تأثير الفواعل غير الدولية على حقوق الإنسان

الاستاذة مخلوفي خضرة، أستاذ مساعد بقسم الحقوق، جامعة محمد لامين دباغين-سطيف2، الجزائر

ملخص
تتناول هذه الدراسة موضوع العلاقة بين الفواعل غير الدولاتية وحقوق الإنسان، حيث تُظهر وجود نظام قانوني دولي يسمح لها بممارسة نشاطاتها في الدفاع عن القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان، ولكن هذا لا يعني وجود نوع واحد من الفواعل غايته حماية حقوق الإنسان، حيث أثبتت الدراسة أن هناك نوع آخر يسعى لتحقيق مكاسب ذاتية، مادية، تتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان لابد من التصدي لها بفرض الرقابة على أنشطتها وتقييدها ومعاقبة المنتهكين.

وفي سبيل حماية حقوق الإنسان، تنشط الفواعل غير الدولية بأشكال متعددة، إما في شكل منظمات غير حكومية داخلية أو دولية، وإما شكل مجتمع مدني عالمي أو داخلي أو في شكل أفراد، وتمارس مهام متعددة منها المشاركة في إعداد التقارير المراجعة الدورية الشاملة التي تقدم إلى مجلس حقوق الإنسان أو عن طريق عملية الضغط على المؤسسات الحكومية لتبني تشريعات تستهدف حماية الحقوق والحريات، وقد كان لهم جميعا دور كبير في تطوير منظومة حقوق الإنسان وإثرائها وفي ابتكار مفاهيم حقوقية جديدة كالمساواة التفاضلية والخصوصية الثقافية.

Abstract

This study deals with the relationship between non-state actors and human rights. It shows the existence of an International legal system that allows them to exercise their activities in defending human rights issues. However, this does not mean that there is one type of non-state actors which aims to protecting human rights. But there are others seek material gains, incompatible with human rights principles. They must be addressed by imposing controls on their activities, restricting them and punishing violators.

In order to protect human rights, non-state actors are active in various forms, either in the form of internal or international non-governmental organizations, or in the form of a global or internal civil society, or in the form of or individuals. They are involved in the preparation of periodic review reports or through pressure on government institutions to adopt legislation for the protection of rights and freedoms. All of them have played a major role in developing and enriching the human rights system and in devising new human rights concepts such as differential equality and cultural diversity.

مقدمة
عرفت فترة ما بعد الحداثة عدة تحولات على مستوى الدولة والقانون، وحتى على مستوى العملية التشريعية، فقد أشار العديد من الكتاب إلى تراجع دور الدولة في العملية التشريعية، بعدما تخلت الدول تدريجيا عن دورها المركزي في عملية التنظيم القانوني، وبذلك فتحت الأبواب أمام الفواعل غير الدولاتية للبروز والنشاط في هذا المجال وهذا ما ساهم في ظهور مفاهيم التعددية القانونية والتشريعية.

وفي مجال حقوق الإنسان، الدولة هي المكلفة بحماية لحقوق الإنسان ورغم ذلك فإنها تعتبر المنتهك الأول لها، وهذا ما أدى إلى تفعيل دور الفواعل غير الدولاتية وازدياد تدخلها بحيث أصبحت تتفوق أحيانا على الدولة في حد ذاتها، وفي هذا الصدد يقول

Emmanuel Decaux “:“Moins d’état signifie moins de droit, en tous cas-moins de droit international public”

أي أن تراجع الدولة لا يعني تراجع القانون ككل، وإنما تراجع القانون الذي تصنعه الدولة بمفردها، مقابل زيادة القوانين التي تصدر بمشاركة فواعل أخرى مدنية، سواء على المستوى فوق الدولة أو تحت الدولة، وهذا ما انعكس على مستوى قانون حقوق الإنسان، حيث نلاحظ بروز فواعل عديدة في هذا المجال كوسطاء أو كحامين أو حتى كمنتهكين لحقوق الإنسان، ونظرا لتزايد الحديث عن هذه الفواعل ارتأينا دراسة هذا الموضوع من خلال طرح الإشكالية التالية:

ما الدور الذي تلعبه الفواعل غير الدولاتية في مجال حقوق الإنسان؟

وسنناقش هذه الإشكالية ضمن التساؤلات التالية:

– هل يساعد النظام الدولي الحالي على تهيئة الظروف وتفعيل دور هذه الفواعل في مجال حقوق الإنسان؟ – ماهي الفواعل غير الدولاتية الناشطة في مجال حقوق الإنسان؟.

-هل كل الفواعل تعمل لصالح حقوق الإنسان ؟.

أولا:النظام القانوني الدولي المساعد لنشاط الفواعل غير الدولية في مجال حقوق الإنسان

ساهم المناخ الدولي الذي وفرته المواثيق الدولية لبروز ووجود فواعل غير دولية تعمل على مختلف المستويات من أجل الدفاع عن القضايا التي تؤمن بعدالتها، ومن بين هذه الظروف، نص المادة 71 ميثاق الأمم المتحدة على جواز إمكانية عمل المجلس الاقتصادي والاجتماعي للترتيبات والتدابير المناسبة للتشاور مع المنظمات غير الحكومية المهتمة بالأمور والقضايا التي تقع ضمن اختصاصه، بالإضافة إلى هذه المادة الصريحة التي تسمح للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التعامل مع المنظمات غير الحكومية ويجيز صراحة عمل المنظمات غير الحكومية على المستوى الدولي، نجد نص المادة 21 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 التي تقر بحق التجمع السلمي، والمادة 22 التي تقر بحق حرية التجمع وإنشاء الجمعيات، وبذلك فإن هاتين المادتين توفران القاعدة أو الرأضية التي تمهد الطريق لظهور مثل تلك الفواعل([1]).

كما تدعمت تلك المهام بإصدار هيئة الأمم المتحدة لإعلان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان في 10/12/1998 حيث اعترفت في ديباجته بحق ومسؤولية الأفراد والجماعات والرابطات في تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وزيادة التعريف بها على الصعيدين الوطني والدولي وأكدت ذلك في المادتين الأولى والثانية منه، بالإضافة إلى الإقرار بالعديد من الحقوق التي تجيز للأفراد والجماعات بأن يكون لهم دور فعال في تعزيز احترام ونشر ثقافة حقوق الإنسان (المادة 5، 6، 7، 8، 9، 10، 11، 12، 13)، مقابل فرض التزامات على الدول بإقامة المسؤولية الدولية لفرض احترام وتعزيز حقوق الإنسان، وضرورة تسهيل عمل هذه الفواعل، وتوفير الحماية لهم من المضايقات أو الاعتداءات التي يمكن أن يتعرضوا لها أثناء ممارستهم لحقوقهم في الدفاع عن حقوق الإنسان([2])، وتعزيز قدرات المجموعات التي تتمتع بنسبة تمثيل قليلة على التعامل مع الأمم المتحدة خصوصا النساء والأشخاص والمعاقين والفقراء.

وفي نفس هذه الفترة، قام مجلس الأمن لأول مرة بمناقشة دور المجتمع المدني في بناء السلام عقب الصراع، حيث خلص المؤتمر إلى الإقرار بالدور الذي يلعبه المجتمع المدني في مرحلة ما بعد الصراع مع ضرورة زيادة التواصل بين المجتمع المدني ومجلس الأمن([3]).

ونجد أيضا، خطاب الأمين العام السابق كوفي عنان حول “العقد الكوني” في 31 جانفي 1999، الذي أراد من خلاله تحريك الفواعل الخاصة الاقتصادية من أجل الالتفاف حول أجندة حقوق الإنسان، بإقامة شراكة بين الأمم المتحدة والمسيرين الاقتصاديين، بذلك حاول نقل الاهتمام بقضايا حقوق الإنسان لأكبر فئة ممكنة حتى يتحقق احترام أكبر لها وعمل مكثف من أجلها([4]).

وعليه فإنه يظهر أن للفواعل غير الدولية دور مهم في مجال حماية حقوق الإنسان، والدليل على ذلك إقرار الهيئة العالمية بأشكال مختلفة بهذا الدور إلى جانب محاولة تقديم الدعم لها وتسهيل عملها في هذا الإطار.

ثانيا: دور الفواعل غير الدولاتية في حماية حقوق الإنسان

استنادا للمجال الجغرافي الذي تنشط فيه الفواعل غير الدولاتية، فإنها تنقسم إلى قسمين، فواعل فوق دولاتية تنشط عبر الدول، وفواعل غير دولية تحت دولاتية تنشط داخل الدول.

1-الفواعل فوق الدولاتية (Acteurs Supra étatique) “

الفواعل فوق الدولاتية هي فواعل تنشط على المستوى الدولي إضافة إلى اهتمامها بالقضايا الداخلية لحقوق الإنسان، فهي تتمتع بقيمة ووزن مماثل للذي تتمتع به المنظمات الدولية، وتكمن أساسا في المنظمات الدولية غير الحكومية وما يميزها عن الأولى هو أنها ولدت خارج أي اتفاق دولي([5])، ولكن عند النظر في نشاطاتها نلاحظ أن هناك تشابه كبيرا.

أ-المنظمات غير الحكومية:

تعرف المنظمات غير الحكومية حسب (Angela Hegarty) أنها: “جمعيات خاصة تكرس مصادر كبيرة من أجل ترقية وحماية حقوق الإنسان، فهي هيئات مستقلة عن الحكومات والجماعات السياسية، تسعى للوصول إلى السلطة السياسية لكن ليس من أجل استعمالها لأغراضها الذاتية، كما أنها منظمات إرادية تضم أفراد تجمعهم نفس المبادئ والأفكار مع ضرورة التأكيد على أنها ليست جهات سياسية وهذا شرط ضروري للمنظمة غير الحكومية حتى تتمتع بالمصداقية، وهدفها الأساسي هو تنفيذ المعايير الدولية لحقوق الإنسان”([6]).

أما الأستاذ (M. Merle) فيقدم تعريفا مختصرا عنها فيعتبرها “كل تجمع أو جمعية أو حركة تتشكل بطريقة دائمة من قبل أفراد ينتمون إلى بلدان مختلفة في سبيل متابعة أهداف لا تتوخى الربح “([7]).

من خلال التعريفين يمكننا استخلاص الخصائص الأساسية للمنظمات غير الحكومية الناشطة في مجال حقوق الإنسان.

1- أنها هيئات مستقلة، فالمنظمات غير الحكومية هيئات غير تابعة لأي جهة يتم تنظيمها وفقا لقانونها التأسيسي وتدار من قبل أعضاء مجلس إدارة منتخبين أو معنيين، تنشأ هذه الهيئات وفقا لحق أو حرية تشكيل الجمعيات المعترف به في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (المادة 22) والإعلان العالمي لحقوق الإنسان (في المادة 20).

2- تضم أعضاء متطوعين تجمعهم نفس الاهتمامات.

3- أنها هيئات غير ربحية أي لا تهدف إلى تحقيق مكاسب مادية فهي تقوم على المساعدات والتبرعات وتسعى لتحقيق غايات إنسانية.

4- لا تهدف إلى تحقيق أهداف أعضائها وإنما تنشط في مجال حقوق الإنسان من أجل محاولة مساعدة الناس وتمكينهم من حقوقهم. ([8])

“ تتمتع المنظمات غير الحكومية بأربع أنواع من المكانة لدى الأمم المتحدة:

1_ وضعية استشارية للمنظمات غير الحكومية مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي (ECOSOC) وتسمح هذه الوضعية بالمشاركة في العمليات داخل المجلس، وتغطي نطاقا واسعا من القضايا الاجتماعية والاقتصادية، وهي بدورها تنقسم إلى ثلاثة مجموعات:

– عامة: المنظمات غير الحكومية المهتمة بنطاق واسع من قضايا المجلس الاقتصادي والاجتماعي.

– خاصة: المنظمات غير الحكومية ذات الإمكانيات الخاصة في مجالات محدودة من النشاطات.

– القائمة: المنظمات غير الحكومية التي تتمتع بخبرة متخصصة أو فنية في مجال ما.

2_ وضعية دائرة المعلومات العامة، التي تسمح لها بالوصول إلى المعلومات والحصول عليها لكن دون مشاركة في اتخاذ القرارات.

3_ وضعية وسائل الإعلام والصحافة.

4_ وضعية أخرى تسمح بالمشاركة في مؤتمر ما أو فعالية ما “([9]).

لقد بلغ عدد المنظمات غير الحكومية الناشطة على مستوى العالم حوالي 38000، حوالي 2000 منها معتمدة لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة (ECOSOC)، ولكن أهمية هذه المنظمات لا يرجع إلى عددها الكبير، وإنما إلى الدور العظيم الذي تقوم به من أجل تدعيم حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وتقديم المساعدة للناس الذين يعيشون في أوضاع سيئة، وهذه المنظمات ليست حديثة النشأة بل لها تاريخ طويل في هذا العمل، بدأ ظهورها كهيئات إغاثة مثل “الهيئة الدولية للصليب الأحمر” التي أنشأت سنة 1863([10]) ولا تزال عنصر دولي فاعل إلى غاية اليوم، و”رابطة النساء الدولية للسلام والحرية” التي تأسست سنة 1915 وكانت من بين الهيئات التي ضغطت من أجل وضع نهاية للحرب العالمية الأولى حيث ضمت أكثر من 1000 امرأة من الدول المحاربة والمحايدة، كما أنها تعتبر أقدم حركة سلام نسائية وهي لا زالت تنشط إلى اليوم أيضا([11])، وأغلب هذه المنظمات قد أنشأت بمبادرة أفراد خواص.

ومن بين أهم المنظمات الناشطة حاليا نذكر:

– منظمة “OXFAM”(Oxford Committee for Famine relief) التي أنشئت سنة 1942 من قبل اثنين من الجامعيين في المملكة المتحدة ورجل أعمال من لندن، وكان الهدف من إنشائها توجيه الأنظار إلى المجاعة التي كان يعاني منها المواطنون في اليونان المحتلة من قبل النازيين.

– منظمة “CARE”(Cooperation for American relief every where) التي أنشئت سنة 1946 تهدف هذه المنظمة إلى تقديم المساعدة للشعوب الأوروبية المستعمرة أثناء الحروب.

– منظمة العفو الدولية (Amnesty International) أنشئت 1961 من طرف محامي بريطاني Peter) Benenson) من أجل الدفاع عن السجناء السياسيين الذين يتم حبسهم وتعيينهم وحتى إعدامهم بسبب آرائهم أو دياناتهم.

– منظمة إخوة الإنسان (Frères des Hommes) أنشئت سنة 1965 ناشطة في مجال حقوق الإنسان.

– منظمة السلم الأخضر (Green Peace) أنشئت سنة 1971 من قبل مواطنين كنديين هما (Jwing Stowe and Jim Bohlen) نتيجة التجارب النووية في ألاسكا.

– منظمة مراقبة حقوق الإنسان (Human right watch ) أنشئت سنة 1978 بهدف مراقبة احترام الإتحاد السوفيتي لالتزاماته في مجال حقوق الإنسان.([12])

ويرجع توسع ظهور هذه المنظمات وأخرى نتيجة للانتهاكات السافرة لحقوق الإنسان، سواء أثناء الحروب والنزاعات المسلحة وحتى في الظروف العادية، بالإضافة إلى ظهور مفاهيم جديدة كالتنمية الإنسانية والأمن الإنساني التي تركز على حقوق الإنسان كأرضية لتجسيدها، إلى جانب زيادة التهديدات والمخاطر العالمية التي يواجها الكثير من الناس في العالم مثل التغيرات المناخية والتلوث البيئي، وهذا ما دفع بهذه الهيئات إلى تكثيف نشاطاتها وبالتالي بروزها أكثر على الساحة الدولية.

تتنوع الأدوار والمهام التي تقوم بها هذه المنظمات غير الحكومية من أهمها نذكر:

– جمع المعلومات عن انتهاكات حقوق الإنسان عن طريق سماع أقوال المتضررين والضحايا.

– القيام بعمليات استجواب، وإرسال فرق من المتدربين والمتطوعين لجمع المعلومات والشهادات فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان، كما أنها لا تكتفي بالمعلومات الشفوية حيث يمكنها استعمال آليات أخرى من أجل التأكد من صحة المعلومات، مثل إرسال لجان تقضي حقائق أو إرسال مخبرين خاصين إلى أماكن محددة كجلسات المحاكم، السجون، الملاجئ وغيرها من الأماكن التي يحتمل انتهاك حقوق الإنسان فيها، يمكنها كذلك، الاستعانة بخبراء متخصصين لإثبات الانتهاكات.

– تقوم المنظمات غير الحكومية بالاتصال فيما بينها من أجل تنسيق وظائفها وتبادل المعلومات وبعد عملية جمع المعلومات تقوم هذه الهيئات باستخدامها لأغراض متعددة، إما إعداد تقارير تنشرها للرأي العام، أو اعتمادها في شكل بيانات للسياسات العامة للدول، أو وضعها في تقارير مضادة لمواجهة الدول بها عند تزييفها للحقائق في تقاريرها الدورية التي ترسلها إلى هيئات المم المتحدة المختصة، كما تستعملها كأداة مادية لتهديدات الدول والضغط عليها من أجل التراجع عن أعمالها الإنتهاكية، أو في تقديم بلاغات إلى هيئات معنية، ويمكن إدخال المعلومات التي تقوم بجمعها ضمن نظام الإنذار المبكر حيث تنبئ الدول عن إمكانية تأزم الأوضاع داخلها حتى لا تتفاقم المشكلات وتتحول إلى أزمات وكوارث إنسانية.

تتمتع بعض المنظمات الدولية الحكومية بمنصب استشاري أمام أجهزة هيئة الأمم المتحدة، وبموجب هذا المنصب يمكن للمنظمة غير الحكومية المعتمدة أن تحضر جلسات الهيئات المعتمدة لديها وتقديم بيانات كتابية أو شفوية أو الحصول على بيانات أو وثائق رسمية من الهيئة، كما يمكنها تقديم توصيات أو تقارير تدعم به الانتهاكات، وتساعد عن طريقها الهيئات الدولية بتوجيهها إلى الأهداف التي تريد الوصول إليها([13]) كالآلية التي استحدثها مجلس حقوق الإنسان المتمثلة في آلية المراجعة الدورية العالمية عند إنشائه سنة 2006 التي تمكن المنظمات غير الحكومية من تقديم المداخلات الكتابية إلى الهيئة قبل أربع أشهر من تاريخ مراجعة تقرير دولة معينة([14]).

وقد أثمر عمل المنظمات غير الحكومية نتائج ملموسة على أرض الواقع، فساهمت في العديد من المرات في تغيير سياسات الدول ودفعتها للالتزام أكثر بقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان، وفي هذا الصدد، يمكن أن نشير إلى:

-الجمعية العالمية المتعلقة بالتعليم كآلية للسلم، تهدف لترقية حقوق الإنسان عن طريق تكوين أساتذة ومعلمين في الأطوار الابتدائية والثانوية ومكونين في القانون الدولي لحقوق الإنسان لغرض أسمى يتمثل في إنشاء وتطوير شبكة باحثين ومعلمين لحقوق الإنسان([15]).

-منظمة إدارة العدل (Comity on Administration of Justice) وهي منظمة غير حكومية دولية ذات مركز استشاري متواجدة بالمملكة المتحدة، تهدف من خلال نشاطاتها إلى نشر ثقافة العدل واحترام حقوق الإنسان، ركزت هذه المنظمة نشاطها في فترة التسعينات على الانتهاكات التي كانت ترتكب في أيرلندا الشمالية، قامت بإخراج قضية الانتهاكات خارج الإقليم، ونشرها عبر أجهزة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان منها لجنة حقوق الإنسان ولجنة القضاء على التميز العنصري، لجنة مناهضة التعذيب، لجنة حقوق الطفل واللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فكانت تضغط في كل مرة تحضر أيرلندا الشمالية اجتماعات هذه الهيئات عن طريق تقديم أسئلة، وتقديم توصيات تبنتها الأجهزة في توصياتها النهائية، كما تم إرسال ثلاثة مقررين للقيام بمتابعات ميدانية داخلها وهم المقرر الخاص المعني باستقلال القضاء والمحامين، والمقرر الخاص المعنى بالتعذيب، والمقرر الخاص المعني بالإعدام التعسفي، ونتيجة لهذه الجهود بدأت إيرلندا الشمالية بالاستجابة وأظهرت بوادر الانصياع، حيث قامت بإصدار قانون العلاقات العرقية سنة 1997 من أجل تقليص الانتهاكات في هذا المجال بالإضافة إلى تعهد الدولة بزيادة التمويل الموجه إلى تعليم اللغة الايرلندية، وزيادة الاهتمام بقضايا الأطفال، فتقلص عدد الشكاوى بشكل ملحوظ. ([16])

وهذا مثال واحد من بين آلاف الأمثلة التي تثبت الدور الكبير لهذه الفواعل غير الدولية التي تعمل بجد ونزاهة كبيرة ليس لمصلحتها، ولكن لنقل معاناة الناس ومحاولة تقديم الخدمات لهم وتمكينهم من الحقوق المعترف بها عالميا.

أ-منظمة العفو الدولية كنموذج عن المتظمات غير الحكومية

منظمة العفو الدولية هي هيئة دولية غير حكومية ناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان سواء تعنى بحالات الانتهاكات الفردية لحقوق الإنسان، وبالقضايا العامة الأمور العامة كقضايا التعذيب وحقوق المرأة وحقوق اللاجئين وغيرها.

قدمت هذه الهيئة منذ نشأتها دور مشرف في القضايا التي دافعت عنها، في البداية اهتمت بقضايا المساجين بسبب الرأي وعملت على الإفراج عليهم أو ضمان محاكمة عادلة لهم، كما اهتمت أيضا، بتوسيع حق اللجوء ومساعدة اللاجئين السياسيين ( عمل، سكن،…)، وحثت الدول على إيجاد آليات دولية فعالة من أجل ضمان حرية التعبير والرأي.

بالإضافة إلى هذه النشاطات التي بدأت بها هذه الهيئة مسيرتها الكفاحية في مجال حقوق الإنسان، فقد عمدت إلى توسيع اختصاصاتها إلى جميع انتهاكات حقوق الإنسان بتفويض من الإتحاد الدولي للمنظمات غير الحكومية التي تعتبر من بين أعضائه، فأصبح بإمكانها النشاط في العديد من الانتهاكات، منها مسائل الحبس الانفرادي في السجون، النفي ألقسري للنشطاء السياسيين، عمليات القتل العشوائية في أوقات الحرب، التمييز السلبي في النظم القانونية، الاعتداءات الجسدية على النساء، احتجاز الرهائن من قبل المجموعات المعارضة المسلحة، جرائم الإبادة الجماعية في أوروبا الوسطى وأمريكا اللاتينية، الاتجار بالأطفال، مكافحة الإفلات من العقاب ومعارضة قوانين العفو الصادرة من الحكومات.

نشطت هذه المنظمة أيضا في مجال الضغط والتوعية والعمل الإستباقي حيث أصدرت قرار سنة 1979 من أجل تركيز فروعها على أعمال أعضاء الشرطة والمراقبين والهيئات العسكرية لإمكانية التورط في انتهاكات حقوق الإنسان.

أصدرت قرار سنة 1991 يركز على ترقية حقوق الإنسان عن طريق العمل التعليمي والتوعوي والتثقيفي وفرضت على فروعها إقامة لخطة عمل في هذا الإطار حتى تكون النتائج إيجابية.

قامت الهيئة بالضغط على الدول والهيئات الدولية من أجل القيام بتحركات عالمية في مجال حقوق الإنسان والعمل على إنشاء محكمة جنائية دولية دائمة، بالإضافة إلى الضغط على المنظمات الاقتصادية الدولية مثل صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي لضمان أن لا تساهم أنشطتها في خرق حقوق الإنسان وزيادة الضغوطات على الشعوب والزيادة من معاناتهم من خلال المعايير والشروط التي تفرضها.

نتيجة لنشاطاتها المتعددة والكثيرة والدقيقة احتلت هذه المنظمة مكانة كبيرة على المستوى الدولي، وأصبحت تلعب أدوار مشابهة لتلك الممارسة من طرف المنظمات الدولية حيث يمكنها إصدار توصيات إلى الحكومات والمنظمات الدولية أو الإقليمية ونشر تقارير سنوية حول وضعية حقوق الإنسان في العالم([17])، وعليه يمكن القول بأنها مثال جسد الدور الفعال لفواعل حقوق الإنسان في العالم، خاصة في ظل تمتعها بالاستقلالية والحياد الذي تفتقده العديد من المنظمات الدولية.

ب-المجتمع المدني العالمي:

عرفت السنوات الأخيرة تداولا كبيرا لمصطلح “المجتمع المدني العالمي” سواء من طرف وسائل الإعلامي أو الأكاديميين أو رجال السياسة، فحسب البروفسور زاكي ألعيدي، المتخصص في العلوم السياسية والباحث بالمركز الأوروبي للعلاقات الدولية (CERI)، يتضمن المجتمع المدني العالمي معنيين متكاملين من جهة هو تراكم للمجتمعات المدنية العالمية، ومن جهة ثانية فاعل منفصل لكيانه الخاص (un acteur à part entiere)، وبالنسبة إليه فهو يتكون من مجموعة من الشبكات اللامركزية (une pluralité de réseaux de centralizes) الناشطة في عدة مجالات تهدف إلى تكوين معرفة (un savoir) والتأثير في المداولات العامة عن طريق استغلال ثلاث عناصر هي السرعة، المعلومة والفكر الفرداني، وهذه العناصر هي الخصائص المميزة للعصر الذي نعيشه، حيث أن تكنولوجيا المعلوماتية تساعد على نقل المعلومة وإيصال وتجميع آراء الخبراء بسرعة وإنزال القضايا المهمة إلى المستوى الوسطي، مما يسمح للجميع للمشاركة في القضايا التي تهمهم دون اعتبار لانتماءاتهم وحسب رأيه فإن هذا ما يعطي القوة للمجتمع المدني العالمي([18]).

أما فيما يتعلق بنشأة المجتمع المدني العالمي فهناك من يرى أنه نشأ في قمته ريو ديجانيرو سنة 1992 أو ما يعرف بقمة الأرض، ومنهم من يرى أنه نشأ سنة 1998 عند التحضير لاتفاقية منع الألغام المضادة للأشخاص، أين برز بوضوح في التجمع الشعبي الذي انعقد في السيتل Seatle سنة 2000، ثم في Porto Allegra من أجل مناهضة ظاهرة العولمة وأثيراتها السلبية على حياة الإنسان، وبعد ذلك بدأ يظهر على المستويات العالمية والإقليمية من خلال المشاركة في المنتديات من أجل التشاور وبحث القضايا العامة والعالمية للعمل على مواجهتها استنادا إلى القيم العالمية للسلم، المساواة، العدالة، والدفاع عن حقوق الإنسان، فهو يمثل قمة الحرية الديمقراطية في عصر العولمة، وسعيا لزيادة هذا الفاعل بدأت تظهر إلى جانبه مفاهيم أخرى من أجل تدعيمه كـ “المواطنة المدنية العالمية Citoyenneté Civile Mondiale” و”الديمقراطية العالمية” المنفصلة عن الدول من أجل تنظيم المجتمع الجديد، بالإضافة إلى بداية الحديث عن البرلمان العالمي (Parlement Mondial) من طرف مفكرين ومسؤولين كبار امثال الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان والأمين العام لمنظمة الأونكتاد روبينز ريكوبيرو.

والمجتمع المدني العالمي يقوم على اتفاق بين أطراف متعددة تشمل المنظمات غير الحكومية، النقابات، الجمعيات المختلفة والأفراد، فهو يشكل مجموعة من وجهات النظر حول القضايا التي تهم هذه الأطراف في نفس الوقت مثل الاتفاق على عدم مشروعية الحرب على العراق حيث وصف”Jonathan Schell” اتفاق المجتمع المدني العالمي على الحرب على العراق “بأنهم يمثلون قوة عظمى أخرى للعالم”([19])، ومعارضة منظمات حقوق النساء والمنظمات غير الحكومية الإسلامية، الدعاة والفقهاء السعوديين والإيرانيين والجمعيات المسيحية لجميع أشكال الإجهاض([20])، كما يلاحظ حاليا التوافق الكبير والضغط المتزايد من طرف المجتمع المدني العالمي حول التحولات والاختلالات المناخية التي من شأنها أن تلغي حق الإنسان في الحياة والبقاء، والقضاء على حقوق الجيل الثالث بما يعرف بحقوق التضامن، لذا توجد تحركات كبيرة في جميع الدول حتى الكبرى منها، لتغيير سياساتها، والمؤتمرات التي تعقدها منظمة الأمم المتحدة للبيئة خير دليل على دور المجتمع المدني الذي يتابع عن كثب ويتظاهر وضغط بجميع الأشكال من أجل الخروج باتفاقيات تقيد جميع البشرية.

2-الفواعل تحت الدول (Acteurs Infa Etatiques):

لطالما شكلت الفواعل على المستوى الداخلي فئات قوية ونشيطة في مجال حماية حقوق الإنسان بصفة عامة، فكانت الحركات الشعبية الوطنية في العديد من الدول المستعمرة هي المحرك الأساسي في تحقيق وإقامة حق تقرير المصير، وسقطت الكثير من الأنظمة الاستبدادية والقمعية على أيدي مدنيين يسعون لإقامة أنظمة ديمقراطية تقوم على احترام الحقوق والحريات، فقد كان للمجتمع المدني دور في سقوط الاتحاد السوفيتي الاشتراكي، لذا اعتبر المجتمع المدني بمختلف فئاته “أداة إنجاز التحول الديمقراطي([21])”، ونظرا لأهمية المجتمع المدني المحلي باعتباره فاعل غير دولي ليس جديد، ولكن مهم فإننا سنحاول أولا تعريفه ثم نحدد بعض الأدوار التي يقوم بها في سبيل تدعيم قضايا حقوق الإنسان.

أ-تعريف المجتمع المدني:

يعرف المجتمع المدني وفقا لما صدر عن مركز المجتمع في كلية لندن للاقتصاد أنه “يشير إلى حلبة العمل الجماعي الذي لا يتسم بالإكراه والذي يدور حول مصالح وأهداف وقيم مشتركة ومتبادلة. من الناحية النظرية، تختلف أشكالها المؤسسية وتميز عن تلك التي تتبع الدول، الأسرة، والسوق، مع أن الحدود بين الدولة والمجتمع المدني والأسرة والسوق غالبا ما تكون معقدة وغير واضحة، وقابلة للتفاوض. يضم المجتمع المدني عادة التنوع الشديد من حيث المساحة، الفواعل، والأشكال المؤسسية وتختلف في درجة الرسمية والاستقلال الذاتي والنفوذ يضم المجتمع المدني في أغلب الأحيان المنظمات والمؤسسات النسائية، والمنظمات الدينية، والاتحادات والنقابات المهنية والتجارية وجماعات المساعدة الذاتية، التنمية الاجتماعية، الاتحادات التجارية والتحالفات ومجموعات التأييد والمناصرة “([22]).

أما هبرماس فيعرف المجتمع المدني بأنه “ذلك الفضاء العام الذي تكون فيه الفروقات، المشاكل الاجتماعية، السياسات العامة، عملية الحكم، المسائل الجماعية والهويات الثقافية محل نقاش” ([23]) .

من خلال التعريف الثاني نستخلص أن للمجتمع المدني يمتاز بالتعددية، الصفة العامة، الصفة الخاصة حيث يمكن للأشخاص من خلال النقاش العام تحرير وتحقيق الاختيارات الأخلاقية وخاصية الشرعية([24])، أما التعريف الأول فقد حدد لنا الجهات والهيئات المكونة للمجتمع المدني والناشطة فيه، والملاحظ أنها متنوعة ومختلفة وهذا التنوع مفيد فهو يؤدي إلى التكامل في الوظائف والتنوع في الاهتمامات من أجل تغطية اهتمامات أطرافه.

ولا يمكن إنكار الدور الفاعل والمهم الذي تلعبه هيئات المجتمع المدني في محاولة إظهار الانتهاكات الفادحة لحقوق الإنسان المرتكبة من عدة أطراف، سواء كانت من الدولة عن طريق أجهزتها، أو من طرف فواعل غير دولاتية، كالشركات متعددة الجنسيات والعابرة للأقاليم، أو من طرف جهات خاصة لا تستهدف الربح، وما يدعم دور المجتمع المدني اعتماد النظام الديمقراطي الحديث الذي يفترض حسب هابر ماس وجود تفاعل أو “لعبة الجمع Le Jeu Combiné ” بين التشريعات السياسية والمجتمع المدني أي وجود قواعد وأسس ديمقراطية بناءا عليها يمارس المجتمع المدني دوره في حماية حقوق الإنسان من بين هذه المبادئ:

أولا، مبدأ الإشهار (العلانية) فجميع تصرفات الدولة يجب أن تكون معلنة حتى تحدث آثارها لذلك تتطلب القوانين والتنظيمات لدخولها حيز النفاذ نشرها في الجريدة الرسمية، والأمر سواء بالنسبة الّأحكام القضائية فهي الأخرى يجب أن تصدر في جلسة علنية وإلا كانت باطلة.

أما المبدأ الثاني فيتمثل فيما يعرف بمنع السلطة من استعمال القوة أو الإكراه أو التخويف من أجل مراقبة أو التأثير على مجرى النقاشات العامة، وظرا لأهمية هذه الخاصية فقد وصفها هابرماس بـ”la sanctuarisation de l’espace publique”.

أما المبدأ الثالث فيتمثل في حرية الإعلام أو القواعد التي تتضمن تعددية وسائل الإعلام إلى جانب حريتها في التعبير.

وانطلاقا من هذه المبادئ يمكن لفواعل المجتمع المدني أن تمارس نشاطاتها حيث أن جميع أعمال الدولة مشهرة وبالتالي يمكن مراقبتها ومناقشتها في أي مكان، وإقامة الاجتماعات والتنظيمات المناهضة للانتهاكات في حال وجودها خاصة وأنها تتمتع بالحرية والحماية من خلال القواعد الدستورية ولا يمكن أن تتعرض لأي ضغط بل بالعكس يمكنها هي الضغط على الدول بممارسة حقوقها في إقامة المظاهرات والاحتجاجات السلمية التي في كثير من الحالات كان لها الأثر الكبير في سياسات الدول، وجعلت العديد من الدول تعيد حساباتها في السياسات التي انتهجتها، خاصة في ظل الثورة الحالية لتكنولوجيا الاتصال السمعية والبصرية([25]) التي جعلت العالم كالمرآة فكل ما يقع في العالم يمكن الإطلاع عليه ومعرفة تفاصيله لحظة بلحظة.

وهذه العناصر تعتبر أيضا من مكونات الرأي العام وأحسن مثال عن دورها في مجال حقوق الإنسان، فضيحة الو.م .أ في سجن غوانتانامو التي تداولتها وسائل الإعلام وناهضتها جميع شعوب العالم ونتيجة للضغوطات التي مارستها المجتمعات المدنية، بما فيها المجتمع المدني الأمريكي، وهو ما أدى إلى إغلاق الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما هذا المعتقل سنة 2011 حيث مورست فيه أبشع الجرائم والانتهاكات الفادحة لحقوق الإنسان.

ب -دور المجتمع المدني في حماية حقوق الإنسان

المجتمع المدني عند قيامه بدوره في حماية حقوق الإنسان فإنه يتخذ مظهرين إما ينشط كأفراد أو كمجموعات.

دور الأفراد في حماية حقوق الإنسان
سنحاول في هذا الإطار التركيز على آلية الشكاوى، فإلى جانب إمكانية الفرد اللجوء إلى هيئات وطنية مثل المحاكم والمنظمات الحكومية لرد الانتهاكات التي تتعرض لها حقوقه الأساسية، أجازت له العديد من المواثيق الدولية تقديم شكاوى أمام أجهزة دولية منها:

– العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بموجب البروتوكول الاختياري الملحق به .

– اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية بموجب المادة 22 منه.

– اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بها.

– الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري بموجب المادة 14.

– الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين أو أفراد آسرهم بموجب المادة 77.

– اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية .

– الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء ألقسري المادة 31.

– البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

فيجوز لأي فرد في أي دولة أن يرفع شكوى أمام الأجهزة المنشأة بموجب هذه الاتفاقيات بعد استنفاذ جميع طرق الإنصاف المحلية عن الانتهاكات التي يتعرض إليها من دولته أو دولة أخرى، وفي حالة ثبوت الانتهاك تكون الدولة ملزمة بتطبيق استنتاجات الهيئة المرفوع أمامها الشكوى، كما يجوز لهذه الهيئة اتخاذ أي تدبير مؤقت عاجل من أجل الحفاظ على الوضعيات القائمة إلى غاية اتخاذ قرار نهائي، كما يمكن لها إصدار قرارات ومبادئ توجيهية لمنع الانتهاكات المماثلة في المستقبل.

وبالإضافة إلى هذه الهيئات التعاهدية، يجوز كذلك للأفراد رفع شكوى أمام هيئات مؤسسية مثل مجلس حقوق الإنسان (حيث يستقبل شكاوى على جميع الانتهاكات إما عن طريق الإجراء الخاص أو الإجراء العادي)([26])، ومنظمة العمل الدولية التي يجوز لها تلقي شكاوى فردية من طرف فئة العمال بشأن انتهاك الحرية النقابية، وتصدر فيها توصيات ملزمة للدولة المعنية، ومنظمة اليونسكو هي الأخرى يجوز لها تلقي شكاوى عن الانتهاكات في مجالات التربية والعلوم والثقافة والإعلام، يجوز للأفراد تقديم شكاوى أمام محكمة العدل الدولية أيضا عن انتهاكات حقوق الإنسان.

ومن خلال هذه الآلية فإن الفرد يساهم بقدر كبير، أولا في تطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان، وثانيا بفضح الدول التي تعمل على تغطية هذه الانتهاكات، وثالثا أنه يتمكن من التمتع وتحقيق انتفاع فعلي من حقوقه وحرياته([27]).

إلى جانب هذه الهيئات العالمية يجوز للفرد رفع شكواه أمام هيئات إقليمية منها:

– المفوضية الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب حيث تصدر توصيات إلى الدول المعنية حسب نوع الانتهاك.

– المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان حيث يجوز للأفراد رفع شكاوى وتحاول المحكمة إجراء تسوية بين الأطراف وإذا لم تتمكن فإنها تصدر قرار ملزم في القضية.

– اللجنة الأوربية لمنع التعذيب حيث يجوز لأي مواطن في المجلس الأوربي المطالبة بتنفيذ الميثاق المتعلق بالتعذيب.([28])

دور المجموعات في حماية حقوق الإنسان
تجدر الإشارة هنا أن نظام الشكاوى الذي تم التطرق إليه سابقا يمكن ممارسته كذلك من قبل مجموعة من الأفراد بسبب، تعرضهم هم أنفسهم إلى انتهاك حقوقهم، أو للدفاع عن حقوق أفراد أو جماعات أخرى، بالإضافة إلى هذا النوع من الدور، تمارس المنظمات غير الحكومية الداخلية والجمعيات والنقابات المهنية وهيئات الرعاية الاجتماعية كشاطات متعددة في سبيل حماية حقوق الإنسان منها:

– جمع المعلومات الأكثر اتساعا والأكثر اكتمالا نظرا لقربها من الانتهاكات.

– القيام بدراسات ودوات وتحقيقات عامة أو خاصة حول السلطات وإقامة علاقات مع الأفراد ومع مثيلاتها من التنظيمات الناشطة في مجال حقوق الإنسان.

– العمل على الاتصال، التعليم ونشر المعلومات للشعب ومن الشعب([29]).

-بعث وإرسال مراقبين في أماكن محددة لاسيما أمام المحاكم، أين يحاكم الأفراد.

– تقديم عرائض ودعاوى قضائية ومساعدة الضحايا.

– القيام بحملات تطوعية في إطار حماية البيئة والمناخ والقضايا العامة.

– القيام بعمليات وساطة بين الضحايا والمنتهكين .([30])

رغم المهام الكثيرة التي تقوم بها هيئات المجتمع المدني لكنها كثيرة ما تتعرض للمضايقات والقيود خاصة في الدول التي تنعدم فيها الديمقراطية، أو تمارس فيها بشكل خاطئ، كما يمكن أن يصل الامر إلى تهديد حياتهم وهو الأمر الذي حاولت الأمم المتحدة تداركه بإصدار إعلان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان في 10/12/1998.

بدأت الدول تتأقلم قليلا مع الوضع الجديد ورغم ذلك فإنها تنتقد الأعمال الصادرة عن تلك الهيئات وتعمل على توجيهها خاصة إذا كانت هي من يدعمها ماليا، ومع هذا فإنها تأخذ بآراءها، فمثلا تعرضت هيئات المجتمع المدني في المملكة المتحدة للمعرضة الشديدة خلال سنوات التسعينيات إلا أنها لم تتوقف عن الضغط على الدولة وبالنتيجة عند تغير الإدارة في ماي 1997 قامت الدولة بتغيير سياساتها وفقا للضغوطات التي مورست عليها وما يؤكد ذلك تصريح (Robin Cook) وزير الخارجية آنذاك الذي جاء فيه”… سياستنا الخارجية يجب أن تتضمن بعد أخلاقي ويجب أن تدعم طلبات الشعوب المتعلقة بالحقوق الديمقراطية والتي نصر عليها نحن أيضا كما أننا سنقوم بوضع حقوق الإنسان على رأس سياستنا الخارجية”([31])، وقدمت الحكومة في تقريرها الأول السنوي تفاصيل عن دور المنظمات غير الحكومية وهيئات أخرى من المجتمع المدني في ترقية حقوق الإنسان وتوجيه سياسة الحكومة”([32])، وقامت الحكومة بتقديم دعم مالي للمنظمات غير الحكومية الداخلية، ولكن أغلب هذه الهيئات رفضت بحجة أنه يقوض استقلالها وهذا هو المثال الجيد والفعال الذي من الضروري تعميمه على العالم من أجل خدمة حقوق الإنسان.([33])

وبعد هذه النظرة العامة عن دور الجماعات في دعم قضايا حقوق الإنسان سنسلط الضوء على مهمتين أساسيتين وخاصتين وفعالتين في نفس الوقت تقوم بهما الجماعات وهما:

آلية المراجعة الدورية الشاملة
استحدثت هذه الآلية بعد إنشاء مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بموجب القرار 60/251 الصادر عن الجمعية العامة 15/03/2006([34])حيث يتضمن هذا الإجراء استعراض، بصورة دورية، أداء جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لواجباتها والتزاماتها في مجال حقوق الإنسان، وقد منحت هذه الآلية دور أساسي للمجتمع المدني من خلال:

– التقارير التي تعد عملية تشاور على المستوى الوطني مما يمكن الجهات المهتمة بالانخراط في إعداده قبل حلول تاريخ تقديمه.

– تقديم معلومات عن بواعث القلق المتعلقة بحقوق الإنسان في البلد الذي ستتم المراجعة.

-الطلب من الدولة إعلان عملية التشاور من أجل إشراك منظمات المجتمع.

بالإضافة إلى هذه الأعمال يمكن للمجتمع المدني التدخل في عملية المراجعة الدورية عن طريق مجلس حقوق الإنسان الذي يقوم بتجميع المعلومات حول الدولة المعنية، وإعداد ملخص استنادا إلى المعلومات الموضوعية والتي تتميز بالمصداقية وبناءا عليه تتم المناقشة، ويجب على المنظمات غير الحكومية تقديمها قبل تاريخ المراجعة بحوالي أربعة أشهر، وللمجتمع المدني محاولة كسب تأييد الدول التي تحضر المناقشة من أجل إثارة مسائل انتهاك حقوق الإنسان ومتابعة الحوار التفاعلي أثناء الجلسات دون إمكانية التدخل أو من خلال خدمات البث على الانترنت على موقع الامم المتحدة.

بعد الحوار التفاعلي تأتي مرحلة إصدار تقرير المراجعة، وهنا يمكن لمنظمات المجتمع المدني المعتمدة من طرف المجلس الاقتصادي والاجتماعي القيام بالنشاطات التالية:

– تقديم بيانات كتابية بصورة مسبقة قبل جلسة التعليق على حصيلة المراجعة .

– حضور جلسة المجلس والإدلاء ببيان شفوي حول حصيلة المراجعة.

– كسب التأييد للتنفيذ العاجل لنتائج المراجعة.

وهذا الأخير مهم جدا وهو ما يميزه عن بقية إجراءات الرقابة المعتمدة من هيئات أخرى أو من لجنة حقوق الإنسان السابقة وأهم جزء في عملية المراجعة، حيث يمكن تنفيذ التوصيات التي ترمي إلى احترام حقوق الإنسان في الواقع بصفة عاجلة، وبعد هذه المراجعة يجوز أيضا لهيئات المجتمع المدني أن تطلب من الحكومات تنظيم اجتماع يضم جميع الأطراف المعنية لمناقشة التدابير الواجب اتخاذها لتنفيذ التوصيات.([35])

من خلال تتبع مراحل هذه العملية يتضح لنا الأهمية الكبيرة والدور الفعال للمجتمع المدني بواسطة منظماته، وفي الأخير نشير إلى أن هذه المعلومات قد أخذت من موقع منظمة العفو الدولية فهي مثال على الدور الذي تلعبه في نشر الوعي في كيفية المشاركة في هذه الآلية الجديدة.

عملية الضغط ( الجماعات الضاغطة)
تعرف الدكتورة سعاد شرقاوي الجماعات الضاغطة بأنها “تنظيم قائم للدفاع عن مصالح معينة وهو يمارس عند الاقتضاء ضغطا على السلطات العامة، بهدف الحصول على القرارات التي تخدم مصالح هذه الجماعة”([36])، وعليه فالجماعات الضاغطة عبارة عن هيئات شبيهة بالمنظمات غير الحكومية المحلية، تهدف إلى التأثير في سياسات الدول ليس للوصول إلى السلطة أو الحصول على منافع خاصة، وإنما تهدف إلى تحقيق منافع عامة وتبنى أفكار تعمل على المدافعة عليها،كما تهدف إلى الإصلاح السياسي وتدخل ضمن الجماعات الضاغطة، النقابات المهنية، النقابات العمالية، الجمعيات النسوية، الهيئات المدافعة عن حرية التعليم، منظمات الفلاحين التجمعات الدينية، تنظيمات الشباب، جمعيات الأسر…الخ.

تعمل جماعات الضغط بالدخول في الحياة السياسية للتعبير عن مصلحة معينة من أجل الضغط على رجال السياسة والهيئات المختصة من أجل إصدار تشريعات، ويتم هذا النشاط في مواجهة جميع سلطات الدولة العامة سواء كانت سياسية أو إدارية أو قضائية، وليس كل جماعة ذات مصالح هي جماعة ضغط فلا يمكن اطلاق هذه التسمية عليها إلا عندما تمارس ضغط على السلطات العامة للوصول إلى قرار يحقق مطالبها، وليست كل جماعات الضغط ذات مصلحة عامة([37])، وأحسن مثال نذكره هنا اللوبي اليهودي الأمريكي ذو النفوذ والقوة الكبيرة والتأثير العظيم على الكونغرس الأمريكي فيما يتعلق بمصالح اليهود عامة على حساب شعوب العالم، وقرار الرئيس ترامب الأخير حول اعتبار القدس عاصمة فلسطين دليل على الضغط الذي مارسه اللوبي اليهودي على الرئيس الذي تراجعت شعبيته لدى الأمريكيين ويحتاج لدم اليهود للاستمرار في الحياة السياسية، وهذا مثال سيئ عن الجماعات الضاغطة، فالمبتغى من هذه الدراسة هو تركيز الضوء على الجماعات الضاغطة التي تهتم بالأمور العامة والمصلحة العامة والتي تحمل على كاهلها عبء ومسؤولية الدفاع على مصالح المجتمع.

ويمكن الإشارة هنا إلى الدور المهم للنقابات المهنية وهو أمر نعاينه يوميا في بلادنا –الجزائر- من خلال الإضرابات العديدة والمتتالية لعمال القطاع الصحي، والأساتذة والمعلمين من أجل تحسين مستويات المعيشة وظروف العمل والذي نتج عنه في أحيان كثيرة رضوخ الدولة واتخاذ إجراءات لتحسين ظروف هذه الفئات ورفع الأجور وتحسين الخدمات.

تستعمل الجماعات الضاغطة من أجل تحقيق مطالبها عدة وسائل ولكنها سلمية وديمقراطية منها: المظاهرات، الإضرابات، التصريحات أمام وسائل الإعلام، عقد الندوات، التحاور مع الهيئات المعنية وغيرها من الأدوات والذي يظهر وعي هذه الفئة بحقوقها والطرق القانونية للمطالبة بها، فهي في أغلب الأحيان تكون بقيادة النخب الوطنية، ولا يوجد ما يمنع أن تكون من فئات اقتصادية أو دينية أو غيرها، فالمهم أنها تهدف إلى الضغط على السياسيين من أجل الإقرار بحقوق جديدة أو تحسين وضعية حقوق الإنسان باحترام الحقوق الموجودة.

2-الفواعل غير الدولية وانتهاك حقوق الإنسان:

نتيجة للعولمة وانفتاح الحدود أمام انتقال رؤوس الأموال أدى ذلك إلى انتشار شركات خاصة عابرة للحدود ومتعددة الجنسيات ناشطة في جميع المجالات، وبالخصوص في المجال الاقتصادي عن طريق الاستثمارات الكبرى نتيجة لتراجع الدولة عن التدخل في هذه المجالات، واقتصارها فقط على التنظيم وتدعيما لسياسة الخوصصة التي ظهرت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، الشيء الذي أعطى القطاع الخاص دعم كبيرة وبروز أكثر على الواجهة وهو ما انعكس أيضا على حقوق الإنسان.

أ- الشركات العابرة للدول:

تعرف الشركات العابرة للدول”société transnationale” بأنها “كيان اقتصادي أو مجموعة كيانات اقتصادية تعمل في دولة أو أكثر مهما كان الإطار القانوني، دولة الأصل، دولة المنشأ، فالشركات العابرة للدول هي من أشخاص القانون الخاص لها تواجد إقليمي متعدد، ولكن لها مركز لاتخاذ القرارات الإستراتيجية”. ([38])

تعرفها لجنة الشركات العابرة للدول التابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي على أنها “مؤسسات، مهما كان بلد الأصل أو طريقة الملكية، سواء كانت مؤسسة خاصة، عامة أو مختلطة، تتكون من كيانات اقتصادية تعمل في دولتين أو أكثر (مهما كانت البنية القانونية ومجال عمل هذه الكيانات)، وفقا لنظام التقرير أو أخذ القرارات (في مركز أو أكثر) والذي يسمح بتطوير سياسات مترابطة وإستراتيجية مشتركة، ترتبط هذه الكيانات بموجبها، سواء كانت الروابط متعلقة بالملكية أو أشياء أخرى، بطريقة تمكن واحدة منها أو أكثر من ممارسة تأثير مهم على النشاطات الممارسة من الكيانات الأخرى، لاسيما دخولها في شراكات مع كيانات المعلومات، المصادر والمسؤوليات”.([39])

من خلال هذه التعريفات يتضح لنا أن الشركات العابرة للدول هي مؤسسات ناشطة في العديد من القطاعات كالإنتاج، الخدمات، قطاع المال، وسائل الاتصال، البحث الأساسي والتطبيقي، الثقافة وغيرها، في دول ومناطق متعددة، كلها تابعة أو تتلقى قراراتها الإستراتيجية من الهيئة المركزية.

كما أن هذه الشركات تخضع للقانون الخاص وتعتبر شخص قانوني من أشخاص القانون الخاص تخضع لقواعد المسؤولية للدولة التي تنشط فيها، ويمكن مقاضاتها أمام محاكم تلك الدولة.

وبما أنها شركات ملك للخواص فإنها دائما تهدف إلى تحقيق أقصى ربح ممكن مهما كانت الوسائل المستخدمة وعلى حساب أي جهة أخرى فهي تقوم على النفعية المطلقة، وكثيرا ما ارتبطت هذه الشركات بالتهرب من المسؤولية وانتهاكاتها المتعددة واللامتناهية لحقوق الإنسان.

ومن التصرفات التي تقوم بها من أجل التهرب من المسؤولية، نقل نشاطاتها الممنوعة إلى الدول التي تتميز بتنظيم متساهل أو أقل تشدداـ، أو التي تكون العمالة فيها غير بقلة مكلفة أو تنقص فيها الحماية الاجتماعية مما يخفض تكاليف الإنتاج، بالإضافة إلى الغش والمنافسة الخاطئة “Fausses Concurrences”، إلى جانب هذه الأعمال التي لها تأثير كبير على الدولة التي تستقر فيها هذه الشركات سواء من حيث استنزاف ثرواتها أو استغلال ضعفها، فإنها كذلك تنتج أضرارا كبيرة على شعوبها، سواء كانوا عمالا أو أشخاص يتأثرون بصفة غير مباشرة من أعمالها.

فحسب دراسة أقامتها منظمة العمل الدولية حول مدونات السلوك الموضوعة من طرف هذه الشركات، كشفت أن هناك انتهاك جسيم لحقوق الإنسان وعدم اعتراف واسع للعديد من حيث هذه الحقوق، حيث أشارت أن فقط 15 % من المدونات تتضمن إشارة لحرية التجمع، 25% منها يمنع العمل الشاق، 40% منها يتضمن إشارة حول مستوى الدخل، 45% منها يمنع عمل الأطفال، 66% منها يمنع التمييز، 75% يتضمن تنظيم لمسائل الصحة والأمن في العمل([40]).

وبذلك فإننا نلاحظ أن هذه الشركات لا تنظر للحقوق نظرة متساوية، ولا تحترم الحقوق الأساسية المعترف بها دوليا وداخليا، خاصة في ظل المكانة التي أصبحت تتمتع بها حقوق الإنسان فهي أداة تقاس بها سياسات العمل، ورغم ذلك، إذا تحدثنا عن بالمنافع المادية فإن الأمر يتغيرـ فمثالا البنك الدولي يمنع عمل الأطفال ولكنه يستبعد من اهتمامات مبادئ حرية التجمع([41]).

وبصفة عامة، تعمد هذه الفواعل على انتهاك حقوق العمال الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أكثر من غيرها، عن طريق عدم توفير بيئة عمل صحية ونظيفة وخالية من الملوثات والمواد الخطيرة، عدم صيانة الآلات وتجديدها، تعسف الإداريين، والاعتداء الجسدي وغيرها، إضافة إلى الانتهاكات غير مباشرة التي يمكن أن يتعرض لها سكان المناطق التي تتواجد فيها مثل هذه الشركات ككل، كالنفايات السامة الناتجة عن نشاطات هذه الشركات والتي تسعى إلى التخلص منها بأسهل وسيلة، وفي الغالب يكون ذلك بتصريفها في مجاري المياه مما يسبب أمراض عديدة لسكان المناطق التي تستعمل تلك المياه([42])، ومن الأمثلة الشائعة في هذا الصدد، تسريب مصنع بوبال (Bopale) بالهند في 3/12/1984 لغاز المثيل والتي أودت بحياة حوالي 4000 شخص وأثرت على حوالي 400000 أخر بأمراض وإصابات متنوعة.

ونتيجة لهذه المخاطر والتهديدات والانتهاكات التي تجلبها الشركات متعددة الجنسيات([43]) والعابرة للدول، فقد نشط المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية من أجل مواجهتها والتصدي لها، من خلال القيام بعدة نشاطات هادفة لحماية حقوق الإنسان، فقد نجحت هذه الهيئات في تحريك الرأي العام حيث تحركت عدة منظمات غير حكومية وحركات اجتماعية في هذا الإطار، وحاولوا لفت انتباه المفوض السامي لحقوق الإنسان من أجل إقامة مسؤولية تلك الشركات وإلزامها باحترام القوانين، كما قاموا بالضغط على دولهم من أجل إقامة مسؤولية تلك الشركات عن الانتهاكات، وساهمت حركة المواطنين في معاقبة بعضها أمام الهيئات القضائية، فالمحكمة الدائمة للشعوب الإفريقية نظرت في العديد من القضايا في هذا الشأن، وأصدرت أحكاما متعددة على:

– سبعة شركات غير وطنية متخصصة في صنع الملابس الرياضية بسبب الانتهاكات العامة لحقوق العمال في مجال صناعة الألبسة، تشغيل الأطفال، وفرض أعمال شاقة.

– شركتين بتروليتين تابعتين للدولة الفرنسية بسبب خرق حقوق الشعوب الإفريقية نتيجة لعمليات التصدير النفطي في إفريقيا.

– ثلاثة شركات أخرى بسبب تحويل الوظائف القانونية للدول، عدم احترام مبدأ الحيطة والحذر، والإهمال الخطير الذي أودي بحياة مئات الأشخاص([44]).

وفي سبيل مواجهة الضغوطات المتعددة، أصبحت هذه الشركات تعتمد إعلانات نوايا حسنة تتعهد فيها بالعمل وفقا لقواعد الحكم الراشد والمبادئ الأخلاقية في تسيير أمورها([45])، ورغم أن ذلك غير كافي، إلا أنه يتضمن بوادر يمكن أن تتطور إذا صاحبتها ضغوطات من الدول المستقبلة لهذه الهيئات ومن المجتمع الدولي ككل، وقد تكلل ذلك أيضا بتبني اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان معايير تقييدية، اعتبرت الدول المسؤول الأول المعني بفرض المعايير القانونية ومراقبة تلك الشركات، وأقامت مسؤولية الشركات العابرة للدول عن أي أضرار أو انتهاكات لحقوق الإنسان يمكن أن تقع نتيجة نشاطاتها الضارة، وألزمتها بالإعتراف واحترام المعايير المعتمدة في القانون الدولي، واللوائح والتنظيمات الوطنية، ومراعاة المصلحة العامة والسياسات الاجتماعية، الاقتصادية والثقافية والأهداف التنموية للدول التي تنشط بها([46]).

وعليه يلاحظ إحراز تقدم كبير من قبل الفواعل غير الدولية في مجال مكافحة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من طرف الشركات العابرة للدول، لذا وجب تدعيم هذه الاتجاهات لأنها تعد السبيل الأكثر نجاعة رغم ضعف الفئات المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، فكثيرا ما تنتهك حقوقهم من أجل الدفاع عن القضايا التي يؤمنون بها وقد يصل الأمر أحيانا لفقدهم لحياتهم.

ب-الحركات الإرهابية

عرفت السنوات الأخيرة ظهور فواعل جديدة لا تعمل لصالح حقوق الإنسان وإنما تهدف إلى انتهاكها أطلقت عليها تسميات متعددة منها: الإرهاب، الجماعات المتطرفة، المجموعات المتعصبة، الإسلاميين، تنظيم القاعدة، الدواعش وغيرها من التسميات، حازت مكانتها كفاعل جديد غير دولي يحسب له ألف حساب.

وقد تجسد ظهورها الفعلي بعد أحداث 11/09/2001 في الولايات المتحدة الأمريكية، ونتيجة للأعمال الوحشية التي قامت بها تلك الفئات من قتل جماعي للمدنيين في شكل عمليات انتحارية أو سيارات مفخخة أو تفجيرات عن بعد، تم إعلان الحرب على الإرهاب على مستوى العالمي، لكن وجد جدل كبير حول تصنيف هذه الحرب خاصة أنها ليست حرب بين الدول، كما لا يمكن تصنيفها ضمن النزاعات المسلحة الداخلية لأنها مسألة داخلية، فالأمر يتعلق بنظام مسلح دولاتي ضد فواعل غير دولية، وبذلك فمن الصعب تحديد القانون واجب التطبيق على تلك الانتهاكات من أجل معاقبة المرتكبين وفقا لمعايير مضبوطة، ونظرا لهذا الغموض فقد سمحت الو.م.أ لنفسها القيام بعدة انتهاكات في سبيل حربها على الإرهاب أبرزها تدخلها في العراق الذي ما زالت آثارها اليوم([47]).

وعليه فإن أحداث 11 سبتمبر والحرب على الإرهاب قد غيرت الأدوار وأجندات وظهر فيها التأثير الواضح للمجتمع المدني أو ما يعرف بالمجتمع المدني العالمي نظرا لتوحد المجتمعات المدنية حول قضايا محددة، فالجهات الفاعلة في المجتمع المدني التي تسعى إلى تحقيق العدالة العالمية وجدت نفسها مرغمة على إعادة تقييم نشاطاتها وأولوياتها العامة، لأن الأمر يتعلق بسياسة عالمية غير مضبوطة، فبعدما كانت تهدف إلى ترقية العدالة العالمية وقيم الديمقراطية والتي أصبحت اهتمام ثانوي بالنسبة لها، فقد وجدت نفسها ملزمة على العمل من أجل منع الحروب ومواجهة السياسات الهمجية.

كما واجهت هذه الأخيرة مشاكل أخرى من طرف الدول والمنظمات الدولية نتيجة للسياسات المضادة للإرهاب كفرض الرقابة الاجتماعية وتقليص الحريات دفعتها إلى تقليص مساحة نشاطها، خاصة وأنه ثبت أن الجماعات الإرهابية قامت باستغلال نشاطات الهيئات المدنية من أجل التخطيط لأعمال أخرى ومحاولة جني أرباح مادية تحت ستار حماية حقوق الإنسان، ففي كولومبيا مثلا يعتقد نشطاء السلام أن بعض الشركات الضخمة قامت بتأسيس مؤسسات خيرية كواجهة لصرف النظر عن علاقاتهم وارتباطاتهم بالنشاطات العسكرية المساعدة([48])، وحتى الأمم المتحدة التي كانت تدعم دور هذه الفواعل المدنية بدأت تتراجع عن ذلك بعد فشلها في كبح الو.م.أ عن التخلي على سياسة الحرب الوقائية.

نشط المجتمع المدني بشكل واضح في التصدي للسياسات الأمريكية تحت غطاء الحرب الارهاب وتحقيق الأمن العالمي والحق في متابعة الإرهابيين في جميع الدول، والقضاء على الأنظمة المغذية للإرهاب، كما حدث عند إعلان الحرب على أفغانستان والعراق عن طريق مظاهرات مناهضة للحروب في جميع أنحاء العالم، ولكن رغم أنها لم تنجح في منع التدخل في أفغانستان والعراق إلا أنها ضغطت من أجل احترام القانون الدولي واعتماد الدول لسياسات ضبط النفس حتى في الحرب على الإرهاب ومنع استعمال الأسلحة النووية، ومن المنظمات المدنية التي تنشط في هذا الإطار نذكر مؤسسة السلام في العصر النووي، هيئة إخوة المصالحة، ولجنة المحامين الناشطة في مجال سياسية الأسلحة النووية التي تعمل على التأثير على الجماهير ووسائل الإعلام من أجل التأثير على الأمم المتحدة، وتعزيز دورها في إعادة الروح التي كانت تعمل بها عند نهاية الحرب العالمية الثانية، والالتزام بالمبادئ التي يتضمنها الميثاق، وتنشيط الضمير العام، وجعل الحرب آخر وسيلة بعد استنفاد قواعد القانون الدولي، وهذه الهيئات وغيرها يعملون على الضغط على المجتمع الدولي لإيجاد تعريف للحرب العدوانية من أجل إمكانية معاقبة المسؤولين أمام المحكمة الجنائية الدولية([49]).

ثالثا-مساهمة الفواعل غير الدولية في تطبيق وتطوير القانون الدولي لحقوق الإنسان

ساهمت الفواعل غير الدولية كثيرا في تطوير القانون الدولي لحقوق الإنسان، سواء بطريقة غير مباشرة عن طريق الضغط على الدول التي تتبنى في الأخير اقتراحاتها وتستجيب لضغطاتها، أو عن طريق المشاركة الفعلية في المفاوضات ووضع الإطار القانوني للعديد من المواضيع المتعلقة بحقوق الإنسان، ففي إطار قانون العمل ساهمت في إنجاح العديد من الاتفاقيات الدولية عن طريق ضمان الترابط بين التشريع العالمي والقضاء الوطني والسعي لإدماج هذه الاتفاقيات في التشريعات الداخلية ما يمكن المستفيدين من الانتفاع منها.

كما برز دور المنظمات غير الحكومية في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بابتكارها لمفهوم المساواة الايجابية أو اللامساواة التعويضية “l’Inégalité Compensatrice”، والذي يعتبر بأنه نظام جاء من أجل تصحيح وضعية الفئات المهمشة ووضع نهاية لإقصائهم في مجالات حقوق الإنسان عن طريق التشريعات والتنظيمات فهو مرتبط بجوهر الحقوق، وتحت مظلته تم منح حقوق إضافية أو تفضيلية لفئات الخاصة (الخصوصية ترجع لانتماءاتهم أو صفاتهم الشخصية)، وهذا التفضيل يكون مرحليا فقط إلى غاية استرداد تلك الفئات لمكانتها مقارنة ببقية التركيبة الاجتماعية، وقد نصت الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري على مشروعية التمييز التفضيلي([50]).

برز أيضا دور المنظمات غير الحكومية أثناء المؤتمرات الدولية من خلال مساهمتها في وضع الوثيقة النهائية للمؤتمرات وخاصة في فترة التسعينات التي عرفت انعقاد العديد منها كقمة ريوديجانيرو سنة 1992، مؤتمر فيينا لحقوق الإنسان سنة 1993، مؤتمر السكان بالقاهرة سنة 1994، مؤتمر التنمية الاجتماعية بكوبنهاجن سنة 1995، مؤتمر المرأة ببكين سنة 1995، مؤتمر المستوطنات بتركيا سنة 1996، وجميع هذه المؤتمرات شهدت وجود مؤتمرين في آن واحد، الأول متعلق بالوفود الرسمية والثاني يضم الوفود غير الرسمية، حيث تقدم الوفود غير الرسمية عند اجتماعها نظرة حول الوثيقة النهائية التي ستصدر عن المؤتمر الرسمي([51]).

وكان لها دور في العملية التشريعية في مجال نزع الأسلحة ظهر في اتفاق Ottawa المتعلق بنزع الأسلحة المضادة للأفراد، وفي إلغاء عقوبة الإعدام، رغم أن هذه الجهود والأفكار ليست وليدة تلك الفترة بل جاءت بعد الضغط والإلحاح المستمرين طيلة سنوات عديدة أنتجت ثمارها تدريجيا باعتماد اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد سنة 1998([52])، والأمر سواء بالنسبة لاتفاقيات جنيف الأربعة لسنة 1949 التي جاءت نتيجة مبادرة “Henry Dunant” وهو رجل أعمال سويسري من مؤسسي اللجنة الدولية للصليب الأحمر وناشط في الدفاع عن حقوق الإنسان نادى بها سابقا قبل وفاته سنة 1910.

وفي نفس السياق، قام الصندوق الدولي لحقوق الإنسان في 1927 باقتراح فكرة إعلان عالمي لحقوق الإنسان والذي لم يتجسد إلا في سنة 1948، وهذا مايؤكد مقولة “Albert Thibaudet” بأن السياسة أفكار”la politique ce sont des idées”، فدور المنظمات غير الحكومية يتمثل أساس في المبادرة بالأفكار التي تقوم الدول بتبنيها في سياستها لاحقا([53]).

وظهر دور المجتمع المدني أيضا في عقد مؤتمر روما الذي وضع ميثاق المحكمة الجنائية الدولية التي جسدت عدة مطالب سابقة والتي أنشئت فعلا سنة 2002 من أجل معاقبة الأفراد المنتهكين لحقوق الإنسان عن ارتكابهم جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية أو جرائم عدوان، وتبني البروتوكول الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب سنة 2002 بعد 20 سنة من فشل بروتوكول سان خوسي، وإعلان المدافعين عن حقوق الإنسان الذي جاء بعد 14 سنة من العمل العقيم لمجموعة العمل المنشأة من طرف لجنة حقوق الإنسان([54]).

إلى جانب الاعتراف بالحقوق العالمية، لا يمكن تجاهل دور الأقليات والفئات المهمشة في تجسيد الاعتراف بحقوقها، بدءا بحق تقرير المصير الذي جاء نتيجة مطالبات الشعوب المستعمرة بحقها في تقرير مصيرهاـ والاستقلال والذي تطور إلى الحق في تحديد نظام الحكم والمشاركة في السلطة أي الديمقراطية([55])، إلى النصوص الكثيرة المتعلقة بها كالمادة 27 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، أو الوثيقة النهائية لمؤتمر الأمن والتعاون الأوربي المنعقد في كوبنهاجن سنة 1990، وإعلان حقوق الأفراد التي تنتمي إلى أقليات وطنية أو أثنية أو دينية أو لغوية المتبني من الجمعية العامة سنة 1992، والاتفاقية الإطارية المتعلقة بحماية الأقليات الوطنية المنعقدة في إطار مجلس أوربا سنة 1994، وهذا مع عدم إهمال التشريعات الوطنية التي بدأت تعترف بحقوق هذه الأقليات في الدساتير الوطنية مما أدى إلى الحديث عن تضخم تشريعي وحقوقي([56]).

كما لا يمكن تناسي دور الشعوب الأسياوية أثناء مؤتمر فيينا سنة 1993 في الاعتراف بالحق في الخصوصية الثقافية، الذي يعتبر ثورة ضد حقوق الإنسان الغربية التي حاولت إعطاءها الصبغة العالمية ولكنها فشلت في ذلك.

الخاتمة

تناولت الدراسة نماذج من الفواعل غير الدولية الناشطة في مجال حقوق الإنسان فوجدنا أن هناك نوعان، فالأولى تعمل من أجل حماية حقوق الإنسان كالمنظمات غير الحكومية الدولية أو الداخليةـ والمجتمع المدني العالمي والمحلي بجميع مكوناته، وقد حقق نشاط هذه الأطراف عدة نتائج الملموسة التي لا يمكن إنكارها أبدا حيث ساهمت في كشف الوقائه المستورة عن الانتهاكات التي تحدث على المستوى المحلي وإظهارها في التقارير التي كانت تشارك في وضعها وحتى السعي لمعاقبة منتهكيها أمام المحاكم الوطنية أو الإقليمية أو الدولية، وقامت أيضا بالضغط على الدول من أجل الانضمام للاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والتي في معظم الأحيان كانت وراء اعتمادها على المستوى الدولي، كما عملت على إثراء المحافل الدولية لمواجهة التهديدات والمخاطر الجديدة وظهرت براعتها في التفاوض في تلك المسائل لأنها من صميم انشغالاتها، وكان لها دور في ظهور مفاهيم جديدة كالمساواة الإيجابية أو التفضيلية لتحقيق العدالة بين جميع البشر، ومفهوم الخصوصية الثقافية مقابل مبدأ عالمية حقوق الإنسان ذات المنشأ الغربي.

أما النوع الثاني من الفواعل غير الدولية تمثل أساسا في الشركات العابرة للدول والجماعات الإرهابية التي تعد نماذج مهمة لانتهاك حقوق الإنسان، من خلال النشاطات القانونية وغير القانونية التي تقوم بها والتي تبتغي من وراءها تحقيق مكاسب مادية محضة وفي سبيل ذلك تسعى دائما لمخالفة المعايير الدولية وتستغل الظروف الداخلية للدول من أجل تحقيق مصالحها، لكنها تصادمت مع النوع الأول الذي كان لها بالمرصاد عن طريق كشف أنشطتها المشبوهة والسعي لحث الدول لوضع تنظيم قانوني يقيدها ويفرض عليها إحترام قواعد حقوق الإنسان ومبادئ الكرامة الإنسانية وتوفير الأدلة لمعاقبة المنتهكين.

وفي الأخير، نشدد على مسألة ضرورة وجود رقابة متبادلة بين الفواعل غير الدولاتية ومؤسسات الدولة لان منح الأولى سلطات واسعة يمكن أن يؤدي بها إلى الانحراف في وظيفتها فالسلطة أينما كانت يمكن أن تتحول إلى وسيلة للطغيان، كما أن الدولة إذا لم تقيد بالمحاسبة غير الدولاتية يمكن أن تتحول إلى الدكتاتورية، وعليه فإن وجود الدولة والفواعل الأخرى أمر مهم حتى تتحقق النجاعة والفعالية لحقوق الإنسان.

قائمة المراجع

1-بالغة العربية

-بوجلال الطاهر، دليل الآليات المنظومة الدولية لحماية حقوق الإنسان، المعهد العربي لحقوق الإنسان، مصر 2004.

-جوف إدموند، علاقات دولية، ترجمة القاضي، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت 1993.

-شرقاوي سعاد، النظم السياسية في العالم المعاصر، جامعة القاهرة، القاهرة 2008.

دليل للمجتمع المدني، المفوضية السامية لحقوق الإنسان، الأمم المتحدة، نيويورك وجنيف 2008.-

-إعلان المدافعين عن حقوق الإنسان، قرار الجمعية العامة رقم 144/53 بتاريخ 8/3/1999.

-سانام ناراجي، جودي البشرا، المجتمع المدني.

http://www.international-alert.org/pdfs/TK_Civil%20Society_Arabic.pdf

-آلية المراجعة الدورية العالمية، موقع منظمة العفو الدولية. https://www.amnesty.org/ar/

-حضارة وتاريخ، البواعث الدولية.

http://www.islamonline.net/iol-arabic/qadaya/hadaraq/hadaraqa3.asp

-دور المجتمع في المراجعة الدورية العالمية، منظمة العفو الدولية.

http://www.amnesty.org/ar/united-nations/universal-periodic-review/role-of-civil-society

2-باللغة الأجنبية

-A. Hegary and S.Leonard,Human Right_ An Agenda for the 21st Century, Cavendish Publishing, London1999. Benoit Fraydman, Vers un Statut de la Société Civile dans l’Ordre International, Philosophie du Droit, Dalloz, Paris2001.

-Bribosia Emmanuelle et Hennebel Ludovic, Classer les Droits de l’Homme, Bruylant, Paris2004.

-Cohen Samy, ONG, Altermondialistes et Société Civile Internationale, Revue Française de sciences Politique, N֠3, vol54, France2004

-G. Anderson et al (eds), Non State Actors in the Human Right Univers ,Kumarian Press,USA2006.

– Pirotte Gautier, La Notion de la Société Civile, la découverte, Paris 2007.

-Ranjeva Raymond, Les Organisation non Gouvernementales, Bruylant , Paris 2005.

-Pokempner Dinah, New Non State Actors in International Humanitarian Low, The George Washington International Low Review, USA2006.

-Christos Giakoumopoulos, Etat, Droits de l’Homme, Société Civile – Les Concepts Fondamentaux. http://www.icj-ch.org/pdf/giakoumopoulos.pdf

-Monique Prindezis, Les ONG et Les Droits de l’Homme, Eduquer aux Droit de l’Homme, Vue d’Afrique, N֠3, Novembre2004. http://www.cifedhop.org/publications/perspectives/vuesdafrique3/Prindezis.pdf

-Zaki Laidi ,La Société Civile Internationale Existe -t-elle ? Défaillances et Potentialité, Cadres CFDT, N°410-411, mis en ligne en juillet 2004. http://www.cadres-plus.net/bdd_fichiers/410-02.pdf

– Melik Ozden, Société Transnationale et Droits Humains, Une Collection du Programme Droits Humains du Centre Europe – Tiers Monde (CETIM). http://www.cetim.ch/fr/documents/bro2-stn-A4-fr.pdf

([1]) Raymond Ranjeva, Les Organisation non Gouvernementales, Bruylant , Paris 2005, pp 4,5.

([2]) إعلان المدافعين عن حقوق الإنسان، قرار الجمعية العامة رقم 144/53 بتاريخ 8/3/1999.

3 سانام ناراجي، جودي البشرا، المجتمع المدني.

http://www.international-alert.org/pdfs/TK_Civil%20Society_Arabic.pdf

([4]) Christos Giakoumopoulos, Etat, Droits de l’Homme, Société Civile – Les Concepts Fondamentaux, p5.

www.icj-ch.org/pdf/giakoumopoulos.pdf

([5]) إدموند جوف، علاقات دولية، ترجمة القاضي، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت 1993، ص49.

([6])Angela Hegary, Non- Gouvernemental Organizations: the Key to Change, In: A. Hegary and S.Leonard,Human (eds), Right_ An Agenda for the 21st Century, Cavendish Publishing, London1999, pp268, 269.

([7]) إدموند جوف، المرجع السابق، ص 49. نقلا عن:

Merle, Sociologie des Relations Internationales, Dallos, Paris 1982, pp 362-363 .
([8])سانام ناراجي، جودي البشرا، المجتمع المدني، المرجع السابق .

سانام ناراجي، جودي، المرجع السابق. ([9])

إدموند جوف، موقع سابق، ص97. ([10])

سانام ناراجي، جودي البشرا، المرجع السابق. ([11])

([12]) Samy Cohen, ONG, Altermondialistes et Société Civile Internationale, Revue Française de sciences Politique, N֠3, vol54, France2004, pp 379-397.

([13]) Angela Hegarty, op cit, p270, 272.

([14]) آلية المراجعة الدورية العالمية، موقع منظمة العفو الدولية. https://www.amnesty.org/ar/

([15])d’Afrique, N֠3, Novembre2004. http://www.cifedhop.org/publications/perspectives/vuesdafrique3/Prindezis.pdf

([15])Maritina O’brion , Non-Governmentals organisations and United Nations , In: A. Hegary and S. Leonard(eds), Human Right- An Agenda for the 21st Century, Cavendish Publishing, London1999, pp247- 264.Monique Prindezis, Les ONG et Les Droits de l’Homme, Eduquer aux Droit de l’Homme, Vue d’Afrique, N֠3, Novembre 2004.

http://www.cifedhop.org/publications/perspectives/vuesdafrique3/Prindezis.pdf

([16])Maritina O’brion , Non-Governmentals organisations and United Nations , In: A. Hegary and S. Leonard(eds), Human Right- An Agenda for the 21st Century, Cavendish Publishing, London1999, pp247- 264.

([17]) Peter Pack, Amnesty International: An Evolving Mandate in Changing World, In: A. Hegary and S. Leonard(eds), Human Right_ An Agenda for the 21st Century, Cavendish Publishing, London1999, pp233- 240.

([18]) Zaki Laidi ,La Société Civile Internationale Existe -t-elle ? Défaillances et Potentialité, Cadres CFDT, N°410-411, mis en ligne en juillet 2004, p11. http://www.cadres-plus.net/bdd_fichiers/410-02.pdf

([19]) Richard Folk ,Global Civile Society Actors and 9/11, In: G. Anderson et al (eds), Non State Actors in the Human Right Univers ,Kumarian Press,USA2006 , p117.

([20]) Samy Cohen, op cite, p13,14,15.

حضارة وتاريخ، البواعث الدولية: ([21])

http://www.islamonline.net/iol-arabic/qadaya/hadaraq/hadaraqa3.asp

([22]) سانام ناراجي وجودي البشرا، المرجع السابق.

([23]) « La société civile devient cet espace public au sein duquel les déférences sociales, les problèmes sociaux, les politiques, l’action gouvernementale, les affaires communautaires et les identités culturelles sont mise en débat ».

([24]) Gautier Pirotte, La Notion de la Société Civile, la découverte, Paris 2007, p55.

([25])Benoit Fraydman, Vers un Statut de la Société Civile dans l’Ordre International, Philosophie du Droit, Dalloz, Paris2001, pp 152, 153.

([26]) دليل للمجتمع المدني، المفوضية السامية لحقوق الإنسان، الأمم المتحدة، نيويورك وجنيف 2008، ص 137-144.

([27]) الطاهر بوجلال، دليل الآليات المنظومة الدولية لحماية حقوق الإنسان، المعهد العربي لحقوق الإنسان، مصر 2004، ص 114، 416،417.

([28]) سانام ناراجي وأندرليني وجولين شوميكر، حقوق الإنسان.

www.international-alert.org/pdfs/tk_HUMAN Right_Arabic.pdf

([29]) Remond Ranjeva, Les Organisations non Gouvernementales et le Droit International des Droits de l’Homme, Bruylant , Paris2005 , p6.

([30]) Monique Prindezis, op cit, pp156, 159

([31]) Angela Hegarty, op cit , p272 .

([32])Ibid, op cit , p 273.

([33])Angela Hegarty, op cit, p 274.

([34]) دليل المجتمع المدني، المرجع السابق، ص 71.

35دور المجتمع في المراجعة الدورية العالمية، منظمة العفو الدولية.

www.amnesty.org/ar/united-nations/universal-periodic-review/role-of-civil-society

([36]) سعاد شرقاوي، النظم السياسية في العالم المعاصر، جامعة القاهرة، القاهرة، 2008، ص 243.

([37]) نفس المرجع، ص 251.

([38]) Melik Ozden, Société Transnationale et Droits Humains, Une Collection du Programme Droits Humains du Centre Europe – Tiers Monde (CETIM), p7. http://www.cetim.ch/fr/documents/bro2-stn-A4-fr.pdf

([39]) Melik Ozden, op cit, p8.

([40]) Melik Ozden, op cit, p21.

([41])Ibid.

([42])Herbert F. Spirer and Louise Spirer، Accounting for Human Rights Violations by Non-State Actors, In: G. Anderson et al (eds), Non- State Actors in the Human Right Univers, Kumarian Press,USA2006, p49.

([43]) Ibid, pp49, 50.

([44])Melik Ozden, op cit, pp41, 19, 20.

([45])Ibid, p21.

([46])Ibid, pp 41, 42.

([47]) Dinah Pokempner, New Non State Actors in International Humanitarian Low, The George Washington International Low Review, USA2006, pp560, 561.

([48])المجتمع المدني، سنام ناراجي وجودي البشرا، المرجع السابق.

([49]) Richard Folk, op cit, pp126-130.

([50])Raymond Ranjeva, op cit, pp14, 15.

. ([51])حضارة وتاريخ، البواعث الدولية:

www.islamonline.net/iol-arabic/qadaya/hadaraq/hadaraqa3.asp

([52]) Emmanuel Decaux, op cit, p30.

([53]) Ibid, pp 35،34.

([54]) Ibid, p32.

([55]) Julie Ringlheim, Droit individuels et Droit Collectifs, Dans: Bribosia Emmanuelle et Hennebel Ludovic (ed), Classer les Droits de l’Homme, Bruylant, Paris2004, pp241-244.

([56])Julie Ringlheim, op cit, pp253, 254.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت