أثر قيام المسؤولية الجنائية الدولية للفرد

المؤلف : بشرى سلمان حسين العبيدي
الكتاب أو المصدر : الانتهاكات الجنائية الدولية لحقوق الطفل

يترتب على قيام المسؤولية الجنائية الدولية قبل الفرد وجوب معاقبته جزاءاً على ما ارتكبه من انتهاكات جنائية دولية .فالجزاء هو الركيزة الاساسية التي يرتكز عليها القانون –أي قانون سواء دولي أم داخلي– في الزامه وإتصافه بالوضعية كتعبير إصطلاحي عن واقع السريان الفعلي الملزم ،فلا الزام من دون الجزاء .وتعد المساءلة خير رادع للجناة ،ولعل أنجح طريقة للتصدي للسلوك الاجرامي وحماية الابرياء هي بث الخوف في نفوس الجناة من احتمال إكتشاف أمرهم أوفي نفوس الغير ممن تراودهم نفسهم لارتكاب الانتهاكات (1).

وكلما زاد شجب الاعمال الانتقامية زاد الاصرار على ضرورة معاقبة الافراد الذين ينتهكون قواعد القانون الدولي.وقد نصت العديد من المواثيق الدولية على ضرورة بل وجوب المعاقبة 

فعلى سبيل المثال. الاتفاقية الخاصة بتجارة الرقيق الابيض واتفاقية الغاء الرقيق واتفاقية تحريم تجارة المطبوعات المفسدة ومعاهدة فرساي واتفاقية منع إبادة الجنس البشري واتفاقيات جنيف لسنة 1949 كل هذه الاتفاقيات وغيرها تقرر وجوب معاقبة الاشخاص الذين يرتكبون الانتهاكات الجنائية الدولية المنصوص عليها فيها الا أن هذه الاتفاقيات لا تحدد ولا تبين نوع العقوبة وانما فقط تشير الى سلطة اطراف الاتفاقية في المعاقبة وتحديدها .

ويعد الجزاء أستثنائيا في القانون الدولي الا انه تم تسجيل سابقة هامة وذلك في محاكمات نورمبرج وطوكيو(2). أذ يعد أول عقاب دولي خرج الى حيز التنفيذ كجزاء للجرائم الدولية هو عقاب مجرمي الحرب العالمية الثانية الذين قدمهم الحلفاء للمحاكمة عن جرائمهم فيها أمام المحكمتين العسكريتين الدوليتين نورمبرج بالمانيا لمحاكمة مجرمي المحور الاوربي ،وطوكيو لمحاكمة مجرمي الشرق الاوسط(3). فقد بينت المواد (27-29) من نظام العقوبات الوارد في نظام نورمبرج ،العقوبات بصورة عامة ومن دون تحديد .فقد إمتدت سلطات محكمة نورمبرج الى تثبيت العقوبة وهو وضع يدل على تجاوز ما هو عليه الحال في القوانين الجنائية الداخلية بالنظر للصفة التطورية لقانون الشعوب التي تبرر هذا التجاوز بل وتتطلبه .

كما لم يوضع أي شرط يقيد المحكمة في تقدير العقوبة .فلها أن تحكم حتى بعقوبة الاعدام إذ ورد في المادة (27)من النظام “للمحكمة أن تحكم على المتهمين الذين تثبت ادانتهم بالاعدام أو أي عقوبة اخرى ترى أنها عادلة(4).” فليس في هذا النظام تقسيمات للعقوبات ولا نظام معين بتحديدها .فضلا عن أن هذا النظام قد أشار الى إمكانية فرض العقوبات المالية عندما قرر إعادة الاموال المسروقة(5).

وبموجب المادة (37) من نظام نورمبرج تنفذ العقوبات المحكوم بها على الاشخاص الطبيعيين بمعرفة الدولة التي يكون المحكوم عليه تابعاً لها ،أما بالنسبة لعديمي الجنسية فتنفذ العقوبة بحقهم بمعرفة الدولة التي بها محل إقامته(6). بعد ذلك أنشئت المحاكم الجنائية الدولية الخاصة بيوغسلافيا ورواندا ولم ينص في النظام الاساسي لتأسيسهما على عقوبة الاعدام بل كانت أعلى عقوبة هي السجن مدى الحياة(7).”

وترجع في ذلك الى مدد السجن التي كانت سارية في محاكم يوغسلافيا السابقة مع الاخذ بنظر الاعتبار عند تحديد العقوبة من قبل دائرة المحكمة جسامة الجرم والظروف الشخصية للمدان بالاضافة الى ما قد تفرضه الدائرة من اوامر كالتغريم والمصادرة والتعويض (المواد 24 من نظام محكمة يوغسلافيا و23 من نظام محكمة رواندا(8)”. أما نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية فقد جاء بتفاصيل اكثر تنوعاً ودقة للعقوبات التي ممكن ان تفرض على المتهم(9).فالمادة (77)من النظام بينت أنواع العقوبات التي ممكن أن تفرض على المدان بارتكاب جريمة في أطار المادة (5) من النظام وهي تنحصر في عقوبات سالبة للحرية وعقوبات مالية .فالعقوبات السالبة للحرية تتجسد بـ :-
أ-السجن لعدد محدود من السنوات لمدة أقصاها 30 سنة .
ب-السجن المؤبد حيثما تكون هذه العقوبة مبررة بالخطورة البالغة للجريمة وبالظروف الخاصة للشخص المدان .
أما العقوبات المالية فأن للمحكمة أن تفرضها بالاضافة الى فرض إحدى العقوبتين السابقتين. وتتجسد العقوبات المالية بـ:-
أ-فرض غرامة بموجب المعايير المنصوص عليها في القواعد الاجرائية وقواعد الاثبات .
ب-مصادرة العائدات والممتلكات والاصول المتأتية بصورة مباشرة أو غير المباشرة من تلك الجريمة من دون المساس بحقوق الاطراف الثالثة حسنة النية .ومن الاجراءات ذات الطبيعة المالية التي فرضها هذا النظام على المدان هو ما جاءت به المادة (75) منه –وهي مادة وردت في النظام خارج نطاق الباب السابع المخصص للعقوبات –حول “جبر اضرار المجني عليه “.

وهو ياخذ مفهوم التعويض ورد الاعتبار ورد الحقوق وهي في كثير منها ذات طابع مالي .علما ان هناك رأي يذهب الى أن هذا الجبر يأخذ معنى التدبير اكثر مما ياخذ معنى العقوبة لانه لو اراد به النظام أن ياخذ معنى العقوبة لاشار اليه ضمن احكام المادة (77)التي حددت العقوبات(10). ونجد بان هذا الجبر يجب ان يكون بمنزلة العقوبة للمتهم وانصاف للمجنى عليه أذ انه –الجبر –يستقطع من الذمة المالية للمدان بما يسبب له الماً وردعاً.

من جهة اخرى تتجه الكثير من التشريعات الجنائية الداخلية الان الى ارفاق الحكم بالعقوبات بانواعها بحكم يجبر ضرر المجنى عليه بانواع الجبر كافة كرد الحقوق والتعويض ورد الاعتبار واعادة التاهيل والترضية وضمان عدم الانتقام(11). اما الحكم بعقوبة الاعدام التي لم ياتي ذكرها ضمن انواع العقوبات المنصوص عليها في المادة (77) فان ذلك يعود الى الانقسام الكبير الذي اسفرت عنه مناقشة ممثلي الدول في اللجنة التحضيرية للمحكمة الجنائية الدولية في روما عام 1998 فجزء من الدول ترفض رفضاً قاطعاً النص على عقوبة الاعدام استناداً الى ان نظمها الدستورية لا تسمح بتبني هذه العقوبة فضلاً عن ان المعايير الدولية الواردة في اعلانات واتفاقيات حقوق الانسان تناهض النص على هذه العقوبة مشيرين الى ان هذه العقوبة لا يمكن اصلاح الخطأ الناجم عن تطبيقها.

اما الجزء الثاني من الدول فقد كانت تدعو الى النص على هذه العقوبة وتحديداً للجرائم التي تعد الاكثر خطورة مستندين الى ان النظم الدستورية لدولهم تسمح بتطبيق هذه العقوبة وعليه فليس من المعقول ان يحكم مرتكب جريمة قتل لشخص واحد بالاعدام ، في حين لا يعاقب بهذه العقوبة من ارتكب جريمة ابادة جماعية لاعداد كبيرة من الاشخاص. ولحل هذه المشكلة فقد تقرر النص في المادة (80) من النظام على ان “ليس في هذا الباب من النظام الاساسي ما يمنع الدول من توقيع العقوبات المنصوص عليها في قوانينها الوطنية او يحول من دون تطبيق قوانين الدول التي لا تنص على العقوبات المحددة في هذا الباب”.

وبذلك ضمنت الدول التي تنص قوانينها على عقوبة الاعدام الاعتراف بحقها بابقاء هذه العقوبة وبالحكم بها من دون ان يؤدي التطبيق المتواتر للنظام الاساسي مستقبلاً الى تكوين عرف دولي قد يؤدي الى اتهام هذه الدول بان قوانينها الوطنية تخرق مبدأ عدم اعتماد النظام لهذه العقوبة(12).

هذا وفي كل المواثيق ، سواءاً ما ذكرت وجوب المعاقبة وما لم تذكر تفاصيل او انواع العقوبات ام ما ذكرت هذه التفاصيل والانواع ، فانها لم تحدد عقوبة معينة لجريمة معينة بل انها ذكرت العقوبات وانواعها ومقدارها – في بعض منها – دون ان تحدد صورة الجريمة التي تستحق عقوبة معينة على غرار ما ورد في التشريعات الجزائية الداخلية بل ترك امر تحديد نوعية العقوبة للجريمة الى تقدير القاضي بحسب جسامة الجريمة وخطورة الجاني .

وهذا ما نصت عليه المادة (78-1) من النظام الاساسي “تراعي المحكمة عند تقرير العقوبة عوامل مثل خطورة الجريمة والظروف الخاصة لشخص المدان وذلك وفقاً للقواعد الاجرائية وقواعد الاثبات” .

وعن تنفيذ هذه العقوبات خصص الباب العاشر من نظام روما الاساسي لاجراءات التنفيذ. فالمادة (103) منه تحدد دور الدول في تنفيذ احكام السجن. وتقرر الفقرة (1/أ) من هذه المادة ان حكم السجن ينفذ في دولة تعينها المحكمة من قائمة الدول التي تكون قد ابدت استعدادها للمحكمة لقبول الاشخاص المحكوم عليهم. اما المادة (104) فتحدد اليآت تغير دولة التنفيذ المعينة في حين حددت المادة (105) تنفيذ الحكم بالسجن وبالنسبة للاشراف على تنفيذ الحكم واوضاع السجن فقد حددته المادة (106). هذا ما يخص تنفيذ عقوبة السجن(13).

اما تنفيذ تدابير التغريم والمصادرة فقد نصت عليها المادة (109) بان “1-تقوم الدول الاطراف بتنفيذ تدابير التغريم او المصادرة التي تأمر بها المحكمة بموجب الباب (7) وذلك دون المساس بحقوق الاطراف الثالثة الحسنة النية ووفقاً لاجراءات قانونها الوطني.

2- اذا كانت الدولة الطرف غير قادرة على انفاذ امر مصادرة ، كان عليها ان تتخذ تدابير لاسترداد قيمة العائدات او ممتلكات او الاصول التي تأمر المحكمة بمصادرتها ، وذلك من دون المساس بحقوق الاطراف الثالثة الحسنة النية .

3- تحول الى المحكمة الممتلكات او عائدات بيع العقارات او حيثما يكون مناسباً ، عائدات بيع الممتلكات التي تحصل عليها دولة طرف نتيجة لتنفيذها حكماً اصدرته المحكمة”(14). ومن الجدير بالذكر هنا هو “تكريس مبدأ عدم مراعاة سقوط الاحكام الجزائية سواءاً في الدعوى العمومية ام في العقوبات المقضي بها اذ لا عبرة لمرور الزمن او العفو العام او العفو الخاص او اعادة الاعتبار او صفح الفريق المتضرر او تحويل مدة المحكومية او انقاصها فيما خلا الوفاة”(15).

اذ تنص المادة (29) من نظام روما الاساسي على ان “لا تسقط الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة بالتقادم أياً كانت احكامه”. كذلك لا حصانة تمتع بها المتهم مهما كانت صفته(16). وبهذا تنص المادة (27) من نظام روما الاساسي بأن “1- يطبق هذا النظام الاساسي على جميع الاشخاص بصورة متساوية دون أي تمييز بسبب الصفة الرسمية وبوجه خاص . فان الصفة الرسمية للشخص سواء كان رئيساً لدولة او حكومة او عضواً في حكومة او برلمان او ممثلاً منتخباً او موظفاً حكومياً ، لا تعفيه باي حال من الاحوال من المسؤولية الجنائية بموجب هذا النظام الاساسي، كما انها لا تشكل، في حد ذاتها، سبباً لتخفيف العقوبة . 2- لاتحول الحصانات او القواعد لاجرائية الخاصة التي قد ترتبط بالصفة الرسمية للشخص ، سواء كانت في إطار القانون الوطني او الدولي ، دون ممارسة المحكمة إختصاصها على هذا الشخص”.

هذا ومما يجدر بنا ذكره هنا مسألة غاية في الاهمية يجب الانتباه اليها دولياً وبجدية أكثر الا وهي “مسألة الافلات من العقاب بأية صورة من صور الافلات سواء بالاعفاء من العقاب – على الرغم من استحقاق المدان المعاقبة – او بعدم الاهتمام بالمعاقبة أصلاً.

وقد طرحت في بداية التسعينيات مسألة إعفاء مرتكبي إنتهاكات حقوق الانسان من العقاب بعد زوال بعض الانظمة السياسية من أمريكا اللاتينية لاسيما في الارجنتين وشيلي” وتعرضت اللجنة الفرعية لحقوق الانسان لهذا الموضوع لمعارضة منهج الاعفاء من العقاب وأيدتها في ذلك لجنة حقوق الانسان وعندما عقد المؤتمر العالمي لحقوق الانسان في فيينا سنة 1993 إعتمد الاعلان الصادر عن المؤتمر في الفقرة (91) منه والتي جاء فيها بأن المؤتمر ينظر بقلق الى مسألة إعفاء مرتكبي إنتهاكات حقوق الانسان من العقاب ويساند ما تبذله لجنة حقوق الانسان واللجنة الفرعية من جهود لدراسة هذهِ المسألة جميعها.

وتابعت اللجنة الفرعية النظر في هذهِ المسألة وكلفت عضوين من أعضائها لاعداد تقريرين الاول عن الافلات من العقاب فيما يتعلق بمرتكبي أنتهاكات الحقوق المدنية والسياسية والثاني عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وأصدرت القرار رقم 1997/20 في 27/8/1997. ثم نظرت لجنة حقوق الانسان بموضوع الافلات من العقاب وأصدرت القرار رقم 1998/53 في 17/4/1998 الذي يشير في الفقرة العاملة الاولى منه الى أهمية مناهضة الافلات من انتهاكات حقوق الانسان والقانون الدولي الانساني ويطلب من الدول ان تتخذ الاجراءات الضرورية لهذه المسألة. وتعترف الفقرة العاملة الثانية من القرار بأهمية تعويض ضحايا انتهاكات حقوق الانسان وتأهيلهم من آثار الانتهاكات عبر محاكمات عادلة منصفة”(17) .

وتقرر المادة (27) من نظام روما الاساسي ان هذا النظام يطبق على جميع الاشخاص بصورة متساوية من دون أي تمييز بسبب الصفة الرسمية التي لن تعفيه بأي حال من الاحوال من المسؤولية الجنائية بموجب هذا النظام ولا تشكل سبباً لتخفيف العقاب. وعلى الرغم من النصوص التي في هذا الشأن فأنه لابد من تفعيل التطبيق لها وأخذ هذهِ المسألة بجدية والنظر اليها باهتمام دولي إذ لا فائدة من أي نص قانوني مهما كانت درجة رصانته واحاطته بتفاصيل أي انتهاك جنائي دولي وحمايته لحقوق المجنى عليهم اذا لم يتم تطبيقه فعلياً ومعاقبة الجناة على ما أقترفوه(18).

وبهذا نكون قد أنتهينا من فصل المسؤولية الجنائية الدولية وتوصلنا الى أن كل من الدولة والفرد – وهما من أشخاص القانون الدولي– مسؤولين مسؤولية جنائية دولية عن الانتهاكات الجنائية الدولية التي تتسبب بها أفعالهم غير المشروعة وان لكل منهما انواع معينة من الجزاءات تتناسب وطبيعته وتفرض عليه عند ثبوت مسؤوليته وادانته بالانتهاكات وان ضرورة تنفيذ العقاب وعدم السماح بالافلات منه – سواء للدول ام الافراد – مسألة غاية في الاهمية لكي يسود السلام والامن الدوليين بعد ان يُردع الجناة عن سلوكهم الذي يشكل انتهاكات جنائية دولية.
________________
1 -وثيقة الامم المتحدة –الجمعية العامة –A/51/306/Add.1-1996-P-64 وقداكد المؤتمر العالمي لحقوق الانسان الذي عقد في فيينا عام 1993 في اعلانه وبرنامج عمله ما يلي “يعرب المؤتمر العالمي لحقوق الانسان عن جزعه لانتهاكات حقوق الانسان على نطاق واسع لا سيما تلك التي تتخذ شكل الابادة الجماعية و”التطهير العرقي “والاغتصاب المنهجي للنساء في ظروف الحرب مما يؤدي الى نزوح جماعي للاجئين والمشردين واذ يدين المؤتمر العالمي لحقوق الانسان بقوة هذه الممارسات المقيتة فأنه يكرر المطالبة بمعاقبة مرتكبي هذه الجرائم وبوقف هذه الممارسات فوراً .الفقرة 28 من الاعلان –ص7.
2 -ستانيسلاف أ. نهليك –عرض موجز للقانون الدولي الانساني –المجلة الدولية للصليب الاحمر –تموز –آب /1984-ص42 . في حين أن الانتهاكات التي ارتكبتها المانيا تجاه الشعب الفرنسي والبلجيكي خلال الحرب العالمية الاولى والتي اثارت ضغينة العالم ضد الالمان هي التي دفعت الكثيرين للمطالبة بمعاقبة وتحديد المسؤولية الجنائية عن هذه الانتهاكات المعارضة لضمير الانسانية ولقد شكلت في فرنسا لجنة بتاريخ 2/9/1914 مهمتها تسجيل كل حالات إنتهاك المانيا لقواعد القانون الدولي .وهنا اثير لاول مرة أمام الفكر العالمي مسألة “العقوبة “أو بقول أخر أدق مسألة طابع الجزاءات الواجبة التطبيق نتيجة لهذه الانتهاكات .لمزيد من التفاصيل ينظر د.عبد الرحيم صدقي –مصدر سابق –ص14 وما بعدها .كما ونذكر في هذا المجال أن مسألة معاقبة الافراد قد وردت في مشروع الاستاذ “بللا” عن الجرائم التي ترتكبها الدول والافراد حيث حدد أنواع من العقوبات التي من الممكن معاقبة الافراد بها اذا ما إرتكبوا الجرائم الدولية والعقوبات هي “الانذار والغرامة والتوبيخ واللوم وتحديد محل الاقامة مع الوضع تحت الملاحظة وعدم الاهلية لتقلد وظائف دبلوماسية في الخارج مستقبلاً والسجن والنفي أو الابعاد “ينظر في التفاصيل :د. محمد محي الدين عوض –دراسات في القانون الدولي الجنائي– مجلة القانون والاقتصاد–العدد الثاني–1966 ص23 وما بعدها .
3 -د.محمد محي الدين عوض –المصدر السابق –ص12 وما بعدها .
4 -نفس المصدر السابق –ص230.
5 -د. حميد السعدي–مقدمة في دراسة القانون الدولي الجنائي– مطبعة المعارف–بغداد –ط1-1971، ص369.إذ تنص المادة (28)على “للمحكمة الحق فضلا عن العقوبات الاصلية التي تصدر حكمها بها أن تأمر في مواجهة المحكوم عليه بمصادرة كل الاموال المسروقة وتسليمها لمجلس الرقابة في المانيا–د.محمد محي الدين عوض–المصدر السابق–ص230.
6- أصدرت محكمة نورمبرج حكمها في 30 سبتمبر–أول أكتوبر من السنة 1946 وعنها قال “دونديودي فابر “إن أول اكتوبر سنة 1946 تاريخ مشهود في تاريخ الامم لانه صدرت فيه للمرة الاولى عقوبات قضائية على أولئك المسؤولين عن شن الحرب وأثارة الرعب والارهاب وللمرة الاولى أيضاً ووجهوا شخصياً بجنايتهم .وقد أصدرت المحكمة الدولية هذه حكمها بالاعدام شنقاً على 9 من مجرمي الحرب العظام وأصدرت حكمها بالسجن مدى الحياة على 3 وبالسجن 20 سنة على اثنين وبالسجن 15 سنة على واحد وبالسجن عشر سنوات على واحد آخر من مجرمي الحرب العظام.وقد سجن هولاء بسجن سبانداو ببرلين الغربية بالقطاع البريطاني منها.ينظر في مزيد من التفاصيل–نفس المصدر السابق–ص235وما بعدها .
7 -أحمد غازي –المحكمة الجنائية الخاصة بيوغسلافيا السابقة –رسالة مقدمة الى جامعة بابل /كلية القانون لنيل درجة الماجستير في القانون الدولي –1997-الملحق بالرسالة .
8 -طيبة جواد حمد المختار –ضمانات المتهم في مرحلة المحاكمة في القضاء الدولي الجنائي –رسالة مقدمة الى كلية القانون /جامعة بابل لنيل درجة الماجستير في القانون الدولي –2001-ص89.
9 -ينظر في ذلك:-د.عبد الستار الكبيسي–العقوبات دراسة في نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية–مجلة دراسات قانونية–العدد الاول–منشورات بيت الحكمة–ص89 وما بعدها.
10 -د. ضاري خليل محمود و باسيل يوسف –المحكمة الجنائية الدولية هيمنة القانون ام قانون الهيمنة –بيت الحكمة –مطبعة الزمان –2003 –ص149 .
11 -على سبيل المثال القانون الجنائي الكندي الذي اشار الى ان التعويض يمكن ان يتم الامر به كحكم اضافي لتغطية الاضرار التي يتم التثبت منها. وكذلك الاجراءات القانونية الجنائية للانظمة الاساسية في فرنسا وفي المانيا وفي انجلترا يشير القانون الجنائي الى حرية المحكمة في فرض الغرامة والتعويض كذلك القانون الجنائي الهندي اما قانون العقوبات العراقي فقد اشار الى مسالة التعويض في المادة (393-4)الخاصة بجرائم مواقعة الانثى او اللواطة بها وتنص على “اذ كانت المجني عليها بكرا فعلى المحكمة ان تحكم لها بتعويض مناسب “وبنفس المنطوق جاءت المادة (394-3).ولمزيد من الاطلاع والتفاصيل عن هذا الموضوع ينظر :Hand Book on Justice for Victims-Ob.cit-b.48etcوبصائر علي محمد البياتي –حقوق المجني عليه امام المحكمة الجنائية الدولية –رسالة مقدمة الى كلية القانون /جامعة بغداد لنيل درجة الدكتوراه في القانون الجنائي –2002-ص257.وما بعدها كذلك ينظر اعلان مبادئ العدل الاساسية المتعلقة بضحايا الاجرام والتعسف في استعمال السلطة رقم 40 /34 لسنة 1985 ووثيقة الامم المتحدة –الجمعية العامة –مؤتمر الامم المتحدة العاشر لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين
A/CONF.187/8-1999-P.5etc.
12 – د. ضاري خليل محمود وباسيل يوسف – مصدر سابق – ص150.
13 – لمزيد من التفاصيل ينظر: سنان طالب عبد الشهيد – ضمانات سلامة احكام المحكمة الدولية الجنائية – رسالة مقدمة الى كلية القانون / جامعة بابل لنيل درجة الماجستير في القانون العام – 2003 – ص 288 وما بعدها .
14 – لمزيد من التفاصيل ينظر نفس المصدر السابق – ص300 وما بعدها .
15 – فريد الزغبي –الموسوعة الجزائية –ج6-دار صادر –بيروت –1995 ص45 وما بعدها .
16 – على سبيل المثال قضية الجنرال أوغسطو بينوشيه (دكتاتور شيلي) الذي القى عليه القبض في ليلة 16 / 10 / 1998 شرطة مدينة لندن بناءً على امر قضائي اسباني بتهمة ارتكابه جرائم ضد حقوق الانسان – من بين الضحايا أطفال – في شيلي وقد طعن بينوشيه في امر إعتقاله بدعوى انه يتمتع بالحصانة من الاعتقال والتسليم لبلد آخر كونه رئيس دولة سابقاً. ولكن مجلس اللوردات البريطاني وهو أعلى محكمة في بريطانيا رفض مرتين مزاعم الحصانة التي قدمها بينوشيه فقضى في الحكم الاول – الذي الغاه فيما بعد- بان رئيس الدولة السابق يتمتع بالحصانة فيما يتعلق بالافعال التي يقوم بها في اطار ما يؤديه من وظائف باعتباره رئيساً للدولة ولكن الجرائم الدولية مثل التعذيب والجرائم المرتكبة ضد الانسانية ليست من وظائف رئيس الدولة. اما في الحكم الثاني – الذي كان اضيق نطاقاً– فقد افتى مجلس اللوردات بأنه ما دامت بريطانيا وشيلي قد صادقتا على اتفاقية مناهضة التعذيب الصادرة عن الامم المتحدة ، فليس من حق بينوشيه ان يطالب بالحصانة من المحاكمة فيما يتعلق بالتعذيب. ومن ثم حكم أحد القضاة البريطانيين بجواز تسليم بينوشيه الى اسبانيا بناء على إتهامه بأرتكاب التعذيب والتآمر لارتكاب التعذيب. منظمة مراقبة حقوق الانسان – كيف يستطيع ضحايا إنتهاكات حقوق الإنسان ملاحقة مرتكبيها في الخارج – http://www.hrw.org/arabic كذلك قضية حسين حبري ( دكتاتور تشاد السابق ) الذي رفعت القضية ضده في 1/2000 ووجه اليه الاتهام بأرتكاب التعذيب – ومن بين الضحايا أطفال – محكمة سنغالية ووضعته تحت الاقامة الجبرية في منزله – نفس المصدر.
17 – باسيل يوسف –دبلوماسية حقوق الانسان المرجعية القانونية والاليات –بيت الحكمة –مطبعة الزمان –بغداد –2002 – ص 254.
18 – على سبيل المثال حول افلات الجناة من العقاب: – تمكن الدكتاتور بينوشيه – الذي حُكِمَ بتهمة التعذيب والتآمر على التعذيب التي ذكرناها سابقاً – من الافلات من العقاب بدعوى انه لم يعد يتمتع بالاهلية العقلية – حسب ما ادعته الفحوص الطبية – اللازمة لمحاكمته ومن ثم افرج عنه في آذار / 2000 وعاد الى وطنه شيلي. كذلك عيدي أمين دكتاتور أوغندا الذي تؤيه المملكة العربية السعودية وترفض تسليمه بدعوى ان “كرم الضيافة البدوي معناه إنك اذا أستقبلت ضيفاً بالترحاب في خيمتك فالواجب أن لا تطرده منها”. كذلك الرئيس الاوغندي ملتون أوبوتي الذي فرّ الى زامبيا ويقيم أمناً هناك. ايضاً منغستوها يلي ماريام الذي يقيم حالياً في زمبابوي التي رفضت الطلب الذي قدمت اثيوبيا اليها لتسليمه ومحاكمته عن الجرائم والفضائع التي أرتكبها – وكان من بين ضحاياه أطفالاً – خلال فترة حكمه الممتدة من 1974 الى 1991. كذلك سماح الحكومة النمساوية لعزة ابراهيم الدوري – الذي قام بزيارتها في آب/ 1999 لغرض العلاج – مغادرة البلاد والافلات من الدعوى الجنائية التي رفعها ضده أحد أعضاء المجلس المحلي لمدينة فيينا استناداً الى دوره النشط الذي إضطلع به في حملة الابادة الجماعية – والتي كان من بين ضحاياه المئات من الاطفال – التي شنتها حكومة صدام حسين – الذي كان عزة ابراهيم أحد كبار مساعديه – على الاكراد – منظمة مراقبة حقوق الانسان – مصدر سابق – انترنت – كما وكانت المحكمة الدولية المنشأة لمحاكمة جرائم الحرب المرتكبة في يوغسلافيا السابقة قد أدانت ثمانية أشخاص فقط بتهم أغتصاب واعتداء جنسي محددة رغم ان العدد التقديري لضحايا هذهِ الجريمة – التي كان من بين ضحاياها المئات من الاطفال – يبلغ (20) الف ضحية وتؤكد هذهِ النتيجة المحدودة الصعوبات الكامنة في تطبيق الحقوق الانسانية الدولية والقانون الانساني الدولي على الاغتصاب. – كراسيا ماشيل – تقرير حقوق الاطفال وحمايتها – أثر النزاع المسلح على الاطفال – الجمعية العامة – A/51/306-1996– ص29. كذلك عندما تم ألقاء القبض على أحد السواح الالمان في منطقة (كيرالا) في تايلند بالجرم المشهود عن جريمة أستغلال أطفال جنسياً ، أستطاع ان يرشي السلطات ويفلت من العقاب . Child Prostitution The Ultimate Abuse – http: //www.hsph.harvard.edu/Organization.. كما أورد دليل معطى الى اللجنة الملكية في نيوساوث ويلز حول فساد رجال الشرطة وهو يشير الى هرب وتملص مشتهي الاطفال جنسياً من العقاب.
Morri Yong – Seeking A National Approach to Child Protection – IMPACT- News Monthly of the Australian Council of Social Service – May 1996- P.13 .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت