حكم تمييز (اختلاس المال العام و التزوير في محررات رسمية)

محكمة التمييز
الدائرة الجزائية
جلسة 28/ 6/ 2005
برئاسة السيد المستشار/ كاظم محمد المزيدي – رئيس الجلسة، وعضوية السادة المستشارين/ محمود دياب ونجاح نصار ومجدي أبو العلا وجاب الله محمد حاب الله.
(21)
(الطعن رقم 44/ 2005 جزائي)
1 – اختلاس. أموال عامة. تمييز “نعي غير مقبول”. موظف عام. جريمة “أركانها: الركن المادي” و”الركن المعنوي”. قصد جنائي. تزوير. تمييز “أسباب الطعن: سبب غير مقبول”. محكمة الموضوع “سلطتها في استخلاص القصد الجنائي في جريمة اختلاس المال العام” و”في جريمة التزوير”.

– جريمة اختلاس المال العام. تشترط أن يكون المال في عهدة الموظف أو من في حكمه أو سلم إليه بسبب وظيفته واتجاه نيته إلى تملكه بأي فعل يكشف عن ذلك. ما يكفي لتوافر هذا القصد.
– القصد الجنائي في جريمة التزوير. تحققه.
– استخلاص نية اختلاس المال العام والقصد الجنائي في التزوير. موضوعي. تحدث الحكم عنه استقلالاً. غير لازم ما دام أورد من الوقائع ما يدل عليه. الباعث على ارتكاب الجريمة أو رد المبلغ المختلس. لا أثر لهما على قيامها أو على المسئولية الجزائية. مثال لتسبيب سائغ لتوافر أركان جريمة اختلاس المال العام المرتبطة بجناية التزوير في محررات رسمية.
– تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. غير مقبول.

2 – إثبات “بوجه عام” و”إقناعية الأدلة”. قانون. اختلاس. تزوير. حكم “تسبيب غير معيب”. أموال عامة.
– الإثبات في المواد الجزائية. العبرة فيه باقتناع القاضي. له الأخذ بأي دليل يرتاح إليه ما لم يقيده القانون بدليل معين.
– القانون الجنائي لم ينص على طريق معين لإثبات جرائم اختلاس المال العام أو التزوير في محررات رسمية.
– تعقب المتهم في كل جزئية من مناحي دفاعه الموضوعية. غير لازم. التفات المحكمة عنها. مفاده.
3 – إجراءات المحاكمة. حكم “ضوابط التسبيب”. تمييز “أسباب الطعن: سبب غير صحيح”. دعوى جزائية “الطلبات فيها”. محكمة الاستئناف.

– الطلب الحازم الذي تلتزم المحكمة بإجابته. ماهيته.
– نعى الطاعن قعود محكمة الاستئناف عن إجراء تحقيق في تنازله عن طلبه. وارد على غير محل. مثال.
1 – من المقرر أن جريمة اختلاس المال العام تتوافر عناصرها القانونية متى كان المال المختلس قد أودع في عهدة الموظف ومن في حكمه أو سلم إليه بسبب وظيفته وأن تتجه نيته إلى اعتباره مملوكًا له بأي فعل يكشف عن ذلك وأنه يكفي لتوافر هذا القصد أن يكون الموظف قد تصرف في المال على اعتبار أنه مملوك له كما أن القصد الجنائي في جريمة التزوير في محرر رسمي يتحقق بتعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة، واستخلاص توافر نية اختلاس المال العام أو القصد الجنائي في التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عن ذلك صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه هذا إلى أن الباعث على ارتكاب الجريمة أو رد المبلغ المختلس لا أثر له على قيام الجريمة أو المسئولية الجزائية.

لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وما استعرضه من أدلة الثبوت فيها – من أن الطاعن وهو موظف عام رئيس مكتب الارتباط العسكري الكويتي بدولة…….. والتابع لوزارة الدفاع الكويتية – كان يقوم بتحويل مبالغ من الحساب الرسمي المخصص للمكتب المذكور إلى حساب آخر غير معروف للوزارة أو خاضع لإشرافها ورقابتها، وذلك عن طريق تزوير بعض الشيكات والمستندات المالية ليدبر الموارد المالية لهذا الحساب ثم يقوم بالتصرف في الأموال المودعة فيه تصرف المالك لها بالصرف منها على الاحتياجات الخاصة لنفسه، وعلى غيره من أعضاء المكتب دون رقيب أو حسيب أو موافقة من الجهة المالكة لهذه الأموال وهي وزارة الدفاع والتي لا تلتزم بالصرف على مثل هذه الأمور وهو ما تتوافر به الأركان القانونية لجريمة اختلاس المال العام المرتبطة بجناية التزوير في محررات رسمية. وقيام القصد الجنائي اللازم فيهما، كما خلص إليه الحكم المطعون فيه سائغًا وصائبًا، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن باعثه على فتح الحساب المذكور، وقيامه بالرد، ومن أن الأمر لا يعدو عجزًا في الحساب المذكور نتيجة الخطأ في العمليات الحسابية وتعييبه لإجراءات التحقيق السابقة على المحاكمة، يكون غير مقبول.

2 – العبرة في الإثبات في المواد الجزائية هي باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه، فقد جعل القانون من سلطته أن يأخذ بأي دليل يرتاح إليه، ولا يصح مصادرته في ذلك، طالما لم يقيده القانون بدليل ينص عليه، ولما كان القانون الجزائي لم ينص على طريق معين لإثبات جرائم اختلاس المال العام أو التزوير في محررات رسمية، وإنما تثبت بكافة طرق الإثبات المقررة في القانون، ومن ثم فلا تثريب على محكمة الموضوع إن عوّلت في إدانة الطاعن على ما أوردته من أدلة الإثبات بعد أن أفصحت عن اطمئنانها إلى صحتها وكفايتها والتفتت عما يثيره الطاعن بشأنها ولم تعرض له في حكمها، لما هو مقرر من أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بتعقب المتهم في كل جزئية من مناحي دفاعه المختلفة، لأن مفاد التفاتها عنها هو اطمئنانها إلى الأدلة التي أوردتها وعوّلت عليها في قضائها إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ودون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد بدوره غير مقبول.

3 – من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وكان يبين من الأوراق أن الطاعن وإن طلب أمام محكمة الموضوع ندب لجنة من إدارة الخبراء لتحقيق واقعة اختلاسه للمال العام، إلا أن الثابت من محضر جلسة 15/ 12/ 2004 الختامية أمام المحكمة الاستئنافية أن المدافع عن الطاعن قد تنازل صراحة عن هذا الطلب – وكان الطاعن لا يمارى في أسباب طعنه فيما ذُكر في محضر الجلسة بشأن هذا التنازل – فإنه ليس له من بعد أن ينعى على المحكمة الاستئنافية قعودها عن إجراء تحقيق تنازل هو عن طلبه، ولم تر هي من جانبها حاجة لإجرائه بعد أن وضحت الواقعة لديها، أو ترد عليه، ويكون منعاه في ذلك في غير محله.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن – وآخر قُضي ببراءته – بأنهما خلال الفترة من 1/ 12/ 1996 حتى 1/ 12/ 1999 بدائرة المباحث الجنائية – محافظة العاصمة. 1 – بصفتهما موظفين عامين (الأول عميد ركن طيار رئيس مكتب الارتباط العسكري…… التابع لوزارة الدفاع والثاني مقدم ركن بحري مساعد رئيس المكتب) اختلسا مبلغ 141274.58 دولار استرالي يعادل مبلغ 28947.161 د. ك المملوك لوزارة الدفاع والمسلم إليهما بسبب وظيفتيهما وقد ارتبطت هذه الجريمة بجناية أخرى ارتباطًا لا يقبل التجزئة هي الجناية موضوع التهمة الثانية. 2 – ارتكبا تزويرًا في محررات رسمية بقصد استعمالها على نحو يوهم بمطابقتها للحقيقة هي عدد 18 شيكًا المسحوبة من الحساب الرسمي لمكتب الارتباط العسكري باستراليا لدى بنك الكومنولث بأن أثبتا فيها على خلاف الحقيقة اسم مستفيد وأرسلا صورتها إلى وزارة الدفاع لقيدها في حساباتها ثم محيا اسم المستفيد فيها وإيداعها لحساب غير معلوم للوزارة حال كونهما الموظفين المكلفين بتحريرها وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت معاقبتهما بالمواد 2/ أ، 3، 4، 9، 16 من القانون رقم 1 لسنة 1993 بشأن حماية الأموال العامة، 257، 259 من قانون الجزاء، 43/ أ من القانون 31 لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء، وبتاريخ 23/ 6/ 2004 قضت محكمة الجنايات – حضوريًا – بالتقرير بالامتناع عن النطق بعقاب المتهمين على أن يقدم كل منهما تعهدًا بكفالة مالية قدرها خمسمائة دينار يلتزم فيه بحسن السلوك مستقبلاً لمدة ستة أشهر. استأنف الطاعن والمتهم الآخر هذا الحكم، كما استأنفته النيابة العامة ضدهما. وبتاريخ 22/ 12/ 2004 قضت محكمة الاستئناف. أولاً: برفض استئناف كل من الطاعن، والنيابة العامة ضده، وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة له. ثانيًا: برفض استئناف النيابة العامة ضد المتهم الآخر، وإلغاء قضاء الحكم المستأنف بإدانته بالتهمتين المسندتين إليه وبراءته منها. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي اختلاس مال عام المرتبط بالتزوير في محرر رسمي قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع. ذلك بأن دفاعه قام على أن الحساب المصرفي الذي قام بفتحه على غرار ما فعله سلفه رئيس المكتب السابق كانت وزارة الدفاع على علم به وبكيفية تمويله أو السحب منه للصرف على بعض الأموال الخاصة بأعضاء مكتب الارتباط كمصروفات تعليم الأبناء وصيانة الحدائق والضيافة وغيرها، والتي يصعب تدبيرها من الحساب الرسمي للمكتب، إلا أن المحققين اهتموا بما تم إيداعه من أموال في الحساب المذكور دون أن يمحصوا كيفية وأسباب صرفها،

إذ خلت الأوراق من كشف حساب تفصيلي يبين حركة الإيداع والسحب من الحساب. من ثم ينتفي الدليل اليقيني على أن الطاعن قد اختلس المبلغ موضوع الاتهام، مما يغدو معه الأمر مجرد عجز نتيجة خطأ في العمليات الحسابية لا تتوافر معه الأركان القانونية للجريمة، فضلاً عن أنه قام بسداد هذا المبلغ، كما لا تتوافر أيضًا الأركان القانونية لجريمة التزوير في محررات رسمية لانتفاء القضاء الجنائي اللازم لقيامها، إذ لم يتعمد الطاعن تغيير الحقيقة في الشيكات موضوع الاتهام فقد كان يدون على صورها البيانات الحقيقية لتخضع للمراقبة الحسابية بمعرفة وزارة الدفاع، وأخيرا فلم تجبه المحكمة الاستئنافية إلى طلبه ندب لجنة من إدارة الخبراء لتحقيق الدعوى وفحص مستنداتها أو تعرض له مما يعيب الحكم بما يستوجب تمييزه.

ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى في حق الطاعن بقوله “إنه في حال عمل المتهم بمكتب الارتباط العسكري باستراليا في غضون الفترة من 1/ 12/ 1996 حتى 1/ 12/ 1999 قام بفتح حساب ببنك الكومنولث….. يحمل اسم حساب “ماوسن” دون علم وزارة الدفاع وأودع فيه خلال الفترة السالفة مبلغ 150231.08 دولار استرالي تعادل مبلغ 30782.347 دينار كويتي وقد اختلس منها مبلغ 141274 دولار استرالي وثمانية سنتات بما يعادل 28947.161 دينار كويتي وأثبت بثمانية عشر شيكًا مسحوبة من الحساب الرسمي لمكتب الارتباط العسكري…… اسم مستفيد على خلاف الحقيقة وأرسل صورهم إلى وزارة الدفاع لقيدها في حساباتها ثم محا اسم المستفيد فيها وأودعها في حساب ماوسن حالة كونه الموظف المكلف بتحريرها مرتكبًا بذلك تزويرًا في تلك المحررات الرسمية”.

وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة أدلة استمدها من شهادة……. مساعد مدير الحسابات للشئون المالية بوزارة الدفاع و…… المقدم بفرع التحقيقات بهيئة القضاء العسكري بوزارة الدفاع و……. مساعد رئيس مكتب الارتباط العسكري……. والعميد متقاعد – …… الرئيس السابق للمكتب المذكور، وما قرره الطاعن والمتهم الآخر – المحكوم ببراءته – في التحقيقات. وهي أدلة سائغة – لها أصلها الصحيح في الأوراق – ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جريمة اختلاس المال العام تتوافر عناصرها القانونية متى كان المال المختلس قد أودع في عهدة الموظف ومن في حكمه أو سلم إليه بسبب وظيفته وأن تتجه نيته إلى اعتباره مملوكًا له بأي فعل يكشف عن ذلك وأنه يكفي لتوافر هذا القصد أن يكون الموظف قد تصرف في المال على اعتبار أنه مملوك له كما أن القصد الجنائي في جريمة التزوير في محرر رسمي يتحقق بتعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة، واستخلاص توافر نية اختلاس المال العام أو القصد الجنائي في التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عن ذلك صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه هذا إلى أن الباعث على ارتكاب الجريمة أو رد المبلغ المختلس لا أثر له على قيام الجريمة أو المسئولية الجزائية.

لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وما استعرضه من أدلة الثبوت فيها – من أن الطاعن وهو موظف عام رئيس مكتب الارتباط العسكري الكويتي بدولة…… والتابع لوزارة الدفاع الكويتية – كان يقوم بتحويل مبالغ من الحساب الرسمي المخصص للمكتب المذكور إلى حساب آخر غير معروف للوزارة أو خاضع لإشرافها ورقابتها، وذلك على طريق تزوير بعض الشيكات والمستندات المالية ليدبر الموارد المالية لهذا الحساب ثم يقوم بالتصرف في الأموال المودعة فيه تصرف المالك لها بالصرف منها على الاحتياجات الخاصة لنفسه، وعلى غيره من أعضاء المكتب دون رقيب أو حسيب أو موافقة من الجهة المالكة لهذه الأموال وهي وزارة الدفاع والتي لا تلتزم بالصرف على مثل هذه الأمور وهو ما تتوافر به الأركان القانونية لجريمة اختلاس المال العام المرتبطة بجناية التزوير في محررات رسمية. وقيام القصد الجنائي اللازم فيهما، كما خلص إليه الحكم المطعون فيه سائغًا وصائبًا، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن باعثه على فتح الحساب المذكور، وقيامه بالرد، ومن أن الأمر لا يعدو عجزًا في الحساب المذكور نتيجة الخطأ في العمليات الحسابية وتعييبه لإجراءات التحقيق السابقة على المحاكمة، يكون غير مقبول. لما كان ذلك،

وكانت العبرة في الإثبات في المواد الجزائية هي باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه، فقد جعل القانون من سلطته أن يأخذ بأي دليل يرتاح إليه، ولا يصح مصادرته في ذلك، طالما لم يقيده القانون بدليل ينص عليه، ولما كان القانون الجزائي لم ينص على طريق معين لإثبات جرائم اختلاس المال العام أو التزوير في محررات رسمية، وإنما تثبت بكافة طرق الإثبات المقررة في القانون، ومن ثم فلا تثريب على محكمة الموضوع إن عوّلت في إدانة الطاعن على ما أوردته من أدلة الإثبات المار بيانها بعد أن أفصحت عن اطمئنانها إلى صحتها وكفايتها والتفتت كما يثيره الطاعن بشأنها ولم تعرض له في حكمها، لما هو مقرر من أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بتعقب المتهم في كل جزئية من مناحي دفاعه المختلفة، لأن مفاد التفاتها عنها هو اطمئنانها إلى الأدلة التي أوردتها وعوّلت عليها في قضائها وإطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ودون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد بدوره غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وكان يبين من الأوراق أن الطاعن وإن طلب أمام محكمة الموضوع ندب لجنة من إدارة الخبراء لتحقيق واقعة اختلاسه للمال العام،

إلا أن الثابت من محضر جلسة 15/ 12/ 2004 الختامية أمام المحكمة الاستئنافية أن المدافع عن الطاعن قد تنازل صراحة عن هذا الطلب – وكان الطاعن لا يماري في أسباب طعنه فيما ذُكر في محضر الجلسة بشأن هذا التنازل – فإنه ليس له من بعد أن ينعى على المحكمة الاستئنافية قعودها عن إجراء تحقيق تنازل هو عن طلبه، ولم تر هي من جانبها حاجة لإجرائه بعد أن وضحت الواقعة لديها، أو ترد عليه، ويكون منعاه في ذلك في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا مع مصادرة الكفالة.