هل تنطبق جريمة التعدي على حرمة المساكن على العاملين بالمنزل ؟

كتبها :
عيسى العماوي

تورد المادة 347 من قانون العقوبات الاردني رقم 16 لسنة 1960 الحديث حول جريمة انتهاك حرمة المساكن فتقول:

من دخل مسكن آخر او ملحقات مسكنه خلافاً لارادة ذلك الآخر وكذلك من مكث في الأماكن المذكورة خلافاً لارادة من له الحق في إقصائه عنها عوقب بالحبس مدة لا تتجاوز الستة أشهر.
ويقضى بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة إذا وقع الفعل ليلا وبالحبس من ستة أشهر إلى سنتين إذا وقع الفعل بواسطة العنف على الأشخاص أو الكسر أو باستعمال السـلاح أو ارتكبه عدة أشخاص مجتمعين .
لا تجري الملاحقة في الحالة المنصوص عليها في الفقرة الأولى، الا بناء على شكوى الفريق الآخر.

وفي هذا الصدد يثور التسؤال حول المستخدمين في المنزل بوصفهم ذوي احقية ام لا في السماح للغير بالدخول الى المنزل. وللاجابة على هذا السؤال فانه ينبغي لنا الرجوع ابتداءً الى مفهوم المادة 347 لنحدد الاشخاص الذين يملكون حق ادخال الغير الى المسكن. حيث تنص المادة على : ” من دخل مسكن آخر او ملحقات مسكنه خلافاً لارادة ذلك الآخر وكذلك من مكث في الأماكن المذكورة خلافاً لارادة من له الحق في إقصائه عنها”.

وصاحب الحق في الاقصاء في هذه الحالة هو رب المنزل بوصفه صاحب المصلحه الاساسية في ذلك، ويتبعه في هذا الصدد وبصفة حصرية اهل البيت ومنهم الزوجة والاولاد البالغين الراشدين وذلك استنادا على نص المادة 425 من قانون العقوبات التي اعفت سرقة الفروع للاصول وسرقة الازواج لبعضهم على اعتبار الروابط العائلية.

ومنطلق ذلك يعود الى ما للروابط العائلية من اهمية في المجتمع والتي اثرت بدورها على المشرع جاعلة اياه مخففا للعقوبة او حاطا لها في بعض الجرائم الواقعة بين الاصول والفروع ومشددا اياها في جرائم اخرى كهتك العرض مثلا.

وهذا ما اكدت عليه محكمة التمييز الموقرة حينما اعتبرت الزوجة صاحبة ولاية على منزلها في حال غياب زوجها حيث حكمت في قضيتها رقم 306/1998 بما يلي :
” حددت المادة (1/347) من قانون العقوبات عقوبة من يدخل منزل شخص آخر خلافا لارادته او يمكث فيه خلافا لارادة من له الحق في اقصائه عنه، والركن الاساسي في هذه الجريمة هو الاعتداء على ارادة صاحب البيت في الدخول اليه والمكوث فيه وعليه ولما كانت الزوجة نائبة عن زوجها في غيابه وتستطيع ان تستقبل فيه من تشاء وتطرد منه من تشاء …”

وبغياب النصوص التي تعتبر المستخدمين في المنزل ومنهم الخادمة ذوي سلطة او صلاحيه في ادخال الغرباء او استقبالهم فان ذلك يعني عدم جواز قيامهم بذلك وهذا انطلاقا من وجوب اعمال النصوص القانونية على اطلاقها ما لم يرد نص يقيدها.
وزيادة على هذا الامر، فان الخادمة لم تحصل او تتمتع باذن يخولها القيام بمهام استقبال الغرباء وادخالهم في حال غياب اهل المنزل. بل ان قانون العقوبات وفي حالات محددة اعتبر قيام الخادم بمساعدة الغير على دخول المنزل ظرفا مشددا للعقوبة ومثال ذلك نص المادة 406 التي شددت عقوبة السرقة اذا حصلت من الخادم او المستخدم، ايمانا من المشرع بان يد هؤلاء الافراد هي يد امانة يجب ان تصون حرمة المسكن ومحتوياته.

اخيرا، فان مهنة الخادمة ترتبط بالاعمال المنزلية. ومن ثم فان قيامها بالتعدي على هذه المهام الموكولة اليها وبغير اذن مباشر من رب المنزل او من يقوم مقامه وفي غيابهم يشكل تعديا مبطلا لما يتلوه من امور اخرى. فما بني على باطل فهو باطل.