الظروف القضائية المخففة في القانون الجنائي المصري

الظروف القضائية المخففة :

تعريف الظروف القضائية المخففة ودورها :

الظروف القضائية المخففة هى أسباب عند توافرها أجاز القانون للقاضى أن يأخذ المتهم بالرأفة وذلك بالحكم عليه بعقوبة تقل عن الحد الأدنى المقرر قانوناً للجريمة أو باستبدالها بعقوبة أخف وتستخلص الظروف القضائية من ظروف الجريمة أو المجرم. ولم يحدد المشرع هذه الظروف ، ولم يبين ضوابطها وترك ذلك للسلطة التقديرية للقاضى ، فيجوز له أن يستخلصها من أى عنصر من عناصر الدعوى.ويكون التخفيف للسلطة التقديرية للقاضي في حالة الظروف القضائية المخففة جوازياً وذلك في ضوء كل حالة على حدة. والظروف القضائية المخففة ليست محصورة وإنما يترك استخلاصها للمحكمة في ضوء ظروف الجريمة وظروف المجرم.

نطاق الظروف القضائية المخففة :

يتضح من نص المادة 17 عقوبات أن نطاق الظروف القضائية المخففة يقتصر على الجنايات دون الجنح والمخالفات . وعلة ذلك ترجع إلى أن الحد الأدنى العام للعقوبة المقررة في أغلب الجنح والمخالفات هو منخفض بطبيعته ، وبالتالي يستطيع القاضي أن ينزل إليه وفقاً لسلطته في تقدير العقوبة دون حاجة إلى الاستناد إلى الظروف القضائية المخففة . وحتى في مجال بعض الجنح التى وضع القانون لها حداً أدنى خاصاً يزيد عن الحد الأدنى العام للحبس أو الغرامة ، فإنه يظل في وسع القاضي إذا رأى في ظروف الدعوى ما يستدعى معاملة المتهم بالرأفة أن يأمر بوقف تنفيذ العقوبة .

حدود تخفيف العقوبة استناداً إلى الظروف القضائية المخففة :

إذا رأت المحكمة في مواد الجنايات معاملة المتهم بالرأفة ، فعليها أن تتقيد في تخفيف العقوبة بالحدود المبينة قانوناً ، حيث أجاز المشرع للمحكمة النزول بعقوبة الجناية درجة أو درجتين ، ما لم تكن عقوبة الجناية هي السجن ، فحينئذ لا يجوز النزول بها إلا درجة واحدة ، ويكون التخفيف على النحو التالى :
1- إذا كانت العقوبة المقررة الإعدام جاز للمحكمة أن تحكم بالسجن المؤبد أو السجن المشدد . وإذا رأت المحكمة اختيار هذه العقوبة الأخيرة ، فلها أن تحدد مدتها بين الحدين الأدنى والأقصى العامين لها .
2- إذا كانت العقوبة المقررة السجن المؤبد جاز للمحكمة أن تقضى بعقوبة السجن المشدد أو السجن بين الحدين العامين لهما.
3- إذا كانت العقوبة المقررة السجن المشدد جاز للمحكمة أن تحكم بالسجن (بين حديه العامين) ، أو بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر .
4- إذا كانت العقوبة المقررة هي السجن ، فيجوز للمحكمة أن تحكم بالحبس الذي لا تقل مدته عن ثلاثة شهور .
ويتضح أن أثر الظروف القضائية المخففة ينصرف فقط إلى العقوبة الأصلية المقررة للجناية. ولا تؤثر على العقوبات التبعية أو التكميلية ، ومن الممكن أن تؤثر هذه الظروف على العقوبات التبعية في حدود معينة.
وفيما يتعلق بالعقوبات التكميلية الجوازية ، فمن المعلوم أن تقدير توقيعها متروك للقاضي ، فيجوز له الحكم بها ، ويجوز له أن يكتفي بالعقوبة الأصلية المقررة للجريمة ، وبالتالي ، يمكن له أن يستبعد هذه العقوبة التكميلية بسبب الظرف المخفف ، ويجوز له أن يحكم بها رغم توافر هذا الظرف .
وبالنسبة إلى العقوبات التكميلية الوجوبية . فليس للظروف المخففة أى تأثير عليها ، لأن توقيعها يكون وجوبياً على القاضي وإلا فان حكمه يكون باطلاً إذ هي مرتبطة بالجريمة وجوداً وعدماً ، وليس للظروف المخففة أى تأثير على الجريمة. وبناء على ذلك قضت محكمة النقض فيما يتعلق بجرائم الرشوة واختلاس المال العام أنه لا تأثير للظروف المخففة على وجوب الحكم بالغرامة النسبية .
تقييد تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات :
على الرغم من أن المادة 17 عقوبات المتعلقة بالظروف القضائية المخففة تعتبر نصاً عاماً في مواد الجنايات . إلا أن المشرع أورد نصوصاً خاصة للحد من تطبيق هذه الظروف في بعض الجنايات .

ومن أمثلة ذلك :

ما تنص عليه المادة 77 (د) من قانون العقوبات (في فقرتها الأخيرة) بأنه «لا يجوز تطبيق المادة 17 من هذا القانون بأى حال على جريمة من هذه الجرائم إذا وقعت من موظف عام أو شخص ذى صفة نيابية أو مكلف بخدمة عامة . والمادة المذكورة تنص على جناية السعى لدى دولة أجنبية أو التخابر معها والإتلاف العمدى والاختلاس والتزوير الذي ينصب على أوراق أو وثائق تتعلق بأمن الدولة أو بأية مصلحة قومية أخرى .
كذلك تنص المادة 88 مكرراً (ج) من قانون العقوبات ، بصدد جرائم الإرهاب ، على أنه لا يجوز تطبيق أحكام المادة 17 من هذا القانون عند الحكم بالإدانة في جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القسم – (القسم الأول من الباب الثاني من الكتاب الثاني من قانون العقوبات وتتعلق بجرائم الإرهاب كما ذكرنا) – عدا الأحوال التى يقرر فيها القانون عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد ، فيجوز النزول بعقوبة الإعدام إلى السجن المؤبد، والنزول بعقوبة السجن المؤبد إلى السحن المشدد الذي لا تقل مدته عن عشر سنوات .
ويبدو أن خطورة الجرائم المشار إليها واعتبارات الردع العام ، هي التى دفعت المشرع إلى استبعادها من نطاق تطبيق الظروف المخففة المنصوص عليها في المادة 17 من قانون العقوبات .