حق موظفي الجمارك في تفتيش الأمتعة والأشخاص وفقاً للقانون المصري .

الطعن 60637 لسنة 59 ق جلسة 13 / 12 / 1990 مكتب فني 41 ق 199 ص 1100 جلسة 13 من ديسمبر سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. عادل قوره، حسن عميره، محمد زايد ومحمد حسام الدين الغرياني نواب رئيس المحكمة.
—————-
(199)
الطعن رقم 60637 لسنة 59 القضائية

(1)إثبات “بوجه عام” “شهود”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”. مواد مخدرة.
إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد الذى اعتمد عليها الحكم. غير لازم. كفاية إيراد مضمونه.
النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد. غير مقبول. أساس ذلك وشرطه ؟
(2) مأمورو الضبط القضائي “اختصاصهم”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. قبض. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. مواد مخدرة.
لمأموري الضبط القضائي اتخاذ الإجراءات التحفظية المناسبة قبل الشخص إذا وجدت دلائل كافية على اتهامه بارتكاب جناية أو جنحة من الجنح المنصوص عليها في المادة 35 إجراءات.
تقدير توافر هذه الدلائل على الاتهام التي تبرر اتخاذ الإجراء التحفظي المناسب. منوط بمأمور الضبط القضائي تحت إشراف محكمة الموضوع.
(3)مأمورو الضبط القضائي. تفتيش “التفتيش بغير إذن”. تهريب جمركي. إثبات “بوجه عام”. مواد مخدرة.
حق موظفي الجمارك الذين لهم صفة الضبط القضائي في تفتيش الأشياء والأشخاص في حدود نطاق الرقابة الجمركية. متى توافرت شبهة التهريب الجمركي. عدم تقيدهم في ذلك – بالنسبة للأشخاص – بقيود القبض والتفتيش المبينة بقانون الإجراءات.
عثورهم أثناء التفتيش على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية. صحة الاستدلال به في هذه الجريمة.
(4) تهريب جمركي. مأمورو الضبط القضائي. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب” نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
معنى الشبهة في توافر التهريب الجمركي. تقدير توافرها. موضوعي.
(5) نقض “أثر الطعن”. محكمة الإعادة “نظرها الدعوى والحكم فيها”.
نقض الحكم يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها قبل صدور الحكم المنقوض لتفصل فيها من جديد. مخالفتها حكم الإعادة. لا يصلح بذاته وجهاً للطعن على قضائها ما لم يكن موضوع المخالفة موجباً لذلك.
– مثال:

—————
1 – لا يلزم قانونا إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد الذى أعتمد عليها الحكم بل يكفى أن يورد مضمونها ولا يقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعنى أنها أطرحت ما لم تشر إليه منها لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به – ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه بالنسبة لأقوال الشهود يحقق مراد الشارع الذى استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة وحصل مضمونها بطريقة وافيه ولم يجهل بها – كما تدعى الطاعنة في طعنها – أو يحرفها عن مواضعها – على ما يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة – فإن ما تنعاه الطاعنة في هذا الصدد يكون في غير محله.
2 – إن المادة 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 إذ نصت في فقرتها الثانية على أنه “وفى غير الأحوال السابقة اذا وجدت دلائل كافية على اتهام شخص بارتكاب جناية أو جنحة سرقة أو نصب أو تعد شديد أو مقاومة لرجال السلطة العامة بالقوة والعنف، جاز لمأمور الضبط القضائي أن يتخذ الإجراءات التحفظية المناسبة.. ” فقد دلت على أنه يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يتخذ الإجراءات التحفظية المناسبة قبل الشخص اذا وجدت دلائل كافية على اتهامه بارتكاب جناية أو جنحه من الجنح المنصوص عليها في هذه المادة وتقدير توافر هذه الدلائل على الاتهام التي تبرر اتخاذ الإجراء التحفظي المناسب منوط بمأمور الضبط القضائي تحت أشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت – على ما سلف بيانه – بتوافر مسوغات الإجراء التحفظي الذى اتخذه ضابط مكتب مكافحة المخدرات بميناء القاهرة الجوي قبل الطاعنة باقتيادها إلى مأمور الجمرك – وهو ما يعد قبضا كما هو معرف به في القانون – فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
3 – لما كان البين من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من القانون 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك أن الشارع منح موظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية اذا قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة ومظنة التهريب فمين يوجدون بداخل تلك المناطق وأن الشارع – بالنظر إلى طبيعة التهريب الجمركي وصلته المباشرة بصالح الخزانة العامة ومواردها وبمدى الاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير – لم يتطلب بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في احدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور، بل انه يكفى أن يقوم لدى الموظف المنوط بالمراقبة والتفتيش في تلك المناطق حالة تنم عن شبهة توافر التهريب الجمركي فيها – في الحدود المعرف بها في القانون حتى يثبت له حق الكشف عنها، فاذا هو عثر أثناء التفتيش الذى يجريه على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية معاقب عليها في القانون العام، فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة.
4 – من المقرر أن الشبهة في توافر التهريب الجمركي حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها القول بقيام مظنة التهريب من شخص موجود في دائرة المراقبة الجمركية ومتى أقرت محكمة الموضوع أولئك الأشخاص فيما قام لديهم من اعتبارات أدت إلى الاشتباه في الشخص محل التفتيش – في حدود دائرة المراقبة الجمركية – على توافر فعل التهريب فلا معقب عليها.
5 – من المقرر أن نقض الحكم يعيد الدعوى أمام محكمة الإحالة بحالتها الأولى قبل صدور الحكم المنقوض، ولا يقيدها بشيء فعلى فرض مخالفة محكمة الموضوع لقضاء محكمة النقض, فإن ذلك لا يصلح اتخاذه وجهاً للطعن إلا اذا كان محل المخالفة المدعاة يصلح في ذاته لان يكون موجهاً للطعن على الحكم الجديد وإذ كان وإذ كان حكم النقض السابق صدوره في الدعوى لم يقض ببطلان القبض والتفتيش حسبما تزعم الطاعنة في وجه الطعن وإنما أقام قضاءه على قصور الحكم المنقوض في الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش، وكان الحكم المطعون فيه بريئا من هذا العيب فإن منعى الطاعنة في هذا الوجه يكون غير مقبول.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها: أولا: جلبت لداخل جمهورية مصر العربية جوهراً مخدراً (هيروين) دون الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة الإدارية المختصة. ثانيا: شرعت في تهريب البضائع المبينة الوصف بالأوراق بأن أدخلتها للبلاد بطريق غير مشروع وبالمخالفة للنظم والقواعد الخاصة بها باعتبارها من البضائع الأجنبية الممنوع استيرادها بأن أخفتها عن أعين السلطات الجمركية المختصة بقصد التهريب من أداء الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة عليها وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتها فيه هو ضبطها والجريمة متلبس بها , وأحالتها إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 3، 33/ أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند رقم 103 من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 والمواد 5، 13، 28، 30، 121، 122، 124، 124 مكرراً من القانون رقم 66 – لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 والقرارات المنفذة له والمادتين رقمي 45، 47 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 32/ 1، 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهمة بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمها عشرة آلاف جنيه عما أسند إليها وبمصادرة المخدر المضبوط وبتغريمها مبلغ 39600، 720 مليم.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم….. لسنة 58 القضائية. وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات القاهرة لتفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى. ومحكمة الإعادة “بهيئة أخرى” قضت حضورياً بمعاقبة المتهمة بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمها عشرة آلاف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)… الخ.

المحكمة
حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمتي جلب جوهر مخدر والشروع في التهريب الجمركي قد شابه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق كما انطوى على خطأ في تطبيق القانون ذلك بأن الحكم لم يورد أقوال الشهود في بيان مفصل وحصلها في عبارة مجهلة لطمس حقيقة الواقع في الدعوى تأدياً من ذلك إلى رفض الدفع ببطلان القبض التفتيش وقد اطرحت المحكمة هذا الدفع بما لا يسوغ في حين أن الطاعنة لم تكن في حالة تقتضى استيقافها أو القبض عليها بل كانت في حالة عادية حسبما جاء بأقوال الشهود بالتحقيقات، وما أورده الحكم من أن رجال الجمارك قد ارتابوا في الطاعنة التي كانت في حالة ارتباك يخالف الثابت في الأوراق، كما أن التفتيش الذى قام به مأمور الجمرك لم يكن عن شبهة قامت لديه إنما بناء على تكليف من ضابط مكتب مكافحة المخدرات بمطار القاهرة الدولي الذى قام بالقبض على الطاعنة قبضاً باطلاً لعدم توافر حالة التلبس قبلها هذا إلى أن محكمة الإعادة إذ خلصت إلى صحة التفتيش تكون قد خالفت قضاء محكمة النقض الذى أحال إليها الدعوى مجدداً. كل ذلك ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما مؤداه أن الرائد…… الضابط بفرع الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بميناء القاهرة الجوي علم من أحد مصادره السرية أن الطاعنة التي قدمت إلى البلاد من بيروت بلد إنتاج المواد المخدرة قد جلبت كمية منها فقام بمتابعتها منذ وصولها إلى صالة الوصول رقم (1) بالمطار حتى وصلت حقائبها على سير الحقائب فوضعتها على عربة دفعتها أمامها فتوجه إليها واصطحبها إلى……. مأمور الجمرك لتفتيشها جمركياً وأبلغه أن لديه معلومات تفيد جلبها لجوهر المخدر ولم يسفر تفتيش أمتعتها عن ضبط أية ممنوعات وعندئذ قام مأمور الجمرك بتكليف…….. المساعدة الإدارية بالجمرك بتفتيش الطاعنة تفتيشاً ذاتيا بداخل غرفة التفتيش الخاصة بذلك بعد أن قامت لديه شبهة التهريب لما لاحظه عليها من حالة الارتباك التي ألمت بها وقت تفتيش أمتعتها وقد أسفر التفتيش عن ضبط لفافة من القماش الدمور داخل سروالها الذى ترتديه فقامت المساعدة الإدارية آنفة الذكر بتسليم اللفافة إلى مأمور الجمرك الذى قام بفضها فوجد بداخلها كيساً من البلاستيك به مسحوق لمخدر الهيروين وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعنة أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير المعامل الكيماوية وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها لما كان ذلك، وكان لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد الذى أعتمد عليها الحكم بل يكفى أن يورد مضمونها ولا يقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعنى أنها أطرحت ما لم تشر إليه منها لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به – ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه بالنسبة لأقوال الشهود يحقق مراد الشارع الذى استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة وحصل مضمونها بطريقة وافيه ولم يجهل بها – كما تدعى الطاعنة في طعنها – أو يحرفها عن مواضعها – على ما يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة – فإن ما تنعاه الطاعنة في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان ما حصله الحكم المطعون فيه من أقوال شهود الإثبات في أنهم ارتابوا في الطاعنة التي كانت في حالة ارتباك أثناء تفتيش أمتعتها له أصله في الأوراق حسبما يبين من المفردات فأن النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم بعد أن حصل مؤدى الأدلة بما يتطابق وما أثبته في واقعة الدعوى عرض إلى الدفع ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه بما أورده من “أن ما أتاه الضابط بفرع الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بميناء القاهرة الجوي من اصطحاب المتهمة إلى مأمور الجمرك لتفتيشها جمركياً – بعد أن توافرت لديه دلائل كافية على اتهامها بجريمة جلب جواهر مخدرة لقدومها من مناطق إنتاج المخدرات وما تلقاه من معلومات تفيد جبها مخدر – لا يعد ذلك قبضاً بالمعنى القانوني إجراء تحفظي تخوله المادة 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972، كما أن لموظفي الجمارك حق تفتيش الأمتعة والأشخاص في حدود الدائرة الجمركية التي يعملون فيها إذا قامت لديهم دواعي الشك ومظنة التهريب في أمر المتهم حسبما نصت المواد من 26 إلى 30 من الفانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك, إذ أن نصوص هذا القانون لا تتطلب بالنسبة إلى الأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية بل يكفى أن تقوم لدى الموظف المسئول بالمراقبة والتفتيش بتلك المناطق حالة تنم عن شبهة في توافر التهريب الجمركي فيها في الحدود المعرف بها في القانون حتى يثبت له حق الكشف عنها وضبطها”، وكان ما أورده الحكم على ما سلف بيانه سديد في القانون ذلك أن المادة 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 إذ نصت في فقرتها الثانية على أنه “وفى غير الأحوال السابقة إذا وجدت دلائل كافية على إتهام شخص بارتكاب جناية أو جنحة سرقة أو نصب أو تعد شديد أو مقاومة لرجال السلطة العامة بالقوة والعنف، جاز لمأمور الضبط القضائي أن يتخذ الإجراءات التحفظية المناسبة …..” فقد دلت على أنه يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يتخذ الإجراءات التحفظية المناسبة قبل الشخص إذا وجدت دلائل كافية على اتهامه بارتكاب جناية أو جنحة من الجنح المنصوص عليها في هذه المادة وتقدير توافر هذه الدلائل على الاتهام التي تبرر اتخاذ الإجراء التحفظي المناسب منوط بمأمور الضبط القضائي تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت – على ما سلف بيانه – بتوافر مسوغات الإجراء التحفظي الذي اتخذه ضابط مكتب مكافحة المخدرات بميناء القاهرة الجوي قبل الطاعنة باقتيادها إلى مأمور الجمرك – وهو ما لا يعد قبضاً كما هو معرف به في القانون – فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من القانون 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك أن الشارع منح موظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة ومظنة التهريب فمين يوجدون بداخل تلك المناطق وأن الشارع – بالنظر إلى طبيعة التهريب الجمركي وصلته المباشرة بصالح الخزانة العامة ومواردها وبمدى الاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير – لم يتطلب بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في احدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور، بل انه يكفى أن يقوم لدى الموظف المنوط بالمراقبة والتفتيش في تلك المناطق حالة تنم عن شبهة توافر التهريب الجمركي فيها – في الحدود المعرف بها في القانون ـ حتى يثبت له حق الكشف عنها، فإذا هو عثر أثناء التفتيش الذى يجريه على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية معاقب عليها في القانون العام، فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة، وكان من المقرر أن الشبهة في توافر التهريب الجمركي حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها في العقل القول بقيام مظنة التهريب من شخص موجود في دائرة المراقبة الجمركية ومتى أقرت محكمة الموضوع أولئك الأشخاص فيما قام لديهم من اعتبارات أدت إلى الاشتباه في الشخص محل التفتيش – في حدود دائرة المراقبة الجمركية – على توافر فعل التهريب فلا معقب عليها. لما كان ذلك وكان البين مدونات الحكم المطعون فيه أن تفتيش الطاعنة الذى أسفر عنه ضبط جوهر المخدر مخبأ داخل سروالها الذى ترتديه تم داخل الدائرة الجمركية بمعرفة موظفي الجمارك – وهم من مأموري الضبط القضائي وبعد أن قامت لديهم من الاعتبارات ما يؤدى إلى الاشتباه في توافر فعل التهريب في حق الطاعنة لما لاحظوه من ارتباكها وما تناهى إليهم من إبلاغ ضابط إدارة مكافحة المخدرات بميناء القاهرة الجوي من أن لديه معلومات تفيد أنها جلبت مادة مخدرة من الخارج وإذ نتج عن التفتيش الذى أجرى دليل يكشف عن جلب مخدر فإنه يصح لاستشهاد بهذا الدليل على تلك الجريمة على اعتبار أنه نتيجة إجراء مشروع قانونا ومن ثم يكون الحكم أصاب صحيح القانون في رفضه للدفع ببطلان القبض والتفتيش. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن نقض الحكم يعيد الدعوى أمام محكمة الإحالة بحالتها الأولى قبل صدور الحكم المنقوض، ولا يقيدها بشيء فعلى فرض مخالفة محكمة الموضوع لقضاء محكمة النقض، فإن ذلك لا يصلح اتخاذه وجهاً للطعن إلا اذا كان محل المخالفة المدعاة يصلح في ذاته لأن يكون موجهاً للطعن على الحكم الجديد وإذ كان وإذ كان حكم النقض السابق صدوره في الدعوى لم يقض ببطلان القبض والتفتيش حسبما تزعم الطاعنة في وجه الطعن وإنما أقام قضاءه على قصور الحكم المنقوض في الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش، وكان الحكم المطعون فيه بريئاً من هذا العيب فإن منعى الطاعنة في هذا الوجه يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .