النقود الإلكترونية

مقدمة
تواجه الشكلية القانونية المستمدة من القانون الروماني منذ حوالي خمسة عشر عاما تحديا جديدا يشابه ذلك التحدي الذي واجهته أبان ظهور مبدأ سلطان الإرادة في القرن التاسع عشر ويتمثل هذا التحدي بثورة الاتصالات والمعلوماتية التي ألقت بظلالها على أوجه النشاط الإنساني كافة.

وقد بدأت هذه الثورة تلقي بظلالها على علم القانون فغيرت وبدلت الكثير من المفاهيم التي درج الفقه والتشريع والقضاء على عدها من المسلمات التي لا تتقبل النقاش فأصبحت بديهيات الأمس آراءاً تقليدية يسعى الكثير إلى التخلص منها تارة بالتفسير الواسع وأخرى بالنص على ما يخالفها.

ولعل الصعوبة الكامنة في تأثيرها هو عدم التوافق بين السرعة التي تتطور بها تقنية المعلومات والوقت الطويل الذي تحتاجه القاعدة القانونية لكي تثبت وترسخ في التطبيق وهو ما جعل المشتغلين في حقل القانون أمام تحد كبير يتمثل في الموائمة بين هذين الأمرين.

ويعد موضوع النقود الالكترونية من الموضوعات الحديثة في هذا الصدد والتي لم تجد،لحد يومنا،معالجة قانونية كاملة في الدول المتقدمة فضلا عن الدول الأخرى التي لم تألف هذا النوع من التعامل بعد حتى تفكر في حل له.

ولكي نكون سباقين في المعالجة القانونية فنعالج المشكلة قبل أن تدهمنا،وهي ستدهمنا لا محالة، رأيت أن اختار هذا الموضع عنوانا لبحث الذي توزع الكلام فيه على ثلاثة مطالب قدمت لها بتمهيد حول تعريف النقود الالكترونية لما يقتضيه بحث الموضع من تعريف به أولا.

ثم تطرقت في المطلب الأول إلى خصائص النقود الالكترونية واقتصرت فيه على بحث الخصائص التي تميز النقود الالكترونية والتي تؤثر في التنظيم القانوني لها وقد توزع الكلام في هذا المطلب على فقرتين.

وفي المطلب الثاني كان البحث حول آلية التعامل بالنقود الالكترونية وهو أمر ضروري للتعرف على كيفية استخدام النقود الالكترونية لكي يمكن التعرف بصورة أدق على المشاكل الذي تنشأ من هذا الاستخدام تلك المشاكل التي كان موضوعا للمطلب الثالث الذي توزع الكلام فيه على فرعين كان الأول حول طبيعة النقود الالكترونية فيما خصص الفرع الثاني لبحث مدى كفاية النقود الالكترونية للوفاء. ثم أنهيت الكلام بخاتمة استعرضت فيها أهم ما توصلت إليه في البحث الذي أرجو أن يقدم شيئا للمشتغلين في حقل القانون.

تمهيد:تعريف النقود الالكترونية

هناك عدة تعاريف للنقود الالكترونية فقد عرفها البعض بأنها دفع أو تحويل الودائع المدخلة والمعالجة الكترونيا ضمن أنظمة البنوك الالكترونية (1) غير أن هذا الملاحظ على هذا التعريف أنه يتطرق إلى وسيلة تحويل القيمة الكترونيا دون أن يتطرق إلى تعريف القيمة النقدية نفسها.

فيما ذهب رأي آخر إلى أن النقود الالكترونية هي بطاقات تحتوي على مخزون الكتروني أو أرصدة نقدية محملة الكترونيا على بطاقة تخزين القيمة (2) غير أن هذه التعريف لم يعرف هو الآخر النقود الالكترونية بل عرف الوسيلة التي يتم فيها خزن أو حفظ تلك النقود.

ويرى تعريف أكثر دقة أن النقود الالكترونية عبارة عن سلسلة من الأرقام التي تعبر عن قيم معينة تصدرها البنوك التقليدية أو الافتراضية لموديعها ويحصل هؤلاء عليها في صورة نبضات كهرومغناطيسية على كارت ذكي أو على القرص الصلب (3) غير أن هذا التعريف،وإن كان مستوفيا للمعنى الفني والمادي للنقود الالكترونية، ينقصه الجانب الموضوعي في تعريف النقود الالكترونية.

مما تقدم يمكننا أن نعرف النقود الالكترونية بأنها عبارة عن قيمة نقدية بعملة محددة تصدر في صورة بيانات الكترونية مخزنة على كارت ذكي أو قرص صلب بحيث يستطيع صاحبها نقل ملكيتها إلى من يشاء دون تدخل شخص ثالث.

وتجدر الإشارة إلى أن النقود الالكترونية عبارة عن وسيلة من وسائل الدفع الالكتروني الذي يتم بعدة وسائل أخرى غير النقود الالكترونية وهذا ما يتناقض مع استخدام البعض (4) لمصطلح النقد الالكتروني للدلالة على كل أنواع الدفع التي تتم بطريقة الكترونية، غير أن هذا الاستخدام بدأ ينحسر مع تبلور مفهوم النقود الالكترونية وتحديد معناها.

إذ يختلف مصطلح النقود الالكترونية عن البطاقات المصرفية الالكترونية مثل بطاقة الائتمان (5) وبطاقة السحب الآلي (6) وبطاقة الدفع (7) وبطاقات الصرف البنكي (8) والبطاقات الذكية (9) وبطاقات الموندكس (10)

كما يختلف مفهوم النقود الالكترونية عن التحويل الالكتروني الذي يعني تحويل قيمة نقدية من حساب إلى آخر بوسيلة الكترونية (11) وهو بالتالي لا يتضمن تمثل قيمة نقدية معينة في كيان مادي بل هو عبارة عن رقم يتحول من حساب إلى آخر وكل ما في الأمر أن التحويل يتم طلبه بوسيلة الكترونية دون أن يختلف عن التحويل العادي الذي يتم في المعاملات الورقية.

كذلك تختلف النقود الالكترونية عن الوسائط الالكترونية المصرفية وهي مجموعة من الخدمات التي تقدمها المصارف يمكن بواسطتها للعملاء الاستفادة من خدمات المصرف عبر الانترنيت مثل الهاتف المصرفي وخدمات المقاصة الالكترونية والانترنيت المصرفي (12).

المطلب الأول: خصائص النقود الالكترونية

لقد بينا فيما سبق أن النقد الالكتروني نمط جديد من أنماط النقود وهو ما يترتب عليه وجود اختلافات بينها وبين ما سبق من أنماط النقود وهذه الاختلافات بحد ذاتها يمكن أن نعدها خصائص للنقود الالكترونية.

لكننا هنا سنحاول الاقتصار على الخصائص التي ستلقي بآثارها على دراستنا القانونية للنقد الالكتروني والتي يمكن القول أن أهمها هي دفعها عبر شبكة الكترونية ووجوب توافر نظام مصرفي معد لغرض التعامل مع النقد الالكتروني وسنتناول كلا من هاتين الخاصيتين في فقرة مستقلة

أولا: دفع النقود عبر شبكة الكترونية

من خلال تعريف النقود الالكترونية يتبين لنا أنها لا يمكن أن تستخدم إلا بوجود جهاز حاسوب مرتبط عبر شبكة الكترونية خاصة أو عامة (13)

إن هذه الخاصية تجعل من النقود الالكترونية ذات طابع دولي ذلك أن فضاء الشبكات الإلكترونية لا يتقيد بالحدود الجغرافية لدولة معينة بل يمتد ليشمل أرجاء المعمورة وهو ما يستلزم تنظيما دوليا لهذه النقود.

كما يترتب على هذه الخاصية عدم ضرورة المعاصرة الزمانية أو التواجد في مكان واحد أثناء استعمال العملة الإلكترونية فلا يشترط أن يكون دافع النقود ومن تدفع له متواجدين في مكان أو زمان واحد حتى تتم عملية الدفع بل يمكن أن تتم العملية من خلال وجود طرف واحد.

ثانيا: وجود نظام مصرفي معد لغرض التعامل بالنقود الإلكترونية

إن الآلية التي تستخدم بها النقود الإلكترونية تستلزم نظاما مصرفيا خاصا تضعه البنوك سواء كانت بنوك حقيقة أو افتراضية (14) وقد لاحظنا في المطلب الثاني أن هناك نظامين معدين لهذا الغرض الأول والثاني.

وكلا هذين النظامين يستلزم نظاما مصرفيا خاصا يقوم على حماية السرية والأمن لأن فضاء الانترنيت يقوم على وجود أرقام متسلسلة ترمز إلى القيمة النقدية وهذه الأرقام تستخدم لمرة واحدة كما رأينا بحيث يقوم المصرف بتغيير الرقم المتسلسل عند انتقال النقود الالكترونية من شخص لآخر وهذا ما يستلزم نظاما مصرفيا خاصا.

المطلب الثاني:آلية التعامل بالنقد الالكتروني

يبدأ التعامل بالنقد الالكتروني من خلال إصدار المصرف لعملة الكترونية تعبر عنها سلسلة من الأرقام العشوائية التي تسمى الرقم المتسلسل للعملة ويتم حفظ هذا الرقم في بطاقة أو في جهاز العميل.

بعد ذلك يقوم العميل باستخدام هذه النقود عن طريق منح الرقم المتسلسل،مشفرا، إلى من يتعامل معه فيقوم هذا الأخير بالاتصال بالمصرف لاستصدار عملة جديدة باسمه أو لتحويل القيمة النقدية إلى حسابه ويقوم المصرف من خلال قائمة الأرقام الموجودة لديه بالتحقق من كون هذه النقود صادرة منه ومن كونها لم تصرف بعد (15)

غير أن هذه الطريقة منتقدة من وجهين الأول أن التاجر أو من يتعامل مع العميل لا يستطيع التحقق من كون هذه النقود قد صرفت سابقا أو لا وإذا أمكنه ذلك فإنه يكون بعد فوات الأوان،أما الوجه الثاني فإن هذه الطريقة تجعل الرقم المتسلسل الذي يفترض أن يكون سريا معرضا للكشف عندما يقوم المصرف بالتأكد من رقم العملة المتسلسل (16)

لذلك فقد برزت تقنية العملة المخفية التي تعتمد على وجود رقم متسلسل مضروب في عامل حسابي (رقم مخفي يمتلكه العميل فقط ) وهذه التقنية توفر السرية والخصوصية التي تدفع الكثيرين للتعامل مع تقنية النقود الالكترونية (17).

أما معرفة كون النقود قد صرفت أو لا فقد استعملت لهذه الخدمة عدة تقنيات تجعل من الممكن للتاجر أن يعرف فيما إذا كانت النقود قد صرفت أو لا وهو ما يمنع التلاعب من البعض بصرف النقود لأكثر من مرة (18)

المطلب الثالث: المشاكل الناشئة عن استخدام النقود الالكترونية

لا ريب أن استخدام النقود الالكترونية يثير عددا من المشاكل الفنية والمالية والاقتصادية والقانونية ذلك أن هذه النقود نمط جديد يختلف عما اعتاد عليه البشر في حياتهم الماضية من تجسد القيمة النقدية في شيء ملموس يرى بالعين المجردة ولا يحتاج إلى واسطة لكي يتم التعامل بها.

ولأن بحثنا متركز على بحث النقود الالكترونية من الناحية القانونية لذا سوف نقتصر على ما نراه ينشأ من مشاكل قانونية في حال استخدام النقود الالكترونية.

يمكن القول أن النقود الالكترونية تثير مشكلة طبيعتها أولا وتثير مشكلة مدى إمكانية قبولها للوفاء بالالتزامات بديلا عن النقود الورقية

الفرع الأول: طبيعة النقود الالكترونية

نرى من الضروري تقسيم الكلام في هذا الفرع على فقرتين الأولى تعالج الطبيعة القانونية للنقود الالكترونية فيم يتم تخصيص الفقرة الثانية لبحث الطبيعة الواقعية للنقود الالكترونية والتي سوف تحدد نوع الحق الوارد عليها

أولا:الطبيعة القانونية للنقود الالكترونية

تختلف الأوراق النقدية عن بقية أنواع الأوراق التي تمثل قيمة معينة ويتم التعامل بها فهي تختلف عن الأوراق التجارية والأوراق المالية ولعل جوهر هذا الاختلاف هو إصدار هذه العملة بقانون وطبعها بشكلية معينة تصدر عن البنك المركزي وهو ما يجعلها ملزمة القبول لدى الفرد بحيث لا يستطيع أحد رفضها في التعامل (19).

إن هذا الاختلاف يثير تساؤلا حول طبيعة القيمة المالية المخزنة الكترونيا ذلك أنها قد تصدر من البنك المركزي وقد تصدر (نظريا ) من مؤسسات مالية أخرى وهو ما يجعل عدها نقودا يلزم الأفراد بقبولها في التعامل أمرا محل نظر (20).

وقد عولجت هذه المشكلة في الولايات المتحدة وفي الاتحاد الأوربي عن طريق منع إصدار النقود الالكترونية أو أي وسائل الدفع الالكتروني إلا من المؤسسات المالية الائتمانية أو تحت إشرافها وهو تقييد لإصدار العملة الالكترونية (21).

غير أن هذا الحل ليس حلا سليما برأينا ذلك أن إصدار العملة يرتبط مباشرة بالسياسة الاقتصادية التي يجب أن تنفرد الدولة بتقريريها وهو ما لا يمكن مع وجود جهات أخرى لإصدار النقود.

بالإضافة إلى ذلك فإن العملة الالكترونية تستخدم كما رأينا عبر شبكة الكترونية وهو ما يجعلها تتجاوز الجغرافية والتي تحدد النطاق المكاني للسيادة الوطنية فإذا كانت النقود الالكترونية تتجاوز الحدود الجغرافية وتتسم بالطابع الدولي فهي تشكل خطرا على السيادة الوطنية (22)

إن الحل الأسلم في نظرنا هو وجود تنظيم قانوني دولي لمسألة إصدار العملة الالكترونية لأن هذه العملة كما تقدم من تعريفها وخصائصها ذات طابع دولي لا يمكن حصر التعامل بها داخل حدود دولة معينة.

ثانيا: الطبيعة الواقعية للعملة الالكترونية

إن كون النقود الالكترونية بيانات مخزنة على الحاسب الآلي وهو ما يطرح سؤالا حول كون هذه النقود شيئا ماديا فيكون ملكيته ملكية أي مال مادي أي أنها حقا عينيا أو أن هذه النقود هي أشياء غير مادية تكون الملكية فيها ملكية أدبية أو ذهنية.إن الإجابة على هذا السؤال ينبغي أن تكون مسبوقة ببيان كيفية خزن المعلومات على الحاسب الآلي لأن العملة الالكترونية واحدة من أنماط هذه المعلومات.

إن العملة الالكترونية تخزن على مادة قابلة للتمغنط تتيح تضمين المعلومات فيها عن طريق مغنطة كل نقطة من نقاطها بإمرار تيار كهربائي فيها (23) إذ تتم الاستفادة من قابلية هذه المادة للتمغنط بالاعتماد على نظام الأرقام الثنائية (نظام 1،0) (24) حيث تكون مغنطة نقطة باتجاه عقارب الساعة مثلا ستجعلها تُقرأ في الحاسوب بوصفها الرقم 1 ولكن لو تمت مغنطتها باتجاه معاكس فستقرأ بوصفها الرقم صفر (25) وبتجميع الأرقام الموجودة في عدة نقاط سوف يتكون رمز معين يمثل كتابة أو معلومات بموجب أنظمة معدة تزود بها أجهزة الحاسوب (26).

مما تقدم نلاحظ أن العملة الالكترونية هي تمثل مادي للقيمة النقدية وبالتالي فإن الحق الوراد عليها هو حق عيني ولا يمنع من ذلك كونها غير قابلة للاستخدام إلا عبر جهاز الحاسوب لأن هذه الصفة تنافي قابلية الرؤية للعملة الالكترونية ولكنها لا تنافي ماديتها

الفرع الثاني: مدى كفاية النقود الالكترونية للوفاء بالالتزامات

يمكن القول بأن هذه المشكلة هي أهم المشاكل التي تنشأ عن استخدام العملة الالكترونية في إطار المعاملات المالية لأن الغرض من النقود بصورة عامة هو الوفاء بالالتزامات تترتب على الأشخاص عن طريق نقل ملكية النقود. فهل تكفي النقود الالكترونية للوفاء بالالتزامات المالية مثلها مثل النقود وتطبق عليها نفس أحكام النقود الورقية ؟

إننا نرى أن النقود الالكترونية هي مرحلة جديدة من مراحل التعامل الإنساني المالي الذي بدأ باستخدام المقايضة وسيلة للحصول على السلع والخدمات ثم ما لبث أن تحول الإنسان إلى استخدام الذهب والفضة بوصفهما مقياسا لقيمة الأشياء قبل أن تصدر المسكوكات المعدنية التي مثلت المرحلة الأولى من مراحل ظهور العملة التي تطورت لتصبح أوراقا نقدية مطبوعة بشكلية معينة يقوم على أساسها قيمة الأشياء (27).

إن هذا التطور التاريخي يعبر عن حقيقة مهمة هي أن النقد بصورة معينة ليس له قيمة في حد ذاته بل هو رمز لقيمة معينة يتسالم الأفراد على مساوته بها والدليل على ذلك أن صدور قانون بإلغاء عملة معينة أو تغيير شكلها سوف يسلب من العملة القديمة القيمة التي كانت ترمز لها (28).

وما دامت العملة رمزا لقيمة محددة يكون القانون هو الفيصل في تحديدها فيمكن أن يكون هذا الرمز مسكوكة معدنية ويمكن أن يكون ورقة نقدية تطبع بشكل معين كما يمكن أن يكون مجموعة من البيانات المخزنة الكترونياً.

وهذا لا يعني أن تكون هذه النقود شيئا مختلفا عن النقود الورقية أو المعدنية بل هي رمز لشيء واحد هو القيمة المالية وبالتالي فإن قيام المدين بالوفاء بأي منها سوف يكون مبرئا لذمته ولن يعد هنا الوفاء وفاءا بمقابل.

كما يترتب على ذلك أيضا أن ملكية النقود الالكترونية تنتقل بالتسليم (29) وهو تسليم مادي وليس تسليما معنويا لأن الفيصل في التفرقة بين نوعي التسليم هو قيام الموفي بعمل مادي (30) ولا شك أن تسليم النقود الالكترونية يتم بعمل مادي هو نقل البيانات التي ترمز للقيمة المالية من حيازة شخص إلى آخر.

لكن التعامل بالنقد الالكتروني يحتاج إلى تهيئة تنظيم قانوني للمصارف التي تتعامل به إذ ((تخفي عوالم البنوك الالكترونية وتحديدا مشاكل الدفع والوفاء بالالتزامات ومشاكل تقديم الخدمة وما تثيره من مسؤوليات حزمة معتبرة من المشكلات والنزاعات المتوقعة تتطلب جاهزية تتفق مع مخاطرها )) (31)

خاتمة

لقد تبين لنا من خلال البحث أن النقود الالكترونية هي عبارة عن قيمة نقدية بعملة محددة تصدر في صورة بيانات الكترونية مخزنة على كارت ذكي أو قرص صلب بحيث يستطيع صاحبها نقل ملكيتها إلى من يشاء دون تدخل شخص ثالث.ولقد قمنا بالتمييز بين النقود الالكترونية وبين بقية وسائل الدفع الالكترونية وذلك الفرق القائم على أساس وجود شخص ثالث يتدخل في بقية وسائل الدفع الالكترونية.

ثم بينا خصائص النقود الالكترونية التي تتمثل بدفعها عبر شبكة الكترونية، وما يترتب على ذلك من تجاوز النقود الالكترونية للحدود الجغرافية، وتتمثل بوجوب توفر نظام مصرفي معد لغرض التعامل مع النقود الالكترونية.

ثم تطرقنا إلى الآلية التي يتم بها التعامل بالنقود الالكترونية وقد تبين لنا كيف أن هذه الآلية تقوم على ثنائية الأطراف لا على ثلاثية الأطراف كما هو الحال في بقية أنواع الوسائل الوفاء الالكتروني.

كما تطرق البحث إلى المشاكل القانونية التي تنشأ من التعامل بالنقد الالكتروني وتمثلت في تحديد طبيعة النقود الالكترونية سواء كانت الواقعية أو القانونية ومدى كفاية النقود الالكترونية للوفاء بالالتزامات.

وبعد دراسة الموضوع توصلنا إلى النتائج الآتية:

1. إن النقود الالكترونية تمثل انعطافة في تاريخ التعامل الإنساني الذي بدأ بالمقايضة لينتهي إلى ترميز القيمة المالية في بيانات مخزنة الكترونيا وهذا النمط يحتاج إلى النظر إلى المفهوم الوظيفي للنقود لا إلى المفهوم الماهوي فالنقود رمز لقيمة مالية تقاس على أساسها قيمة السلع والخدمات وليس ضروريا أن تكون بماهية معينة فيمكن أن تكون ورقا أو معدنا أو بيانات الكترونية.ظ

2. إن النقود الالكترونية تحتاج إلى اعتراف قانوني حتى يمكن عدها نقودا بالمعنى القانوني لكن هذا الاعتراف يجب أن يأتي في إطار تنظيم قانوني دولي لأن هذه النقود كما تبين عند بحث خصائصها ذات طبيعة دولية لا يمكن السيطرة على التعامل بها في إطار الحدود الجغرافية لدولة معينة.

3. إن الحق الوارد على النقود الالكترونية حق وارد على شيء مادي ولا يمكن أن يكون شرط وجود الحاسوب للتعامل بها مانعا من ذلك لأن وجوب التعامل عبر شبكة الكترونية لا ينفي ماديتها.

4. إن النقود لا تعد شيئا مختلفا عن النقود الورقية أو المعدنية فهي رموز لقيمة واحدة وبالتالي لا يعد الوفاء بها إلا دفعا لمبلغ نقدي محدد يبرئ ذمة دافعه ولن يكون وفاءا بمقابل.

________________________________________

المصادر

أولا: الكتب

1. د.آدم النداوي،شرح قانون الإثبات،بغداد،1986

2. _______،الموجز في شرح قانون الإثبات، بغداد،1990

3. د. أحمد صدقي محمود، الوجيز في قانون المرافعات،دون مكان طبع، 2001

4. أحمد نشأت،رسالة الإثبات، ط4، مطبعة الاعتماد، مصر،1947

5. د.حسن الهداوي، ود. غالب الداودي، القانون الدولي الخاص، الجزء الأول، الجنسية والموطن ومركز الأجانب، بغداد، 1988

6. المحامي حسين المؤمن،نظرية الإثبات،القواعد العامة والإقرار واليمين،طبع دار الكتاب العربي،القاهرة،1948،

7. د. سعدون العامري،موجز في نظرية الإثبات، ط1،مطبعة المعارف،بغداد، 1966

8. د.عباس العبودي، شرح قانون الإثبات المدني، الطبعة الأولى (الإصدار الثاني )،دار الثقافة للنشر والتوزيع،عمان،2005

9. ___________، شرح أحكام قانون البينات،الطبعة الأولى الإصدار الثالث،دار الثقافة للنشر والتوزيع،عمان،2007

10. د.عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني،ج2،نظرية الالتزام بوجه عام (الإثبات – آثار الالتزام )،دار النشر للجامعات المصرية، القاهرة،1956.

11. د.عبد المنعم البدراوي، المدخل للعلوم القانونية، دار النهضة العربية، بيروت، 1966

12. د.علي محمد بدير وآخرون، مبادئ وأحكام القانون الإداري،جامعة بغداد، 1993،

13. د.محمود السيد التحيوي، إجراءات رفع الدعوى،الأصل والاستثناء، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية،2003

14. د.مفلح عواد القضاة،البينات في المواد المدنية والتجارية،ط1 دار الثقافة للنشر والتوزيع،عمان،2007

ثنيا المجاميع القضائية

1. إبراهيم المشاهدي، المبادئ القانونية في قضاء محكمة التمييز،القسم المدني، مطبعة العمال المركزية،بغداد،1988

2. __________، المبادئ القانونية في قضاء محكمة التمييز،قسم الإثبات، مطبعة الجاحظ،بغداد،1994

ثالثا: التشريعات
3. قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969
4. قانون الإثبات العراقي رقم 107 لسنة 1979
5. قانون المرافعات المصري رقم 13 لسنة 1968
6. قانون الإثبات المصري رقم 25 لسنة 1968
7. قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني المرقم 90 لسنة 1983
8. قانون المرافعات المدنية والتجارية الكويتي رقم 38 لسنة 1980
9. قانون البينات الأردني رقم 20 لسنة 1925