تأجيل دفع الثمن وأثره في بطلان عقد البيع – حكم محكمة النقض المصرية

الطعن 422 لسنة 35 ق جلسة 2 / 12 / 1969 مكتب فني 20 ج 3 ق 193 ص 1248 جلسة 2 من ديسمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وحسين زاكي، ومحمد أسعد محمود.
——————
(193)
الطعن رقم 422 لسنة 35 القضائية

(أ) دعوى. “التدخل في الدعوى”. استئناف. “استئناف رفض طلب التدخل”. حكم. “الطعن في الحكم”.
الحكم بعدم قبول التدخل ممن يطلب الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى. عدم اعتبار طالب التدخل عندئذ خصماً في الدعوى الأصلية أو طرفاً في الحكم الصادر فيها. له مع ذلك استئناف الحكم بعدم قبول تدخله باعتبار أنه محكوم عليه في طلب التدخل. ليس له أن يتدخل في الاستئناف المرفوع عن الدعوى الأصلية.
(ب) استئناف. “الخصوم في الاستئناف”.
عدم جواز رفع الاستئناف المقابل أو الفرعي من غير المستأنف عليه في الاستئناف الأصلي.
(ج) بطلان. “البطلان في الإجراءات”. “تحول الإجراء الباطل إلى إجراء صحيح”.
تحول الإجراء الباطل إلى إجراء صحيح. جوازه إذا كانت العناصر الباقية غير المعيبة يتوافر بموجبها إجراء آخر صحيح.
(د) بيع. “الالتزام بدفع الثمن”. بطلان.
تأجيل دفع الثمن لا يترتب عليه بطلان عقد البيع. التزام المشتري بأداء الثمن في الميعاد وبالكيفية المتفق عليها.

————–
1 – لئن كان من شأن الحكم الابتدائي الذي يقضي بعدم قبول التدخل ممن يطلب الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى ألا يعتبر طالب التدخل خصماً في الدعوى الأصلية أو طرفاً في الحكم الصادر فيها، إلا أنه يعتبر – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – محكوماً عليه في طلب التدخل ويكون له أن يستأنف الحكم القاضي بعدم قبول تدخله، فإذا هو لم يستأنف هذا الحكم فإنه لا يجوز له أن يتدخل في الاستئناف المرفوع عن الدعوى الأصلية.
2 – لا يملك رفع الاستئناف المقابل أو الفرعي غير المستأنف عليه في الاستئناف الأصلي فلا يجوز لمن لم يختصم في الاستئناف الأصلي أن يرفع استئنافاً مقابلاً أو فرعياً وإنما يكون له أن يرفع استئنافاً في الميعاد.
3 – من الجائز أن يتحول الإجراء الباطل إلى إجراء صحيح إذا كانت العناصر الباقية غير المعيبة يتوافر بموجبها إجراء آخر صحيح.
4 – تأجيل دفع الثمن لا يترتب عليه بطلان عقد البيع بل يظل المشتري ملتزماً بأدائه في الميعاد وبالكيفية المتفق عليها بين الطرفين باعتبار أن عقد البيع قد استوفى ركن الثمن.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 756 سنة 1962 مدني الجيزة الابتدائية ضد المطعون عليه الأول طلب فيها الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 23/ 11/ 1961 والمتضمن بيعه إلى الطاعن 25 ف أرضاً زراعية بأشجارها مبينة الحدود والمعالم بالعقد وبصحيفة الدعوى. وقال شرحاً لدعواه أنه بموجب العقد سالف البيان باع له المطعون عليه الأول الأرض الزراعية المشار إليها مقابل ثمن قدره 1500 جنيه نص في العقد على دفعه للبائع، وإذ رفض الأخير أن يسلمه مستندات التمليك فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته. ادعى المطعون عليه الأول بتزوير عقد البيع موضوع الدعوى بتقرير في قلم الكتاب أثبت فيه أن المبيع أطيان زراعية وأن الطاعن أدخل على العقد إضافات بحيث جعل المساحة المبيعة تشمل أرضاً أخرى للمطعون عليه الأول بها حديقة، وأضاف المطعون عليه الأول أن الأرض موضوع العقد قبل التعديل الذي أدخله عليه الطاعن سبق بيعها إلى محمد حسن الجابري، وإذ وقع خلاف بين طرفي هذا البيع فقد حرر المطعون عليه الأول مع الطاعن عن هذه الأرض عقد البيع المؤرخ 23/ 11/ 1961 وحررت في ذات التاريخ ورقة ضد أقر فيها الطاعن بأن العقد المحرر بينه وبين المطعون عليه الأول لم يدفع فيه ثمن وبأنه مجرد مشروع بيع لا ينفذ إلا إذا فسخ العقد المبرم مع محمد حسن الجابري، وانتهى المطعون عليه الأول إلى طلب الحكم برد وبطلان العبارات المضافة بالعقد المقدم من الطاعن وبرفض الدعوى. طلبت المطعون عليهما الثانية والثالثة التدخل في الدعوى منضمتين إلى المطعون عليه الأول في طلباته تأسيساً على أن الطاعن أدخل إضافات على عقد البيع الصادر له من المطعون عليه الأول بحيث جعله يشمل تسعة أفدنة من الحديقة المبيعة لهما من المطعون عليه الأول، وقالتا أنهما تقصران طلب رفض الدعوى على هذا القدر. وبتاريخ 4/ 12/ 1963 حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى وبعدم قبول تدخل المطعون عليهما الثانية والثالثة. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 261 سنة 81 ق القاهرة، كما رفعت المطعون عليهما الثانية والثالثة استئنافاً فرعياً عن هذا الحكم قيد برقم 129 سنة 82 ق القاهرة. وأثناء نظر الاستئناف قدم الطاعن عقد صلح تاريخه 13/ 3/ 1963 أبرم بينه وبين المطعون عليه الأول أقر فيه هذا الأخير بطلبات الطاعن في الدعوى. وبتاريخ 27/ 4/ 1965 حكمت المحكمة في الاستئناف الأصلي برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وفي الاستئناف الفرعي بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم قبول تدخل المطعون عليهما الثانية والثالثة وبقبول تدخلهما وبتأييد الحكم فيما عدا ذلك. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى بقبول الاستئناف الفرعي المرفوع من المطعون عليهما الثانية والثالثة مع أن محكمة أول درجة قضت بعدم قبول تدخلهما منضمتين إلى المطعون عليه الأول، ومؤدى ذلك أنهما لا تعتبران خصوماً في الدعوى فلم يختصمها الطاعن في الاستئناف ولا يكون لهما الحق في رفع استئناف فرعي، وإنما كان عليهما أن يطعنا على الحكم بالاستئناف في الميعاد.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه كان الثابت في الدعوى أن المطعون عليهما الثانية والثالثة طلبتا أمام محكمة أول درجة تدخلهما في الدعوى منضمتين للمطعون عليه الأول في طلباته استناداً إلى أن الطاعن أدخل إضافات على عقد البيع الصادر له من المطعون عليه الأول بحيث جعله يشمل تسعة أفدنة من الحديقة المبيعة لهما من المطعون عليه المذكور وطلبتا رفض الدعوى بالنسبة لهذا القدر، وكان هذا التدخل وإن وصفته المطعون عليهما الثانية والثالثة بأنه انضمامي، إلا أنه في حقيقته وبحسب مرماه تدخل هجومي من ذلك أنهما وإن لم تطلبا صراحة الحكم لنفسيهما بالملكية إلا أنها تعتبر مطلوبة ضمناً بتأسيس تدخلهما على ادعائهما لنفسيهما في خصوص تسعة أفدنة، ولئن كان من شأن الحكم الابتدائي الذي يقضي بعدم قبول التدخل ممن يطلب الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى ألا يعتبر طالب التدخل خصماً في الدعوى الأصلية أو طرفاً في الحكم الصادر فيها إلا أنه يعتبر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – محكوماً عليه في طلب التدخل ويكون له أن يستأنف الحكم القاضي بعدم قبول تدخله فإذا هو لم يستأنف هذا الحكم فإن لا يجوز له أن يتدخل في الاستئناف المرفوع عن الدعوى الأصلية، وكان لا يملك رفع الاستئناف المقابل أو الفرعي غير المستأنف عليه في الاستئناف الأصلي فلا يجوز لمن لم يختصم في الاستئناف الأصلي أن يرفع استئنافاً مقابلاً أو فرعياً وإنما يكون له أن يرفع استئنافاً في الميعاد. لما كان ذلك وكانت محكمة أول درجة قد انتهت إلى عدم قبول تدخل المطعون عليهما الثانية والثالثة مما مؤداه عدم اعتبارهما خصوماً في الدعوى الصادر فيها الحكم، وإذ لم يختصمهما الطاعن في الاستئناف الذي رفعه عن هذا الحكم فإنه لا يجوز لهما رفع استئناف فرعي عنه، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول الاستئناف الفرعي المرفوع منهما قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص. ولما كان من الجائز أن يتحول الإجراء الباطل الذي اتخذته المطعون عليهما الثانية والثالثة برفع الاستئناف الفرعي إلى إجراء صحيح إذا كانت العناصر الباقية غير المعيبة منه يتوافر بموجبها إجراء آخر صحيح، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم كيف عقد البيع موضوع النزاع بأنه مشروع غير ملزم للطرفين لأن ثمناً ما لم يدفع فيه، هذا في حين أنه ثابت من الإقرار الموقع عليه من الطاعن أنه التزم بأداء الثمن في أجل معين وهذا التأجيل في دفع الثمن ليس من شأنه أن يجعل العقد غير قائم، وقد أوفى الطاعن بكامل الثمن على ما هو ثابت في عقد الصلح المبرم بينه وبين المطعون عليه الأول والمقدم إلى محكمة الاستئناف لإلحاقه بمحضر الجلسة، غير أن الحكم المطعون فيه خالف الثابت بعبارة الإقرار المشار إليه ولم يلتفت إلى ما جاء بعقد الصلح تأسيساً على أنه إجازة لعقد باطل بطلاناً مطلقاً وأن الإجازة لا ترد على مثل هذا العقد مع أن مجرد تأجيل دفع الثمن ليس من شأنه أن يجعل عقد العمل باطلاً بطلاناً مطلقاً.
وحيث إن هذا النعي صحيح أيضاً، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن تأسيساً على أن عبارة الإقرار المؤرخ 23/ 11/ 1961 تفيد أن عقد البيع ينقصه ركن الثمن مما يجعله باطلاً، وإذ يبين من المحرر المشار إليه أن الطاعن قد أقر فيه بما يلي “وأقرر أيضاً بأن الثمن وقدره 1500 جنيه المذكور في عقد البيع الابتدائي بأنه دفع وقت تحرير العقد فحقيقته كالآتي 500 جنيه تترك طرف المشتري – الطاعن – لحساب بنك الائتمان والحساب عليها حسبما يخصصه البنك المذكور على هذه الأطيان من السلفة المقيدة باسم البائع – المطعون عليه الأول – وما يفيض بعد استنزال مطلوب البنك المذكور يصير دفعه إلى البائع فوراً 1000 جنيه، تعهد المشتري بدفع هذا المبلغ إلى وتحت أمر السيد البائع الأستاذ عبد الرحيم مصطفى صالح تحت طلبه وإذنه”، وكانت هذه العبارة من الإقرار واضحة في أن الثمن قد حدد باتفاق الطرفين ولكنهما نظما كيفية دفعه في الأجل المتفق عليه، وكان تأجيل دفع الثمن لا يترتب عليه بطلان عقد البيع بل يظل المشتري ملتزماً بأدائه في الميعاد وبالكيفية المتفق عليها بين الطرفين، فإن عقد البيع موضوع الدعوى يكون قد استوفى ركن الثمن. وإذ خالف الحكم المطعون فيه مفهوم العبارة الواضحة للمحرر المشار إليه وقرر أن العقد باطل لأن ركن الثمن ينقصه وأنه لهذا لا تلحقه الإجازة بالصلح الذي تم بين الطرفين ورتب على ذلك قضاءه برفض الدعوى، فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق بما يستوجب نقضه لهذا السبب أيضاً دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .