الابتزاز الإلكتروني: كيف تتجنبه؟ وماذا تفعل إذا وقعت ” ضحيةً ” له؟

المحامي صلاح بن خليفة المقبالي

يشهد كل يوم ازديادا في وتيرة التطور التقني بكافة مستوياته، إلا أن هذا التطور صاحبه تطور آخر في الوسائل التي ترتكب بها الجرائم التي احتاجت إلى تنظيم قانوني خاص للتصدي لها يكون مواكباً لهذا التطور، وليحقق الردع العام والخاص لكل من تسول له نفسه إساءة استخدام وسائل التقنية الحديثة.

وفي الآونة الأخيرة ظهر ما يُسمى بالابتزاز الإلكتروني وازداد عدد ضحاياه من الذكور والإناث. وفي زاويتنا القانونية هذا الأسبوع عبر “أثير” سنتعرف على مفهوم الابتزاز الإلكتروني، وكيفية تجنب الوقوع فيه، وطريقة التعامل مع المبتزين، وما القانون الذي يحمي ضحية الابتزاز ويجرم هذا الفعل.

الابتزاز الإلكتروني هو عملية تهديد وترهيب للضحية، وذلك بنشر صور أو مواد مصورة أو تسريب معلومات سرية تخص الضحية، مقابل دفع مبالغ مالية أو استغلال الضحية للقيام بأعمال غير مشروعة لصالح (المبتزين) كالإفصاح عن معلومات سرية خاصة بجهة العمل أو غيرها من الأعمال غير القانونية.

وبالحديث عن المجال الذي يرمي به المبتزون مصائدهم فعادة ما يتم تصيد الضحايا عن طريق البريد الإلكتروني أو وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة كـ”الفيس بوك، وتويتر، وإنستغرام، وهنجأوت” وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي نظراً لانتشارها الواسع واستخدامها الكبير من قبل جميع فئات المجتمع.

كيف تتم عملية الابتزاز؟

بداية لا بد أن ننوه إلى أنه مع التطور الضخم في مجال التقنيات الإلكترونية تظهر في كل يوم وسيلة جديدة للتحايل على الضحايا وابتزازهم ، لكن غالباً تبدأ العملية عن طريق إقامة علاقة صداقة مع الشخص المستهدف، ثم يتم الانتقال إلى مرحلة التواصل عن طريق برامج المحادثات المرئية، ليقوم بعد ذلك المبتز باستدراج الضحية وتسجيل المحادثة التي تحتوي على محتوى مسيء وفاضح للضحية، ثم يقوم أخيرا بتهديده وابتزازه بطلب تحويل مبالغ مالية أو تسريب معلومات سرية، وقد تصل درجة الابتزاز في بعض الحالات إلى إسناد أوامر مخلة بالشرف والأعراف والتقاليد مستغلاً بذلك استسلام الضحية وجهله بالأساليب المتبعة للتعامل مع مثل هذه الحالات، أو قد يقوم المبتز بتوجيه دعوة أو إرسال رابط معين إلى الضحية كدعوة صداقة وعند الضغط على هذا الرابط يقوم بتحميل برامج أو فيروسات من شأنها أن تضع ثغرات في النظام الإلكتروني للجهاز المستخدم عند الضحية يقوم من خلالها المبتز بالولوج إلى جهاز الضحية وتصويره أو نقل صور أو معلومات من جهازه ويقوم بتهديده بنشرها أو تسريبها أو التصرف فيها بأي صورة تؤدي بالضحية إلى تلبية مطالب المبتز.

كيفية تتجنب الوقوع في فخ المبتزين؟

أ) تجنب طلب صداقات أو قبول طلب صداقات من قبل أشخاص غير معروفين .

ب) عدم الرد والتجاوب على أي محادثة ترد من مصدر غير معروف.

ج) تجنب مشاركة معلوماتك الشخصية حتى مع أصدقائك في فضاء الإنترنت “أصدقاء المراسلات”.

د) ارفض طلبات إقامة محادثات الفيديو مع أي شخص، ما لم تكن تربطك به صلة وثيقة.

هـ) لا تنجذب للصور الجميلة والمغرية، و تأكد من شخصية المرسل.

و) قم بتزويد جهازك الإلكتروني ببرامج مكافحة الفيروسات، وغيرها من برامج الحماية، فضلاً عن المواضبة على التحديث الدوري للبرنامج، والحرص على اقتناء النسخ الأصلية من هذه البرامج والمتوفرة في المحلات المختصصة بالبيع لها.

ز) لا تقم بالموافقة على طلبات التحميل لأي مادة ترد إليك من مصدر غير معروف، أو لم تقم بنفسك بطلب تحميلها إلى جهازك الإلكتروني مع التأكد من الصيغة الإلكترونية للمادة التي تقوم بتحميلها من الشبكة المعلوماتية فيما إذا كانت مطابقة لصيغة الوصف الذي طلبت تحميله من عدمه.

كيف تتصرف حال تعرضك لعملية ابتزاز:

1) عدم التواصل مع الشخص المبتز، حتى عند التعرض للضغوطات الشديدة.

2) عدم تحويل أي مبالغ مالية، أو الإفصاح عن رقم بطاقة البنك، أو تلبية أي طلب للمبتز إذ قد ينطوي ذلك زيادة الضغوط على الضحية لتلبية طلبات المبتز.

3) تجنب المشادات مع المبتز وعدم تهديده بالشرطة، وقم بالإبلاغ عند وقوع الحادثة مباشرة لدى الجهات المختصة دون أن توجه إلى المبتز أي تلميح أو تخبره برغبتك في إبلاغ الجهات المختصة.

4) في حالة التعرض للابتزاز قم بالتواصل مباشرة مع وحدة الجرائم الاقتصادية بشرطة عمان السلطانية على الرقم (24569701) أو اطلب المساعدة من المركز الوطني للسلامة المعلوماتية بهيئة تقنية المعلومات على الرقم (24166828).

ما القانون الذي يحمي ضحية الابتزاز الإلكتروني ويجرمه؟

نظرا لكون هذا النوع من الجرائم حديثا – بعض الشيء – فإن القوانين التي تنظم التعامل معه تعد قليلة، بل ربما غير موجودة في بعض الدول، وقد صدر قانون لمكافحة جرائم تقنية المعلومات في سلطنة عمان عام 2011م بالمرسوم السلطاني رقم (12/2011)، وهو الذي يجرم هذا الفعل، فقد نص القانون في مادته الثامنة عشرة على أنه: “يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن شهر ‏ولا تزيد على ثلاث ‏سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف ريال عماني ولا تزيـد علـى ‏ثلاثـة آلاف ريـال عماني أو ‏بإحدى هاتين العقوبتين، كل من ‏استخدم الشبكة المعلوماتية أو وسائل تقنية المعلومات في تهديد ‏شخص ‏أو ابتزازه لحمله على القيام بفعل أو امتناع ولو كان هذا ‏الفعل أو الامتناع عنه مشروعاً، وتكون العقوبة ‏السجن المؤقت ‏مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على عشر سنوات وغرامة ‏لا تقل عن ثلاثة آلاف ‏ريال عماني ولا تزيد على عشرة آلاف ريال ‏عماني إذا كان التهديد بارتكاب جناية أو بإسناد أمور مخلة ‏‏بالشرف أو الاعتبار‏”.

الابتزاز من خارج السلطنة:

وقد يسأل سائل فيما إذا تعرض للابتزاز من قبل شخص خارج النطاق الإقليمي لسلطنة عمان هل يكون قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات هو الذي يحميه ويجرم الفعل أم هو قانون آخر؟ وإجابة هذا التساؤل تكفلت بها المادة (2) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعومات وذلك بما نصت عليه بأنه: “تسري أحكام هذا القانون على جرائم تقنية المعلومات ولو ارتكبت كلياً أو جزيئاً خارج السلطنة متى أضرت بأحد مصالحها، أو إذا تحققت النتيجة الإجرامية في إقليمها أو كان يراد لها أن تتحقق فيه ولو لم تتحقق”، فبذلك يكون قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات العماني هو القانون الذي يوفر الحماية وجرم فعل الابتزاز متى ما كانت نتائج الابتزاز مراد لها أن تتحقق داخل السلطنة أو اُرتكب جزءٌ من الجريمة في السلطنة كأن كان الضحية الذي وقع عليه فعل الابتزاز موجوداً في أرض السلطنة، ولكن هل يتم ملاحقة المبتز إن كان من خارج السلطنة وإحضاره للمحاكمة في أراضي السلطنة؟ هذا السؤال يجاب عليه بأن مثل هذه الحالات تحكمها الاتفاقيات الدولية ومبادئ المعاملة بالمثل في القانون الدولي، وهي مسألة متشعبة جداً لا يسع المقام لبحثها، ومختصر القول فيها إنه إذا كان الابتزاز وقع من شخص خارج السلطنة فإنه متى ما كانت السلطنة مرتبطة باتفاقية لتبادل المجرمين مع تلك الدولة ويوجد تعامل بالمثل بينهما فسيتم طلبه بالطرق الدبلوماسية ويصار إلى محاكمته متى ما تم تسليمه.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت