مشروع نظام الافلاس الجديد مميزاته واهم الاجراءات التى وردت به

بقلم / عبد الحليم عمار

لاحظنا فى الاونه الاخيرة اتجاه أغلب الدول العربية الى إعادة صياغة القوانين والتشريعات الخاصة بها بل واصدار تشريعات جديده تتوافق مع المتغيرات الاقتصادية التى يمر بها العالم عامة والوطن العربي خاصة ؛ ففى البداية قامت المملكة العربية السعودية باصدار نظام الشركات الجديد والذى تتمضن ولاول مرة تأسيس شركات الشخص الواحد وما تلاه من تعديلات اخري ؛ ثم جاءت دولة الامارات العربية المتحدة واصدرت قانون الافلاس الجديد والذي سيعطي زخما جديدا للاستثمار فى الامارات ولحقتها الان المملكة العربية السعودية والتى قامت باصدار مشروع مستقل لنظام الافلاس ؛ ويعد اتجاه المملكة العربية السعودية الى اصدار قانون مستقل ينظم احكام الافلاس خطوة قوية ؛ لاسيما وان الافلاس سبق وان ورد فى النظام التجاري (نظام المحكمة التجارية) الصادر بالامر الملكي السامي رقم (32) وتاريخ 15/01/1350 هـ ؛ كاحكام منظمة له فقط دون التوسع فيه وكأول تشريع سعودي تجاري شامل بفصل خاص بأحكام الافلاس ؛ كما تبعه نظام التسوية الواقية من الافلاس الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/16) وتاريخ 04/09/1416هـ .

كما وان مصر هي الاخري بصدد الشروع فى صياغة مشروع قانون “الإفلاس”، للتصدى للسلبيات التى تضمنها القانون التجارى المصرى الحالى، والعمل على استبدالها بإيجابيات تهدف فى المقام الأول إلى طمأنة المستثمر على الدخول بأكبر قدر ممكن باستثمارات فى مصر، وعدم وجود عقبات تقف أمامه.

وسوف نتطرق هنا الى اهمية قانون الافلاس سواء فى دولة الامارات العربية المتحدة أو فى المملكة العربية السعودية .

بالنظر الى السوق العربية فى السنوات الأخيره ومدي تراجع اقتصاد الكثير من الدول العربية مما أجبر تلك الدول الى انتهاج سياسات اقتصادية جديدة ؛ مما جعل الكثير من من الشركات الكبيرة والصغير على حد سواء مهدده بالافلاس وكان هنا لابد من البحث عن مخرج للحد من تدهور الاقتصاد والذى اثر بدوره بشكل مباشر على الشركات العاملة فكان قانون الافلاس هو طوق النجاه للشركات المتعثرة ؛ حيث أنه يوفر أقصى درجات الشفافية والحماية للمستثمرين والدائنين لضمان استمرار عمل الشركات ومنحها المرونة اللازمة لإدارة أوضاعها المالية، الأمر الذي يعزز مناخ الاستثمار في البلاد والقدرة على جذب المزيد من المستثمرين لاسيما وان الهدف من هذا القانون هو تنظيم عمليات إعادة هيكلة الشركات التي تواجه مشاكل مالية وحفظ حق الدائنين والمساهمين.

أولا : وبالنظر الى قانون الافلاس الاماراتي نجد أن أهم ما ورد فيه يتلخص فى عدة نقاط وهي

أن الهدف من اصدار القانون بالوقت الحالي هو تعزيز ثقة المستثمرين ودفع عجلة الاقتصاد، حيث يمّكن الشركات المتعثرة مالياً من إعادة تنظيم الشؤون المالية والتجارية لهم ، وذلك لغايات تجاوز مرحلة التعثر المالي وسداد الديون والالتزامات دون أن تتعطل عجلة الإنتاج.

كما وأن قانون الافلاس نص على تشكيل لجنة دائمة تسمى “لجنة إعادة التنظيم المالي” بموجب قرار عن مجلس الوزراء الذي سيقرر عدد أعضاء اللجنة والجهات التي سيتم تمثيلها فيها.

واستند قانون الإفلاس الإماراتي تم وضع وصياغة القانون بما يتناسب مع أفضل الممارسات في المعايير الدولية والنظام التشريعي، بمعنى أنه لم يأخذ صيغة قانون دولة معينة.

عالج القانون مشاكل الشيكات بدون رصيد والتى تعد جريمة في دولة الإمارات، والتى لا تزال تعامل كجريمة على مستوى الأفراد، ولكن ماذا عن الشركات؟ نظم قانون الافلاس الجديد بدولة الامارات مجموعة من العقوبات الصارمة لمن يحاول التحايل على قانون إعادة التنظيم المالي والإفلاس، وتتضمن العقوبات الحبس لمدة تصل إلى خمس سنوات وغرامات تصل إلى مليون درهم.

حدد قانون الافلاس المواعيد الذي يُسمح فيها للشركات بالتقدم بطلب إعادة التنظيم المالي والإفلاس بمدة ثلاثون يوما فى حالة تعثر الشركة عن دفع مستحقات الغير ، ويصعب عليها السداد، من ثم يتم تقييم وضع الشركة من قبل خبير واتخاذ القرار بشأنها

كما حدد قانون الافلاس الخطوات التي سيعتمدها القانون لإنقاذ الشركات المتعثرة وتفادي إفلاسها بأربع خطوات وهي:
إعادة التنظيم المالي للشركة،
الصلح الواقي من الإفلاس.
إعادة هيكلة المالية.
إمكانية الحصول على قروض جديدة وفق ما ينص عليه القانون .

وبهذه الخطوات سيتيح تطبيق القانون الجديد من شأنه أن يسهم في رفع قيمة ممتلكات المدين، حيث لن يضطر إلى بيع الأصول المملوكة له بأسعار بخسة، بل سيتيح له إعادة هيكلة التزاماته، وتفسح أمامه المجال للعودة إلى سوق العمل، وتتيح له فسحة من الوقت لمساعدته على الوفاء بالتزاماته، ما يصب في مصلحة جميع الأطراف.

من اهم ما ورد بهذا القانون أنه لن يطبق القانون على الشركات التي أعلنت إفلاسها قبل صدور القانون الجديد، وتبقى تلك الحالات وفق الإجراءات المنصوص عليها في قانون المعاملات التجارية.

ثانيا : أما عن مشروع قانون الافلاس بالمملكة العربية السعودية فجاء بالمذكرة التوضيحية لمشروع قانون الافلاس

بالنظر الى ما ورد فى مقدمة مشروع نظام الافلاس بالمملكة نجد الهدف من اصدار القانون بالوقت الحالي انحصر في.

معالجة القصور الحالى فى الانظمة المعمول بها فى المملكة بوضع نظام شامل يتعامل مع حالات تعثر المشروعات التجارية والاقتصادية.

تشجيع النشاطات والمشروعات بايجاد نظام افلاس ذو كفاءة عن طريق اعادة التنظيم المالى للشركات المتعثرة.

تحسين بيئة الاستثمار فى المملكة وجذب المزيد من الاستثمارات

تمكين المدين المتعثر أو المفلس من تصحيح أوضاعه من التوصل الى تسوية ودية مع دائنيه تحفظ حقوقهم وتمكنه من العوده الى ممارسة نشاطه الاقتصادي مرة اخري.

تعزيز الثقة فى سوق الائتمان والتعاملات المالية عن طريق وضع نظامي يراعي حقوق جميع الدائنين.

تحفيز المنشآت الصغيرة والمتوسطه على المبادرة وخوض منافسات الانظمة الاقتصادية.

تمكين الجهات الرقابية للقطاع المالى من تنظيم حالات تعثر أو افلاس المنشآت العامة بما يتناسب مع طبيعة كل قطاع والمخاطر المرتبطه به.

تعزيز القدره على تحقيق رؤية المملكة 2030 .
كما وانه جاء فى مشروع نظام الافلاس الاجراءات التى يوفرها النظام للمدين المتعثر أو المفلس حيث يتضمن مشروع نظام الإفلاس عدة اجراءات تحكم تصرفات وأصول المدين الذى يتعثر أو يعجز عن تأدية ديونه وتتيح هذه الاجراءات فرصة للمدين لتصحيح أوضاعه والإستمرار فى ممارسة نشاطه دون الاخلال بحقوق دائنيه ؛ وتتمثل تلك الاجراءات فيما يلي.

إجراء التسوية الوقائية وهو اجراء يتم من خلال المحكمة بناء على طلب المدين أو الجهة المختصة بتنظيم النشاط الذى يمارسه المدين وهذا الاجراء يمكن المدين من العمل على تسوية اوضاعه مع دائنيه بناء على مقترح التسوية.
مميزات اجراء التسوية الوقائية

أن المشرع الزم بعض فئات الدائنين بمقترح التسوية وإن لم يوافقوا عليه وذلك عند تحقق الشروط الوارده بالنظام ؛ كما يتيح تعليق مطالبات الدائنين تجاه المدين بناء على قرار يصدر من المحكمة المختصة.

إجراء إعادة التنظيم. وهو اجراء يتم من خلال المحكمة بناء على طلب المدين أو الجهة المختصة أو من خلال أى من دائنيه فى حال اضطراب اوضاع المدين المالية ؛ ويختلف اجراء اعادة التنظيم عن اجراء التسوية الوقائية فى كونه يمنح دورا اكبر للدائنين وللمحكمة خلال الفترة التى يخضع فيها المدين للاجراء ومن ذلك غل يد المدين عن ادارة اعماله خلال هذه الفتره حيث يتولي الادارة خلال هذه الفترة

إجراء التصفية وهو اجراء يتم من خلال المحكمة بناء على طلب المدين أو الجهة المختصة أو من خلال أى من دائنيه فى حال اضطراب أوضاع المدين المالية وذلك فى الحالات التى يكون فيها المدين متعثرا أو مفلسا أو لا توجد فرصه واقعية لتصحيح اوضاعه المالية ومن ثم الاستفادة من اجرائي التسوية الواقيه واعادة التنظيم. حيث يعمل مشروع النظام على تسريع وتسهيل اجراءات التصفية .

أما عن الأشخاص الخاضعين لمشروع نظام الافلاس فإن مشروع هذا النظام يسري على الاشخاص الاعتباريين والطبيعين الذين يمارسون الاعمال التجارية وغيرها من المشروعات الاستثمارية والمهنية.

كما تضمن مشروع نظام الافلاس النطاق الجغرافي لتنفيذ المشروع حيث تسري احكام المشروع على كل من

الافراد السعوديين وغير السعوديين الذين يمارسون نشاطا اقتصاديا فى المملكة.
الكيانات الاقتصادية بما فى ذلك الشركات والمؤسسات المقيده بالمملكة .
الشركات الاجنبية التى تمارس نشاطات فى المملكة على (أن يكون التنفيذ مقصورا على الاصول الموجودة داخل المملكة).
أما عن الآثار المترتبة على افتتاح الاجراءات الوارده بمشروع النظام فإن مشروع النظام يرتب آثاراً محددة على افتتاح الاجراءات الواردة فيه بهدف تحقيق الغاية من كل اجراء ونوضح فيما يلي اهم الاثار المترتبته على اجراءات مشروع نظام الافلاس

تعليق المطالبات : اجاز النظام فى حالات معينة تعليق مطالبات الدائنين؛ وذلك لحماية موجودات المدين وأصوله خلال فترة سريان الاجراء والهدف من هذا الاجراء هو اعطاء فرصة للمدين لترتيب أوضاعه وتقديم مقترحات التسوية أو اعادة التنظيم المالي.
التمويل الجديد: يسمح مشروع النظام للمدين بالحصول على تمويل أو قرض جديد خلال الفترة التى يكون خاضعا فيها لاجراءات التسوية أو إعادة التنظيم المالي إذا كان ضروريا لتنفيذ مقترح التسوية واعادة التنظيم المالي ؛ الا انه ونظرا لصعوبة الحصول المدين على تمويل فى هذه المرحلة تم ربط الحصول على هذا التمويل رهنا بموافقة المحكمة.
استمرار العقود : من النقاط الهامة فى مشروع نظام الافلاس أن النظام حظر علي كل متعاقد مع المدين ممارسة خيار فسخ العقد ويشمل هذا المنع العقود ذات العلاقة بعمليات المدين التشغيلية كما منح النظام المدين الحق فى تجديد العقود التى يستمر فيها والتى يفسخها.
حقوق المدين لدى الغير : حدد مشروع النظام كيفية التعامل مع حقوق المدين لدي الغير عند خضوعه الى أحد الاجراءات الواردة فيه فاذا كان للمدين حقوق لدي الغير فعليه أو على أمين الافلاس المعين فى الحالات التى يعزل فيها المدين عن الادارة البدء فى اجراءات المطالبة بتلك الحقوق وتكون المحكمة المختصة بنظر ذلك هى المحكمة ذات الاختصاص النوعي الا اذا كانت المطالبات ناشئة عن اجراءات الإفلاس أو مرتبطه ارتباطا وثيقا بها فينعقد الاختصاص للمحكمة المختصة بنظر الافلاس.

فرض التسوية على الدائنين. من السياسات التى تبناها مشروع النظام الزام الدائنين بمقترح التسوية أو إعادة التنظيم المالي
كما نظم مشروع نظام الافلاس الاجراءات المبسطه للاصول محدودة القيمة لصغار المدينين والتى تمثلت فى اجراء التسوية الوقائية لصغار المدينين ؛ واجراء اعادة التنظيم المالى لصغار المدينين وكذلك اجراء التصفيه لصغار المدينين

بالاضافة الى ما سبق فقد تطرق مشروع النظام الى كيفية معالجة الاصول منعدمة القيمة والتصفية الادارية بالاضافة الى حصر موجودات المدين واصوله وحمايتها وكذلك حماية حقوق الدائنين

كما تطرق مشروع النظام إلى سلوك المدين واستعادة الاموال والعقوبات حيث نص مشروع النظام على حالات يكون فيها أعضاء مجلس الادارة والادارة التنفيذية للشركة مسئولين مسئولية شخصية عند الاخلال بمبدأ الذمة المالية للشركات ويميز المشروع بين المفلس الحقيقي والمقصر والمحتال فلا يعاقب سليم النيه فى حين يواجهه المدين المقصر مسئولية شخصية مدنية اما عن المدين المحتال فيواجهه مسئولية مدنية وجنائية ويمنع من ممارسة اى عمل إداري فى أي منشأة

حادى عشر : لجنة الافلاس

نص مشروع النظام على انشاء لجنة للافلاس وحدد آلية تكويمها واختصاصها وطريقة عملها وتتمثل أبرز اختصاصات هذه اللجنة فى الآتي .

انشاء سجل الافلاس وادارته
اعداد قائمة بأمناء الإفلاس أو الأشخاص ذوي الاختصاص لتمثيل المدينين أو العمل كخبراء وفقا لأحكام النظام.
ادارة اعمال اجراء التصفية الادارية
اعداد التوصيات اللازمة لاصدار الوثائق والتراخيص المتطلبة لانى من اجراءات النظام وتقديمها الى وزارة التجارة والاستثمار .
تنظيم ورعاية المبادرات الهادفة الى رفع مستوي الوعي بالنظام.
كان هذا ملخص لما ورد فى مشروع نظام الافلاس الجديد والاجراءات الوارده فيه واثاره تجاه المدين والدائنين.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت