مسؤولية وسيط الشبكة في قانون المعاملات الالكترونية العماني

مسؤولية وسيط الشبكة في قانون المعاملات الالكترونية العماني

إن ما ينشر على شبكة الانترنت يمكن أن يرتب مسؤولية على بعض الأفراد إذا كان مضرا بالغير ، ومن البديهي اعتبار الناشر المسئول الأول والمباشر عن هذا الضرر ، إلا إن هذه المسؤولية قد تكون غير ذي فائدة على الانترنت ، فقد يستفيد الناشر من إمكانية كتمان هويته ، أو من استحالة معرفته أو من عدم ملاءته ، وانطلاقا من هذه المصاعب التي تقف حائلا دون تمكين المتضرر من وضع حد للضرر اللاحق به ومن الحصول على التعويض المناسب لأهمية هذا الضرر، اتجه المتقاضون والاجتهاد نحو وسطاء الشبكة الذين يلعبون دورا أساسيا في نشر هذه المضامين المضرة على شبكة الانترنت ، إن أنظمة المسؤولية لا تبدو سهلة التطبيق على الانترنت ، هذه الصعوبة تعود إلى غياب الحدود الجغرافية بين مزودي الخدمات ( الوسطاء ) الذين يمكن إن يتدخلوا في العملية الواحدة ، والى تعدد المستخدمين غير الخاضعين لأية رقابة ، من البديهي أن يبدأ الاجتهاد في المرحلة الأولى بوضع الأسس لهذه المسؤولية نتيجة تقدير النزاعات الناشئة عن استعمال الانترنت ، قبل صدور قوانين في هذا المجال ، إلى أن تدخل المشرع في كل من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية لإيجاد توفق بين القواعد العملية والقاعدة الثانوية .
إن أول من حمًٍَََِل وسطاء الشبة مسؤولية عن الضرر الناجم عن المخالفات التي تحصل عبر شبكتهم هو المشرع الألماني بصدور القانون المتعلق بالخدمات عن بعد (Teledienstgesetz ) عام 1997 م ، ومن بعده المشرع الأمريكي عام 1998 م ، ثم صدر الإرشاد الأوروبي حول التجارة الالكترونية بتاريخ 8 حزيران 2000 م .

كرست القوانين الصادرة في هذا المجال مبدأ إعفاء وسطاء الشبكة من تحمل المسؤولية عن غيرهم إلا في بعض الحالات المحددة حصرا ، فشكلت المعرفة أو العلم بالمعلومات والمضامين المضرة على الشبكة ، وعدم التحرك لوضع حد لهذا الضرر ، حجر الزاوية لاعتبار وسيط الشبكة مسئولا عن الضرر الناجم عن ذلك .

جاء قانون المعاملات الالكترونية العماني مقررا نفس الاتجاه من انتفاء مسؤولية وسيط الشبكة من المضمون الغير مشروع وذلك بشرط أن لا يكون الوسيط هو مصدر هذه المعلومات وعدم علمه بذلك المضمون والذي وصفه القانون ب ” الوقائع أو الملابسات التي من شأنها أن تؤدي لقيام المسؤولية المدنية والجزائية ” وعدم اتخاذه ما يلزم لازالته بعد علمه بذلك المضمون .
جاء ذلك في الفقرتين (1) و (2) من المادة (14) الفصل الثالث ، كما جاء المشرع العماني مؤكدا في الفقرة (3) من نفس المادة بان ما ذكر سلفا من تنظيم لا يضع أي التزام قانوني على عاتق وسيط الشبكة يفرض عليه القيام بالمراقبة على المعلومات الواردة على شكل سجلات الكترونية تخص الغير ، وكان دوره لا يتعدى توفير إمكانية الدخول على هذه السجلات .
الفقرة الرابعة من نفس المادة أتت تبين الحالات التي تخرج من نطاق الإعفاء من المسؤولية لوسيط الشبكة والتي أقرتها الفقرات السابقة ، لتحدد على سبيل الحصر حالات قيام مسؤولية وسيط الشبكة وهي كما جاءت في الفقرة (4) من المادة (14) :-
أ – الالتزامات التعاقدية والتي يتحمل بموجب الإخلال بها من قبيل وسيط الشبكة كامل المسؤولية ، وتكون مسؤولية عقدية طبقا للقواعد العامة .
ب – الالتزامات التي يفرضها أي تشريع بشأن تقديم خدمات الاتصالات ، حيث يسأل مثلا وسيط الشبكة في حالة ما خالف أي تنظيم أقره قانون تنظيم الاتصالات العماني رقم (30/2002) وتعديلاته ، وتقوم مسؤوليته عن تلك المخالفة .
ج – الالتزامات التي يفرضها أي تشريع آخر ، أو حكم قضائي واجب النفاذ بشأن تقييد أو منع أو إزالة أية معلومات واردة في شكل سجلات الكترونية أو الحيلولة دون الدخول عليها ، فقد يصدر حكم قضائي يلزم بمنع أو حجب أو تقييد معلومات معينة من النشر والتداول ، في هذه الحالة وإذا لم يقم الوسيط باتخاذ كافة السبل لتنفيذ الحكم وإزالة أو حجب أو تقييد تلك المعلومات فإن مسؤوليته تقوم ويحاسب على هذا التصرف ، كما أن هناك بعضا من المفاهيم والموضوعات ممنوعة لمخالفتها النظام العام والآداب وعليه لو قام وسيط الشبكة بتمريرها وبثها ونشرها فان مسؤوليته تقوم ويتم مساءلته عن هذه المخالفة .
في الفقرة الخامسة والأخيرة من المادة نفسها (14) أورد المشرع العماني أحكام تعريفية لمفهوم توفير إمكانية الدخول على أية معلومات تخص الغير ، والمقصود بالغير في أحكام هذه المادة .
1- توفير إمكانية الدخول :- معناها إتاحة الوسائل الفنية التي تمكن من الدخول على معلومات واردة في شكل سجلات الكترونية تخص الغير ، أو بثها ، أو مجرد زيادة فاعلية البث ، ويشمل ذلك الحفظ التلقائي أو المرحلي أو المؤقت لهذه المعلومات بغرض إمكانية الدخول عليها .
2- الغير :- أي شخص ليس لوسيط الشبكة سيطرة فعلية عليه .