المفهوم القانوني للأمن البيئي

د. عبدالناصر هياجنه

لم يعد الأمنُ مفهوماً قاصراً على متطلباتالسلامة والحماية بمفهومها التقليدي الذي يعني شعور الإنسان بالطمأنينة والسكينةوعدم الخوف من الإيذاء أو الألم، بل أصبح للأمن أبعاداً غير تقليدية من ضمنها الأمنالبيئي، والذي يُقصد به أن يعيش الإنسان في بيئةٍ لا تؤثر سلباً على صحته وقدرتهعلى التمتع بالحياة ومباهجها.
فإذا كان تمتع الإنسان بالحق في الحياة أمراً مسلماًبه، فإن حقه في التمتع بحياةٍ لائقةٍ تسمح له بالتطور والاستفادة مما توفره لهالطبيعة – من إمكانات وفرص- أصبح أمراً يحتل مكانةً بارزة في الفكر القانونيوالإنساني الحديث.
فالأمن البيئي يشعر الإنسان بالطمأنينة على البيئة التي يعيشفيها وعلى مواردها في الحاضر والمستقبل·

إن حماية البيئة لم تعد ترفاً فكريا أونمطاً دعائياً وإنما تعتبر أولوية قصوى يجب أن تحتل مكانها في صدارة اهتماماتالدولة -مؤسساتٍ وأفراد- وإن رفع مستوى الوعي البيئي والمحافظة على البيئة بعناصرهاالمختلفة ينبغي أن يكون ثقافةً وسلوكاً لدى الأفراد والمؤسسات، إذ ليس معقولاً أنُنفسد الأرض التي فيها نعيش دون الأخذ على محمل الجد الأخطار التي تهدد سلامة الأرضوتعرّض للخطر حقوق الأجيال القادمة في العيش الكريم الآمن.

ولعل حلقات الوعي البيئيتتكامل عناصرها بالتربية البيئية وتشجيع التقنيات الرفيقة بالبيئة وتفعيل التشريعاتالبيئية القائمة وتطويرها لمواجهة المشكلات البيئة القائمة و مواكبة المستحدث منها، فهذه الحلقاتُ مجتمعةً من شأنها أن تقود للمحافظة على عناصر البيئة ورفع سويتهاوالتقليل من استنزافها.

ولا يخفى ما للبيئة من قيم جمالية تعطي للحياة رونقاًوروحاً تساهم في تحسين الوضع النفسي للأفراد بعيداً عن ضغوط الحياة ومشكلاتها. وتقعالمسؤولية الكبرى في نشر الوعي البيئي على الأسرة – نواة المجتمع- والمؤسساتالتربوية والدينية ثم وزارة البيئة ومؤسسات المجتمع المدني المهتمة في الشأن البيئيمن جمعيات ونواد ٍ وجامعات ومراكز شبابية نظراً لما للشباب من دورٍ حيوي في هذاالمجال، وربما يكون الوقت مناسباً لتعزيز فكرة العمل التطوعي من أجل البيئة من خلالحملات النظافة وزراعة الأشجار والتعاون في فرز وتدوير النفايات القابلة لذلك. وأنيصاحب ذلك حوافزُ بيئيةٍ تشجيعيةٍ يقرّها القانون وتنفذها المؤسسات. وختاماً لهذهالومضة، لا بد من التأكيد على أن الفعل في مجال حماية البيئة والمحافظة عليها هوالفيصل في الحكم على صدق التوجه الإنساني لحل المشكلات، حتى لا تبقي المعالجة مجردمقاربات نظرية وأقوال لا تصّدقها الأفعال.