الحق في الحياة

المؤلف : كوثر عبد الهادي محمود الجاف
الكتاب أو المصدر : التنظيم الدستوري لعلاقة الدولة بالفرد
إعادة نشر بواسطة محاماة نت

سنعرض للحق في الحياة من خلال تحديد مضمونه وتنظيمه، وذلك في فرعين:

الفرع الأول. مضمون الحق في الحياة.

الفرع الثاني. تنظيم الحق في الحياة.

الفرع الأول. مضمون الحق في الحياة:

حق الإنسان في الحياة حق فطري وهو بلا جدال أسمى الحقوق (1) ، ويتضمن الاقرار بالحق في الوجود و استمرارية الحياة (2) ، ويتضمن كذلك عدم جواز الاعتداء على جسم الانسان، اعتداءً من شأنه أن يفقده الصلاحية للحياة، ويؤدي به الى الوفاة(3).

ولكن هذا الحق لم يكن في بادئ الأمر معترفا به لجميع الناس، وكانت بعض الشرائع القديمة تجيز قتل الأرقاء، وتولي رئيس العائلة حق الحياة والموت على أفرادها، وتولي الوالد في الجاهلية حق وأد بناته، ثم ألغيت تلك العادات القاسية، وأصبح حق الإنسان في الحياة من المسلمات الثابتة(4).

الفرع الثاني: تنظيم الحق في الحياة :

لمعرفة حق الحياة بصورة أدق وأوضح، علينا أن نتناوله في كل من:

أ. النظم الدستورية:

حرصت معظم الدساتير على كفالة الحق في الحياة، ومن هذه الدساتير الدستور العراقي لعام 2005 (5) الذي نص في المادة (15) منة على أن لكل فرد الحق في الحياة، ولا يجوز الحرمان من هذا الحق أو تقيده إلا وفقا للقانون ، وبناء على قرار صادر من جهة قضائية مختصة. أما الدستور المصري لعام 1971فانه لم ينص على الحق في الحياة، باعتباره أمرا مفترضا، ولكن قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية أحاط حياة الإنسان بالحماية التي تكفل عدم حرمانه من الحياة تعسفاً(6).

واعترف الدستور الإيطالي لعام 1947بهذا الحق ونظمه، حيث نصت المادة (2) منه علىأن: تعترف الجمهورية بحقوق الإنسان غير القابلة بالانتهاك وبتضمينها …..، وكذلك منع عقوبة الإعدام،إذ نصت المادة (27) منه على ألا يسمح إنزال حكم الإعدام إلا في الأحوال التي تنص عليها القوانين العسكرية أثناء الحرب .

وتضمن الدستور السويسري لعام 1999 الإقرار بحق الحياة ،إذ نصت المادة (10) منه أن (كل شخص يمتلك حق الحياة وإن عقوبة الموت ممنوعة).

ب. الدستور الدولي المشترك:

إن حق الإنسان في الحياة هو أسمى الحقوق الشخصية، بل هو أساسها جميعا، ولا يعقل التفكير في ممارسة أي حق آخر دون ضمانة وحماية كافية لهذا الحق(7). ولذلك فقد انعكست هذه الحقيقة على القانون الدولي لحقوق الإنسان، فجاءت أحكامه مؤكدة على قدسية ذلك الحق وعلى ضرورة تأمينه وحصانته. فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948(8)، تضمن هذا الحق، إذ نصت المادة (3) منه على ان: ((لكل فرد حق في الحياة…)) (9).

إما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، فقد أكد على هذا الحق، إذ نصت المادة (6) منه على ما يأتي:

الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان وعلى القانون ان يحمي هذا الحق ولا يجوز حرمان احد من حياته تعسفا.

لا يجوز في البلدان التي لم تلغ عقوبة الإعدام، أن يحكم بهذه العقوبة إلا جزاء على اشد الجرائم خطورة وفقا للتشريع النافذ وقت ارتكاب الجريمة وغير المخالف لأحكام هذا العهد والاتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية والمعاقب عليها، ولا يجوز تطبيق هذه العقوبة الا بمقتضى حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة.

حين يكون الحرمان من الحياة جريمة من جرائم الابادة الجماعية، يكون من المفهوم بداهة انه ليس في هذه المادة أي نص يجيز لأية دولة طرف في هذا العهد ان تعفي نفسها على اية صورة من أي التزام يكون مرتبا علها بمقتض احكام اتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية والمعاقبة عليها.

لأي شخص حكم عليه بالإعدام حق التماس العفو الخاص او إبدال العقوبة. ويجوز منح العفو العام او العفو الخاص او إبدال عقوبة الإعدام في جميع الحالات.

لا يجوز الحكم بعقوبة الإعدام على جرائم ارتكبها أشخاص دون سن الثامنة عشرة من العمر، ولا تنفذ هذه العقوبة بالنساء الحوامل.

ليس في هذه المادة أي حكم يجوز التذرع به لتبرير او منع الغاء عقوبة الاعدام من قبل اية دولة طرف في هذا العهد(10).
ونصـت الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان الصادرة عام 1950 في المادة (2) على أن (11):

حق كل إنسان في الحياة يحميه القانون ، ولا يجوز إعدام أي إنسان عمداً الا تنفيذاً لحكم قضائي بإدانته في جريمة يقضي فيها القانون بتوقيع هذه العقوبة.
لا يعتبر القتل مخالفاً لحكم هذه المادة اذ وقع نتيجة استعمال القوة التي لا تتجاوز حالة الضرورة .
أ– للدفاع عن أي شخص ضد عنف غير مشروع.

ب- لإلقاء القبض على شخص تنفيذاً لقرار مشروع أو لمنع شخص مقبوض عليه وفقاً لأحكام القانون من الهرب .

ج- لاتخاذ الإجراءات المشروعة التي تهدف إلى قمع الشغب أو الخروج عن السلطة الشرعية .

وكفلت الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان الصادرة عام 1969 ، حق الحياة إذ نصت في المادة (4) على أن :

– لكل إنسان الحق في أن تكون حياته محترمة ، هذا الحق يحميه القانون ، وبشكل عام منذ لحظة الحمل ، ولا يجوز أن يحرم احد من حياته بصورة تعسفية.

– لا يجوز في البلدان التي لم تلغ عقوبة الإعدام أن توقع هذه العقوبة الا على اشد الجرائم خطورة وبموجب حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة ووفقاً لقانون ينص على تلك العقوبة ويكون نافذاً قبل ارتكاب الجريمة ، وكذلك لا يجوز تطبيق عقوبة الإعدام على الجرائم التي لا يعاقب عليها بها حالياً.

– لا يجوز إعادة عقوبة الإعدام في الدول التي ألغتها .

– لا يجوز في أي حال من الأحوال أن يحكم بالإعدام في الجرائم السياسية أو الجرائم العادية الملحقة بها .

– لا يجوز أن يحكم بالإعدام على الأشخاص الذين كانوا وقت ارتكاب الجريمة دون الثمانية عشر عاماً أو فوق السبعين عاماً ، وكذلك لا يجوز تطبيق هذه العقوبة على النساء الحوامل .

– لكل شخص محكوم عليه بالإعدام حق طلب العفو العام أو الخاص أو إبدال العقوبة ، ويمكن تلبية كل هذه الطلبات في جميع الحالات، ولا يجوز تنفيذ حكم الإعدام مادام هذا الطلب في الدرس من قبل السلطة المختصة (12).

على ان حصانة الحق في الحياة التي أكدتها النصوص الدولية ليست حصانة مطلقة، خصوصاً عند تعرض الدولة لظروف استثنائية تستدعي إعلان حالة الطوارئ، حيث يجوز مثلاً توقيع عقوبة الإعدام على الأشخاص المدانين في جرائم امن الدولة وقت الظروف الاستثنائية ، وفقاً للقانون المطبق وقت ارتكاب الجريمة، وبشرط أن تكون الجريمة المرتكبة خطيرة، وان يصدر حكم بات عن محكمة مختصة غير منحازة ، وان تكون هناك نصوص تكفل للمتهم حق الاستئناف، أو العفو أو تخفيف العقوبة، أو جواز إصدار عفو عام (13).

___________________

1- د. محمد يوسف علوان ،حقوق الإنسان في ضوء القوانين الوطنية والمواثيق الدولية،مطبوعات وحدة التأليف كلية الحقوق، جامعة الكويت ،ط،1989،ص360.

2- Sieghard. pl30. see also van boven. vol، ipp، 92-93.

و د. إبراهيم عبد الله المرزوقي، حقوق الإنسان في الإسلام، ترجمة محمد حسين، المجمع الثقافي، أبو ظبي، ط2، 2000،ص433.

3- د. ماجد راغب الحلو، النظم السياسية والقانون الدستوري ، دار المطبوعات الجامعية، الأسكندرية، 2005، ،ص822. و د. عبد الغني يوسف عبد الله ، النظم السياسية والقانون الدستوري ، الدار الجامعية ، بيروت، ط2، 1992، ص303.

4- د. صبحي المحمصاني، أركان حقوق الإنسان، دار العلم للملايين، بيروت، ط1 ،1979، ص110.

5- أما الدستور العراقي السابق لعام 1970 فانه لم يفرد نصا خاصا لحماية حق الحياة، ولكنه ضمن عناصر حق الحياة. إلا أن المشرع العراقي أحاط هذا الحق بحماية كاملة من خلال التأكيد على إتاحة الفرص المتكافئة للإنسان ورعايته ووضع عقوبات شديدة لمن يتعدى على حياته، وورد النص عليها في المواد (405- 411) من قانون العقوبات العراقي، ثم 111 لسنة 1969 وتمتد هذه لتشمل حالات معينة تعد ظروفا مشددة للعقوبة وعقوبتها الإعدام على ارتكاب جريمة القتل وحسب ما نصت عليه المادة (406).

د. سعد إبراهيم الاعظمي، حقوق الإنسان في التشريع الجنائي العراقي، حقوق الإنسان ، المجلد الثالث، دراسات تطبيقية عن العالم العربي، إعداد: د. محمود شريف بسيوني وآخرين، دار العلم للملايين، بيروت، ط1، 1989، ص306 .

ويوجب القانون إبدال عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد إذا كان مرتكب الفعل المعاقب عليه بالإعدام حدثاً بموجب قانون رعاية الأحداث رقم (76) لسنة 1983، المادة 47/ اولاً التي تنص على ان: ((تقام الدعوى الجزائية على من لم يكن وقت ارتكاب الجريمة قد أتم التاسعة من عمره)).

الخاص يقيد العام.
تاريخ صدوره.
واعتبر قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي حمل المرأة المحكوم عليها بالإعدام سبباً يوجب تأجيل تنفيذ الحكم بموجب المادة (287).

6- فقد وضعت المادة (381) من قانون الإجراءات الجنائية ضمانة قوية لنفي التعسف عند إصدار حكم،إذ اشترطت إجماع آراء أعضاء محكمة الجنايات ووجوب إرسال أوراق القضية إلى المفتي وإيقاف تنفيذ حكم الإعدام عند الطعن، ووجوب رفع الحكم بالإعدام متى صار نهائيا إلى رئيس الجمهورية برئاسة وزير العدل(المادة470)لعله يستخدم صلاحيته بحق العفو عن العقوبة أو تخفيف الحكم، وإذا كان الحكم صادرا عن امرأة حامل يوقف تنفيذ الحكم حتى تضع حملها ويمر شهران على الوضع(476اجراءات) وإذا كان مستحق الإعدام حدثا دون الثمانية عشر فلا يحكم عليه بالإعدام ويكتفي بسجنه(المادة 15من القانون رقم 31لسنة 1974بشان الأحداث).أما قانون العقوبات المصري فقد حرص على حماية الحق في الحياة حتى للجنين في بطن أمه وضد رغبتها. إذ تضمنت المواد(260- 263) تحريم إسقاط المرأة الحامل حماية لحق الجنين في الحياة. وتكفله المواد من( 230 – 235 ) بحماية الحق في الحياة عن طريق النص على عقوبة الإعدام للقتل العمد مع سيق الإصرار والترصد او عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة للقتل العمد من غير سيق الإصرار أو الترصد.

– د. الشافعي محمد بشير، قانون حقوق الإنسان ذاتيته ومصادره ،،حقوق الاسان2 ،المجلد الثاني، دراسات حول الوثائق العالمية والإقليمية، إعداد د. محمود شريف بسيوني وآخرين، دار العلم للملايين بيروت،ط،1998،2،ص39.

– ومن الدساتير التي سارت على الاتجاه ذاته،الدستور الأمريكي لعام1787 في التعديل الرابع عشر الذي تم إقراره عام 1868،والدستور السوفيتي لعام 1936في المادة (127)،والدستور السوري لعام 1973في المادة (25)،والدستور الصيني لعام 1982في المادة (37)،والدستور اليمني لعام1994في المادة (48)،والدستور البحريني لعام 2002 في المادة (19)،والدستور القطري لعام 2003في المادة (36).

7- د. الشافعي محمد بشير، قانون حقوق الانسان، مصادره وتطبيقاته الوطنية والدولية، منشأة المعارف، الاسكندرية،2004، ص123. و د. أحمد فتحي سرور ، الحماية الدستورية للحقوق والحريات ، ط2 ، دار الشروق ، القاهرة ،2000 ، ص103 .

8- اعتمد ونشر على الملأ بقرار الجمعية العامة 217 (2-3) المؤرخ في 10كانون الاول / ديسمبر1948. د. محمود شريف بسيوني، الوثائق المعنية بحقوق الانسان، المجلد الاول، الوثائق العالمية، دار الشروق، القاهرة، ط1، 2003، ص27.

9- د. محمود شريف بسيوني، المصدر نفسه، ص28.

10- القاضي محمد عبد العزيز واحمد فتحي خليفة، المعايير الدولية لحقوق الإنسان بالمقارنة لما هو وارد بالدساتير العربية المختلفة، الدساتير العربية، كلية الحقوق، جامعة دي بول، ط1، 2005، ص748.

11- د. محمود شريف بسيوني ، الوثائق الدولية المعنية بحقوق الإنسان، المجلد الثاني، الوثائق الإسلامية والإقليمية، دار الشروق، القاهرة، ط1، 2003، ص54 وما بعدها .

12- د. محمود شريف بسيوني، الوثائق المعنية بحقوق الإنسان، المجلد الثاني، الوثائق الاسلامية والاقليمية، المصدر السابق، ص204 وما بعدها .

13- باسم علي الإمام، حق المحاكمة العادلة للمتهم في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، رسالة ماجستير ، كلية القانون ، الجامعة الأردنية، 1993، ص257 .

الحقوق المتفرعة عن الحق في الحياة
تنبثق عن حق الحياة عدة حقوق ، تتمثل بما يأتي : الحق في الكرامة ، والحق في الأمن الفردي ، و الحق في السلامة البدنية .وسنعرض لهذه الحقوق بشئ من التفصيل في ثلاثة فروع وعلى النحو التالي:

الفرع الأول. الحق في الكرامة.

الفرع الثاني. الحق في الأمن الفردي.

الفرع الثالث. الحق في السلامة البدنية.

الفرع الأول

الحق في الكرامة

أولاً. مضمون الحق في الكرامة:

ويقصد بهذا الحق تأمين حق الفرد في علاقته بالسلطة وبالآخرين إذ عليهم أن يعاملوه بما يحفظ كرامته، وما يتطلبه ذلك من تجريم لأي إيذاء بدني أو معنوي اياً كان مصدره (1)، وكذلك حق الفرد في مستوى معيشي مناسب يكفي لتحقيق الصحة والرفاهية لنفسه ولعائلته بما في ذلك الطعام والكساء والسكن والرعاية الطبية والخدمات الاجتماعية الضرورية و الضمان الاجتماعي في حالة البطالة أو المرض أو العجز أو الترمل أو الشيخوخة (2). وتقرير الكرامة الإنسانية للفرد، يتحقق أيا كان الشخص، رجلا أو امرأة ، حاكماً أو محكوماً ، فهو ثابت لكل إنسان ، من غير نظر إلى لون أو جنس(3). ذلك لان الإنسان إذا فقد كرامته فانه يفقد صفاء ذهنه ولا يبقى له من حياته إلا ما هواقرب إلى حياة الأنعام منها إلى حياة الإنسان الذي كرمه الله سبحانه وفضله على كثير ممن خلق تفضيلا.

ثانياً. تنظيم الحق في الكرامة:

أ- النظم الدستورية:

دأبت التشريعات الدستورية على الاقرار بحق الانسان في الحياة الكريمة وبرز هذا النهج في دستور العراق الصادر عام 2005، حيث استهل الديباجة بآية من الذكر الحكيم في تكريم الإنسان ، فابتدأ بـ (بسم الله الرحمن الرحيم ولقد كرمّنا بني ادم). وتضمن الدستور أيضا كفالة هذا الحق إذ نصت المادة (37) منه على إن : حرية الإنسان وكرامته مصونة ، وتضمن أيضا المقومات الأساسية للعيش ، والضمان الاجتماعي والصحي والظروف البيئية السليمة وكل ما يتطلبه لتحسين ظروف العيش للإفراد . إذ نصت المادة (16) منه على آن تكافؤ الفرص حق مكفول لجميع العراقيين ، وتكفل الدولة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك. ونصت المادة (25) منه على ان: تكفل الدولة إصلاح الاقتصاد العراقي على وفق أسس اقتصادية حديثة وبما يضمن استثمار كامل موارده وتنويع مصادره ، وتشجيع القطاع الخاص وتنميته ، ونصت المادة (30) منه على ان : تكفل الدولة للفرد وللأسرة -وبخاصة الطفل والمرأة- الضمان الاجتماعي والصحي ، والمقومات الاساسية للعيش في حياة كريمة ، تؤمن لهم الدخل المناسب، والسكن الملائم ، وتكفل الدولة الضمان الاجتماعي للعراقيين في حال الشيخوخة او المرض او العجز عن العمل او التشرد او اليتم او البطالة، وتعمل على وقايتهم من الجهل والخوف والفاقة ، وتوفر لهم المسكن والمناهج الخاصة لتأهيلهم والعناية بهم ، وينظم ذلك بقانون .

ونصت المادة (31) منه على ان : لكل عراقي الحق في الرعاية الصحية ، وتعنى الدولة بالصحة العامة ، وتكفل وسائل الوقاية والعلاج بإنشاء مختلف انواع المستشفيات والمؤسسات الصحية ، ونصت المادة (32) منه على ان : ترعى الدولة المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة وتكفل تأهيلهم بغية دمجهم في المجتمع وينظم ذلك بقانون ، ونصت المادة (33) منه على ان لكل فرد حق العيش في ظروف بيئية سليمة .

وكفل الدستور المصري لعام 1971 حق الكرامة، حيث ورد في المقدمة – رابعا : ان كرامة الفرد انعكاس طبيعي لكرامة الوطن ، ذلك ان الفرد هو حجر الاساس في بناء الوطن ، وبقيمة الفرد وبعمله وبكرامته تكون مكانة الوطن وقوته وهيبته ، ونص في المادة (8) منه على ان : تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين ، ونصت المادة (16) منه على ان : تكفل الدولة الخدمات الثقافية والاجتماعية والصحية ، وتعمل بوجه خاص على توفيرها للقرية في يسر وانتظام رفعا لمستواها . ونصت المادة (17) منه على أن : ( تكفل الدولة خدمات التامين الاجتماعي والصحي ، ومعاشات العجزه عن العمل والبطالة والشيخوخة للمواطنين جميعا وذلك وفقا للقانون . وجاء في المادة (42) منه على ان : كل مواطن يقبض عليه او يحبس او تقيد حريته بأي قيد تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الانسان….(4). وفي حالة الطوارئ المواطن الذي يتقرر القبض عليه لارتكابه جريمة يتاح له التظلم من أمر حبسه للمحكمة المختصة، ولكن القانون استثنى من ذلك المتهمين في جرائم أمن الدولة الداخلي والخارجي والجرائم الأخرى التي يتعينها قرار من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه فلا يجيز لهم التظلم من أمر الحبس فيها(5).

وكفل الدستور الايطالي لعام 1947 هذا الحق ، اذ نصت المادة (3) منه على ان لكل المواطنين نفس القدر من الكرامة الاجتماعية ………. وعلى الجمهور إزالة جميع العوائق الاقتصادية والاجتماعية التي تحد في الواقع من حرية المواطن والمساواة بينهم وتحول دون التنمية التامة للشخصية الانسانية ودون مشاركة جميع العاملين الفعلية في بنية البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية . وتضمن الدستور جميع الضمانات القانونية والاجتماعية والصحية ، وتضمن العناية المجانية للمحتاجين ، وضمن حق الاعانة والرعاية الاجتماعية للمواطنين العاجزين عن العمل والحق في توفير سبل عيش تتناسب واحتياجاتهم المعيشية في حالة الحوادث او المرض او الشيخوخة او البطالة . وكفل الدستور السويسري لعام 1999 حق الحياة الكريمة وورد في الديباجة تكافؤ فرص لكل المواطنين لغرض تامين معيشة كريمة.

ونصت المادة (7) منه على ان : الكرامة الانسانية يجب ان تحترم وتحمى وتصان ، ومن حق كل شخص الاستفادة من الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية (6) . وبشأن موقف القضاء من الحق في الحياة الكريمة ، فقد قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية: بان المادة (17) من الدستور تنص على ان : تكفل الدولة خدمات التامين الاجتماعي والصحي ومعاشات العجز عن العمل والبطالة والشيخوخة للمواطنين جميعاً وذلك وفقاً للقانون ، كما تنص المادة (122) من الدستور على ان يعين القانون قواعد منح المرتبات والمعاشات والتعويضات والاعلانات والمكافآت التي تتقرر على خزانة الدولة ، ولما كان القانون المطعون فيه والخاص بتعديل بعض احكام قانون التامين الاجتماعي قد جاء متفقا مع ما نص عليه الدستور في هاتين المادتين اللتين عهدتا الى المشرع بتنظيم خدمات التامين الاجتماعي والصحي وتعيين قواعد صرف المعاشات والتعويضات بما يحقق التضامن الاجتماعي الذي يقوم عليه المجتمع ، فان النص عليه بمخالفة هذا المبدأ يكون في غير محله(7) .

وقضت المحكمة الدستورية العليا المصرية : بان هذا الحق يعد من الحقوق التي تمليها آدمية الانسان وجوهره ، ويعد أهم الحقوق المدنية والسياسية ، وبدورها مدخلا للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتي يوفر ضمانها للانسان تطوير اوضاع البيئة التي يتواجد فيها مناهضة للفقر والجوع والمرض ، وتحقيق هذا الحق في بلد ما مرتبط باوضاعها وقدراتها الاقتصادية ، وتنفذ بتدخل الدولة بجميع اجهزتها(8).

ب- الدستور الدولي المشترك:

المبدأ الاكثر اهمية الذي اشير اليه بصورة غير مباشرة في الفقرة 3 من المادة 29 والمادة 30 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان والمواد ذات الصلة من العهدين الدوليين الخاصين بحقوق الانسان ، انما هو مبدأ احترام كرامة الانسان . وتبدأ ديباجة الاعلان العالمي بهذه الكلمات : ” لما كان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو اساس الحرية والعدل والسلام في العالم ” ………الى آخره… وبناء عليه تكون كرامة الانسان هي المبدأ الاول الذي يعترف به الاعلان العالمي لحقوق الأنسان .

ويرى المقرر الخاص ان كرامة الفرد لا تقدر بعامل واحد ، انها تشمل جميع مظاهر الحياة : الأخلاقية والاقتصادية والاجتماعية … الخ . وتنبع الديمقراطية من مبدأ أساسي وهو ان الكائن البشري كيان مفكر ويمنحه هذا المبدأ حرية تنمية شخصيته ومسؤوليته في تحقيق هذا النمو (9).

ولم تقتصر هذه الحماية بما ورد في ديباجة الاعلان ، الا انها امتدت ووردت في بنود الاعلان الأخرى لتؤكد ضمان وحماية هذا الحق فقد جاء في المادة (25) منه ان : لكل شخص حق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهية له ولأسرته ، وخاصة على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وصعيد الخدمات الاجتماعية الضرورية ، وله الحق في ما يؤمن له العيش في حالات البطالة او المرض او العجز او الترمل او الشيخوخة او غير ذلك من الظروف الخارجة عن ارادته والتي تفقده اسباب عيشه . وجاء في المادة (5) من الاعلان انه لا يجوز اخضاع احد .. للمعاملة اللاإنسانية او الحاطة بالكرامة(10) . اما العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصادر عام 1966(11) . فقد تضمن المادة (11) منه على : تقر الدول الاطراف في هذا العهد :

يحق كل شخص في مستوى معيشي كاف له ولأسرته يوفر حاجتهم من الغذاء والكساء والمأوى ، وبحقه في تحسين متواصل لظروفه المعيشية ، وتتعهد الدول الاطراف باتخاذ التدابير اللازمة لتأمين هذا الحق وأن تعترف في هذا الصدد بالاهمية الاساسية للتعاون الدولي القائم على الارتضاء الحر .
الحق في التحرر من الجوع عن طريق قيام الدول الاطراف بمجهودها الفردي وعن طريق التعاون الدولي باتخاذ التدابير المشتملة على برامج محددة واللازمة لتحقيق ما يأتي :
تحسين طرق انتاج وحفظ وتوزيع المواد الغذائية، عن طريق الاستفادة الكلية من المعارف التقنية والعلمية ، ونشر المعرفة بمبادئ التغذية ، واستحداث واصلاح نظم توزيع الارض الزراعية بطريقة تكفل افضل انماء للموارد الطبيعية والانتفاع بها .
تامين توزيع الموارد الغذائية العالمية توزيعا عادلا في ضوء الاحتياجات، يضع في اعتباره المشاكل التي تواجهها البلدان المستوردة للأغذية والمصدرة لها على حد سواء(12) .
ومنعت الاتفاقية الاوربية لحقوق الانسان لعام 1950 في المادة (3) منها اخضاع أي انسان للمعاملة او العقوبة المهينة للكرامة .

وتضمن ميثاق الحقوق الاساسية للاتحاد الاوربي ، هذا الحق اذ نصت المادة (1) منه على ان : الكرامة الانسانية مقدسة ويجب احترامها وحمايتها ، وجاء في المادة 34/2 منه على ان : يكون من حق أي شخص يقيم ويتنقل بشكل قانوني داخل نطاق الاتحاد الاوربي الحصول على اعانات الضمان الاجتماعي والمزايا الاجتماعية وفقا لقانون المجتمع والممارسات المحليه ، ولمكافحة الحرمان الاجتماعي والفقر يقر الاتحاد الحق في الحصول على المعونة الاجتماعية ، ومعونة الاسكان من اجل ضمان حياة لائقة لكل اولئك الذين يفتقرون الى الموارد الكافية وفقا للقواعد التي يصنعها قانون المجتمع ، وجاء في المادة (35) على ان : لكل انسان الحق في الحصول على الرعاية الصحية الوقائية ، والحق في الاستفادة من العلاج الطبي ، بموجب الشروط التي تضعها القوانين والممارسات المحلية(13) .

وتضمنت المادة (12) منه على ان :

حق كل انسان في التمتع باعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه.
يتعين على الدول الاطراف اتخاذ التدابير اللازمة من اجل :
خفض معدل الوفيات .
تحسين جميع جوانب الصحة البيئية والصناعية .
ج- الوقاية من الامراض الوبائية والمتوطنة والامراض الاخرى وعلاجها ومكافحتها .

د- تهيئة ظروف من شانها تامين الخدمات الطبية والعناية الطبية للجميع في حالة المرض(14) .

واتجهت الاتفاقية الامريكية لحقوق الانسان لعام 1969 نحو حظر المعاملة غير الانسانية او الماسة بكرامته وفقاً للمادة (5) .

كما نص البروتوكول الإضافي بالاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1988(15)، في المادة (9) منه على ان :

– لكل شخص الحق في الضمان الاجتماعي الذي يحميه من عواقب الشيخوخة والعجز الذي يمنحه -جسديا او عقليا – من تامين وسائل الوجود الكريم واللائق له، وفي حالة وفاة المستفيد تخصص اعانات الضمان الاجتماعي لمن يعيلهم ، ونصت المادة (10) منه على ان

-لكل شخص الحق في الصحة – بمعنى التمتع بأعلى مستوى من الرفاهية البدنية والعقلية والاجتماعية ، وعلى دول الاطراف اتخاذ الاجراءات الآتية لضمان ذلك الحق:

الرعاية الصحية الاساسية لجميع الأفراد.
توسيع نطاق الاستفادة من خدمات الصحة لجميع الافراد .
ج- التطعيم العام ضد الامراض المعدية .

د- توعية السكان بالوقاية وعلاج المشاكل الصحية .

ونصت المادة (11) منه على ان ( 2):

لكل شخص الحق في العيش في بيئة صحية والحصول على الخدمات العامة الاساسية .
تعمل الدول الاطراف على تشجيع المحافظة على تحسين البيئة ونصت المادة (12) منه على ان :
أ- لكل شخص الحق في التغذية الملائمة التي تضمن امكانية التمتع بأعلى مستوى من النمو البدني والعاطفي والعقلي(16).

الفرع الثاني

حق في الامن الفردي

أولاً. مضمون الحق في الأمن الفردي:

يعني حق الفرد في الحياة في أمان واطمئنان دون رهبة او خوف ، وعدم جواز القبض عليه او اعتقاله او حبسه ، وعدم اتخاذ أي تصرف يمس بأمن الفرد الشخصي إلا طبقاً للقانون ، وفي الحدود التي يرسمها ومع مراعاة الضمانات والاجراءات التي يحددها(17) .

ويعتبر حق الأمن من اهم مظاهر الحرية الشخصية ، وبشكل الحرية الشخصية التي تضمن وتكفل الحريات الاخرى ، فحيث لا يوجد حق الأمن ، لا يصح الادعاء انه يوجد من الحرية الا مظهرها . ومن مقتضيات هذه الحق :

أ- التقيد بمبدأ لا جريمة ولا عقوبة الا بنص القانون .

ب- تطبق مبدأ عدم الرجعية في القانون الجنائي إلا اذا كان القانون الجديد اصلح للمتهم.

جـ – كما يستلزم هذا الحق التفسير الدقيق للنصوص دون التوسع فيها بالقياس ، بمعنى الا يكون للمفسر من هدف سوى الكشف عن قصد الشارع .

د- كما يستلزم مراعاة قواعد الإجراءات ، على ان يكون الاختصاص لقضاء مستقل اذ هو وحده الذي يقرر الحبس او الحكم بعقوبات مقيدة للحرية او البراءة(18) .

ثانياً. تنظيم الحق في الأمن الفردي:

أ. النظم الدستورية:

كفلت اغلب الدساتير هذا الحق ، من هذه الدساتير ، الدستور العراقي لعام 2005(19) ، حيث نصت المادة (15) منه على ان (لكل فرد الحق في الأمن ، ولا يجوز الحرمان من هذا الحق أو تقييده إلا وفقا للقانون وبناء على قرار صادر عن جهة قضائية مختصة ، وتضمنت المادة (19) على مبادئ من هذه المبادئ – لا جريمة ولا عقوبة الا بنص ولا عقوبة الا على فعل الذي يعده القانون وقت اقترافه جريمة ، ولا يجوز تطبيق عقوبة اشد من العقوبة النافذة وقت ارتكاب الجريمة .

– العقوبة شخصية.

– لا يسري القانون الجزائي بأثر رجعي ، عملا بمبدأ قانون الأصلح للمتهم.

– يحظر الحجز .

– لا يجوز الحبس او التوقيف في غير الاماكن المخصصة لذلك وفق قوانين السجون المشمولة بالرعاية الصحية والاجتماعية والخاضعة لسلطات الدولة .

وكذلك ضمن الدستور(20) المصري لعام 1971 هذا الحق ، إذ نصت المادة (41) منه على إن : (( الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على احد او تفتيشه او حبسه ، او تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل الا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة امن المجتمع بصدد هذا الأمر من القاضي المختص او النيابة العامة ، ذلك وفقا لاحكام القانون ، ويحدد القانون مدة الحبس الاحتياطي )) .

اما المبادئ الدستورية المتعلقة بحقوق الانسان من الناحيتين العقابية والاجرائية الجنائية فهي شخصية العقوبة وشرعية التجريم والعقاب وعدم رجعية القوانين الجنائية(21). ونصت المادة (66) من الدستور على هذه المبادئ الاساسية بقولها : (( العقوبة شخصية ، ولا جريمة ولا عقوبة الا بناء على قانون، ولا توقع الا بحكم قضائي ، ولا عقاب الا على الافعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون )) . ويترتب على ربط قاعدة (شرعية الجرائم والعقوبات) بحماية الحرية الشخصية عدة نتائج هامة هي :

ان تكون الافعال التي يؤثمها قانون العقوبات محددة بصورة قاطعة بما يحول دون تغيبرها، وبمراعاة ان تكون دوما جلية واضحة في بيان الحدود الضيقة لنواحيها، وفي هذا المعنى قالت المحكمة الدستورية العليا في مصر ان القيود التي تفرضها القوانين الجزائية على الحرية الشخصية تقضي ان تصاغ أحكامها بما يقطع كل جدل في شأن حقيقة محتواها ليبلغ اليقين، ويجب أن تحدد بصورة جلية مختلف مظاهر السلوك التي لا يجوز التسامح فيها على ضوء القيم التي تبنتها الجماعة واتخاذها اسلوبا لحياتها (22).
2- ألاَّ تكون العقوبة الجنائية التي توقعها الدولة بتشريعاتها مهينة في ذاتها او اداة قامعة للحرية (23).

3- ان رجعية القانون الأصلح للمتهم ضرورة حتمية يقتضيها صون الحرية الشخصية بما يرد عنها كل قيد عدا تقريره مفتقرا الى أية مصلحة اجتماعية ، ويتحقق ذلك بوجه خاص حين ينتقل القانون الجديد بالفعل كله من منطقة التجريم الى دائرة الاباحة (24).

4- ان لكل جريمة ركنا ماديا لا قوام لها بغيره يتمثل أساسا في فعل أو امتناع وقع بالمخالفة في منطقة التجريم (25).

و ضمن الدستور الإيطالي(26) لعام 1947 هذا الحق ، اذ نصت المادة (13/2) منه على ان (( لا يسمح بحبس أي شخص او تفتيشه او التحري عنه ، باي طريقة من الطرق ، كما لا يسمح باي قيد اخر على الحرية الشخصية الا بمقتضى اجراء مسبب صادر من السلطة القضائية وفي الاحوال والطرق المنصوص عليها في القانون )) .

واقر الدستور السويسري لعام 1999 حق الأمن الفردي في المادة (31) منه وتضمنت عدة فقرات على النحو التالي:

1. لا يحرم أي شخص من حريته الا في الحالات وبالطريقة التي يحددها القانون .

2. لكل شخص يحرم من حريته الحق في ان يبلغ فوراً بلغة يفهمها عن اسباب هذا الحرمان وعن حقوقه … .

3. لكل شخص يوضع في الحبس الاحتياطي الحق في المثول فوراً امام القاضي الذي يقرر استمرار حبسه او الافراج عنه . ومن حقه ان يصدر حكم بشأنه في فترة معقولة .

4. لكل شخص يحرم من حريته دون قرار من المحكمة في ان يطلب في كل وقت المثول امام محكمة لتقرر باسرع وقت ممكن بشأن قانونية حبسه .

ب. الدستور الدولي المشترك:

تضمنت المواثيق والاعلانات العالمية النص على حق الامن الشخصي ؛ فقد جاء في المادة (3) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عام 1948 على ان : “لكل شخص الحق في الحرية والأمن الشخصي ” . كما جاء في المادة (9) من نفس الاعلان على انه : ” لا يجوز اعتقال أي انسان او حجزه او نفيه تعسفا” .

وحرص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الصادر عام 1966 (27) على ضمان حق الامن الفردي، اذ نصت المادة التاسعة منه على ان :

لكل فرد الحق في الحرية وفي الأمان على شخصه ، ولا يجوز توقيف احد او اعتقاله تعسفا ، ولا يجوز حرمان احد من حريته الا لأسباب ينص عليها القانون وطبقا للإجراء المقرر قضائيا(28) . ويلاحظ ان العهد الدولي لم يسبغ على الحقوق الواردة في المادة التاسعة حصانة الا انها مع ذلك أضفت عليها سموا ملحوظا ومكانة خاصة ، اذ اختصتها بالذكر في المادة التاسعة / الفقرة الخامسة على مبدأ الحق في التعويض القابل للتنفيذ (29). وانتهجت الاتفاقية الأوربية لحقوق الانسان الصادرة عام 1950 نهجا آخر حيث حددت الحالات التي يمكن فيها تجريد الشخص من حقوقه الواردة في المادة الخامسة / والتي من بينها الاعتقال حيث نصت : 1- كل انسان له الحق في الحرية والأمن لشخصه، ولا يجوز حرمان أي انسان من حريته الا في الاحوال الآتية ، ووفقا للاجراءات المحددة في القانون :

حبس شخص بناء على محاكمة قانونية امام محكمة مختصة .
إلقاء القبض على شخص او حبسه لمخالفته أمرا صادرا من محكمة طبقا للقانون لضمان تنفيذ أي التزام محدد في القانون .
ج- القاء القبض على شخص او حجزه طبقا للقانون بهدف تقديمه الى السلطة الشرعية المختصة ، بناء على اشتباه معقول في ارتكابه جريمة ، او عندما يعتبر حجزه أمرا معقولا بالضرورة لمنعه من ارتكاب جريمة او الهروب بعد ارتكابها .

د- حجز حدث وفقا للنظام القانوني ، بهدف الإشراف على تعليمه او بهدف تقديمه الى السلطة الشرعية المختصة .

هـ- حجز الاشخاص طبقا للقانون لمنع انتشار مرض معد ، او الاشخاص ذوي الخلل العقلي ، او مدمني الخمور او المخدرات او المتشردين .

و- القاء القبض على شخص او حجزه لمنع دخوله غير المشروع الى ارض الدولة او شخص تتخذ ضده فعلا اجراءات ابعاده او تسليمه .

2- كل من يلقى القبض عليه يخطر فورا – بالأسباب التي قبض عليه من اجلها والتهم الموجه اليه .

3- أي شخص يلقي القبض عليه او يحجز وفقا لنص الفقرة (1/ج) من هذه المادة ، يقدم فورا الى القاضي او أي موظف مخول قانونا بممارسة سلطة قضائية ، ويقدم للمحاكمة خلال فتره معقولة او يفرج عنه مع استمرار المحاكمة ، ويجوز ان يكون الإفراج مشروطا بضمانات لحضور المحاكمة .

4- أي شخص يحرم من حريته بالقبض عليه او حجزه، له حق اتخاذ الاجراءات التي يقرر بها بسرعة مدى شرعيه القبض عليه او حجزه بمعرفة المحكمة، ويفرج عنه اذا لم يكن حجزه مشروعا .

5- لكل من كان ضحية قبض أو حجز مخالف لأحكام هذه المادة، حق وجوبي في التعويض(30) .

وكذلك الحال بالنسبة للاتفاقية الأمريكية لحماية حقوق الانسان الصادرة عام 1969(31)، حيث ضمنت هذا الحق، ومنعت حرمان أي شخص إلا للأسباب وفي الحالات المحددة سلفا في الدساتير، وحددت الاجراءات الواجب اتباعها عند القيام بتقييد هذا الحق، والمتمثلة بابلاغ الموقوف بأسباب توقيفه، والتهمة الموجه اليه، وحرمت التوقيف التعسفي.

الفرع الثالث

الحق في السلامة البدنية

أولاً. مضمون الحق في السلامة البدنية:

للحق في حرمة الجسم أهمية واضحة ، فهو بالنسبة للفرد أهم حق يتمتع به بعد حقه في الحياة، وبالنسبة للمجتمع حق أساسي من حقوقه لذا فان حماية الكيان المادي لجسم الانسان يعتبر من صميم الحياة الخاصة (32).

ان العلاقة بين الحق في الحياة والحق في حرمة جسم الانسان وطيدة ، فالاعتداء على الحق الاول يعطل جميع وظائف الجسم ، والاعتداء على السلامة البدنية هو تعطيل جزئي يصيب جسم الأنسان ، أحد أعضاء الجسد أو أكثر علما ان وظائف الجسم عديدة منها ظاهرة ومنها غير ظاهرة بعضها فسيولوجي وبعضها ذهني ، فالاعتداء الذي يقع على الجسم قد يؤدي الى تعطيله تعطيلا جزئيا ، سواء أكان هذا التعطيل أبديا أم وقتيا .

وعلى الرغم من ان الحق في السلامة البدنية مكفول للفرد ليس في علاقته بالسلطة فقط وانما في علاقته بأقرانه أيضا ، الا ان الدساتير تحرص على حماية هذا الحق بشكل خاص عندما يدخل الفرد في علاقة مع ممثلي السلطة نظرا لطبيعة هذه العلاقة(33) . ويترتب على هذا الحق ان لكل فرد الحق في المحافظة على سلامة جسمه وان يدافع عن نفسه ضد أي اعتداء يتعرض له بالطرق المتعارف عليها في المجتمع ، سواء عن طريق الاستعانة برجال الشرطة او الالتجاء الى القضاء(34) .

فالحق في السلامة البدنية يقع في مقدمة قائمة حقوق الانسان ، وهو الحق الاصلي الذي تستند اليه بقية الحقوق والحريات وذلك لأن الانسان لا يمكن ان يمارس هذه الحريات إلا اذ كان بدنه سليما طليقا ومحميا من القيود والعبودية(35) .

كما ان حرمة جسم الانسان وسلامته من اهم الحقوق التي تتمتع بها الفرد في المجتمع، اذ لا يمكن للمجتمع ان يحتفظ بوجوده وهو يسعى للتقدم والازدهار الا اذا كان الحق في سلامة أفراده محميا بحماية كاملة(36) . كما ان السلامة البدنية تعد ركيزة أساس من ركائز البقاء لدى الانسان ، وهي من أولى الحريات الطبيعية ، ومن ثم فان احترامها واحترام الهيكل البشري المنبثقة من صفة الانسان وبعيدا عن أي صفة اخرى هي اول واجبات المشرع الدستوري او العادي(37).

ثانياً. تنظيم الحق في السلامة البدنية:

أ. النظم الدستورية.

حرصت اغلب الدساتير في دول العالم على ان ترسم الخطوط العريضة للحماية التي يجب ان يعطيها المشرع للحق في سلامة الجسم، ومن هذه الدساتير، الدستور العراقي لعام 2005م، إذ نصت المادة (35 أولا- ج) منه على ان: “يحرم جميع انواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الإنسانية، ولا عبرة بأي اعتراف انتزع بالإكراه او التهديد أو التعذيب، وللمتضرر المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي أصابه، وفقا للقانون”.

وتضمن الدستور المصري 1971 نصاً يحمي حق سلامة الجسد ، اذ اشارت المادة (43) من الدستور ، الى انه : (لا يجوز اجراء آي تجربة طبية او علمية على أي انسان بغير رضائه الحر(38) . واقر الدستور الإيطالي لعام 1947 بمعصومية الجسم . إذ نصت المادة (13) منه على ان”……. يمنع أي شكل من اشكال انزال العنف الجسدي والمعنوي بالاشخاص الخاضعين لتقييد حرياتهم …..”. وأكد الدستور السويسري لعام 1999على ضمان هذا الحق ، اذ نصت المادة (10) منه على ان:”….يمنع التعذيب واي شكل اخر من اشكال المعاملة المهينة و اللانسانية او القاسية “(39) .

ب. الدستور الدولي المشترك .

أحتل الحق في سلامة الجسم مكانه الخاص في المواثيق الدولية ، وذلك من خلال النص عليه في اكثر من وثيقة من الوثائق الدولية سواء الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة كالإعلان العالمي لحقوق الانسان او الاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان ، كما إهتمت المؤتمرات الدولية بهذا الحق من خلال تأكيدها عليه واصدارها التوصيات اللازمة بشأن احترام هذا الحق والمحافظة عليه وإلابتعاد عن كل ما من شأنه المساس به بالوسائل كافه . حيث نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 ، في المادة (3) منه ، على أن : ’’ لكل فـرد الحق في سلامة شخصه ‘‘ . كما نص في المادة (5 ) منه على أنه : ’’ لا يعرض أي إنسان للتعذيب و لا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة ‘‘ . وجاء العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 مؤكداً على حق الانسان في سلامة جسمه في المادة (7) التي نصت على انه (( لا يجوز تعذيب آي انسان او معاملته او معاقبته بقسوة ولا يجوز اجراء آية تجربة طبية او علمية على آي انسان بغير رضاه الحر)) وان هذه المادة تؤكد على سلامة الجسم من خلال الاشارة الى عدم جواز تعذيب أي انسان(40).

ونصت الاتفاقية الاوربية لحماية حقوق الانسان والحريات الأساسية لعام 1950 في المادة (3) على أنه ” لا يمكن أن يخضع احد للتعذيب او العقوبات والمعاملات غير الانسانية والاستثنائية(41) ، ان هذه المادة تشير إشارة صريحة الى تحريم التعذيب الذي يمثل احد صور المساس بسلامة الجسم وبكافة صوره . ولهذا تعد هذه الاتفاقية خطوة جريئة ومتطورة بحق اقرار حقوق الإنسان في سلامة جسمه.

وأقرت الإتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لعام 1969 ، في المادة (5) منها : تحريم التعذيب . وأشارت الفقرة (1) من المادة ذاتها إلى أن : لكل إنسان الحق في أن تكون سلامته الجسدية والعقلية والمعنوية محترمة . وتاكدت الفقرة (2) من ذات المادة على أنه : لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب أو لعقوبة أو لمعاملة قاسية أو مذلة .

واعتمدت الامم المتحدة إتفاقية لمناهضة التعذيب لعام 1984 ، وقد عرفت الاتفاقية . التعذيب – صورة من المساس بسلامة الجسم – بانه كل عمل ينتج عنه الم او عذاب شديد جسديا يتم الحاقه بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص او من شخص ثالث على معلومات او على اعتراف او معاقبته على عمل ارتكبه او يشتبه في انه ارتكبه …..))(42)، يلحظ من خلال هذا التعريف انه يشترط في اعمال التعذيب ان ينتج عنها الم وان يكون على جانب من الشدة وهذا امر غير سليم كما نرى لان هناك بعض الافعال تعد تعذيبا كان الالم المترتب عليها قد يكون قليلا ، وقد ينعدم الالم كالتعرض للتعذيب بعد افقاده الوعي او تخديره، الا ان الشيء المحمود لهذا التعريف انه اخذ بالالم النفسي وعده صورة من صور المساس بسلامة الجسم . وقد نصت المادة (11) منه على منع أي فعل من افعال التعذيب ، كما نصت المادة (12) قيام السلطات في الدول الأطراف باتخاذ الإجراءات السريعة عند حصول عمل من اعمال التعذيب كما نقض المادة (16) بان تتعهد كل دولة من الدول الأطراف بان تمنع أي عمل من الإعمال التعذيب من الوقوع على أي اقليم من أراضيها . وقد نصت المادة (5/ب) على (( حق الإنسان في الأمن على شخصه من أي عنف أو أذى بدني يصدر سواء عن موظفين رسميين او عن اية جماعة او مؤسسة)). اما الفقرة (هـ) من المادة نفسها فقد نصت على حق التمتع بالخدمات العامة والرعاية الطبية(43).

___________________

1- د. محمد زكي أبو عامر، الحماية الجنائية للحريات الشخصية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1979، ص17. ود. ابراهيم عبدالعزيز شيحا، القانون الدسنوري، تحليل النظام الدستوري المصري في ضوء المباديء الدستورية العامة، الدار الجامعية، بيروت ، 1983،ص28.

2- د. غازي حسن صباريني، الوجيز في حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 1997، ص212 .

3- حارث اديب ابراهيم ، تقييد ممارسة الحريات الشخصية ، دراسة دستورية ، رسالة ماجستير، كلية القانون ، جامعة بابل ، 2003 ، ص25 .

4- د. ابراهيم عبدالعزيز شيحا، القانون الدسنوري، تحليل النظام الدستوري المصري في ضوء المباديء الدستورية العامة، الدار الجامعية، بيروت ، 1983،ص28.

ومن الدساتير التي تبنت نفس النهج، الدستور السوري لعام 1973 في المواد (25 ، 45 ، 46 ، 47 ) ، والدستور اليمني لعام 1994 في المواد ( 24 ، 33 ، 35 ، 48 )، والدستور البحريني لعام 2002 في المواد (5 ، 8 ، 9 ، 19 ) ، الدستور القطري لعام 2003 المواد (، 1 ، 2 ، 23 ، 36 ).

5- د. جمال العطيفي، آراء في الشرعية وفي الحرية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1980، ص407.

6- ومن الدساتير التي انتهجت هذا النهج، الدستور الامريكي لعام 1787 في الديباجة، والدستور السوفيتي لعام 1936 في المواد (4 ، 10، 120) والدستور الصيني لعام 1982 في الديباجة والمواد (14، 15، 38).

7- (المحكمة الدستورية العليا في 6/4/1985 ، القضية رقم 126 لسنة 5 قضائية، مجموعة الاحكام ، ج3، ص176). ود.رابح لطفي جمعة ، حقوق الانسان في قضاء المحكمة الدستورية العليا المصرية، حقوق الانسان 3 ، المجلد الثالث ، دراسات تطبيقية عن العالم العربي ، اعداد : د. محمود شريف بسيوني وآخرين ، دار العلم للملايين ، بيروت ، 1989 ، ص370 .

8- وذلك في القضية رقم 34 لسنة 15 قضائية دستورية ، جلسة 2 مارس سنة 1996 ، نشر بالجريدة الرسمية، العدد رقم 11 تابع بتاريخ 14/3/1996.

– د. عبد الفتاح مراد ، شرح الحريات العامة وتطبيقات المحاكم بشانها المكتب الجامعي الحديث ، الاسكندرية ، بلا سنه طبع ، ص494 .

9- ايريكا – ايرين أ. دايسي، الحرية المكفولة للفرد بمقتضى القانون، مركز حقوق الإنسان ، جنيف، الامم المتحدة، نيويورك، 1990، ص229.

10- د. محمود شريف بسيوني، الوثائق الدولية المعنية بحقوق الانسان ، المجلد الاول، الوثائق العالمية ، ط1 ، دار الشروق، القاهرة ، 2003 ، ص30 .

11- تاريخ بدء النفاذ 3 كانون الثاني / يناير 1976 طبقا للمادة 27 .

12- د. . محمد يوسف علوان ، حقوق الانسان في ضوء القوانين الوطنية والمواثيق الدولية ، مطبوعة وحدة التاليف ، لكلية الحقوق ـ جامعة الكويت ،1989 ، ص304 ،د. غازي حسن صباريني ، الوجيز في حقوق الانسان وحرياته الاساسية، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان ، 1997 ، ص209 .

13- د. محمود شريف بسيوني، الوثائق الدولية المعنية بحقوق الانسان ، المجلد الثاني، الوثائق الاسلامية والاقليمية ، ط1، دار الشروق، 2003 ، ص171 ومابعدها .

14- د. محمود شريف بسيوني، الوثائق المعينة بحقوق الانسان، الوثائق العالمية، المصدر السابق ، ص123.

15- د. محمود شريف بسيوني ، الوثائق الاسلامية والاقليمية ، المصدر السابق ، ص232 وما بعدها .

16- المصدر نفسه ، ص 238 وما بعدها.

17- د. عبد الغني بسيوني عبد الله ، النظم السياسية والقانون الدستوري، الدار الجامعية ، بيروت ، 1992 ، ص 359.

-وكذلك- د. محمد زكي ابو عامر ، نظرة عامة حول الجزاءات المترتبة على خرق حقوق الانسان ، النظام الانساني العالمي وحقوق الانسان في الوطن العربي ، عمان ، 1989، ص 128.

18- د . محمد سليم غزوي ، الوجيز في التنظيم السياسي والدستوري للمملكة الاردنية الهاشمية، دار الثقافة والنشر ، عمان ، ط2، 1992 ، ص 70.

William B. Lockhart and Others، Constitutional Law، The American Constitution، Right and Liberties ،U.S.A 2000، P.37.

19- وتضمن الدستور العراقي السابق لعام 1970 هذا الحق ، ونص في المادة (21) منه على ان (( أ- العقوبة شخصية. ب- لا جريمة ولا عقوبة الا بناء على قانون ، ولا تجوز العقوبة الا على الفعل الذي يعتبره القانون جريمة اثناء اقترافه، ولا يجوز تطبيق عقوبة اشد من العقوبة النافذة وقت ارتكاب الجرم )) . ونصت المادة (22/ ب) على ان (( لا يجوز القبض على احد او توقيفه او حبسه او تفتيشه ، الا وفق احكام القانون )) .

وورد في قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لسنه 1969 ما يعبر عن هذه المبادئ في المادة (1) اذ نصت على ان : (( لا عقاب على فعل او امتناع إلا بناءاً على قانون ينص على تجريمه وقت اقترافه ، ولا يجوز توقيع عقوبات او تدابير احترازية لم ينص عليها القانون )) .

ونصت المادة الثانية (2) فقرة (1) : على ان ((يسري على الجرائم القانون النافذ وقت ارتكاب الجريمة ، ويرجع في تحديد وقت ارتكاب الجريمة الى الوقت الذي تمت فيه افعال تنفيذها دون النظر الى وقت تحقق نتيجتها )) .

ونصت المادة الثانية (2) فقره (2) : على ان : (( اذا صدر قانون او اكثر بعد ارتكاب الجريمة وقبل ان يصبح الحكم الصادر فيها نهائيا فيطبق القانون الاصلح للمتهم )) .

– د. سعد ابراهيم الاعظمي، حقوق الانسان في التشريع الجنائي العراقي ، حقوق الانسان ، المجلد الثالث ، دراسات تطبيقية عن العالم العربي ، اعداد د. محمود شريف بسيوني واخرون، دار العلم للملايين ، بيروت ،1989 ، ص 308 ، 311 .

وقد نص قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم 23 لسنه 1971 على انه : (( لا يجوز القبض على أي شخص او توقيفه الا بمقتضى امر صادر من قاض او محكمة او في الاحوال التي يجيز فيها القانون ذلك)).

– د. سعد ابراهيم الاعظمي ، المصدر السابق، ص308 ، 311 .

الا ان هذا الحق كسائر الحقوق الاخرى ليس مطلقا ، بل يرد عليه استثناءات تجيز المساس غير المشروع به ، وقد نص قانون اصول المحاكمات العراقي في المادة (102) على ان : لكل شخص ولو بغير امر من السلطات المختصة ان يقبض على أي متهم بجناية او جنحة في احدى الحالات الاتية :

اذا كانت الجريمة مشهودة .
اذا كان قد فر القبض عليه قانونا .
اذا كان قد حكم عليه غيابيا بعقوبة مقيدة للحرية.
لكل شخص ولو بغير امر من السلطات المختصة ان يقبض على كل من وجد في محل عام في حالة سكر بين واختلال واحدث شغبا او كان فاقدا صوابه.

20- واحتوت الدساتير العربية نصوصاً ضمنت هذا الحق ومن امثلة ذلك، المادة (25 /1) من الدستور السوري لعام 1973والمادة (48 / ب) من الدستور اليمني لعام 1994 ، والمواد (45 – 47 ) من الدستور الجزائري لعام 1996 ، والمواد (19 أ، ب، ج) من الدستور البحريني لعام 2002، المواد (36 ، 40 ) من الدستور القطري لعام 2003 .

21- محمد محرم محمد علي، حقوق الإنسان في قضاء محكمة النقض المصرية، حقوق الإنسان المجلد الثالث – دراسات تطبيقية حول العالم العربي، اعداد د. محمود شريف بسيوني وآخرين ، دار العلم للملايين، بيروت ، 1989 ، ص273 .

22- Cerl. Hdlender ،E.D.Harrets Kruslin et Having، 24 Avril،1990; 185 note ie nouveau code penal et le principe de la legalite ، Archives politique Criminelle ، 16 ، 1994 ، p. 10-24

– د. احمد فتحي سرور، الشرعية الدستورية وحقوق الإنسان في الاجراءات الجنائية، دار النهضة العربية،القاهرة، طبعة معدلة، 1995 ، ص126 .

23- المحكمة الدستورية العليا في أول أكتوبر / 1994 في القضية رقم 20 لسنة 15 قضائية دستورية.

24- المحكمة الدستورية العليا في 3 ديسمبر 1992 القضية رقم 12 لسنة 13 قضائية دستورية ، العدد49 من الجريدة الرسمية في ديسمبر سنة 1992 .

– د. احمد فتحي سرور ، الشرعية الدستورية وحقوق الإنسان في الإجراءات الجنائية ، المصدر السابق، ص127 .

25- المحكمة الدستورية العليا في 20 يناير سنة 1993 ، القضية رقم 3 لسنة 10 قضائية دستورية .

– المصدر نفسه ، ص127 .

26- من الدساتير التي ضمنت هذا الحق ، التعديل الرابع التي تم إقرارها عام 1791 للدستور الأمريكي عام 1787، والمادة (137 /فق2) من الدستور السوفيتي لعام 1936، والمادة (37) من الدستور الصيني لعام 1982 .

– جواد ناصر الاربش، دساتير العالم العربي، مطبعة مقهوي، 1972، ص527.

27- د. غازي حسن صباريني ، الوجيز في حقوق الانسان وحرياته الاساسية، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان ، 1997 ، ص118 .

28- فاتح سميح عزام ، ضمانات الحقوق المدنية والسياسية في الدساتير العربية ، دراسة مقارنة ، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ، القاهرة، 1995، ص39.

29- دخلت حيز النفاذ قي 3 سبتمبر 1953 ، د. محمود شريف بسيوني ، الوثائق الدولية المعنية بحقوق الانسان ، المجلد الثاني ، الوثائق الاسلامية والاقليمية ، المصدر السابق ، ص79 .

30- د. ابراهيم عبد الله المرزوقي ، حقوق الانسان في الاسلام ، ط2، ترجمة محمد حسين، المجمع الثقافي، ابو ظبي ، 2000 ص466 وما بعدها .

31- دخلت حيز التنفيذ في 18 يوليو سنة 1978 . د. محمود شريف بسيوني، الوثائق الاسلامية والاقليمية ، المصدر السابق ، ص185 .

32- ولقد أخذت بهذا المذهب قرارات مؤتمر البلاد الاسكندنافية المنعقد في 15 مايو 1967 وقرارات الندوة الدولية للاتفاقية الأوربية الخاصة بحقوق الإنسان المنعقد في بروكسل عام 1970 ، كما يناصر هذا المذهب جانب من الفقهاء فمن الفقه الفرنسي .

Ferrier، P. L protection de la vie privée، Université des sciences sociales de Toulouse، 1973، p. 38.

33- د. محمد زكي ابو عامر ، الحماية الجنائية للحريات الشخصية ، منشأة المعارف الاسكندرية ، 1979 ، هامش رقم (1)، ص17.

34- د. ابو اليزيد على المتيت، النظم السياسية للحريات العامة، ط3، مؤسسة شباب جامعة الاسكندرية، 1982، ص109.

35- د. ادمون رباط، الوسيط في القانون الدستوري العام، ط2، دار العلم للملايين، بيروت،1971 ،ج2، ص220 .

36- ضياء عبد الله عبود جابر الاسدي ، الحق في سلامة الجسم ضمانة من ضمانات المتهم ، دراسة مقارنة ، رسالة ماجستير ، كلية القانون ، جامعة بابل ،2002 ، ص19 .

37- عبد الله لحود وجوزف معتزل ، حقوق الانسان الشخصية والسياسة ، ط1 ، منشورات عويدات ، بيروت، 1972 ،ص43 .

38- ويتابع قانون العقوبات حماية جسد الانسان ونفسيته من اعمال التعذيب البدني او المعنوي . وقد برز دور محكمة النقض المصرية بإرساء المبادئ التي تحمي هذا الحق وتصونه من كل عدوان عليه .

وقد خصص المشرع الجنائي من قانون العقوبات لجرائم الاكراه وسوء المعاملة الصادرة من الموظفين لافراد الناس وذلك بتعذيب متهم لحمله على الاعتراف او باستعمال القسوة مع الاشخاص اعتمادا على الوظيفة او أحداث الآم بأبدانهم .

– د. محمد محرم محمد علي ، حقوق الانسان في القضاء محكمة النقض المصرية ، حقوق الانسان ، المجلد الثالث – دراسات تطبيقية حول العالم العربي ، اعداد د. محمود شريف بسيوني واخرون ، دار العلم للملايين بيروت ، 1989، ص 278.

ف فاتح سميح عزام، ضمانات الحقوق المدنية والسياسية في الدساتير العربية، دراسة مقارنة، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، القاهرة، 1995 ،ص42.

ونصت المادة (126) من قانون العقوبات على ان (( كل موظف او مستخدم عمومي آمر بتعذيب متهم او فعل ذلك بنفسه لحمله على الاعتراف يعاقب بالاشغال الشاقة او السجن من ثلاث سنوات الى عشرة ، واذا مات المجني عليه يحكم بالعقوبة المقررة للقتل عمدا )) . وتضيف المادة ( 129) من القانون ذاته (( كل موظف أو مستخدم عمومي وكل شخص مكلف بخدمة عمومية استعمل القسوة مع الناس اعتمادا على وظيفته بحيث انه اخل بشرفهم او احدث الآماً بأبدانهم يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على مائتي جنيه مصري )).

ويتوج قانون الاجراءات الجنائية مسلسل ادانة المساس بسلامة الانسان تعذيبا في المادة (302) التي تقرر اصدار الاعترفات الماخوذة بالتعذيب ، ولا يجوز للقاضي ان يبني حكمه على آي دليل ثبت انه صدر من احد المتهمين او الشهود تحت وطأة الإكراه او التهديد به .

– د. الشافعي محمد بشير، قانون حقوق الانسان ذاتيته ومصادره، حقوق الإنسان، المجلد الثاني، اعداد محمود شريف بسيوني، منشأة المعارف ، الاسكندرية ، 2004، ص 42 .

39- من الدساتير الاجنبية التي كفلت هذا الحق ، الدستور الامريكي لعام 1787 في التعديل الخامس التي تم اقراره عام 1791.

G. Herman Pritchett ، The American constitutional system forth edition ، M .C Grawl Hill company 1967 .p.p 98 -99 and p.119

– ضياء عبد الله عبود جابرالاسدي ، الحق في سلامة الجسم ضمانة من ضمانات المتهم ، دراسة مقارنة ، رسالة ماجستير، كلية القانون ،جامعة بابل ،2002، هامش رقم4، ص 18.

40- اصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذه الاتفاقية بقرارها 2200 اثناء دورة الانعقاد الحادي والعشرين في 16/12/1966 وعدت نافذة ابتداء من 15/7/1967 ، وتضمنت (53) مادة وقد انظم العراق الى هذه الاتفاقية بالقانون رقم 193 لسنة 1970 .

41- د.عبد العزيز محمد سرحان، الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1966 ، ص306.

42- انعقدت الدورة العاشرة للجنة الامم المتحدة لمناهضة التعذيب في الفترة من 19- 30 ابريل /1993 في (جنيف) وقد تدارست الدورة التي افتتح اعمالها مساعد الامين العام لشؤون حقوق الانسان السيد ابراهيم قال. ينظر مجلة حقوق الانسان، المرصد الوطني سنة 1993 رقم 3/جوان / 1993 ص 23.

– ضياء عبد الله الاسدي، الحق في سلامة الجسم، المصدر السابق، ص 15.

43- د. حسام احمد محمد هنداوي ، القانون الدولي العام وحماية الحريات الشخصية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1992، ص 36 ومابعدها.