حق الإنسان في سلامة الجسم
القاضي علي كمال
لا شك ان الانسان صنعه الله تعالى وخلقه وقد قال فيه ربه في سياق تكريمه وقد تحدى الله سبحانه وتعالى بعظمة هذه النشأة وتلك الخليقة فقال عز وجل ثم “انشأناه خلقاَ اخر فتبارك الله احسن الخالقين”.

وما شك في ان اهم حرمات الانسان هو جسده الذي فيه يحيا بروحه اذ الجسد مهبط الروح وقد اسبغ الاسلام الحماية على هذا الجسد حتى بعد ان تفارقه الروح فجعل لجثة الانسان حرمة الانتهاك او الابتذال وحق الإنسان في السلامة الجسدية في سياق الفكر الوضعي من الحقوق اللصيقة في شخص الانسان، ذلك الحق الذي يخول هذا الانسان الاستئثار بقيمة السلامة والجسد فيتحرر جسده من الآلام البدنية والنفسية كافة.

وعليه فأن من القواعد الاساسية المسلم بها ان يحظر على افراد السلطة العامة على اختلاف اصنافهم الإتيان باي عمل يمثل انتهاكا للحقوق الحريات والفردية ولاسيما الحق في سلامة الجسم نظراَ لقدسيته وأهميته في حياة الفرد وبناء المجتمع.

لذلك تبدو أهمية هذا الموضوع في ابراز دور اعضاء الضبط القضائي وهو دور مرتبط ارتباطاً عضوياً مع الأهداف العامة لقوانين الإجراءات الجنائية في كشف الحقيقة من اجل انزال العقاب.

بناء على ما تقدم اعلاه نجد انفسنا بحاجة الى التوفيق بين مصلحتين متناقضتين مصلحة المجتمع في الكشف على الحقيقة واقرار سلطة الدولة في العقاب التي تتطلب اتخاذ الاجراءات الضرورية في مواجهة اولئك الذين يكدرون او يشتبه في تكديرهم صفو العلاقات الاجتماعية، ومصلحة الفرد التي تستلزم ألا نتعرض له او تمس حقه في سلامة جسمه مادامت ادانته لم تثبت بحكم قضائي بان تتوفر فيه كل الضمانات الضرورية لحماية حقه في السلامة الجسدية.

سبق وان ذكرنا ان لأعضاء الضبط القضائي دوراً بارزاً في اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتهم وتنفيذ قرارات قاضي التحقيق ومتابعتها لحين إحالة ذلك المتهم الى المحكمة المختصة من اجل ذلك فقد منحهم القانون سلطات واسعة من اجل القيام بهذه الواجبات كالتفتيش والقبض وغيرها كل ذلك من اجل الحفاظ على المجتمع خالياً من الجريمة وفي اثناء ما مر ذكره تتجلى لنا اهمية عمل عضو الضبط القضائي الماس بالحق في سلامة الجسم لكل انسان بصفة عامة وللمتهم بصفة خاصة وذلك بالنظر والصلاحيات المتاحة او الممنوحة لاعضاء الضبط القضائي ليست مطلقة من غير تنظيم لان الاهداف التي تستدعي المساس بحقوق وحريات الافراد عند وقوع الجريمة هي ذاتها التي تقضي الملاءمة بين الحقوق والحريات بين مصلحة المجتمع وامنه بحيث لا تطغى الحقوق والحريات الفردية على حساب امن المجتمع ومصلحته والا تلغي مصلحة المجتمع هذه الحقوق والحريات بحجة تغليب امن المجتمع ومصلحته على امن الفرد وحقوقه لذلك يلاحظ بان القانون يتدخل لينظم هذه السلطات ويرسي قواعدها على اسس واضحة بضمان هذه الحقوق والحريات وكفالتها وعدم السماح بالتعرض لها الا لضرورة قانونية مشروعة تحققها دواعي العدالة وشريطة ان تخضع اجهزة الضبط القضائي عند قيامها لهذا العمل لإشراف السلطة القضائية كونها الحارس الطبيعي للحقوق والحريات الفردية ومن ذلك كله يتبين لنا بان السلطات التي يمنحها القانون لأعضاء الضبط القضائي عند وقوع الجريمة هي مقيدة بقيود قانونية خوفاً من إساءة استعمالها ومن الظلم والتعسف لذا ينبغي على عضو الضبط القضائي مراعاة هذه القيود عند قيامه باي اجراء ماس بالحرية الشخصية وان اي تجاوز لها يمكن ان يترتب عليه قيام مسؤولية هذا العضو سواء اكانت جزائية ام ادارية ام مدنية فضلا عن عدم اعطاء اي قيمة قانونية للاجراء الذي قام به وما قد يسفر عنه من أدلة.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت