مدى حق التاجر في استخدام اسمه الخاص أو لقبه تجارياً – القانون المصري

الطعن 121 لسنة 25 ق جلسة 10 / 12 / 1959 مكتب فني 10 ج 3 ق 115 ص 763 جلسة 10 من ديسمبر سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت، وعبد السلام بلبع المستشارين.
————-
(115)
الطعن رقم 121 لسنة 25 القضائية

(أ) اسم تجاري. محكمة الموضوع. حكم “عيوب التدليل”. “القصور”. “فساد الاستدلال”. “ما لا يعد كذلك”. “بطلان الإسناد”. حكم “رقابة محكمة النقض” “تحصيل فهم الواقع”. نقض “أسباب الطعن” “أسباب موضوعية “.
تحري محكمة الموضوع الواقع في شأن اللفظ المتنازع على استعماله كاسم تجاري واستخلاصها من الأدلة المقدمة لها بعد وزنها لها وترجيح بعضها على بعض أنه لقب اشتهر به والد الطرفين تلقوه وحملوه عنه واشتهروا به بأسباب سائغة من مصادر لا تناقض شيئاً مما أوردته بشأنها تنحسر به رقابة محكمة النقض عليها في تحصيل هذا الواقع. على غير أساس ما رمى به الحكم من قصور وفساد استدلال وبطلان إسناد.
(ب) علامات تجارية “ما يصح اعتباره كذلك وشرطه”. “الاسم الخاص”.
مفهوم نص الم 1 ق 57/ 39 إباحة الشارع للتاجر أو الصانع اتخاذ اسمه الخاص علامة لتمييز منتجاته بشرط أن يتخذ في كتابته شكلاً مميزاً.
“الكلمة”.
إباحة اتخاذ كلمة علامة مشروط بأن تكون الكلمة المطلقة متضمنة تسمية مميزة أو مبتكرة.
(جـ) علامات تجارية. اسم تجاري “شطبه”.
لا خطأ في رفض المحكمة طلب شطب لفظ من السجل التجاري إذا كانت قد أقامت قضاءها على أنه اسم تجاري وليس بعلامة تجارية.
(د) اسم “الاسم التجاري”. “الاسم المدني”.
اتخاذ الاسم الشخصي واللقب:
حق كل تاجر في اتخاذه اسماً تجارياً له لتمييز محله عن غيره.
التجريد منه:
كون مستمداً من اسمه المدني لا يتأدى معه تجريده منه لمجرد التشابه بينه وبين أسماء آخرين. هناك وسائل لدرء الخلط أو اللبس أو المنافسة غير المشروعة.
(هـ، و) مسئولية “المسئولية التقصيرية” “عناصرها” “الخطأ”. حكم “عيوب التدليل” “التناقض” “ما لا يعد كذلك”.
عدم قيام المسئولية في حالة نفي الخطأ. مثال.

—————-
1 – إذا كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه مقام من حيث الواقع على أن الطاعن لم يستعمل لفظ “الشبراويشي” كعلامة تجارية وإنما استعمله اسماً تجارياً له – كما استعمله المطعون عليهما الأول والثاني اسماً تجارياً لهما بدعوى أنه لقب اشتهرا به كما اشتهر به والدهما من قبل، وكان مما يقتضيه الفصل في النزاع القائم بين الطرفين تحري الواقع في شأن هذا اللفظ، فإن محكمة الموضوع وقد خلصت من بحث الدلائل والمستندات المقدمة لها في هذا الصدد وموازنة بعضها بالبعض الآخر إلى أنه لقب اشتهر به والد الطرفين وكان ملتصقاً به من وقت طويل سابق على اتخاذ الطاعن لحرفة صناعة وتجارة العطور وأن المطعون عليهما الأول والثاني وأخاهما (الطاعن) كانوا جميعاً يحملون هذا اللقب وقد تلقوه عن والدهم واشتهروا به طوال حياتهم ولم يكن حمل المطعون عليه الأول له مبتدئاً من تاريخ إضافته إلى اسمه في شهادة ميلاده، وكان يبين من مراجعة ما أوردته محكمة الموضوع في حكمها تفصيلاً لمصادر هذا التحصيل أن ما أثبتته مسنداً إليها لا يناقض شيئاً مما ورد به، وكان ما استخلصته منها سائغاً، فإنه بهذا وذاك تنحسر رقابة محكمة النقض على محكمة الموضوع في تحصيلها للواقع المتقدم بيانه، ويكون على غير أساس ما رمى به حكمها في هذا الخصوص من القصور وفساد الاستدلال وبطلان الإسناد.
2 – تنص المادة الأولى من القانون رقم 57 لسنة 1939 على أنه “فيما يتعلق بتطبيق هذا القانون تعتبر علامات تجارية الأسماء المتخذة شكلاً مميزاً والإمضاءات والكلمات…” ومفهوم هذا النص أن الشارع أباح للتاجر أو الصانع أن يتخذ من اسمه الخاص علامة لتمييز منتجاته وفي هذه الحالة يشترط أن يتخذ هذا الاسم في كتابته شكلاً مميزاً – كما أباح له أيضاً إذا لم يرد اتخاذ اسمه علامة – أن يتخذ من أية كلمة من الكلمات علامة – ولأن الكلمة شيء غير الاسم الشخصي – اقتضى الحال أن تكون الكلمة المطلقة كعلامة تجارية متضمنة تسمية مميزة أو مبتكرة – ويتضح من ذلك أن الشارع في تعداده لما يصح اعتباره علامة تجارية ذكر الأسماء والكلمات مما يفيد أن اسم التاجر المتخذ علامة تجارية ليس في مفهوم النص مجرد كلمة من الكلمات بحيث يستغني عن شرط اتخاذه في كتابته شكلاً مميزاً، وإذن لا يكون بالحكم المطعون فيه قصور ولا خطأ في القانون إذا لم يعتد بما أثاره الطاعن أما محكمة الموضوع من أن لفظ “الشبراويشي” هو محض كلمة ويصح لذلك أن تكون بمجردها ودون أن تتخذ في كتابتها شكلاً مميزاً علامة تجارية.
3 – لا يكون الحكم قد أخطأ في القانون إذا لم يستجب لما طلبه الطاعن من شطب اسم “الشبراويشي” من صحيفة القيد الخاصة بالمطعون عليه الأول بإدارة السجل التجاري إذا كان قد أقام قضاءه على أن هذا اللفظ ليس بعلامة تجارية وأنه اسم تجاري مشتق من لقب الأسرة التي ينتمي إليها الطاعن والمطعون عليهما الأول والثاني.
4 – الأصل أن لكل تاجر أن يتخذ من اسمه الشخصي “ويدخل في ذلك اللقب” اسماً تجارياً لتمييز محله التجاري عن نظائره، ومن ثم فلا يتأدى تجريد شخص من اسمه التجاري المستمد من اسمه المدني لمجرد التشابه بينه وبين أسماء الآخرين على أن القضاء لا يعدم من الوسائل ما يدرأ به ما عساه يقع من خلط أو لبس أو منافسة غير مشروعة نتيجة لتشابه الأسماء.
5 – إذا كانت محكمة الموضوع إذ قررت أن المطعون عليهما الأول والثاني كانا على حق في استعمال لقب “الشبراويشي” وأن أولهما سعى لمنع خلط اللبس بإضافة اسمه الخاص قبل اللقب المذكور – وأن سعيه هذا كان على قدر إدراكه – فإنها تكون قد نفت عن المطعون عليهما الخطأ بجميع صوره سواء كان هذا الخطأ خروجاً على الحق أو تعسفاً في استعماله – بما يمتنع معه المساءلة بالتعويض.
6 – لا تناقض بين رفض محكمة الموضوع طلب التعويض وفرضها على المطعون عليهما في الوقت نفسه قيوداً في شأن استعمال اللقب إذا كان لا يستشف من تلك القيود أنها قد أنست منهما خطأ فأرادتهما على تداركه وكان واقع الأمر أنها ما فرضت تلك القيود إلا رغبة منها في “زيادة الحيطة” كما عبرت بذلك صراحة في أسباب حكمها.

المحكمة
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أنه بتواريخ 16 و18 و20 من يونيه سنة 1951 أقام الطاعن الدعوى رقم 1310 لسنة 1951 كلي مصر بمحكمة القاهرة الابتدائية على المطعون عليه وذكر بياناً لها أنه هو والمطعون عليهما الأول والثاني أبناء المرحوم الحاج محمد عبد الله الفقي من بلدة شبراويش مركز أجا دقهلية – وبميلاد كل منهم أطلق عليه اسمه الذي دون في دفاتر المواليد منتهياً بلفظ الفقي الذي كان ينتهي به أيضاً اسم أبيهم والذي كان يعمل مطوفاً بمكة – وفي سنة 1927 بدأ الطاعن احتراف صناعة إنتاج العطور واتخذ من كلمة “الشبراويشي” علامة تجارية يميز بها صناعته وإنتاجه عن غيرها – وسجلها – كعلامة تجارية – في 14 فبراير سنة 1933 بمحكمة الاستئناف المختلطة بالإسكندرية كما سجلها في 21/ 10/ 1940 بإدارة العلامات التجارية بمصلحة التشريع التجاري والملكية الصناعية بوزارة التجارة في أعقاب صدور القانون 57 لسنة 1939 الخاص بالعلامات والبيانات التجارية وجدد تسجيلها لمدة عشرة سنوات أخرى من 21/ 10/ 1950، كما أنه حين قيد اسمه في السجل التجاري في سنة 1953 اتخذ كلمة الشبراويشي ضمن اسمه التجاري – وألحق أخويه (المطعون عليهما الأول والثاني) بالعمل لديه إلى أن عن لهما أن ينفصلا عنه وأن يعملا في صناعة وتجارة مماثلة متخذين من السطو على علامة الشبراويشي التي أنشأها هو علامة لهما، وقد عمد أولهما إلى التمهيد لذلك بإضافة لفظ الشبراويشي إلى شهادة ميلاده في يناير سنة 1951 ثم ترك العمل لدى الطاعن في مارس سنة 1951، وافتتح في نفس المبنى الذي أنشأ فيه الطاعن تجارته محلاً لبيع الروائح العطرية واستعمل كلمة الشبراويشي عنواناً لمحله، ثم كون مع الثاني شركة الغرض منها إنتاج وتجارة العطور وأدوات التجميل مقلدين بضاعته واضعين عليها اسم الشبراويشي – وطلب الطاعن بدعواه شطب قيد اسم الشبراويشي من صحيفة قيد اسم حسن محمد عبد الله الفقي وإلغاء إجراءات التسجيل بالسجل التجاري الجاري إتمامها بمعرفة المطعون عليه الثاني – مع احتفاظه بكافة التعويضات التي تترتب على استعمالهما هذا الاسم وإلزام المطعون عليه الثالث بإجراء الشطب طبقاً لمنطوق الحكم مع إلزام الأول بتعويض مؤقت قدره جنيه واحد وإلزام الأول والثاني بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، ثم عدل طلباته إلى المطالبة أيضاً بمبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض ثم أضاف بعد ذلك إلى طلباته الحكم بغرامة تهديدية قدرها مائة جنيه عن كل يوم من أيام التأخير في تنفيذ الحكم، وبتاريخ 18 يونيه سنة 1953 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية. أولاً – بإلزام المطعون عليهما الأولين بأن يضيفا عبارة “الفقي سابقاً” بعد العبارة الدالة على أن منتجات الروائح العطرية وأدوات التجميل ومستحضراتها من إنتاج حسن الشبراويشي أو حسن الشبراويشي وأخيه على كافة ما ينتجانه أو ما يعرضانه للبيع من هذه المنتجات وعلى كافة الأوراق والإعلانات واللافتات والمحال الخاصة بهذه الصناعة وبتلك التجارة إلى غير ذلك مما يستعمل فيها وما يستعان به في القيام بها على أن تكون هذه الإضافة ببنط أكبر من بنط عبارة حسن الشبراويشي أو حسن الشبراويشي وأخيه وبطريقة واضحة وجلية في لونها وشكلها حتى تكمل باقي هذين الاسمين التجاريين مع إلزامهما بدفع غرامة تهديدية قدرها خمسون جنيهاً عن كل يوم من أيام التأخير في تنفيذ الحكم بعد مضي عشرين يوماً من تاريخ النطق بالحكم. ثانياً – بإلزام مكتب السجل التجاري بالقاهرة – “المطعون عليه الثالث” – بإجراء هذه الإضافة في القيدين رقم 76255 في 19/ 3/ 1951 ورقم 77161 في 17/ 6/ 1951 والأول خاص “بالمطعون عليه الأول” والثاني خاص “بالمطعون عليهما الأول والثاني” معاً والحاصلين في السجل التجاري وفي كافة ما يتطلب قيده منها في غيرها من الأوراق وبالسجلات. ثالثاً – بإلزام المطعون عليه الأول بأن يدفع مبلغ 200 جنيه لجمعية الإسعاف بالقاهرة لحساب الطاعن وتبرعاً منه. رابعاً – ينشر هذا الحكم في جرائد الأهرام والزمان والايجبشيان جازيت والبورص إجيبشين. خامساً – إلزام المطعون عليهما الأول والثاني بالمصروفات وبمبلغ 10 جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. سادساً – برفض ما عدا ذلك من الطلبات، وبتاريخ 18 و21 يوليه سنة 1953 استأنف المطعون عليهما الأول والثاني هذا الحكم إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 378 سنة 70 ق تجاري وطلبا قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع ببطلان الحكم المستأنف وبإلغائه والحكم برفض دعوى المستأنف ضده الأول (الطاعن) وإلزامه بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين، كما استأنف الطاعن هذا الحكم أيضاً في 7 و8 أغسطس سنة 1953 إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 441 لسنة 70 ق تجاري وطلب الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع. أولاً – بشطب قيد اسم “الشبراويشي” من صحيفة قيد (حسن محمد عبد الله الفقي) وبإلغاء إجراءات التسجيل بالسجل التجاري الجاري إتمامها بمعرفة المطعون عليه الثاني مع إلزامهما بدفع غرامة تهديدية مقدارها مائة جنيه عن كل يوم من أيام التأخير. ثانياً – بإلزام المطعون عليهما الأول والثاني بأن يدفعا له مبلغ 1000 جنيه على سبيل التعويض يقرر بتبرعه بعد القضاء له به لجمعية الإسعاف بالقاهرة مع تأييد الحكم المستأنف في سائر ما قضى به على المطعون عليهما المذكورين، وبتاريخ 23/ 2/ 1954 قررت محكمة استئناف القاهرة ضم الاستئنافين معاً ليصدر فيهما حكم واحد – وفي 30 ديسمبر سنة 1954 قضت في موضوع الاستئناف رقم 378 لسنة 70 ق تجاري – أولاً – بتعديل الحكم المستأنف وإلزام كل من المستأنفين (حسن وحسين الشبراويشي) أن يكتب اسمه قبل لقب الشبراويشي وببنط أكبر من البنط الذي يكتب به هذا اللقب مع إضافة عبارة “تأسس سنة 1951” بنفس البنط الذي يكتب به اللقب على منتجات الروائح العطرية وأدوات التجميل وجميع المستحضرات التي ينتجانها أو يعرضانها للبيع وعلى كافة الأوراق والإعلانات واللافتات والأعمال الخاصة بهذه الصناعة – وفي حالة كتابة الاسم والنوع باللغة الأجنبية يكتب الاسم كاملاً دون الاقتصار على الحرف الأول من الاسم، مع إلزامهما بدفع غرامة قدرها عشرة جنيهات عن كل يوم من أيام التأخير في تنفيذ هذا الحكم بعد مضي شهر من تاريخ النطق به – ثانياً – بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام المستأنفين (حسن وحسين الشبراويشي) بأن يدفعا مبلغ 200 قرش بصفة تعويض للمستأنف عليه (الطاعن) وبرفض دعوى هذا الأخير بالنسبة لهذا الشق (التعويض). ثالثاً – بإلزام المستأنفين (حسن وحسين الشبراويشي) بأن يدفعا نصف مصروفات الدرجتين مع إلزام المستأنف عليه الأخير (الطاعن) بالنصف الآخر – وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة. رابعاً – بتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك – وفي موضوع الاستئناف رقم 441 لسنة 70 ق تجاري المرفوع من حمزة الشبراويشي (الطاعن) برفضه وبإلزام رافعه بالمصروفات ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة للمستأنف عليهما (المطعون عليهما الأول والثاني)، وبتاريخ 22 مارس سنة 1955 قرر الطاعن الطعن بالنقض في هذا الحكم، وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها رفض الطعن، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 14 يونيه سنة 1959 وفيها صممت النيابة العامة على الرأي المبدى بمذكرتها، وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 26 من نوفمبر سنة 1959 وفيها صممت النيابة على رأيها سالف الذكر.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه قصور التسبيب والخطأ في القانون، وفي بيان ذلك ذكر أنه أبدى لمحكمة الموضوع أنه قد اتخذ من كلمة الشبراويشي علامة تجارية، وأنه قد تملك هذه العلامة بتسجيلها وداوم على استعمالها فأصبح ممتنعاً على الكافة أن ينازعوه فيها – وحق له اللجوء للقضاء لحمايتها وحمايته أيضاً من السطو عليها ومنافسته في ذلك منافسة غير مشروعة، واستند في ذلك إلى أن عبارة المادة الأولى من القانون 57 لسنة 1939 الخاص بالعلامات والبيانات التجارية تتسع للقول بأن العلامة التجارية كما يجوز أن تكون اسماً متخذاً شكلاً مميزاً فإنه يجوز أيضاً أن تكون “كلمة” ولفظ الشبراويشي لا يعدو أن يكون كلمة فجاز لذلك أن يتخذه “علامة تجارية” وقد أقرته إدارة تسجيل العلامات التجارية على نظره في هذا الخصوص فقبلت في سنة 1940 تسجيل هذا اللفظ – بوصف أنه “علامة تجارية” – وقد كان لهذه الإدارة أن تمتنع عن هذا التسجيل استناداً إلى المادة 9 من القانون المشار إليه آنفاً لو أنها خالفت طالب التسجيل في جواز اعتبار اللفظ المذكور صالحاً لأن يكون علامة تجارية – كما أن هذه الإدارة لم تبد اعتراضاً ما حينما تقدم إليها في سنة 1950 يطلب تجديد تسجيل تلك العلامة، ولما كان التسجيل قد تم على النحو الآنف ذكره وكان الطالب قد داوم على استعمال العلامة المذكورة فقد ثبتت له ملكيتها طبقاً لصريح نص المادة 3 من القانون السالف الإشارة إليه – كما أصبح له أن يدفع منازعة الغير له في ذلك باستعماله لتلك العلامة على وجه الاستمرار – طبقاً لذات النص ولكن الحكم المطعون فيه أخذ في الخصوص المتقدم بنظر حاصله أن “لفظ الشبراويشي” ليس بعلامة تجارية – ولم يستعمله الطاعن إلا باعتباره اسماً تجارياً وهو باعتباره اسماً لا يصح اعتباره علامة تجارية إلا إذا كان متخذاً شكلاً مميزاً في كتابته وهو ما لم يتوافر في الدعوى – ولا عبرة بقبول إدارة التسجيل تسجيل هذا اللفظ كعلامة تجارية، وعلى هذا الأساس رفضت طلب شطب اسم المطعون عليهما الأول والثاني مقررة أنه ليس للطاعن إلا أن يطلب تطبيق القيود والقواعد المتفق عليها لحماية الاسم التجاري – وهذا التأسيس من شأنه أن يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور وبالخطأ في القانون، إذ يبين منه أن ذلك الحكم لم يفصح أيما إفصاح عن العلة في اطراحه لما تمسك به الطاعن – من أن لفظ “الشبراويشي” هو كلمة من الكلمات المصرح في نص المادة الأولى من القانون 57 لسنة 1939 بصلاحيتها لتكون علامة تجارية – وفي هذه الحالة ليس ثمت ما يدعو لأن تتميز تلك الكلمة في كتابتها بشكل مميز ينقلها من اتصافها بأنها “اسم تجاري” إلى وصف “العلامة التجارية” – وفي ذلك قصور عن مواجهته دعوى الطاعن وخطأ في القانون – بدا في مخالفة مفهوم المادة الأولى من القانون 57 سنة 1939 وفيما هو مقرر فقهاً وقضاء من أن العلامة التجارية قد تتمخض اسماً أو تعبيراً أو كلمة مستعارة من اسم مدينة أو شخصية تاريخية وما شاكل ذلك من أسماء يبدعها التصوير والخيال – كذلك كان الحكم المطعون فيه مشوباً بذات الشوائب إذ اعتبر أن جزاء الشطب قاصر على العلامات التجارية دون الأسماء التجارية والحال أن جزاء الشطب سائغ ومندوب إليه قانوناً في مجال الأسماء والألقاب في حدود وعلى قدر النشاط التجاري والصناعي الذي تجري فيه المنافسة غير المشروعة.
وحيث إن محصل ما ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه في السبب الثالث بطلانه لقصور أسبابه وبطلان إسناده وفساد استدلاله، ذلك أن الطاعن ذكر لمحكمة الموضوع أن شهادة ميلاد كل من المطعون عليهما الأول والثاني قد خلت من اسم الشبراويشي وإن هذا الاسم لم يضف إلى بيانات شهادة الميلاد الخاصة بالمطعون عليه الأول لقباً له إلا في يناير سنة 1951 – أي قبل تركه العمل لدى الطاعن بشهرين وعن طريق استصدار أمر قضائي في ذلك التاريخ – وأن والد أطراف الدعوى لم يعرف باسم الشبراويشي إلا في بلاد الحجاز حيث كان يمارس مهنته كمطوف – منسوباً – إلى بلدته الأصلية بالديار المصرية – وقد أيد الطاعن ما أدلى به في هذا الخصوص بالمستندات المقدمة منه لتلك المحكمة – ولكنها أطرحت ما ورد بها مقررة أن ما استند إليه الطاعن من ذلك لا أساس له من الواقع وأن هذا الاسم هو لقب أصيل لأسرة الطاعن والمطعون عليهما (الأول والثاني) وأنهما اكتسباه بالميلاد – وما حصلته محكمة الموضوع يناهض مستندات الدعوى والبيانات – المقدمة فيها.
وحيث إن النعي بما ورد في هذين السببين مردود أولاً بأنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه مقام من حيث الواقع على أن الطاعن لم يستعمل لفظ “الشبراويشي” كعلامة تجارية وإنما استعمله المطعون عليهما الأول والثاني اسماً تجارياً لهما بدعوى أنه لقب اشتهرا به كما اشتهر به والدهما من قبل – ولما كان مما يقتضيه الفصل في النزاع القائم بين الطرفين تحري الواقع في شأن هذا اللفظ – فإن محكمة الموضوع قد خلصت من بحث الدلائل والمستندات المقدمة لها في هذا الصدد وموازنة بعضها بالبعض الآخر إلى أنه لقب اشتهر به والد الطرفين ولم يكن اشتهاره به لمناسبة مباشرته مهنته كمطوف في بلاد الحجاز – بل أنه كان ملتصقاً به وهو في الديار المصرية – قبل نزوحه إلى الحجاز – ومن وقت طويل سابق على اتخاذ الطاعن لحرفة صناعة وتجارة العطور، وأن المطعون عليهما الأول والثاني وأخاهما (الطاعن) كانوا جميعاً يحملون هذا اللقب وقد تلقوه عن والدهم واشتهروا به طوال حياتهم – ولم يكن حمل المطعون عليه الأول له مبتدئاً فحسب من تاريخ إضافته في سنة 1951 إلى اسمه في شهادة ميلاده – وقد أوردت محكمة الموضوع في حكمها تفصيلاً لمصادر هذا التحصيل – ويبين من مراجعتها أن ما أثبته مسنداً إليها لا يناقض شيئاً مما ورد بها كما أن ما استخلصته منها كان سائغاً، وبهذا وذاك تنحسر رقابة هذه المحكمة على محكمة الموضوع في تحصيلها للواقع المتقدم بيانه ويكون على غير أساس ما رمى به حكمها في هذا الخصوص من القصور وفساد الاستدلال وبطلان الإسناد، ومردود ثانياً – بأن الحكم المطعون فيه – فيما حصله من أن الطاعن قد استعمل لفظ “الشبراويشي” وهو لقبه العائلي اسماً تجارياً لا علامة تجارية، قد قام على ما ورد فيه من إقرار الطاعن بذلك في صحيفة دعواه في مواضع متعددة منها – وأنه لا يجوز طبقاً للمادة الأولى من القانون 57 لسنة 1939 اعتبار الاسم علامة تجارية إلا إذا اتخذ الاسم شكلاً مميزاً. وهذا الذي أقيم عليه الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص – لا يشوبه قصور ولا يعتوره خطأ في القانون، ذلك أن نص المادة الأولى من القانون 57 لسنة 1939 يجري بأنه “فيما يتعلق بتطبيق هذا القانون تعتبر علامات تجارية الأسماء المتخذة شكلاً مميزاً والإمضاءات والكلمات….” ومفهوم هذا النص أن الشارع أباح للتاجر أو الصانع أن يتخذ من اسمه الخاص علامة لتمييز منتجاته وفي هذه الحالة يشترط أن يتخذ هذا الاسم في كتابته شكلاً مميزاً – كما أباح له أيضاً “إذا لم يرد اتخاذ اسمه علامة – أن يتخذ من أية كلمة من الكلمات علامة – وفي هذه الحالة ولأن الكلمة شيء غير الاسم الشخصي – اقتضى الحال أن تكون الكلمة المطلقة كعلامة تجارية متضمنة تسمية مميزة أو مبتكرة، ويتضح من ذلك أن الشارع في تعداده لما يصح اعتباره علامة تجارية ذكر الأسماء والكلمات، مما يفيد أن اسم التاجر المتخذ علامة تجارية ليس في مفهوم النص مجرد كلمة من الكلمات بحيث يستغنى عن شرط اتخاذه في كتابته شكلاً مميزاً – وإذن لا يكون بالحكم المطعون فيه قصور ولا خطأ في القانون إذ لم يعتد بما أثاره الطاعن أمام محكمة الموضوع من أن لفظ “الشبراويشي” هو محض كلمة ويصح لذلك أن تكون بمجردها ودون أن تتخذ في كتابتها شكلاً مميزاً – علامة تجارية، ومردود. ثالثاً بأن الحكم المطعون فيه لم يخطئ في القانون إذ لم يستجب لما طلبه الطاعن من شطب اسم الشبراويشي من صحيفة القيد الخاصة بالمطعون عليه الأول بإدارة السجل التجاري – فإنه قد أقام قضاءه على ما سبق بيانه من أن هذا اللفظ ليس بعلامة تجارية – وأنه اسم تجاري مشتق من لقب الأسرة التي ينتمي إليها الطاعن والمطعون عليهما الأول والثاني – وما قرره الحكم المطعون فيه من أنه “لا يجوز للمحكمة في حالة تشابه الأسماء المدنية أن تأمر بمنع صاحبه من استعماله في التجارة وتأمر بشطب اسمه” غير مخالف للقانون – ذلك أن الأصل أن لكل تاجر أن يتخذ من اسمه الشخصي “ويدخل في ذلك اللقب” اسماً تجارياً لتمييز محله التجاري عن نظائره فلا يتأتى تجريد شخص من اسمه التجاري المستمد من اسمه المدني لمجرد التشابه بينه وبين أسماء الآخرين لذلك كان الحكم المطعون فيه على حق فيما قضاه من عدم إجابة الطاعن إلى ما طلبه من شطب القيد الوارد في السجل التجاري على أن القضاء لا يعدم من الوسائل الأخرى ما يدرأ به ما عساه يقع من خلط أو لبس أو منافسة غير مشروعة نتيجة لتشابه الأسماء.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه في السبب الثاني الخطأ في القانون، إذ قرر الحكم أنه لا يجوز في حالة تشابه الأسماء المدنية – أن تأمر المحكمة بمنع صاحبه من استعماله في التجارة ويشطب اسمه ولو نشأت عن ذلك منافسة لسميه وأن هذا غير جائز ولو اتجهت نية التاجر الثاني إلى إحداث هذه المنافسة والإضرار بسميه، ووجه الخطأ في ذلك فيما يتعلق بالشطر الأول منه أن حماية صاحب اللقب الناجح من اغتصاب مقاسميه لهذا اللقب أمر مستقر فقهاً وقضاء، كما أنه مستقر أيضاً أن هذه الحماية تمتد إلى الحرمان من استعمال ذات اللقب في نفس فرع النشاط الذي يمارسه صاحب اللقب الناجح – وفيما يتعلق بالشطر الثاني منه يبدو وجه الخطأ جلياً في مخالفته لما تقضي به الفقرة الأولى من المادة 5 من التقنين المدني فيما تقرره من أن استعمال الحق يكون غير مشروع إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير.
وحيث إن النعي بما ورد في الشرط الأول من هذا السبب مردود بما سلف ذكره في الرد على السببين الأول والثالث – كما أنه مردود في شطره الثاني بأن عبارة الحكم المطعون فيه الواردة في سبب النعي ليست من جوهر بناء هذا الحكم – بل هي مسوقة فيه استطراداً ومتعلقة بفرض غير قائم في خصوص النزاع الراهن على ما سيأتي بيانه في الرد على السبب الرابع.
وحيث إن النعي بالسبب الرابع مبناه أن الحكم المطعون فيه قضى برفض ما طلبه الطاعن من تعويض عما لحق به من أضرار متعددة بينها تفصيلاً في مذكرته التي تقدم بها لمحكمة الاستئناف وقد بررت تلك المحكمة قضاءها في هذا الخصوص بمبررات قاصرة – مبنية أيضاً على الخطأ في القانون – ذلك أنه بفرض أن المطعون عليهما الأول والثاني كانا على حق في استعمال اسم الشبراويشي في صناعة العطور باعتبار أنهما يستعملان في ذلك لقبهما العائلي فإن الأمر لا يخلو من فرضين أولهما أن يكونا قد قصدا بمزاولتهما هذه الصناعة في ظل هذا اللقب – الإضرار به فيلزمهما الضمان وفقاً لأحكام المسئولية التقصيرية أو لنظرية التعسف في استعمال الحق – وفي هذه الصورة لم تعمل محكمة الموضوع شيئاً من هذه الأحكام. وثانيهما – ألا يكونا قد قصدا الإضرار بالطاعن – غير أنه من الثابت مع ذلك أنه قد لحق به الضرر فعلاً من جراء عدم اتخاذهما ما يكفي من الاحتياط لمنع الخلط واللبس – وفي هذه الحالة أيضاً كان يتعين تعويض الطاعن عن هذا الضرر – وليس أدل على أنهما لم يتخذا الاحتياط الكافي من أن ذات محكمة الموضوع في حكمها المطعون فيه – والذي قضت فيه برفض طلب التعويض – قد فرضت عليهما في الوقت نفسه – في شأن استعمال لقب الشبراويشي قيوداً – وألزمتهما حدوداً – رأت هي ألا محيص عنها درءً للضرر ومنعاً للخلط واللبس.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في خصوص رفض طلب التعويض على ما ورد فيه من أن “المحكمة لا ترى محلاً له (للتعويض) بعد ما وضح من أن المستأنفين (المطعون عليهما الأول والثاني) على حق في استعمال لقب الشبراويشي وأن المستأنف الأول (المطعون عليه الأول) حاول بقدر ما هداه إليه إدراكه أن يمنع اللبس وأضاف اسمه حسن قبل لقب الشبراويشي على جميع الأوراق الخاصة به وعلى زجاجات العطور التي يبيعها ولا ترى المحكمة فيما أضافته من قيود ما يبرر الحكم عليه بالتعويض” ويبين من ذلك أن محكمة الموضوع إذ قررت أن المطعون عليهما الأول والثاني كانا على حق في استعمال لقب الشبراويشي وأن أولهما سعى لمنع خلط اللبس بإضافة اسمه الخاص قبل اللقب المذكور – وأن سعيه هذا كان على قدر إدراكه – فإنها تكون قد نفت عن المطعون عليهما (الأول والثاني) الخطأ بجميع صوره – سواء كان هذا الخطأ خروجاً عن الحق أو تعسفاً في استعمال الحق بما تمتنع معه المساءلة بالتعويض أما تلك القيود التي فرضتها محكمة الموضوع على المطعون عليهما (الأول والثاني) فلا يستشف منها أنها قد أنست منهما خطأ – فأرادتهما على تداركه – بل واقع الأمر أنها ما فرضت تلك القيود إلا رغبة منها في “زيادة الحيطة” كما عبرت بذلك صراحة في أسباب حكمها.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .