فتح إجراء التسوية الودية

تنص المادة 550 من مدونة التجارة على أنه: “يكون إجراء التسوية الودية مفتوحا أمام كل مقاولة تجارية أو حرفية، من دون أن تكون في وضعية التوقف عن الدفع، تعاني من صعوبات قانونية أو اقتصادية أو مالية أو لها حاجات لا يمكن تغطيتها بواسطة تمويل يناسب إمكانات المقاولة، يتقدم رئيس المقاولة بطلب إلى رئيس المحكمة يعرض فيه وضعيتها المالية والاقتصادية والاجتماعية والحاجيات التمويلية وكذا وسائل مواجهتها”.
وما يستفاد من نص هذه المادة أن للتسوية الودية إجراءاتها وشروطها، بالإضافة إلى أن هذه التسوية لا يجب أن تجرى إلا بتأكد رئيس المحكمة من الوضعية الاقتصادية والمالية للمقاولة، وهو ما سنحاول التعرض له خلال ثلاث فقرات.

الفقرة الأولى: شروط فتح إجراء التسوية الودية:
أسند المشرع الاختصاص بالسهر على فتح إجراء التسوية إلى جهاز القضاء المتمثل في رئيس المحكمة التجارية الموجودة في دائرة نفوذها مؤسسة التاجر الرئيسية أو المقر الاجتماعي للشركة.
ومن خلال قراءة متأنية لأحكام المادة 550 من مدونة التجارة يتبين لنا أن هناك مجموعة من الشروط لفتح التسوية الودية ومن أهمها ما يلي:
– أن تكون المقاولة تعاني من صعوبات مالية أو قانونية و اقتصادية تعبر عن وجود وقائع من شانها الإخلال باستمرارية استغلال هذه المقاولة.
– أن لا تكون الصعوبات المذكورة قد أدت بالمقارنة إلى التوقف عن دفع ديونها المستحقة.
– أن يتقدم رئيس المقاولة بطلب فتح التسوية الودية إلى رئيس المحكمة التجارية التابعة لها المؤسسة الرئيسية للتاجر أو المقر الاجتماعي للشركة التجارية أو للمجموعة ذات النفع الاقتصادي التي يكون لها غرض تجاري، ذلك أن رئيس المقاولة هو الذي يحق له وحده دون أن أي شخص آخر مهما كانت صفته طلب إجراء التسوية الودية.

الفقرة الثانية: تحديد وضعية المقاولة:
لا يكفي قانونا أن يطلع رئيس المحكمة على مضمون الطلب الذي يتقدم به رئيس المقاولة، بل لابد أن يستدعي رئيس المحكمة رئيس المقاولة فور استلام ذلك الطلب قصد تلقي شروحا ته عن ما يمكن أن يكون صورة صحيحة عن الوضعية المالية والاقتصادية للمقاولة لرئيس المحكمة وتحديد نوعية الصعوبات التي تعاني منها المقاولة، قبل اتخاذ أي إجراء.
وبناء على المادة 552 من مدونة التجارة، فعلاوة على السلطات المخولة لرئيس المحكمة بمقتضى المادة 548، يمكنه تكليف خبير لإعداد تقرير عن الوضعية الاقتصادية والاجتماعية والمالية للمقاولة والحصول من المؤسسات البنكية أو المالية على الرغم من أية مقتضيات تشريعية مخالفة، على كل المعلومات التي من شأنها أن تعطي صورة واضحة عن الوضعية الاقتصادية والمالية للشركة.

الفقرة الثالثة: تعيين المصالح.
سبق القول أن الطلب الذي يتقدم به رئيس المقاولة لرئيس المحكمة يتضمن وسائل واقتراحات يراها رئيس المقاولة كفيلة بتصحيح وضعية مقاولته، ويقوم رئيس المحكمة بدراسة هذه الاقتراحات في ضوء المعلومات التي اطلع عليها، فإن وجد أن من شأنها تسهيل تصحيح وضعية المقاولة، فتح إجراء التسوية الودية وعين مصالحا للقيام بهذا الإجراء، خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر ، و يجوز لرئيس المحكمة تمديدها شهرا واحدا على الأكثر بطلب من المصالح.
وتتمثل مهمة المصالح التي يحددها له رئيس المحكمة في أمرين اثنين، أولهما القيام بما من شأنه تسهيل سير المقاولة، وثانيهما العمل على إبرام اتفاق مع الدائنين.
ولمساعدة المصالح على أداء مهمته، يطلعه رئيس المحكمة على المعلومات المتوفرة لديه، وإن اقتضى الحال على نتائج الخبرة التي أنجزها الخبير. وإذا كان المشرع قد أشار إلى نوعية مهمة المصالح، فإنه لم يحدد نوعية الأشخاص الذين يمكن أن تسند إليهم هذه المهمة، ولا عن مؤهلاتهم العلمية ولا عن قدراتهم وخبرتهم العملية، وهذا الفراغ ينبغي أخذه بعين الاعتبار في تعيين المصالح ومدى قدرته على الاستفادة من المعلومات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والقانونية وعلى الحوار والإقناع عند التفاوض وذلك قصد النجاح في التوصل إلى اتفاق مع الدائنين.
ويمكن لرئيس المحكمة أن يصدر أمرا يقضي فيه بالوقف المؤقت للإجراءات ويحدد فيه مدة الوقف في أجل لا يتعدى مدة قيام المصالح بمهمته، إذا ما رأى أن هذا الوقف من شأنه تسهيل إبرام اتفاق بينهما وبعدما يستمع إلى الدائنين الرئيسين .
ويترتب الأمر بالوقف المؤقت للإجراءات آثارا نجملها فيما يلي:
– يوقف الأمر المذكور ويمنع كل دعوى قضائية يقيمها جميع الدائنين ذوي دين سابق لهذا الأمر، تكون غايتها إما الحكم على المدين بسداد مبلغ مالي أو فسخ عقد لعدم تسديد المبلغ.
– يوقف الأمر المذكور أيضا ويمنع كل طريقة للتنفيذ يقيمها هؤلاء الدائنون سواء بشأن المنقولات أو العقارات.