بحث قانوني هام بعوان الحق في الحصول على المعلومات في الأردن و مطابقته للمعايير الدولية

— المؤلف: روزانا سهيل العياش
— المشرف على البحث: د.ليث نصراوين .

المقدمة

يعتبر الحق في الحصول على المعلومات من أهم حقوق الانسان المدنية والسياسية التي تنادت المواثيق الدولية والإقليمية لتأكيده وكفالته في نصوص الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، كما دعت هذه الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والإقليمية الدول الأطراف إلى تكريس مثل هذا الحق في تشريعاتها الوطنية من خلال صياغة قوانين جديدة أو تعديل القائم منها بما يتناسب مع التأكيد على حق الفرد في الحصول من السلطات العامة على المعلومات التي يراها ضرورية.

كما أن الحق في الحصول على المعلومات في الإطار الدولي ليس بالمطلق، حيث أجازت المعاهدات والاتفاقيات الدولية فرض قيود تنظيمية على ممارسة هذا الحق من خلال إعطاء الدول سلطة رفض الكشف عن أية معلومات أو أوراق ووثائق سرية بهدف المحافظة على النظام العام وحماية الأمن القومي والمصالح الداخلية العليا، لكن شريطة أن تكون هذه القيود واضحة ومحددة على سبيل الحصر في التشريعات الوطنية بحيث لا يجوز التوسع في تفسيرها والقياس حولها. إلا أن هذه السلطة المقررة دوليا لتنظيم حق الحصول على المعلومات غالبا ما تستند إليها الدول في تشريعاتها الوطنية لإنكار الحق في اعطاء المعلومات .

والأردن كغيره من دول التي صادقت وانضمت إلى العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الناظمة لحقوق الإنسان، فقد سعى الى تطوير منظومته التشريعية بغية ضمان موأمتها مع المعايير الدولية الخاصة بالحق في الحصول على المعلومات، لذا إن هذه الدراسة تستهدف وبشكل أساسي دراسة أحكام قانون ضمان حق الحصول على المعلومات الأردني وتحليلها وذلك بهدف الوقوف على مدى فعاليتها وجديتها في ضمان هذا الحق للإجابة على التساؤل الذي يطرح حول مدى توافق أحكام ونصوص القانون الأردني مع المعايير الدولية الناظمة للحق في الحصول على المعلومات، ومدى جدّية المُشرِّع الأردني في الالتزام بتلك المعايير وتطبيقها .

الملخص

تتمثل اسباب دراسة هذا البحث لأنه يتناول قانون حديث النشأة اثار فور صدوره جدلاَ فيما ان كان داعماُ للحقوق و الحريات ام مقيداُ لها و ان كان متوافقاُ في مضمونه مع المعايير الدولية ام لا وهذا هو التساؤل الرئيسي الذي يقوم عليه البحث بفصليه . بالإضافة الى ان هذا القانون اثار لدي الفضول في معرفة اسباب عدم تطبيقه او العمل به بشكل فعال.

خطة الدراسة

المقدمة
الفصل الأول: الحق في الحصول على المعلومات في ضوء المعايير الدولية والإقليمية
المبحث الأول: المواثيق الدولية الناظمة للحق في الحصول على المعلومات
المبحث الثاني: المواثيق الإقليمية الناظمة للحق في الحصول على المعلومات

الفصل الثاني: الحق في الحصول على المعلومات في ضوء التشريعات الأردنية
المبحث الأول: إجراءات الحصول على المعلومات في قانون ضمان حق الحصول على المعلومات لعام 2007
المبحث الثاني: القيود التي ترد على حق الحصول على المعلومات في الأردن
و مدى توافق القيود على حق الحصول على المعلومات مع المعايير الدولية

الخاتمة والتوصيات
قائمة المراجع

الفصل الأول
الحق في الحصول على المعلومات في ضوء المعايير الدولية والإقليمية
يتناول هذا الفصل المعاهدات والمواثيق الدولية والإقليمية الناظمة لحق الحصول على المعلومات في مبحثين ، يختص المبحث الأول في نصوص المواثيق الدولية ، والمبحث الثاني في المواثيق الإقليمية .

المبحث الاول
المواثيق الدولية الناظمة للحق في الحصول على المعلومات

في ضوء التقدم والتطور الذي حصل في المجتمعات ولكون أهمية المعلومات قد زادت واصبحت سهلة الإنتقال ، وحيث أن الحصول على المعلومات قد أصبح حجر الأساس لحقوق الإنسان ويجب اعتباره من ضمن الحقوق الاساسية لكل فرد تضمنت ونظمت العديد من المعاهدات والمواثيق الدولية في نصوصها حق الحصول على المعلومات.

ومن أهم تلك المواثيق ، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، حيث جاء في الفقرة الثانية من نص المادة التاسعة عشرة منه ” لكل إنسان الحق في حرية التعبير عن الرأي ويشمل هذا الحق حريته في إلتماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها للآخرين دونما اعتبار للحدود سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في أي قالب فني أو بأي وسيلة أخرى يختارها “. فقد كفل هذا العهد للجميع الحق في الحصول على المعلومات ونقلها ، شريطة الإلتزام بعدم المساس أو التعرض لحقوق الآخرين أو سمعتهم . كذلك عدم التعدي على الأمن القومي أو النظام العام أو الآداب العامة (1) . التي كان يفترض أن يوضع لها تعريف لكي لا تترك بشكل مطلق ، فهي مصطلحات واسعة وفضفاضة قد تتيح الحرية للدول في التوسع باستخدامها كقيود في قوانيها في مجال الحق في الحصول على المعلومات . (2)

وهذا ما أكده التعليق العام رقم “34” الصادر عن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان (3) ، حيث تناول في الفقرة 18 منه أن هذه المعاهدة تضمن الحق للأفراد في الإطلاع على المعلومات التي تكون بحوزة الهيئات العامة بغض النظر عن الطريقة التي تحفظ بها أو مصدرها . والفقرة 19 أوضحت أنه يتوجب على الدول الأعضاء .
________________________________
“1” هذا ما ورد في الفقرة 3 من نص المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966
“2” اشرف فتحي الراعي, حق الحصول على المعلومات دراسة مقارنة,الطبعة الاولى,دار الثقافة,عمان,لسنة2010 ص 81
“3” العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، اللجنة المعنية بحقوق الإنسان – الدورة الثانية بعد المائة – جنيف 11-29تموز2011 – التعليق العام رقم 34

أن تصدر التشريعات اللآزمة لضمان حصول العامة على المعلومات بطريقة سهلة وفورية وأن لا تكون الرسوم المفروضة بالتشريعات هي مقابل الحصول على تلك المعلومة .

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ضمن هذا الحق دون التقيد بالحدود الجغرافية وذلك تأكيداً لمبدأ المساواة بين الأفراد في الحصول على المعلومات ، حيث ورد ذلك في المادة (19) والتي تنص على ” لكل شخص الحق في حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل ، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون التقيد بالحدود الجغرافية” .

الجمعية العامة للأمم المتحدة ، اعتبرت أن حق الحصول على المعلومات هو حق أساسي للإنسان وذلك في جلستها الأولى في القرار رقم “59” لسنة 1946. والذي ينص على أن ” حرية الوصول إلى المعلومات حق أساسي للإنسان وأنها محك جميع الحقوق التي كرست الأمم المتحدة لها نفسها ” .
وحيث جاء ايضاُ اعلان الامم المتحدة بشأن الالفية في نص الفقره 24 من الفصل الخامس ليؤكد على ضمان هذا الحق للجمهور و بالاضافة الى المبدأ الاول من مبادئ جوهنسبرغ حول حريق الرأي و التعبير والاعلام بنص قفرة (ب) منه و الي جاء نصها ” لكل فرد الحق في حرية التعبير , ويشمل هذا الحق حريتة في التماس المعلومات و تلقيها و نقلها , والافكار من كل نوع و دونما اعتبار للحدود سواء على شكل مكتوب او مطبوع او في قالب فني او بأية وسيلة اخرى يختارها ” .حيث يفهم منها ان هذا المبدأ اعتبر الحق بالحصول على المعلومة هو جزء اساسي لحرية التعبير .

نستنج من هذه المواثيق والمعاهدات أن حق الحصول على المعلومات هو حق مكرس وأساسي وله أهمية في تطور وتقدم المجتمعات لما له من أثر مباشر وغير مباشر على الحقوق والواجبات و يرتبط ارتباطاُ وثيقا بحرية التعبير عن الرأي و حرية الصحافة و الإعلام التي تعتبر من الحقوق الاساسية اللصيقة بالانسان . إلا أنه ليس بالحق المطلق ، حيث أجازت هذه المعاهدات والمواثيق فرض القيود التنظيمية على ممارسة هذا الحق على ان تكون واضحة ومحددة بشكل لا تجيز فيه للدول ان تتوسع في تفسيرها ، ومن هذه القيود ما ورد في نص المادة 19/3 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، وما وضعته الأمم المتحدة من قيود تتمثل باستثناءآت النشر المحدودة ، أي في حال وجود مصلحة عامة لحجب أي معلومة . بالإضافة إلى القيد المتعلق بتفسير القوانين الأخرى بما ينسجم مع قانون الحق في الحصول على المعلومات اي ان يتم إخضاع جميع القوانين المتعلقة بالمعلومات في الدولة وانسجامها مع المبادئ الاساسية لقانون حق الحصول على المعلومات بالإضافة إلى القيود التي أجازها المبدأ الأول من مبادئ جوهانسبرغ في الفقرة ج من أجل حماية الأمن القومي . وما وضعته الاتفاقية الاوروبية لحقوق الانسان من قيود بالمادة 10 منه عندما نصعت على ان ” هذه الحريات تتضمن واجبات ومسؤوليات. لذا يجوز إخضاعها لشكليات إجرائية، وشروط، وقيود، وعقوبات محددة في القانون حسبما تقتضيه الضرورة في مجتمع ديمقراطي، لصالح الأمن القومي، وسلامة الأراضي، وأمن الجماهير وحفظ النظام ومنع الجريمة، وحماية الصحة والآداب، واحترام حقوق الآخرين، ومنع إفشاء الأسرار، أو تدعيم السلطة وحياد القضاء”.

المبحث الثاني
المواثيق الإقليمية الناظمة للحق في الحصول على المعلومات

سيتناول هذا المبحث كإضافة على ما جاء في المبحث الأول المواثيق الإقليمية الناظمة لحق الحصول على المعلومات و الإشارة الى المواثيق العربية التي اتضح انها ادركت بشكل متأخر اهمية هذا الحق و بيان ان الدول العربية كانت قد تضمنت هذا الحق في تشريعاتها الداخلية.

من اول هذة المواثيق هو الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب الذي تمت إجازته من قبل مجلس الروؤساء الأفارقة بدورته العادية رقم 18 في نيروبي – كينيا – يونيو سنة 1981 والذي نص صراحة في المادة التاسعة – فقرة 1 منه على حق كل فرد في أن يحصل على المعلومات وايضاً في النطاق الاقليمي الافريقي تم في30 يناير 2007 اصدار الميثاق الإفريقي للديمقراطية والإنتخابات والحكم الذي وقعته الدول الإفريقية بعد أن صادقت عليه 15 دولة عضوا وأودعت وثائق المصادقة لدى الإتحاد الإفريقي الذي من اهم اهدافه التشجيع على إنشاء الظروف اللازمة لتعزيز مشاركة المواطنين، والشفافية، والوصول إلى المعلومات، وحرية الصحافة والمساءلة في إدارة الشؤون العامة.

في النطاق العربي يتضح ان المواثيق و المعاهدات التي نصت على حماية هذا الحق و وجوب تكريسة قليلة و ان الدول بدأت بإصدار قوانين مختصة بالحصول على المعلومة بوقت حديث فالاردن كانت اول الدول التي اصدرت مثل ذلك القانون ثم تلتها اليمن .

الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي اعتمد من قبل القمة العربية في تونس في 23 أيار 2004 هو من المواثيق الإقليمية التي تضمنت نصوصها هذا الحق ، فقد كرست نص المادة 32 هذا الحق دونما أي اعتبار للحدود الجغرافية بشرط احترام المقومات الأساسية للمجتمع وحقوق الآخرين أو سمعتهم ، والامن الوطني والنظام العام والصحة العامة .

وايضاٌ الاتفاقية الاوروبية لحقوق الانسان بمادتها العاشرة اكدت على هذا لكل شخص الحق بالتعبير عن الرأي من جهة و حرية الحصول على المعلومات و تبادلها و الافكار بدون ان تستطيع اي من السلطات العامة وضع اي قيود او اعتبارات تتعلق بالحدود و في ذلك اشارة واضحة الى عدم الاهتمام بالجنسية وبالتالي عدم التمييز بين الافراد ..

الفصل الثاني
الحق في الحصول على المعلومات في ضوء التشريعات الأردنية
سيقسم هذا الفصل إلى مبحثين ، المبحث الأول يتناول إجراءآت الحصول على المعلومات وفقاً للقانون . والمبحث الثاني ستضمن القيود التي وردت في قانون ضمان حق الحصول على المعلومات الأردني ومدى توافقها على مع المعايير الدولية بشكل مختصر وذلك نظرا لمحدودية ما نشر و كتب عن هذا الحق في ضوء القانون الأردني .

المبحث الأول
إجراءآت الحصول على المعلومات في قانون ضمان حق الحصول على المعلومات لعام 2007

نص الدستور الأردني على الحقوق والحريات الممنوحة للفرد ، بالإضافة إلى ما تم المصادقة عليه من إتفاقيات ومعاهدات تمنح الأفراد حقوقاً وحريات إضافية ، تُرك أمر تنظيمها للقوانين . ومن هذه الحقوق ما يمكن تسميته بحق المعرفة والحصول على المعلومة المرتبط بحرية التعبير عن الرأي المنصوص عليها في المادة 15/1 من الدستور الأردني ، بالإضافة إلى حرية الصحافة والإعلام التي كرست في المادة 15/2 من الدستور. ولتحقيق ذلك أُصدر قانون ضمان حق الحصول على المعلومات لعام 2007 الذي نظم في مواده العشرين آليه حصول الفرد على المعلومات .

كما ان المشرع عند اصداره للقانون جاء في تسميته ليتوافق مع المعاهدات والمواثيق و اكد ان الحصول على المعلومة هو حق وكما اكد على وجوب ضمانه .

يتوجب على طالب المعلومة وفقاً للمادة التاسعة ، أن يقدم طلباً مكتوباً بحسب الأنموذج المعد مسبقاً لهذه الغاية ، واضعاً إسمه ومكان إقامته وعمله ، محدداً موضوع المعلومات التي يرغب في الحصول عليها بدقة ووضوح . ويجب مراعاة أن لا تكون المعلومات المطلوبة ذات طابع تمييز ديني أو عنصري أو عرقي أو تمييز بسبب اللون أو الجنس . وفي ذلك تكريس لمبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة السادسة من الدستور الأردني (1) . وعلى طالب المعلومة أن يقوم بدفع الرسوم المقررة وفقاً للمادة 11 /1 والمترتبة على تصوير المعلومات المطلوبة إن كانت محفوظة بصورة تمكن من نسخها أو تصويرها .
وعلى المسؤول أن يجيب على هذا الطلب بالموافقة عليه أو برفضه خلال المدة التي حددها القانون وهي ” 30 ” يوم . وإن كان قراره بالرفض فيتوجب عليه أن يعلل سبب بالرفض او ان يبين ان كانت المعلومات
غير متوافرة أو تم إتلافها سابقاً .
________________________________
“1” الدستور الاردني – المادة 6– 1″ الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين”

ويحق لمقدم الطلب في حال رفض طلبه أو عدم الإجابة عليه :-
إما أن يرفع دعوى لدى المحكمة المختصة والتي حددها القانون بأن تكون محكمة العدل العليا ، وذلك خلال “30 ” يوماً من إنتهاء المدة الممنوحة للمسؤول لينظر في الطلب . أو أن يقدم شكوى ضد المسؤول أمام مجلس المعلومات الذي نصت على تشكيله المادة الرابعة من هذا القانون ، على أن يصدر القرار خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم الشكوى .

إلا أن هذه الإجراءآت لا يمكن أن تخلو من الإنتقادات ، كخلو القانون من أي نص يضع عقوبات يمكن أن يفرضها المجلس على المسؤول في حال امتناعه عن تقديم المعلومات . لم يوضح ايضاً إن كان قرار المجلس يعد إلزامي أم لا . ثم أن إجابة المسؤول بأن المعلومات غير متوفرة أم تم إتلافها لمرور الزمن ، سوف تمنح المسؤول حرية أكبرفي حجب المعلومات .

وفي مقارنة الاجراءات كنصوص قانونية مع الواقع التطبيقي لهذا القانون و خاصة من الفئة الي يفترض ان تستفيد منه فئة الصحافة و الاعلام يتضح و من الدراسات التي اجراها ” مركز القدس للدراسات السياسية و على عينة شملت 502 صحفي و صحفية و قادة رأي ان ما نسبته33% منهم لم يتقدموا بطلب للحصول على المعلومات لدى اي جهة رسمية و من ابرز اسباب امتناعهم عن تقديم هذه الطلبات كانت صعوبة اجراءات الحصول على المعلومة و تعقيداتها . وايضا بالإستطلاع الذي اعده مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الاردنية اذي شمل 130 صحفي تبين ان ما نسبته49% منهم لم يقم بإستخدام هذا القانون لإعتقادهم بوجود وسائل اخرى اكثر فاعلية “(1)
________________________________
1_ دراسة عن قانون حق الحصول على المعلومات د.تيسير مشارقة , صبا عمارة.

المبحث الثاني
القيود التي ترد على حق الحصول على المعلومات في الأردن ومدى توافقها مع المعايير الدولية

حاول المشرع أن يضع في قانون ضمان حق الحصول على المعلومات الاردني بعض القيود لتتماشى مع المعايير الدولية . إلا أنه يتضح للدارسين أن هذه القيود التي وضعت تعتبر تعسفية ومخالفة في معظمها للمعايير الدولية وتحد من استخدام هذا الحق .

وأول هذه القيود ما ورد في نص المادة السابعة من القانون والتي اشترطت أن تكون المصلحة المرجوة من طلب الحصول على المعلومات مشروعة ، دون أن يضع أي حدود لمبدأ المشروعية . وترك الأمر في تحديد المشروعية من عدمها بيد المسؤول بسلطة مطلقة . وهذا ما يؤدي إلى التوسع في استخدام هذا المفهوم للإمتناع عن تقديم المعلومات . بالإضافة إلى المادة 9/د التي جاء فيها أن الإمتناع عن الرد ضمن المدة المقررة ، يعتبر رفضاً والتي تمنح المسؤول حرية اكبر لعدم الاجابة على الطلب بالرفض ليتهرب من وضع الاسباب التي دعته لإتخاذ هذا القرار وبالتالي ان تم الطعن بقراره سيتحجج بأمور اخرى كأن يقول ان الطلب لم يرد اليه. وفي ذلك مخالفة لمبدأ الكشف الأقصى عن المعلومات الذي وضعته الأمم المتحدة كضمانة قانونية يتوجب أن تتوافر في التشريعات ، والذي يقوم على افتراض أن جميع المعلومات التي تحتفظ بها الهيئات العامة يمكن الوصول إليها من قبل افراد الشعب ، وأن أي قيد على ذلك يجب أن يطبق في ظروف محدودة جداً .

وثاني هذه الإنتقادات أو القيود هو أن المادة السابعة أعطت الحق في الحصول على المعلومات لكل أردني وهذا ما يعارض أو يتناقض مع المعاهدات والمواثيق الدولية والاقليمية التي ضمنت هذا الحق للجميع ، وجاء متناقضاً مع تعريف الأمم المتحدة لهذا الحق ، عندما قالت ب : ” حق الإنسان في الوصول الآمن إلى المعلومات التي تحتفظ بها الجهة العامة ، وواجب هذه الجهة في توفير هذه المعلومات له ” .

وثالث هذه الإنتقادات هي المدة التي منحت للمسؤول ليجيب من خلالها على الطلب أو أن يرفضه ، فقد حددها المشرع بمدة “30” يوم . وهذا موافق للمعايير الدولية التي أجازت أن تكون المدة بين أسبوعين إلى ستة أسابيع . إلا أن الواقع العملي يتطلب أن لا تزيد المدة عن اسبوعين ، لكي لا تفقد الغاية المرجوة من طلب الحصول على المعلومة . كما ان النواب في المذكرة التي اختصت باقتراح التعديلات على قانون ضمان حق الحصول على المعلومات و التي وقعها 13 نائب اقترحوا ليشكل امر الحصول على المعلومة فائدة ان تكون المدة الممنوحة للمسؤول هي 24 ساعة وان تكون المدة نسبية لأن الصحفي غير المواطنن وغير التاجر وغير رجل الاعمال وغير المستثمر.

ورابع هذه الإنتقادات هو ما ورد في المادة 13/ أ حيث اوجبت على المسؤول أن يمتنع عن كشف المعلومات المتعلقة بالأسرار والوثائق المحمية بموجب أي تشريع آخر وايضا ما اكدته المادة السابعة من مراعاة لاحكام التشريعات النافذة و ما ورد بنص المادة 14 حيث اوجبت على كل دائرة ان تقوم بتنظيم المعلومات و الوثائق و تصنيف ما يعد سرياً منها وفقاً للتشريعات النافذة ،هذا ما سيقودنا إلى قانون حماية وثائق وأسرار الدولة رقم 50 الصادر لسنة 1971 والذي لا يزال مؤقتاً ولم يتم عرضه على مجلس النواب ويشكل أبرز القيود والعقبات القانونية التي ترد على الحق في الحصول على المعلومات . وهذه الفقرة تخالف مبدأ تفسير القوانين الأخرى بما ينسجم مع أحكام قانون حق الوصول إلى المعلومات الذي وضعته الأمم المتحدة والذي يعني إخضاع جميع القوانين المتعلقة بالمعلومات في الدولة ، وانسجامها مع المبادئ الأساسية لقانون حق الحصول على المعلومات(1)

كنتيجة لهذه القيود هذا القانون وبمجمله يعتبر قيد على حق الإنسان في الحصول على المعلومة وليس ضمانة له .
________________________________
“1” أشرف فتحي الراعي – حق الحصول على المعلومات – دار الثقافة – عمان – صفحة رقم 71
الخاتمة و التوصيات

يتضح من دراسة المعاهدات والمواثيق الدولية والإقليمية ، أن حق الحصول على المعلومات من اهم حقوق الانسان المدنية و السياسية وهو ليس بالحق الحديث . فقد ورد في المواثيق والمعاهدات التي صدرت على النطاقين الإقليمي والدولي كافلة له كالعهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية و إتفاقية حماية حقوق الانسان في نطاق مجلس اوروبا لعام 1950 والتي كفلته و وضعت القيود التي على الدول ان تقوم بضمانها في تشريعاتها الداخلية .

و من خلال دراسة الفصل الثاني تبين ان الاردن استناداُ الى هذه المواثيق اصدر قانون ضمان حق الحصول على المعلومات الاردني لعام 2007 على الرغم من وجود هذا الحق وقفا للمواثيق كان يتوجب ان يصدر منذ زمن إلا ان هذا القانون بمجمله من اجراءآت وقيود ، لا يخلو من الإنتقادات فبصورته هذه يعتبر ( قانون ضمان الحرمان من الحصول على المعلومة ) وليس منحها .

التوصيات

يمكن وضع بعض التوصيات التي يقترح تصبيقها على نصوص هذا القانون تتمثل بتفعيل العمل بهذا القانون و ذلك من خلال تعديل نصوصه لتتفق مع ما وضعته المعاهدات و المواثيق من ضمانات لهذا الحق و من قيود و خاصة المواد التي اشارت الى اولوية تطبيق اي تشريعات نافذة و تقديم اهميتها عن هذا القانون.