نبذة عن منازعات الضمان الاجتماعي في الجزائر

أن المشرع الجزائري كرس نظاما خاصا لتسوية
منازعات الضمان الإجتماعي بأنواعها الثلاثة السالفة دراستها و هو يهدف من خلال ذلك إلى
ضمان حماية المستفيدين من الضمان الإجتماعي خاصة المؤمن له إجتماعيا ، إذ سهل وبسط
الإجراءات للمؤمن له لإستفاء حقوقه المتمثلة في الأداءات التي يمنحها له ، كما سهل
الإجراءات في حالة النزاع كالطعن المسبق أمام اللجنة الولائية للطعن في المنازعات العامة
ووجوب الإستئناف في قراراتها أمام اللجنة الوطنية للطعن المسبق كقيد على اللجوء إلى
القضاء تفاديا لكثرة النزاعات القضائية و التخفيف من الإكتضاض ، وبالتالي نستنتج من هذه
الدراسة أن التسوية الداخلية للنزاعات هي الأصل و تباشر مجانا في كل أنواع النزاعات .

وكرس المشرع كذلك الطعن الداخلي في المنازعات الطبية ، كما أوجب الإعتراض
على القرارات الطبية الصادرة عن هيئة الضمان الإجتماعي المتعلقة بحالة العجز الناتج عن
المرض أو حادث عمل أمام اللجنة الولائية للعجز قبل الطعن أمام المحكمة العليا بالنقض .

و كرس كذلك التسوية الداخلية عن طريق الطعن المسبق في المنازعات التقنية ذات
الطابع الطبي ، حيث يعرض النزاع وجوبا على اللجنة التقنية قبل اللجوء إلى القضاء و لو أن
عمل هذه اللجنة لم يجسد في الميدان ، إذ لم يصدر التنظيم الخاص بها إلا بموجب المرسوم
الذي يحدد تشكيلة اللجنة التقنية ذات الطابع التنفيذي المؤرخ في 09/08 /2004 رقم4 0/ 235
الطبي و صلاحياتها و كيفيات سيرها . بعد الفراغ القانوني الذي ساد طويلا ، و بالتالي كان
تغطية ذلك الفراغ في إطار مجلس أخلاقيات الطب ( الفرع الجهوي) بالإضافة إلى القضاء
. ، إلى أن تم التنصيب الفعلي لهذه اللجنة
و إن جعل المشرع في كل تلك المنازعات التسوية الداخلية هي الأصل ، فإن للقضاء
رغم ذلك دور كبير ، إذ ظهر ذلك من خلال اللجوء إلى الجهات القضائية المختصة حسب
الحالة بتطبيق أحكام القانون العام إلى جانب قوانين الضمان الإجتماعي وهذا يظهر من خلال
الملاحق المرفقة بهذه الدراسة التي تعكس الأحكام القضائية الصادرة في هذا المجال.

كما أن جل القواعد الإجرائية المذكورة آنفا تتعلق بالنظام العام فهي جوهرية لا يجوز مخالفتها كعدم مخالفة قواعد الإختصاص النوعي للمحاكم الفاصلة في
القضايا الإجتماعية بالنسبة للمنازعات العامة أو الطبية ، وكذا الإختصاص النوعي للمحكمة
العليا بالنسبة للطعن في قرارات لجنة العجز ، و إن خالفها الأطراف أدى إلى عدم قبول
الدعوى القضائية .
كما ينطبق نفس الحكم على الطعون المسبقة السابقة الذكر إذ جعلها المشرع من النظام
العام يترتب عن عدم مراعاة شروطها عدم قبول الدعوى أمام القضاء .
كما ألزم المشرع المحاكم و المجالس القضائية بإحترام كل القواعد الإجرائية و
الموضوعية لتلك الطعون تحت طائلة نقض الحكم و القرار و بطلانها من طرف المحكمة
العليا .
لكن نشير إلى أنه توجد بعض الصعوبات في إعمال بعض النصوص القانونية
حيث يبقى السؤال مطروحا بصدد / كالإشكال الذي يطرحه نص المادة 14 من قانون83 /15
عدم احترام مهلة شهر بالنسبة للجنة الطعن المسبق ؟ و في حالة فوات هذا الأجل دون أن

يصدر القرار من اللجنة في مدة ثلاثة أشهر إبتداءا من تاريخ إستلام الطعن . فهل يعتبر
الطعن مقبولا ضمنيا بفوات ذلك الأجل ؟
والحل المناسب لهذا الإشكال هو وجوب تفسير النص و توضيحه من طرف المحكمة
العليا .
و تبقى كذلك الصعوبة قائمة بصدد نص المادة 26 من قانون 15/83
للمؤمن له أو لهيئة الضمان الإجتماعي اللجوء إلى المحكمة في حالة عدم سلامة إجراءات
الخبرة أو عدم مطابقة قرار هيئة الضمان الإجتماعي لنتائج الخبرة . و هذا بسبب عدم
وضوح و دقة هذا النص في حين كان على المشرع أن يكون صريحا بجوازالطعن في هذه
الإجراءات أمام اللجنة الولائية للعجز ، و بالتالي يبقى السؤال مطروحا فيما إذا كان يجوز
للمحكمة أن تقبل الطعن المرفوع أمامها لإنعدام إثبات الطعن المسبق أمام لجنة العجز أم تقبل
ذلك لأن الطعن أمام لجنة العجز في القرارات الطبية غير المتعلقة بحالة العجز الناتج عن
المرض أو حادث عمل أمر جوازي و بالتالي تقبل المحكمة المختصة الطعن أمامها ؟ .
و ما يزيد تعقيدا هو تعارض نص المادة 26 مع المادة 30 من نفس القانون لذلك
يستحسن تعديل هاتين المادتين بالقدر الذي يضمن التناسق بينهما و كذلك رفعا للغموض و
التأويلات .
و في الأخير و رغم ما يكتنف القانون المنظم لمنازعات الضمان الإجتماعي من
نقائص إلا أنه يبقى نظاما قانونيا قائما بذاته بل و يبقى من أرقى الأنظمة في قانون منازعات
الضمان الإجتماعي المقارن .