشهر إفلاس المستأنف عن نفسه وبصفته ولي طبيعي على أولاده القصر، بما يعني أنه قضى بشهر إفلاس الأولاد القصر، حيث أن القاصر ليس تاجراً ولا أهلية له لمباشرة التجارة وبالتالي لا يجوز شهر إفلاسه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون مشوباً بمُخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي تأويله بما يستوجب إلغاؤه.
لا سيما وأنه لا يجوز طلب تفليس عدة مدينين بطلب واحد ولو كانت الديون التي يُطلَب التفليس بسبب التوقف عنها مرتبطة، لأن أساس التفليس هو التوقف عن الدفع الذي يجب بحثه بالنسبة لكل منهم على حدة طبقاً لظروف كل حالة. ومن ثم يكون الحكم المستأنف إذ قضى بشهر إفلاس المستأنف دون أن يفرد في أسباب قضائها بحثاً خاصاً يواجه طلب إفلاس كل من المستأنف بشخصه والمستأنف بصفته والشركة التي لها شخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية الشركاء فيها بحيث يتناول في كل منهم مدى توافر شروط القضاء بالإفلاس فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وفي تأويله بما يتعين معه – والحال كذلك – القضاء بإلغائه.

شروط يجب توافرها في الدين سبب شهر الإفلاس:

* ولما كان من أهم شروط الدين سبب شهر الإفلاس:
1- أن يكون ديناً تجارياً.
2- أن يكون حال الأداء.
3- أن يكون معلوم المقدار.
4- أن يكون خال من النزاع الجدي.

المنازعة الجدية في الدين، وسلطة محكمة الموضوع في تقديرها:
* تنص الفقرة الأولى من المادة 554 من ذات القانون على أنه: “لكل دائن بدين تجاري خال من النزاع حال الأداء أن يطلب الحكم بشهر إفلاس مدينه التاجر …”.
فمتى كان يتضح أن مُنازعة المدين في الدين جدية، ومن ثم لا يمكن قانوناً اعتباره متوقفاً عن الدفع توقفاً يدعو إلى شهر إفلاسه، ويتعين على الدائن طالب شهر الإفلاس أن يستصدر حكماً نهائياً بدينه قبل السير في إجراءات الإفلاس.
ويعتبر الدين لا يزال محل نزاع ولو كان قد صدر به حكم في الموضوع من محكمة أول درجة ما دام الحكم الابتدائي قابلاً للاستئناف.
وبالرغم من كون الحكم واجب النفاذ مؤقتاً فذلك لا ينفي عنه النزاع ما دام الحكم لم يصبح نهائياً. (المرجع: “الإفلاس في قانون التجارة الجديد” – للدكتور/ علي جمال الدين عوض – الطبعة الثانية – بند 81 و 82 – صـ 87 و 88).
هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: “ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير جدية المُنازعة في الدين المرفوعة بشأنه دعوى الإفلاس وحالة التوقف عن الدفع إلا أن ذلك مشروط بأن تكون قد أقامت قضائها في هذا الخصوص على أسباب سائغة تكفي لحمله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد ما تمسك به الطاعن تدليلاً على جدية منازعته في الدين المرفوع بشأنه دعوى الإفلاس وتبريراً لامتناعه عن دفعه، عرض للمستندات المقدمة في هذا الشأن وأطرحها بمقولة أنها لا تسانده فيما تدعيه من قيام منازعة في الدين، وأن دعوى الحساب لم ترفع إلا بعد دعوى الإفلاس، وأنه لم يتخالص عن ديونه محل الدعوى وهو ما لا يواجه جوهر دفاع الطاعن الذي من شأنه لو صح أن تتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب وفساد في الاستدلال فضلاً عن مخالفة القانون بما يستوجب نقضه”. (الطعن رقم 2506 لسنة 57 قضائية – جلسة 14/11/1988).
كما جرى قضاء النقض على أنه: “… وحيث أن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مُخالفته للقانون والإخلال بحق الدفاع، وذلك أنه يجب للحكم بإفلاس المدين أن يكون الدين خالياً من النزاع، وقد طعن الطاعنان في سند الدين بالتزوير وطلبا ندب خبير لتحقيق ذلك، وكان على محكمة الاستئناف وقد رفضت هذا الطلب أن تتحقق من مدى جدية هذا الطعن وأن تبين الأدلة التي استندت إليها في تكوين عقيدتها بصحة السند ولكنها لم تفعل شيئاً من ذلك واكتفت بالقول بأنه لا تثريب على محكمة أول درجة إن هي أجرت المضاهاة بنفسها دون الاستعانة بخبير في الدعوى. وهذا القول ليس فيه ما يفيد أن محكمة الاستئناف قد محصت السند بنفسها أو أنها استكملت سلطتها في مراقبة الحكم الابتدائي واطمأنت إلى علمية المضاهاة التي أجرتها المحكمة الابتدائية، وفي هذا ما يجعل الحكم مشوباً بالقصور.
وحيث أن هذا النعي في محله، ذلك أنه يُشترط في الدين الذي يُشهر الإفلاس عند الوقوف عند دفعه أن يكون خالياً من النزاع، ويجب على محكمة الموضوع عند الفصل في طلب الإفلاس أن تفحص جميع المنازعات التي يثيرها أمامها المدين حول صحة الدين لتقدير مدى جديتها وعلى هدى هذا التقدير يكون قضائها في الدعوى. ولما كان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أن الطاعنان قد نازعا في صحة الدين، طاعنين في سنده بتزويره، وطلبا تحقيق هذا الإدعاء، وقد رد الحكم على ذلك بأنه لا تثريب على محكمة الدرجة الأولى إن هي أجرت المضاهاة بنفسها دون الاستعانة بخبير في الدعوى لبحث أدلة التزوير. وهذا الذي قرره الحكم لا يفيد أن محكمة الاستئناف بحثت مدى جدية المنازعة في صحة سند الدين وإنما اكتفت بتقرير سلطة المحكمة الابتدائية في إجرائها المضاهاة بنفسها، دون أن تعمل هي رقابتها الموضوعية على المضاهاة التي أجرتها محكمة الدرجة الأولى وتقول كلمتها فيها، وإذ كان ذلك، وكانت محكمة الاستئناف لم تبحث المنازعة التي أثارها الطاعنان في شأن هذا الدين لتقدير مبلغ الجد فيها، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون في محله”. (نقض 9/4/1964 مج 15 صـ 531. المصدر: “الإفلاس في قانون التجارة الجديد” – للدكتور/ علي جمال الدين عوض – الطبعة الثانية – بند 70 – صـ 79 : 81).
كما أن المستأنف يطعن بالتزوير على ذلك السند أمام عدالة محكمة الاستئناف الموقرة لتقول كلمتها فيه. لا سيما وأنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: “يشترط في الدين الذي يشهر الإفلاس عن التوقف عن دفعه – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يكون دينا تجاريا حال الأداء ومعلوم المقدار وخاليا من النزاع الجدي وأنه يجب على محكمة الموضوع عند الفصل في طلب الإفلاس أن تستظهر جميع المنازعات التي يثيرها المدين حول توافر هذه الشروط لتقدير جدية تلك المنازعات وأنه لئن كان لها السلطة التامة لتقدير جدية المنازعة في الدين المرفوع بشأنه دعوى الإفلاس وحالة التوقف عن الدفع إلا أن ذلك مشروط بأن تكون قد أقامت قضائها في هذا الخصوص على أسباب سائغة تكفى لحمله وكان الثابت من أوراق الدعوى أن الطاعن نازع المطعون ضدهما الثالث والرابع في دينهما استنادا إلى أبه ليس مدنيا لهما بأية مبالغ وطعن بالتزوير على سندات المديونية المقدمة منهما وكان الحكم المطعون فيه إذ التفتت عن هذا الدفاع الجوهري بمقولة أن الطعن بالتزوير غير جدي قصد به تعطيل الفصل في الاستئناف وهو ما لا يواجه جوهر دفاع الطاعن الذي من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإن الحكم يكون معيبا بالقصور فضلا عن مخالفة القانون”. (الطعن رقم 6206 لسنة 64 قضائية – جلسة 11/12/1995 مجموعة المكتب الفني – السنة 46 – صـ 1355 – فقرة 2).
حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: “متى كان الحكم المطعون فيه قد قدر جدية المنازعة فى الدين الذي رفعت بشأنه دعوى الإفلاس من وقائع هذه الدعوى والمستندات المقدمة فيها قبل الفصل فى دعويي الحساب والتظلم فى أمر الأداء – برفضها و تأييد أمر الأداء – التي طلب الطاعن ضمهما إلى دعوى الإفلاس للتدليل على عدم جدية المنازعة فى الدين المشار إليه – ومن ثم فلا يعتد بالحكم الصادر فى هاتين الدعويين لتعييب الحكم المطعون فيه”. (الطعن رقم 464 لسنة 34 قضائية – جلسة 17/12/1968 مجموعة المكتب الفني – السنة 19 – صـ 1526 – فقرة 3).
ورغم كل تلك المنازعات الجدية في الدين المطلوب شهر الإفلاس بسببه، إلا أن الحكم المستأنف قد أطرحها بمقولة أنها لا تسانده فيما تدعيه من قيام منازعة في الدين، وأن تلك الدعاوى سالفة الذكر (دعوى التزوير الأصلية ودعوى الحساب ودعوى بطلان البروتستو) لم ترفع إلا بعد دعوى الإفلاس، وهو ما لا يواجه جوهر دفاع المستأنف الذي من شأنه لو صح أن تتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب وفساد في الاستدلال فضلاً عن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي تأويله بما يستوجب إلغاؤه.

بطلان الاحتجاج بعدم الوفاء:
* تنص المادة 540 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على أن: “يُحرر احتجاج عدم القبول أو عدم الوفاء وفقاً للقواعد المُقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية لأوراق المحضرين في موطن الملتزم بقبول الورقة التجارية أو بوفائها أو في آخر موطن معروف له”.
وتنص المادة 541 من قانون التجارة المذكور على أن: “يشتمل الاحتجاج فضلاً عن البيانات الواجب ذكرها في أوراق المحضرين على صورة حرفية للورقة التجارية وكل ما ورد بها خاصاً بقبولها وتظهيرها وضمانها احتياطياً ووفاء قيمتها عند الاقتضاء وغير ذلك من البيانات. كما يجب أن يشتمل الاحتجاج على التنبيه بقبول الورقة أو وفائها وإثبات حضور أو غياب من عليه القبول أو الوفاء وأسباب الامتناع عنهما والعجز عن وضع الإمضاء أو الامتناع عنه ومقدار ما دفع من قيمة الورقة في حالة الوفاء الجزئي”.
وعلى هذا النحو فلقد تطلب المشرع في الاحتجاج أن يشتمل فضلاً عن البيانات الواجب توافرها في أوراق المحضرين (وهي اسم المحضر وصفته ومكان عمله وتاريخ وساعة انتقاله واسم المطلوب منه القبول أو الوفاء ومحل إقامته)، وفضلاً عن ذلك أن يشتمل على صورة حرفية للورقة التجارية وكل ما ورد بها خاصاً بقبولها وتظهيرها وضمانها احتياطياً ووفاء قيمتها عند الاقتضاء وكذلك التنبيه بقبول الورقة أو وفائها وإثبات حضور أو غياب من عليه القبول أو الوفاء وأسباب الامتناع عنهما والعجز عن وضع الإمضاء أو الامتناع عنه ومقدار ما دفعه من قيمة الورقة في حالة الوفاء الجزئي.
كما أن هذا الاحتجاج لم يعلن قانوناً لشخص مصطفى عن نفسه وبصفته ولي طبيعي على أولاده القصر إذ وجه الإعلان إلى “الشركة” التي أعلنت في مواجهة “محامي الشركة كما قرر”.
فضلاً عن أن اختلاف بيانات البروتستو عن بيانات السند الإذني من عدة وجوه، هي:
1- مدون في البروتستو عبارة “… ندفع بموجب هذه الكمبيالة …” – بينما هو سند أذني وليس كمبيالة.
2- مدون في البروتستو عبارة “القيمة وصلتنا بضاعة” – بينما مدون في السند الإذني عبارة “القيمة وصلتنا نقداً”.
3- مدون في البروتستو عبارة “التقاضي بمحكمة القاهرة” – بينما في السند الإذني ترك اسم المحكمة شاغراً “التقاضي بمحكمة ……………………….. ” (دون ذكر اسم القاهرة).
4- مدون في البروتستو عبارة “وإذا تأخرنا في السداد … إلى آخر البروتستو” – وتلك العبارة لا وجود لها في السند الإذني.
ومن ثم يكون هذا البروتستو (احتجاج عدم الوفاء) قد جاء باطلاً بطلاناً مطلقاً ولا يرتب أي أثر قانوني يُعتد به. وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر وعول في قضائه على هذا البروتستو فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب إلغاؤه.

إثبات التوقف عن الدفع – عدم كفاية الاحتجاج ببروتستو عدم الدفع:
* وفضلاً عما تقدم، فإنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: “لا يصح أن يعتبر بصفة مطلقة بروتستو عدم الدفع (الاحتجاج بعدم الدفع) توقفاً عن الدفع بل يكون لزاماً على المحكمة أن تبحث في قيام توقف المدين عن الدفع وفي ثبوت أنه في حالة عجز عن الوفاء بدين تجاري غير متنازع فيه وفي تحديد بدأ هذا التوقف لتجري من تاريخه إعمال القانون”. (الطعن رقم 399 لسنة 22 قضائية – جلسة 29/3/1956 مجموعة المكتب الفني – السنة 7 – صـ 435).
كما أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: “يتعين على محكمة الموضوع أن تفصل في حكمها – الصادر بالإفلاس – الوقائع المكونة لحالة التوقف عن الدفع حتى تستطيع محكمة النقض أن تراقبها في تكييفها القانوني لهذه الوقائع باعتبار أن التوقف عن الدفع هو أحد الشروط التي يتطلبها القانون لشهر الإفلاس، فإذا كان الحكم المطعون فيه لم يبين الأسباب التي أستند إليها في ذلك مما يعجز محكمة النقض عن مراقبة تكييف الوقائع وإنزال حكم القانون عليها في هذا الخصوص، فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه”. (الطعن رقم 589 لسنة 35 قضائية – جلسة 24/2/1970 السنة 21 صـ 318 ع1. والطعن رقم 1514 لسنة 51 قضائية – جلسة 31/1/1983 السنة 34 صـ 361 قاعدة 81).
وعليه، وعلى الرغم من أنه لا يصح أن يعتبر بصفة مطلقة بروتستو عدم الدفع توقفاً عن الدفع بل يكون لزاماً على محكمة الموضوع أن تبحث في قيام توقف المدين عن الدفع وفي إثبات أنه في حالة عجز عن الوفاء بشتى الوسائل، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واكتفى بمجرد البروتستو (الباطل والمخالف للقانون) ولم يؤسس قضائه على ما يفيد ويثبت – على نحو تفصيلي – قيام توقف المستأنف عن الدفع (وهو الذي لم يعلن أصلاً بالبروتستو) إثر اضطراب مركزه المالي، فإنه يكون – والحال كذلك – مشوباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون ما يستوجب إلغاؤه.

مُخالفة الحكم المُستأنف للثابت بالأوراق، ومُخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي تأويله:
لما كانت الدعوى المستأنف حكمها بالطعن الماثل قد قيدت بقلم كتاب محكمة أول درجة في تاريخ 13/10/2004، ولما كان الحكم المستأنف قد قرر في حيثياته أنه سيتخذ من وقت المُطالبة القضائية (برفع الدعوى المستأنف حكمها) تاريخاً مؤقتاً للتوقف عن الدفع، إلا أنه رغم ذلك قد قضى في منطوقه باعتبار يوم 19/10/2004 تاريخاً مؤقتاً للتوقف عن الدفع؛ مما مفاده أنه خالف الثابت بالأوراق مما يتعين معه والحال كذلك إلغاؤه.
هذا فضلاً عن أن الحكم المستأنف اعتبر رفع دعوى الإفلاس المستأنف حكمها “مٌطالبة قضائية” على الرغم من أنه من المُقرر قانوناً إن دعوى الإفلاس “دعوى إجراءات” وليست دعوى “مُطالبة”.
حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: “دعوى الإفلاس ليست دعوى خصومة يطلب فيها الدائن رافعها القضاء بدينه وإجبار مدينه على الوفاء به وإنما هي دعوى إجراءات هدفها إثبات حالة معينة هي توقف التاجر عن دفع ديونه التجارية نتيجة اضطراب مركزه المالي ومروره بضائقة مستحكمة يتزعزع معها ائتمانه وتتعرض بها حقوق دائنيه للخطر وهي وإن كانت تمهد لتصفية أمواله تصفية جماعية إلا أنها لا تعتبر مطالبة صريحة بالحق ولا تنصب على أصله بل هي تعالج حماية الدائنين من تصرفات المدين وتحقق المساواة عند إجراء التصفية التي لن يصلوا إليها إلا بعد التقدم إلى التفليسة بديونهم لتحقيقها وتأييدها – وهو طريق وإن اعتبره المشرع إجراءاً قاطعاً للتقادم إلا أنه لا يعد بحسب الأصل مطالبة قضائية ولا يعدو أن يكون استثناءاً خروجاً على هذا الأصل فلا يمتد حكمه إلى دعوى الإفلاس ولو أنها سابقة عليه وممهدة له – بما لا يتوافر معه في هذه الدعوى معنى المطالبة القضائية التي تقطع مدة التقادم المسقط، وإذا كان متعيناً استمرار حالة التوقف عن الدفع حتى القضاء نهائياً بإشهار الإفلاس فإن انقضاء الدين بالوفاء به أو بالتقادم في أية مرحلة من مراحل دعوى الإفلاس ابتدائياً أو استئنافياً يزيل هذه الحالة ويمنع من القضاء به”. (الطعن رقم 7886 لسنة 66 قضائية – جلسة 30/1/2000. المصدر: “الإفلاس في قانون التجارة الجديد” – للدكتور/ علي جمال الدين عوض – الطبعة الثانية – بند 72 – صـ 83).
وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، واعتبر دعوى الإفلاس دعوى مطالبة قضائية – على ما تقدم – فإنه يكون مشوباً بمُخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي تأويله مما يستوجب إلغاؤه.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .