حكم تمييز تعاطى مخدرات

محكمة التمييز
الدائرة الجزائية
جلسة 13/ 1/ 2004
برئاسة السيد المستشار/ كاظم محمد المزيدي – رئيس الجلسة
وعضوية السادة المستشارين/ محمود دياب وعاطف عبد السميع ونجاح نصار ومصطفى كامل
(4)
(الطعن رقم 584/ 2002 جزائي)

1 – مواد مخدرة – مؤثرات عقلية – إدمان – إيداع – قانون (تطبيقه). طعن (ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام) – محكمة الموضوع (سلطتها في تقدير الدليل).
– الأحكام الصادرة بالإيداع طبقًا للمادتين (33) من ق 74 لسنة 1983 في شأن مكافحة المخدرات و(39) من ق 48 لسنة 1987 في شأن مكافحة المؤثرات العقلية – لا يجوز استئنافها – مؤدى ذلك: الطعن عليها بطريق التمييز غير جائز – علة ذلك – حيث ينغلق باب الطعن بطريق الاستئناف فلا يجوز من باب أولى الطعن بطريق التمييز – أساس ذلك.

– ثبوت إدمان الطاعن على تعاطي المخدرات والاعتياد على تعاطي المؤثرات العقلية والقضاء بإيداعه أحد المصحات لعلاجه من الإدمان – أثره: طعن النيابة بطريق التمييز على ما قضى به الحكم – غير جائز – لا يغير من ذلك النعي بأن الإدمام على التعاطي أو الاعتياد عليه لا يثبت إلا عن طريق المختص فنيًا – علة ذلك – أن المشرع لم يقيد القاضي بأدلة معينة لحمل قضائه في هذا الخصوص – وجوب القضاء بعدم جواز طعن النيابة العامة.

2 – دعوى مدنية تابعة – طعن (ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام) – محكمة استئنافية (إغفال الفصل في بعض الطلبات) – إجراءات المحاكمة – نيابة عامة.
– للخصم في الدعوى جنائية أو مدنية الحق في الرجوع إلى المحكمة التي فاتها الفصل في طلباته الموضوعية كلها أو بعضها للفصل فيما أغفلته.

– الطعن بالتمييز – لا يجوز إلا فيما فصلت فيه محكمة الاستئناف صراحة أو ضمنًا.
– إغفال الحكم المطعون فيه الفصل في استئناف النيابة لما قضى به حكم أول درجة بالنسبة لتهمة حيازة المطعون ضده لذخائر بدون ترخيص ولم يعرض لها في مدوناته واقتصاره على الفصل في استئنافها لقضاء الحكم ببراءته من تهم أخرى – مؤدى ذلك – أن الحكم لا يكون قد فصل في هذا الشق من الاستئناف بقضاء صريح أو ضمني ويظل اختصاص المحكمة به باقيًا – أثره – طعن النيابة فيه بالتمييز – غير جائز.

1 – إن المادة (33) من القانون رقم 74 لسنة 1983 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها بعد أن بينت في فقرتها الأولى العقوبة المقررة لجريمة حيازة المخدر بقصد التعاطي، نصت في فقرتها الثانية على أن (ويجوز للمحكمة بدلاً من توقيع العقوبة المنصوص عليها في الفقرة السابقة أن تأمر بإيداع من يثبت إدمانه على تعاطي المخدرات أحد المصحات التي يحددها وزير الصحة ليعالج فيها إلى أن تقدم لجنة يصدر بتشكيلها قرار من وزير الصحة العامة تقريرًا عن حالته إلى المحكمة لتقرر الإفراج عنه أو استمرار إيداعه لمدة أو لمدد أخرى…) وتضمنت المادة (39) من المرسوم بالقانون رقم 48 لسنة 1987 في شأن مكافحة المؤثرات العقلية وتنظيم استعمالها والاتجار فيها ذات النهج بخصوص الاعتماد على تعاطي مواد المؤثرات العقلية، وإذ كانت الأحكام الصادرة بالإيداع طبقًا للمادتين سالفتي البيان، لا يجوز استئنافها عملاً بما تقضى به المادة (36) من القانون الأول والمادة (42) من القانون الثاني، فإن الطعن فيها بطريق التمييز يكون بالتالي غير جائز، وذلك لما هو مقرر من أنه حيث ينغلق باب الطعن بطريق الاستئناف، فلا يجوز من باب أولى الطعن بطريق التمييز. لما كان ذلك،

وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت مقارفة الطاعن لجنايتي حيازة مادة مخدرة وإحراز مؤثر عقلي بقصد التعاطي، لم يوقع عليه العقوبة المقررة لأي من هاتين الجريمتين، وإنما قضي – بعد أن ثبت للمحكمة إدمان الطاعن على تعاطي المخدرات والاعتماد على تعاطي المؤثرات العقلية – بإيداعه أحد المصحات لعلاجه من الإدمان ومن ثم فِإن طعن النيابة العامة بطريق التمييز على ما قضى به الحكم بشأن هاتين الجنايتين يكون غير جائز. ولا يغير من ذلك، ما ركنت إليه الطاعنة من أن الإدمان على التعاطي أو الاعتماد عليه لا يثبت إلا عن طريق المختص فنيًا، لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن البين من صراحة نص المادتين (33)، (39) – المار ذكرهما – أن المشرع لم يقيد القاضي بأدلة معينة لحمل قضائه في هذا الخصوص، بل ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه، وهو ما لم يخطئ الحكم المطعون فيه في تقديره، ومن ثم يتعين القضاء بعدم جواز الطعن في هذا الصدد.

2 – للخصم في الدعوى، جنائية كانت أم مدنية، الحق في الرجوع إلى المحكمة التي فاتها الفصل في طلباته الموضوعية كلها أو بعضها للفصل فيما أغفلته، ومن ثم فإن الطريقة السوية أمام الطاعنة هى أن ترجع إلى ذات المحكمة التي أصدرت الحكم في الاستئناف وأغفلت الفصل في استئنافها لما قضى به الحكم المستأنف بالنسبة للتهمة المار بيانها لتطلب منها الفصل فيه لأن اختصاصها بذلك ما زال باقيًا بالنسبة له، ولما كان الطعن في الحكم بطريق التمييز لا يجوز إلا فيما فصلت فيه محكمة الاستئناف صراحة أو ضمنًا، فإن طعن النيابة العامة بالنسبة لاستئنافها للتهمة المار ذكرها والتي لم يصدر فيها من المحكمة الاستئنافية قضاء يكون بدروه غير جائز.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 14/ 3/ 2002 بدائرة مخفر شرطة المباحث الجنائية – محافظة العاصمة: 1 – حاز مادة مخدرة (هيروين) وكان ذلك بقصد التعاطي دون أن يثبت أنه قد رخص له قانونًا حال كونه عائدًا لسبق الحكم عليه في الجناية رقم….. لسنة 1997 المباحث بعقوبة الحبس وتأيد ذلك استئنافيًا بتاريخ 25/ 3/ 1998. 2 – أحرز مؤثرات عقلية (بنزوديازبين) وكان ذلك بقصد التعاطي دون أن يثبت أنه قد رخص له بذلك قانونًا حال كونه عائدًا على النحو الوارد بالتهمة الأولى. 3 – حاز ذخائر (طلقتين عيار 12) وذلك بغير ترخيص من الجهة الإدارية المختصة حال كونه عائدًا على النحو الوارد بالتهمة الأولى. 4 – ارتكب ما يعد في حكم التهريب الجمركي بأن حاز المادة المخدرة والذخيرة سالفة الذكر دون أن يقدم ما يثبت استيرادها بصورة نظامية حال كونه عائدًا، على النحو الوارد بالتهمة الأولى. 5 – قاد مركبة آلية (سيارة خاصة) تحت تأثير المواد المخدرة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. 6 – قاد مركبة آلية (سيارة خاصة) غير مرخص بها. 7 – قاد المركبة الآلية سالفة الذكر دون رخصة سوق.

وطلبت معاقبته بالمواد (85) من قانون الجزاء (1)، (2)، 33/ 1، 39/ 2 من القانون 74 لسنة 1983 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم 13 لسنة 1995 والبند رقم (43) من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول، 1/ 3، 2/ 1، (3)، 39/ 1 من المرسوم بقانون رقم 48 لسنة 1987 في شأن مكافحة المؤثرات العقلية وتنظيم استعمالها والاتجار فيها والجدول 4 الملحق بالقانون المذكور، 1/ 4، 2/ 1، 21/ 1، 3 من المرسوم بقانون 13 لسنة 1991 في شأن الأسلحة والذخائر، 1/ 9، (2)، 17/ 6، (19)، (20) من المرسوم بقانون 13 لسنة 1980 في شأن الجمارك[(1)] وقرار وزير المالية رقم 3 لسنة 1990 في شأن البيانات والأنظمة الجمركية، 1، 2/ 3، 3/ أولاً، 15/ 1، 33/ 1، 5، 35/ 14، 38 من المرسوم بقانون رقم 67 لسنة 1976 في شأن المرور المعدل ولائحته التنفيذية. وبتاريخ 18/ 6/ 2002 حكمت محكمة الجنايات – حضوريًا –

أولاً: ببراءة المطعون ضده من التهم الأولى والثانية والخامسة وجرم التهريب فيما يتعلق بالمخدرات المضبوطة وأمرت بمصادرة المضبوطات.

ثانيًا: بتقرير الامتناع عن النطق بعقاب المطعون ضده عن التهمة الثانية وتهمة تهريب الطلقتين على أن يقدم إقرارًا كتابيًا يتعهد فيه بحسن السير والسلوك لمدة سنة وألزمته بغرامة جمركية مقدارها مائتا فلس وأمرت بمصادرة الطلقتين.

ثالثًا: بتغريم المطعون ضده عشرين دينارًا عن كل تهمة من التهمتين السادسة والسابعة. فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم للخطأ في تطبيق القانون وللثبوت، وبتاريخ 13/ 11/ 2002 قضت محكمة الاستئناف. أولاً: بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من براءة المطعون ضده عن التهم الأولى والثانية والخامسة المسندة إليه وإدانته عنها. ثانيًا: إيداع المطعون ضده مستشفى الطب النفسي لعلاجه من الإدمان على أن تقدم اللجنة المختصة تقريرًا عن حالته يعرض على المحكمة لتقرير ما تراه بشأنه. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق التمييز.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
أولاً: بالنسبة للطعن فيما قضى به الحكم المطعون فيه عن تهمة حيازة وإحراز مخدر ومؤثرات عقلية بقصد التعاطي:
من حيث إن المادة (33) من القانون رقم 74 لسنة 1983 بشأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها بعد أن بينت في فقرتها الأولى العقوبة المقررة لجريمة حيازة المخدر بقصد التعاطي،

نصت في فقرتها الثانية على أن (ويجوز للمحكمة بدلاً من توقيع العقوبة المنصوص عليها في الفقرة السابقة أن تأمر بإيداع من يثبت إدمانه على تعاطي المخدرات أحد المصحات التي يحددها وزير الصحة ليعالج فيها إلى أن تقدم لجنة يصدر بتشكيلها قرار من وزير الصحة العامة تقريرًا عن حالته إلى المحكمة لتقرر الإفراج عنه أو استمرار إيداعه لمدة أو لمدد أخرى…) وتضمنت المادة (39) من المرسوم بالقانون رقم 48 لسنة 1987 في شأن مكافحة المؤثرات العقلية وتنظيم استعمالها والاتجار فيها ذات النهج بخصوص الاعتماد على تعاطي مواد المؤثرات العقلية، وإذ كانت الأحكام الصادرة بالإيداع طبقًا للمادتين سالفتي البيان، لا يجوز استئنافها عملاً بما تقضى به المادة (36) من القانون الأول والمادة (42) من القانون الثاني، فإن الطعن فيها بطريق التمييز يكون بالتالي غير جائز، وذلك لما هو مقرر من أنه حيث ينغلق باب الطعن بطريق الاستئناف، فلا يجوز من باب أولى الطعن بطريق التمييز. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت مقارفة الطاعن لجنايتي حيازة مادة مخدرة وإحراز مؤثر عقلي بقصد التعاطي،

لم يوقع عليه العقوبة المقررة لأي من هاتين الجريمتين، وإنما قضى – بعد أن ثبت للمحكمة إدمان الطاعن على تعاطي المخدارت والاعتماد على تعاطي المؤثرات العقلية – بإيداعه أحد المصحات لعلاجه من الإدمان ومن ثم فِإن طعن النيابة العامة بطريق التمييز على ما قضى به الحكم بشأنها هاتين الجنايتين يكون غير جائز. ولا يغير من ذلك، ما ركنت إليه الطاعنة من أن الإدمان على التعاطي أو الاعتماد عليه لا يثبت إلا عن طريق المختص فنيًا، لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن البين من صراحة نص المادتين (33)، (39) – المار ذكرهما – أن المشرع لم يقيد القاضي بأدلة معينة لحمل قضائه في هذا الخصوص، بل ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه، وهو ما لم يخطئ الحكم المطعون فيه تقديره، ومن ثم يتعين القضاء بعدم جواز الطعن في هذا الصدد.
ثانيًا: بالنسبة للطعن في الحكم المطعون فيه بخصوص تهمة حيازة ذخائر بغير ترخيص:

من حيث إن البين من منطوق الحكم المطعون فيه، أنه أغفل الفصل في استئناف النيابة العامة لما قضى به حكم أول درجة – المستأنف – بالنسبة لتهمة حيازة المتهم – المطعون ضده – لذخائر بدون ترخيص – بالتقرير بالامتناع عن النطق بعقابه – ولم يعرض له في مدوناته، واقتصر على الفصل في استئنافها لقضاء الحكم ببراءة المطعون ضده من تهم حيازة وإحراز مخدر ومؤثرات عقلية بقصد التعاطي وقيادة مركبة آلية تحت تأثير المواد المخدرة لعلة الثبوت، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد فصل في هذا الشق من الاستئناف بقضاء صريح أو ضمني – وهو ما تسلم به الطاعنة – . لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن للخصم في الدعوى، جنائية كانت أم مدنية الحق في الرجوع إلى المحكمة التي فاتها الفصل في طلباته الموضوعية كلها أو بعضها للفصل فيما أغفلته، ومن ثم فإن الطريقة السوية أمام الطاعنة هى أن ترجع إلى ذات المحكمة التي أصدرت الحكم في الاستئناف وأغفلت الفصل في استئنافها لما قضى به الحكم المستأنف بالنسبة للتهمة المار بيانها لتطلب منها الفصل فيه لأن اختصاصها بذلك ما زال باقيًا بالنسبة له، ولما كان الطعن في الحكم بطريق التمييز لا يجوز إلا فيما فصلت فيه محكمة الاستئناف صراحة أو ضمنًا، فإن طعن النيابة العامة بالنسبة لاستئنافها للتهمة المار ذكرها والتي لم يصدر فيه من المحكمة الاستئنافية قضاء يكون بدروه غير جائز. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون غير جائز.