المفهوم القانوني للجريمـة التاديبية

لا يضع المشرع في العاده تعريفا محددا للجريمه التاديبيه , ولا يورد الافعال المكونه لها على سبيل الحصر كما هو الشان في الجريمه الجنائية . وانما يقتصر القانون على بيان واجبات العاملين والاعمال المحظوره عليهم بصوره عامه ودون تحديد دقيق. ثم ينص بعدذلك على ان كل موظف يخل بهذه الواجبات او يخرج على مقتضى الواجب في اعمال وظيفته او يظهر بمظهر من شانه الاخلال بكرامه الوظيفه يعاقب تاديبيا .

فالمشرع يحرم على الموظف صراحه ارتكاب بعض الاعمال على وجه التحديد نظرا لاهميتها فينص على ان ( يحظر على الموظف…)ويورد عددا غير قليل من المحظورات, منها افشاء العمل, والاحتفاظ لنفسه باصل ورقه من اوراق العمل, ومزاوله الاعمال التجاريه , وقبول الهدايا بمناسبه ورققه من اوراق العمل , وشرب الخمر او لعب القمار في الانديه والمجال العامه …. الي غير ذلك من المحظورات. غير ان عدم وجود نص محرم لغعل ما في قانون الموظفين لا يعني انه مباح ولا يشكل جريمه تاديبيه. ذلك لان الجرائم التاديبه بخلاف الجرائم الجنائية ليست محدده على سبيل الحصر, ولا تخضع لقاعده ( لا جريمه بغير نص ..) وانما يجوز لمن يملك قانوناسلطه التاديب ان يرى في اي عمل ايجابي او سلبي يقع من الموظف عند ممارسنه اعمال وظيفته ذنبا تاديبيا, اذا كان ذلك لا يتفق مع واجبات الوظيفه, ومن ثم فلا يمكن حصر الذنوب التاديبيه مقدما. فالقانون الاداري لا ياخد مبدا شرعيه المخالفه , ولا يضع لكل مخالفه عقوبه معينه, وانما يترك ذلك لسلطه التاديب, على ان يكون الجزاء الموقع من بين الجزاءات التي اجازها القانون. ويمكن تشبيه الجريمه التاديبيه بجرائم التعزيز في الشريعه الاسلاميه, وهي جرائم غير محدوده في النصوص وليس لها عقوبه مقدره سلفا. وذلك بخلاف جرائم الحدود التي فيها اعتداء على حق من حقوق الله, وجرائم القصاص التي يتعدى فيها عل حق العباد .

ويفوض المشرع الاداره في بعض البلاد كمصر في وضع لوائح تتضمن انواع المخالفات التاديبيه والجزاءات المقرره لها. وذلك باعتبار ان كل اداره اعلم من غيرها بما يقع في اطارها من مخالفات وبمدى خطوره كل منها. وقد اصدرت بعض جهات الاداره بالفعل لوائح جزاءات لتطبيقها على موظفيها. وقسمت المخالفات الاداريه الي عده تقسيمات كبيره لكي تشمل كافه الاخطاء التاديبيه, مهتديه في ذلك بالائحه النموذجيه للجزاءات التي قدمها الجهاز المركزي للتنظيم والاداره وصنف المخالفات فيها الي اربعه اقسا هي

1- مخالفات مواعيد العمل ومن امثلتها الغياب, وترك العمل او الانصراف فبل مواعيده , دون اذن او عذر مقبول

2- مخالفات اداء العمل ومن امثلتها الامتناع عن اداء واجبات الوظيفه او الاهمال او التراخي فيها, او القيام باعمال ماجوره للغير دون اذن من السلطه المختصه

3- مخالفات نظام العمل من امثلتها افشاء الاسرار التي يطلع عليها الموظف بحكم وظيفته , او توزيع منشورات او مطبوعات بغير اذن, او قبول هبات من المتعاملين معه .

4- مخالفات السلوك, من امثلتها الاعتداء على الرؤساء او الزملاء , وسوء معامله الجمهور, وارتكاب افعال مخله باللآداب او اللياقه في مجال العمل, والاتهام في جنايه او جنحه مخله بالشرف . ويحسن ان تكون لوائح الجزاءات على درجة كافيه من المرونه , سواء من حيث النصوص المجرمه لكي تتسع لشمول كافه انواع المخالفات التاديبيه رغم تطور الظروف, او من حيث تدرج الجزاءات التاديبيه لترك فرصه للاداره لممارسه سلطتها التقديريه . ويمكن تعريف الجريمه التاديبه -: او المخالفه التاديبيه او الذنب الاداري كما تسمى احيانا- بانها اخلال الموظف بواجبات وظيفته. وهذا هو ما اكدته المحكمه الاداريه العليا في مصر بقولها ان الجريمه التاديبيه هي (( اخلال الموظف بواجبات وظيفتته ايجابا او سلبا , او اتيانه عملا من الاعمال المحرمه عليه. فكل موظف يخالف الواجبات التي تنص عليها القوانين او يخرج على مقتضى الواجب في اعمال وظيفته التي يجب ان يقوم بها بنفسه…., او يقتصر في تاديتها بما نتطلبه من حيطه ودقه وامانه , انما يرتكب ذنبا اداريا يستوجب تاديبه ))

ويستوي في ذلك ان يقع الاخلال عمدا او عن اهمال, كما يستوى ان يكون الفعل المكون له متصلا باعمال الوظيف او غير متصل بها, كان يسلك الموظف في حياته الخاصه سلوكا مشينا يمس الاعتبار. وقد قضت نفس المحكمه في مصر بانه الجرائم المخله بالشرف, الا انها تكون ذنبا اداريا يسوغ مؤاخذتيه تاديبيا. ولو ان المجال الذي ارتكب فيها هذا الذنب خارج نطاق عمله الوظيفي. لان هذا العمل يكون في حد ذاته سلوكا معيبا ينعكس اثره على كرامه الوظيفه ويمس اعتبار شاغلها ويزعزع الاطمئنان الي استاقمه القائم باعبائها ويتنافى مع ما ينبغي ان يتحلى به من طيب الخصال

————————-