اليمين الحاسمة في القانون العراقي

يعدّ اليمين من اقدم الظواهر البشرية قدما فهي تتصل بتكوين النفس البشرية وما تنطوي عليه من عوامل الخوف او العجز والحاجة الى الالتجاء الى قوة تسمو على القوة البشرية .

ويعرف اليمين على انه ( اشهاد الله تعالى على صدق ما يقول الحالف تقوية لهذا القول وتعزيزا له ) وهذا عمل ديني ومدني في ان واحد لان توجيهها لا يشجع عليه الا مايؤمل ان يحدثه اشهاد الله عز وجل من خشية في نفس الحالف تدفعه الى قول الصدق ، ولا تعد اليمين الكاذبة جريمة دينية فقط وانما تعد جريمة جنائية ايضا .

فاليمين اذن احدى سبل الاثبات يؤخذ بها في ظل ضمانة الذمة والعقيدة الدينية ويلتجئ اليها في غالب الاحيان من ينقصه الدليل الذي يتطلبه القانون فاليمين نظاما من انظمة العدالة اراد به المشرع ان يخفف من مساوئ تقييد الدليل ، وهي على نوعين يمين حاسمة يوجهها احد الخصوم الى الاخر عن طريق القاضي وفي ظل رقابة الاخير من حيث الصيغة الموجهة بها او ضرورة توجيهها ومدى لزوم ذلك وهي اليمين التي تنتهي بها الدعوى ويمكن تعريفها على انها : قسم بالله يصدر من احد الخصمين على صحة مايدعيه الخصم الاخر وعليه فلا يجوز الحلف بغير الله فذلك غير جائز شرعا .

اما النوع الثاني فهي اليمين المتممة يوجهها القاضي ليستكمل ما يراه بحاجة الى اكمال من ادلة الخصوم . ويمكن توجيه اليمين الحاسمة في اي طلب او دفع وفي اية مرحلة من مراحل الدعوى مع توفر مجموعة من الشروط هي : يجب توجيه هذه اليمين بصدد واقعة مادية لا نصا من نصوص القانون لان الاخير من مهمات القاضي ، ويجب ان تؤدى اليمين امام المحكمة ولا اعتبار بالنكول خارجها وذلك لانها يجب ان تؤدى في ظل رقابة القاضي وموافقته

. كما ان توجيه اليمين الحاسمة يكون حاسما للنزاع كله بحيث تنتهي بها الدعوى وهذا يعود الى طبيعة هذه اليمين في كونها حاسمة للنزاع اي منهية له فلا يمكن ان توجه على سبيل الاحتياط .

ولابد فيمن يوجه اليمين الحاسمة الى خصمه ان يبين الوقائع التي يريد تحليفه عليها ليرى القاضي مدى علاقتها بالدعوى وهل انها منتجة فيها وجائزة الاثبات لان القاضي هو الذي يقدر هذه الامور في نطاق سلطته الموضوعية .

فضلا عن انه يجب ان تتوافر فيمن يوجه اليمين الحاسمة اهلية التصرف في الحق محل اليمين لان توجيهها ينطوي على احتمال فقدان هذا الحق اذا حلف من وجهت اليه لذا فليس للوكيل ان يطلب توجيهها الا بمقتضى تفويض خاص وذلك حسبما تقضي بها الفقرة الثانية من المادة 52 من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل ويشترط ان يكون الموجه اليه اليمين ذا اهلية للتصرف كموجهها .

وفضلا على تلك الشروط فانه يجب ان توجه اليمين الحاسمة الى الخصم الآخر شخصيا ولا يجوز ان توجه الى من يمثله لان الحلف احتكام الى ذمة الشخص وفي هذا الصدد تنص المادة 112 من قانون الاثبات رقم 107 لسنة 1979 على انه (تجري النيابة في طلب تحليف ولا تجري في اليمين وللشخص عندما يحلف على فعله يحلف على الثبات وان حلف على فعل غيره حلف على عدم العلم ) .

وتقضي المادة 111 الفقرة الثالثة من قانون الاثبات انه لايجوز ان توجه هذه اليمين امام محكمة التمييز ولا ارجاء تحليفها الى ما بعد النظر في القضية تمييزا ، ولكن يجوز توجيهها امام اية درجة من درجات المحاكم وفي اية حالة كانت عليها الدعوى بحسب حكم الفقرة الاولى من المادة 116 من قانون الاثبات .

واخيرا فانه لايجوز توجيه اليمين الحاسمة عن واقعة مخالفة للنظام العام والاداب لان الواقعة المخالفة للنظام العام لا يجيز القانون اثباتها اذ ان من شروط الواقعة محل الاثبات ان تكون مشروعة لكن القانون اجاز في الفقرة الثانية من المادة 116 من قانون الاثبات للخصم المتضرر من الواقعة المخالفة للنظام العام او الاداب ان يطلب توجيه اليمين الحاسمة الى خصمه وقد ذهب القضاء الى ذلك ايضا اذ قضت محكمة تمييز العراق بموجب قرارها المرقم 1757 في 16 / 5 / 1968 المنشور في جريدة العلوم القانونية والسياسية بانه يجوز للمعترض ان يوجه اليمين الى المعترض للحلف على انه لم يستوف فوائد اكثر مما هو مسموح به قانونا.

المحامية: ورود فخري