حكم تمييز (رشوة – تزوير محررات رسمية )

محكمة التمييز
الدائرة الجزائية
جلسة 10/ 2/ 2004
برئاسة السيد المستشار/ كاظم محمد المزيدي – رئيس الجلسة
وعضوية السادة المستشارين/ محمود دياب وعاطف عبد السميع ونجاح نصار مصطفى كامل
(19)
(الطعن رقم 134/ 2003 جزائي)
1 – إثبات (بوجه عام) و(تساند الأدلة) و(إقناعيتها) – محكمة الموضوع (سلطتها في تقدير الأدلة).
– العبرة في الإثبات في المواد الجزائية باقتناع قاضي الموضوع – لا يشترط أن تكون الأدلة التي يعول عليها الحكم بحيث ينبئ كل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى.
– تساند الأدلة في المواد الجزائية – مؤداه.
2 – شرطة – قبض – تفتيش – تلبس – تمييز (سبب قائم على جدل موضوعي) – جريمة (الجريمة المشهودة).
– لرجل الشرطة القبض بدون إذن على من اتهم في جناية وقامت على اتهامه أدلة قوية وتفتيشه وتفتيش مسكنه في حالة التلبس بالجريمة جناية كانت أو جنحة.
– التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها.
– الجدل حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة – غير جائز أمام محكمة التمييز – مثال.

3 – دفوع (الصفة والمصلحة في الدفع) و(الدفع ببطلان القبض والتفتيش) – إجراءات الضبط والتفتيش.
– لا صفة لغير من اتخذ في حقه إجراء ما في الدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه – علة ذلك: أن وجود المصلحة في الدفع لاحق لتحقق الصفة فيه – مثال.
4 – إثبات (اعتراف) – إكراه – محكمة الموضوع (سلطتها في تقدير الاعتراف) – استجواب – إجراءات التحقيق.
– لقاضي الموضوع التحقق من صحة الاعتراف المنسوب إلى المتهم – له الأخذ به متى اطمأن إليه وأنه خلا من الإكراه.
– الاستجواب المحظور قانونًا على غير سلطة التحقيق – ماهيته – مثال.
5 – إثبات (شهود) – حكم (تسبيب غير معيب) – محكمة الموضوع (سلطتها في تقدير أقوال الشهود).
– وزن أقوال الشهود وتقديرها – موضوعي.
– تناقض الشهود في أقوالهم – لا يمنع المحكمة من الأخذ بها ما دامت استخلصت الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
– إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من مؤدى شهادة آخر – لا يعيبه – ما دامت متفقة مع ما أستند إليه منها.
6 – دفع (الدفع بنفي التهمة) – حكم (تسبيب غير معيب).
– الدفع بنفي التهمة – موضوعي – لا يستوجب ردًا اكتفاء بأدلة الثبوت التي أوردها الحكم.

7 – استئناف – حكم (تسبيب الحكم الاستئنافي) – تمييز [(أسباب الطعن)، (سبب غير سديد)].
– أخذ الحكم الاستئنافي بأسباب الحكم المستأنف – كفايته في بيان نص القانون الذي دان به – النعي عليه بالبطلان – غير سديد.
1 – العبرة في الإثبات في المواد الجزائية هي باقتناع قاضي الموضوع، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي يعول عليها الحكم بحيث ينبئ كل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجزائية متساندة يكمل بعضها بعضًا، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، فلا ينظر إلى دليل معين لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها، ومنتجة في اكتمال عقيدة المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، فإن منعى الطاعن بعدم بيان الحكم أركان الجريمتين، وعدم قطعية بعض الأدلة، يكون لا محل له.

2 – من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أنه يجوز لرجل الشرطة طبقًا للمادة (54) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، القبض بدون إذن على من اتهم في جناية وقامت على اتهامه أدلة قوية، كما يجوز له عملاً بحكم المادة (43) من ذات القانون في حالة التلبس بالجريمة جناية كانت أو جنحة تفتيش المتهم أو مسكنه، ولما كان التلبس هو حالة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أطرح دفاع الطاعن ببطلان القبض عليه وتفتيشه لعدم توافر حالة التلبس واقتصار أمر النيابة العامة بالقبض والتفتيش على المتهم الثالث، على سند من حكم المادتين سالفتي الذكر، وأورد في ذلك أن القبض على الطاعن، وضبط جواز سفر به إقامة مزورة بحيازته، إنما حصل بعد القبض على المتهم الثالث – المأذون بضبطه وتفتيشه – وإقراره للضابط بضلوع الطاعن معه في تزوير الإقامات، وأنهما يقتسمان المبالغ المالية، وهو ما يسوغ به الرد على دفع الطاعن في هذا الخصوص، وينحل معه منعاه في هذا الخصوص إلى جدل حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى، مما يجوز إثارته لدى محكمة التمييز.

3 – من المقرر أنه لا صفة لغير من اتخذ في حقه إجراء ما في الدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه، لأن وجود المصلحة في الدفع لاحق لتحقق الصفة فيه، فإنه لا يقبل من الطاعن ما يثيره بشأن بطلان يدعيه في أمر النيابة العامة بالضبط والتفتيش، لعدم جدية التحريات، أو بطلان في الإجراءين المذكورين، لحصولهما بعد انتهاء أجل الإذن – إذ ينصرف ذلك كله إلى إجراءات القبض والتفتيش بالنسبة للمتهم الثالث، مما لا شأن للطاعن به.

4 – من المقرر أن لقاضي الموضوع – دون غيره – البحث في صحة أو عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المنسوب إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحقق من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأن إليه، كان له أن يأخذ به بغير معقب، وأن الاستجواب المحظور قانونًا على غير سلطة التحقيق، هو مواجهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته مناقشة تفصيلية، كيما يفندها إن كان منكرًا للتهمة أو يعترف بها إذا شاء الاعتراف، وكان الثابت بالحكم الابتدائي – المأخوذ بأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه – أنه قد اطمأن إلى إقرار الطاعن أمام الشرطة، وأطرح دفعه ببطلانه لتولده عن الإكراه، لخلو الأوراق مما يدل على حصول إكراه عليه، وكان الثابت بمحضر الضبط أنه خلا من مناقشة تفصيلية للطاعن مما يعد استجوابًا له بالمعنى المتقدم، فإن تعويل الحكم على إقرار الطاعن أمام الشرطة لا شائبة فيه، ويضحى ما يثيره في هذا الخصوص غير مقبول.

5 – من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع، وأن تناقضهم في أقوالهم – بفرض حصوله – لا يمنع المحكمة من الأخذ بها، ما دامت قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال بما لا تناقض فيه، وإنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة بعض الشهود إلى ما أورده من مؤدى شهادة آخر، ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، فإن كل ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون بدوره غير مقبول.
6 – إذ كان الدفع بنفي التهمة هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل من الحكم ردًا، اكتفاء بأدلة الثبوت السائغة التي يوردها، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له.
7 – من المقرر أن أخذ الحكم الاستئنافي بأسباب الحكم المستأنف يكفي في بيان نص القانون الذي دان به.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 – ……. (الطاعن). 2 – ……. 3 – ……. في قضية الجناية رقم 1515 لسنة 2000 حولي – 21 لسنة 2000 النقرة، بأنهم في خلال عام 2000 بدائرة مخفر شرطة النقرة – محافظة حولي: المتهم الأول: 1 – بصفته موظفًا عامًا (مسجل بيانات بإدارة هجرة…..) قبل لنفسه عطية من المتهم الثالث، مبلغ وقدره 2860 دينار، وذلك لأداء عمل من أعمال وظيفته هو إنهاء إجراءات عمل إقامة بالبلاد لأصحاب الجوازات المبينة أسمائهم بالتحقيقات. 2 – بصفته سالفة البيان ارتكب تزويرًا في محررات رسمية بقصد استعمالها على نحو يوهم أنها مطابقة للحقيقة، هي بيانات الإقامة في البلاد، الواردة بالصفحات 21، 23 من جواز سفر عبد الحكيم …..، و 17، 15 من جواز سفر محمد…..، و31 من جواز سفر سعد…..، بأن دون بها وعلى خلاف الحقيقة تجديد إقامتهم بالبلاد، ونسبها زورًا إلى إدارة هجرة…..، حالة كونه الموظف المكلف بإثبات هذه البيانات، وكانت تلك المحررات بعد تغيير الحقيقة صالحة لأن تستعمل على هذا النحو. وأحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد (48 ثانيًا، ثالثًا)، 52/ 1، (257)، (259/ 1، 2) من قانون الجزاء، و35/ 1، 39/ 1، (43 (أ)) من القانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء. حكمت المحكمة حضوريًا بحبس الطاعن خمس سنوات مع الشغل والنفاذ، وتغريمه خمسة آلاف وسبعمائة وعشرين دينارًا. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف وبتاريخ 23/ 2/ 2003 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. فقرر الطاعن بالطعن بالتمييز في هذا الحكم.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي قبول رشوة لأداء عمل من أعمال وظيفته، والتزوير في محررات رسمية، قد شابه قصور في التسبيب وانطوى على فساد في الاستدلال وبطلان، وذلك بأن دانه رغم عدم توافر أركان الجريمتين، وعدم قطع الدليل الفني بارتكابه التزوير، وقد دفع ببطلان القبض عليه وتفتيشه لعدم جدية التحريات، ولحصول القبض والتفتيش بعد انتهاء أجل الإذن الصادر بهما، واقتصار الإذن على المحكوم عليه الثالث، وانتفاء حالة التلبس، ولم يرد الحكم على دفعه وتساند في إدانته إلى ما عُزي إليه من إقرار للضابط دون أن يرد على دفعه ببطلانه لكونه وليد إكراه وحجز واستجواب باطلين، وإلى أقوال الشهود رغم تناقضها، وبغير أن يورد مؤدى بعضها محيلاً في شأنه إلى ما شهد به البعض الآخر، وأعرض عما ساقه من قرائن على نفي الاتهام، وخلا من نص القانون الذي عاقبه بمقتضاه، مما يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.

وحيث إن الحكم الابتدائي – المأخوذ لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه – بين واقعة الدعوى في قوله أن حاصلها: (ما أبلغ به السيد….. من أن المتهم الثالث عرض عليه عمل إقامة صالحة له لقاء مبلغ ثمانمائة وخمسين دينارًا، تسلمها المتهم الثالث وجواز السفر، وتوجه به إلى المتهم الأول (الطاعن) المختص بطبع الإقامات على الجواز، وسلمه المتهم الثالث الجواز ومبلغ أربعمائة وخمسين دينارًا، ثم اكتشف أن الإقامة مزورة، فتوجه مع المتهم الثالث إلى المتهم الأول، وإذ استفسر المجني عليه من الأخير عن أن إقامته على جواز سفره مزورة، رد عليه أنه طلب من المتهم الثالث مبلغ من المال ولن يتم عمل الإقامة حتى يتم دفعه، وطلب منه المتهم الأول مائة دينار السابق طلبها من المتهم الثالث، وأثر ذلك أسفرت تحريات الشرطة عن صدق ما تقدم، وأن المتهم الثالث يقوم بالتزوير بمساعدة المتهم الأول الموظف بإدارة هجرة حولي، فصدر إذن من النيابة العامة بتفتيشه، فعثر على ثلاث جوازات سفر بمسكنه عليها إقامات مزورة). وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة أدلة استمدها من شهادة السيد………، ونبيل………، وصدقي……..، وضابط مباحث إدارة………، وجمال………،

وما أثبته تقرير إدارة مكافحة التزييف والتزوير، وإقرار الطاعن للضابط، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، وقد أضاف إليه الحكم المطعون فيه – فيما يختص بالطاعن – قوله إن الاتهامات ثابتة في حقه أيضًا من اعترافه للضابط: (بتزوير الإقامات مع الثالث، وأرشده……. الذي تبين أن بجوازه إقامة مزورة أيضًا، وقد تعزز الدليل أيضًا بما تبين من……. وما قرره المتهم الأول من أنه قام بطبع إقامة بجواز حسن…..، وكذلك ما ورد بإقراره الكتابي المرفق من أنه كان يقوم بطبع إقامات مؤقتة بالجوازات حتى يتم استخراج إذن العمل من الشؤون دون سداد الغرامة، ثم يقوم بإلغائها بالحاسب الآلي، وكذلك ما قرره الثالث من أنه سلم جواز السيد……… للأول الذي قام بإثبات بيانات إقامة به أبلغه صاحبها أنها مزورة،*** وأنه تم إعادة الجواز للأول الذي رد جزءًا من المبلغ لكفيل…..). لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما – كما هما معرفتين به في القانون – وكانت العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي يعول عليها الحكم بحيث ينبئ كل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى،

إذ الأدلة في المواد الجزائية متساندة يكمل بعضها بعضًا، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، فلا ينظر إلى دليل معين لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها، ومنتجة في اكتمال عقيدة المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه – كما هو الحال في واقعة الدعوى – فإن منعى الطاعن بعدم بيان الحكم أركان الجريمتين، وعدم قطعية بعض الأدلة، يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أنه يجوز لرجل الشرطة طبقًا للمادة (54) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، القبض بدون إذن على من اتهم في جناية وقامت على اتهامه أدلة قوية، كما يجوز له عملاً بحكم المادة (43) من ذات القانون في حالة التلبس بالجريمة جناية كانت أو جنحة تفتيش المتهم أو مسكنه، ولما كان التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أطرح دفاع الطاعن ببطلان القبض عليه وتفتيشه لعدم توافر حالة التلبس واقتصار أمر النيابة العامة بالقبض والتفتيش على المتهم الثالث، على سند من حكم المادتين سالفتي الذكر، وأورد في ذلك أن القبض على الطاعن،

وضبط جواز سفر به إقامة مزورة بحيازته، إنما حصل بعد القبض على المتهم الثالث – المأذون بضبطه وتفتيشه – وإقراره للضابط بضلوع الطاعن معه في تزوير الإقامات، وأنهما يقتسمان المبالغ المالية، وهو ما يسوغ به الرد على دفع الطاعن في هذا الخصوص، وينحل معه منعاه في هذا الخصوص إلى جدل حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى، مما يجوز إثارته لدى محكمة التمييز. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا صفة لغير من اتخذ في حقه إجراء ما في الدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه، لأن وجود المصلحة في الدفع لاحق لتحقق الصفة فيه، فإنه لا يقبل من الطاعن ما يثيره بشأن بطلان يدعيه في أمر النيابة العامة بالضبط والتفتيش، لعدم جدية التحريات، أو بطلان في الإجراءين المذكورين، لحصولهما بعد انتهاء أجل الإذن – إذ ينصرف ذلك كله إلى إجراءات القبض والتفتيش بالنسبة للمتهم الثالث، مما لا شأن للطاعن به.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لقاضي الموضوع – دون غيره – البحث في صحة أو عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المنسوب إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحقق من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأن إليه، كان له أن يأخذ به بغير معقب، وأن الاستجواب المحظور قانونًا على غير سلطة التحقيق، هو مواجهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته مناقشة تفصيلية، كيما يفندها إن كان منكرًا للتهمة أو يعترف بها إذا شاء الاعتراف، وكان الثابت بالحكم الابتدائي – المأخوذ بأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه – أنه قد اطمأن إلى إقرار الطاعن أمام الشرطة، وأطرح دفعه ببطلانه لتولده عن الإكراه، لخلو الأوراق مما يدل على حصول إكراه عليه، وكان الثابت بمحضر الضبط أنه خلا من مناقشة تفصيلية للطاعن مما يعد استجوابًا له بالمعنى المتقدم، فإن تعويل الحكم على إقرار الطاعن أمام الشرطة لا شائبة فيه، ويضحى ما يثيره في هذا الخصوص غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع،

وأن تناقضهم في أقوالهم – بفرض حصوله – لا يمنع المحكمة من الأخذ بها، ما دامت قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال بما لا تناقض فيه – كما هو الحال في واقعة الدعوى – وإنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة بعض الشهود إلى ما أورده من مؤدى شهادة آخر، ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، فإن كل ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون بدوره غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الدفع بنفي التهمة هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل من الحكم ردًا، اكتفاء بأدلة الثبوت السائغة التي يوردها – كما هو الحال في واقعة الدعوى – فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان الثابت بالحكم الابتدائي – المأخوذ بأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه – أنه قد أشار إلى نصوص القانون التي عاقب الطاعن بمقتضاها، وأفصح عن أخذه بها، وكان من المقرر أن أخذ الحكم الاستئنافي بأسباب الحكم المستأنف يكفي في بيان نص القانون الذي دان به، فإن النعي على الحكم بالبطلان يكون غير سديد.
ولما تقدم، يتعين رفض الطعن.