رأي الشخصي:

التدرج التشريعي:

أن التشريعات الدولية والوطنية المختلفة ليست من درجة واحدة أو مرتبة واحدة أو نوع واحد , وإنما هي تتدرج من حيث قوتها والزاميتها فيوجد في القمة التشريع الأساسي وهو الدستور ويليه في الدرجة التشريع العادي (القانون) ثم يأتي بعد ذلك التشريع الفرعي (اللائحة) في الدرجة الدنيا , وهناك من يذهب إلى جعل التشريعات على خمس درجات الأولى الدستور والثانية القوانين الأساسية وهي القوانين تقرر الحقوق والواجبات الأساسية كقانون الانتخابات وقانون مجلس النواب والثالثة القوانين العادية والرابعة اللوائح والخامسة القرارات الإدارية( ) .

ومبدأ التدرج التشريعي ينسب إلى الفقيه النمساوي هانز كالسن , الذي كرس هذا المبدأ في كتابه (نظرية القانون) حيث ذكر هذا الفقيه أن التشريع بمدلوله العام في المجتمع هو مجموعة نصوص وقواعد عامة ولكنها ليست ذات قوة قانونية واحدة , فقوة القواعد القانونية تستمد من قيمة الموضوع الذي تتناوله القواعد القانونية , فالقواعد الدستورية أعلى شأناً ودرجة من قواعد القانون, وقواعد القانون بدورها أعلى درجة من قواعد اللائحة , كما يرجع الاختلاف في قوة وقيمة القواعد القانونية إلى معيار شكلي فقواعد النظام القانوني تشكل بمجموعها هرماً قاعدته اللائحة الإدارية ووسطه القانون الذي يصدر عن البرلمان وقمة الهرم الدستور .

كما يرجع الاختلاف في درجات التشريعات المختلفة إلى طبيعة الجهة التي تصدر التشريع , فالدستور يصدر عن الشعب مباشرة بعد الاستفتاء عليه والشعب مالك السلطة وصاحبها , في حين تصدر القوانين عن السلطة التشريعية المختصة التي تضم نواب الشعب الذين أنابهم الشعب للقيام بوظيفة التشريع , أما التشريع الفرعي (اللائحة) فالجهة التي تصدره هي السلطة التنفيذية , ويشمل التشريع الفرعي القرارات التي تصدرها السلطة التنفيذية بغرض تنفيذ وتطبيق التشريعات الأصلية (القوانين) كما يكون الغرض من إصدار التشريعات الفرعية تنظيم وترتيب المصالح العامة( ) .

ويترتب على مبدأ تدرج التشريعات أنه لا يجوز تعديل أي تشريع إلا من الجهة التي أصدرته وبالطريقة ذاتها التي صدر بها التشريع , ويترتب على هذا التدرج أمر هام وهو أنه لا يجوز للتشريع الأدنى أن يخالف التشريع الأعلى منه , ومعنى هذا أنه لا يجوز للتشريع الفرعي (اللائحة أو القرار الإداري) أن يخالف التشريع العادي (القانون) كما لا يجوز للتشريع العادي (القانون ) أن يخالف التشريع الأساس(الدستور) ولكن لا يوجد ما يمنع أن يخالف التشريع الأساس (الدستور) كلاً من التشريع العادي والتشريع الفرعي (القانون واللائحة) عملاً بمبدأ (علو الدستور أو سمو الدستور) ( ) .

وحيث انه لا يجوز للتشريع الأدنى أن يخالف التشريع الأعلى , فلابد من الرقابة على التشريعات لضمان عدم مخالفتها للتشريعات الأعلى منها وكذا بيان أهمية أوجه مخالفة التشريعات