التكييف القانوني لصكوك الشريحة الأولى
رغم تناول بعض الأبحاث لهذا الموضوع، لا نجد كثير عناء في التكييف القانوني لصكوك الشريحة الأولى، ومحاولة ذكر أوجه الاشتباه والاختلاف بين هذا النوع من الصكوك وبين ما يشبهها من أدوات مالية أخرى، لا سيما الأسهم العادية والأسهم الممتازة وودائع المضاربة.

وفي نظري أن الفروق الفنية، وطبيعة هذه الأداة أمر ظاهر، فقد حسم المستند التشريعي (معايير بازل) الموقف المالي والقانوني من هذه الأداة، وأعطاها خصائص خاصة تؤهلها لأن تكون أداة مالية جديدة.

فقد يحصل الاشتباه في الموقف الشرعي منها، بينما حقيقتها ومزاياها الفنية مختلفة بوضوح عن الأدوات الأخرى، والسؤال الذي يحتاج إلى إجابة، هل تقوى هذه الفروق الفنية (وهي فروق ثابتة صحيحة) على التفريق في الأحكام الشرعية بين حملة صكوك الشريحة الأولى، وملاك الأسهم، وأصحاب ودائع المضاربة؟

وهنا نؤكد أن صكوك الشريحة الأولى أداة مالية جديدة مستقلة، ويوضح ذلك الأمور الآتية:

– تختلف صكوك الشريحة الأولى عن الأسهم العادية في الاعتبار القانوني لكل منهما، فصكوك الشريحة الأولى وإن كانت تشبه الأسهم العادية من جهة كونها دائمة ولازمة في حق حملة الصكوك، وتعامل محاسبياً مثلها، إلا أنها لا تعامل قانونياً (رقابياً) مثل معاملتها، ذلك أن الأسهم تمثل رأس المال النظامي، بعكس صكوك الشريحة الأولى التي لا ترفع رأس المال النظامي بحسب الإجراءات القانونية المتبعة والمعهودة في القوانين المنظمة للشركات، ومن ذلك تقدير علاوة الإصدار؛ وإن كانت قد زادت فعلاً من رأس المال (في نظر الجهة الإشرافية) وظهر أثر ذلك في كفاءة رأس مال البنك.

– تختلف صكوك الشريحة الأولى عن الأسهم الممتازة في أنها قد تؤخر عند التصفية بالشطب، بينما تقدم الأسهم الممتازة عند التصفية، كما أنها متساوية لحملة الأسهم العادية في الأوضاع العادية خلافاً للأسهم الممتازة التي تتقدم على الأسهم العادية في توزيع الأرباح.

– تختلف صكوك الشريحة الأولى عن ودائع المضاربة وصكوك المضاربة العادية في أثرها في رفع رأس المال الرقابي، وفي القيود المحاسبية، فصكوك الشريحة الأولى تقيد ضمن بند حقوق الملكية بخلاف ودائع المضاربة وصكوك المضاربة.

ويتكون رأس المال الرقابي المصرفي (حسب المعيار المعدل لكفاية رأس المال الصادر عن مجلس الخدمات المالية الإسلامية وتعليمات معيار كفاية رأس المال للبنوك الإسلامية الصادر عن بنك الكويت المركزي) من شريحتين:

– الشريحة الأولى (رأس المال الأساسي) ويتكون من: رأس المال القانوني (حقوق المساهمين أو حقوق الملكية)، ورأس المال الإضافي) أو حقوق الملكية الإضافية) وهذا الصنف له أدوات مالية منها الصكوك محل البحث (صكوك الشريحة الأولى).

– الشريحة الثانية (رأس المال المساند): ومنه صكوك الشريحة الثانية.

وهذا يعني أن صكوك الشريحة الأولى تقيد محاسبياً ضمن بند حقوق الملكية، وهذا بخلاف قيد ما يشبهها من الأدوات المالية في ميزانية البنك، مثل ودائع المضاربة، وصكوك المضاربة العادية، فنرى أنهما يقيدان ضمن المطلوبات، وإن كان المقتضى الشرعي أن تصنفا في فئة مستقلة في قائمة المركز المالي بين المطلوبات وحقوق الملكية، باعتبارهما أدوات استثمار إسلامية.

فضلاً عن أن ودائع المضاربة مؤقتة أو يمكن فسخها في أي وقت، خلافاً لصكوك الشريحة الأولى؛ فهي دائمة ولازمة في حق حملة الصكوك. وكذلك الأمر في صكوك المضاربة العادية؛ فإنها لا تصنف ضمن رأس المال الإضافي ما لم تشتمل نشرة إصدارها على خصائص وأدوات الشريحة الأولى لرأس المال، ومن أخصّها: تحملها للخسارة وتقدم أصحاب الودائع والدائنين عليها. ومما يؤكد أن هذا الأمر محسوم في حق ودائع المضاربة، ما جاء في المعيار المعدل لكفاية رأس المال الصادر عن مجلس الخدمات) لا يتم تصنيف حسابات الاستثمار على أساس المشاركة في الأرباح الخاصة بمؤسسات الخدمات المالية الإسلامية باعتباره جزءاً من رأسمال تلك المؤسسات، لأنها لا تستوفي الشروط المذكورة أعلاه والمتعلقة برأس المال الأساسي ورأس المال الثانوي). وكذلك ما جاء في تعليمات بنك الكويت المركزي بشأن معيار كفاية رأس المال للبنوك الإسلامية (لا تعتبر حسابات الاستثمار القائمة على مبدأ المشاركة في الأرباح والخسائر

جزءاً من رأس مال البنك الإسلامي لأنها لا تحقق المعايير المذكورة أعلاه لحقوق المساهمين ورأس المال الإضافي ورأس المال المساند).

د. خالد السياري
أستاذ الفقه المقارن
جامعة الإمام محمد
بن سعود – الرياض
إعادة نشر بواسطة محاماة نت