التطور التاريخي للاختصاص بالمنازعات الإدارية القطرية

الدكتور عامر
مقدمة
تسعى الدولة إلى تحقيق الصالح العام للأفراد في شتى النواحي ، والجهة اﻹدارية وهي في سبيل أداء مهام وظيفتها ومباشرة نشاطها إنما تباشر أعمالا إدارية وأخرى مادية . والأعمال اﻹدارية هي الأعمال القانونية التي تقوم بها الجهة اﻹدارية في حدود اختصاصها وتصدر في صورة قرارات إدارية بالإرادة المنفردة للجهة الإدارية ، أو في صورة عقد يستلزم توافق إرادتين على إحداث أثر قانوني معين مثل عقد الأشغال العامة والتوريد وامتياز المرافق العامة. أما الأعمال أو الأفعال المادية التي تقع من الجهة اﻹدارية فهي تلك التي تقوم بها دون أن تستهدف من ورائها ترتيب أي أثر قانوني عليها. ويعتبر من قبيل الأعمال المادية الأفعال الضارة التي تأتيها الجهة اﻹدارية أو أحد موظفيها أثناء تأدية وظائفهم مثل إهمال الجهات الإدارية اتخاذ الإجراءات الخاصة بحماية الطرق والكهرباء والصرف الصحي كترك الحفر أو البالوعات مكشوفة مما ينجم عنه أضرار للمواطنين أو المقيمين فهذه الأعمال لا تعتبر أعمالا إدارية بل تعتبر أعمالا مادية بحتة. ويجب أن تخضع جهة الإدارة في كل أعمالها لحكم القانون وتنـزل على مقتضاه إعلاءً لمبدأ المشروعية. وتعد الرقابة القضائية على أعمال الإدارة هي الضمان الحقيقي لحماية مبدأ المشروعية ، فالقضاء هو الذي يحمى حقوق الأفراد وحرياتهم من خلال الفصل في المنازعات الإدارية.
والبين من استقراء التشريعات المتعاقبة في تنظيم اختصاصات المحاكم في مجال المنازعات الإدارية أنها مرت بثلاث مراحل الأولى في الفترة السابقة على العمل بقانون المرافعات رقم (13) لسنة 1990 ، والثانية في الفترة من تاريخ العمل بقانون المرافعات رقم (13) لسنة 1990 والى ما قبل العمل بقانون الفصل في المنازعات الإدارية رقم (7) لسنة 2007 والمرحلة الثالثة من تاريخ العمل بقانون الفصل في المنازعات الإدارية من أول أكتوبر 2007 وما تلاها ونعرض لكل مرحلة في فصل مستقل.

الفصل الأول
المنازعات الإدارية في الفترة السابقة على العمل
بقانون المرافعات رقم ( 13 ) لسنة 1990
حجب المشرع المنازعات الإدارية عن اختصاص القضاء كأصل عام ، تاركا الفصل فيها لجهات الإدارة أو لجنة إدارية ، ولم يخرج عن هذا الأصل العام إلا ما استثنى بنص خاص في قانون يضفى على المحاكم نظر بعض المنازعات الإدارية أو التأديبية. وتضاربت أحكام القضاء في شأن الاختصاص بنظر دعوى إلغاء القرارات الإدارية أو التعويض عنها ونعرض لكل من موقف المشرع والقضاء من الاختصاص بنظر المنازعات الإدارية في مبحثين على التوالي .
المبحث الأول
موقف المشرع من المنازعات الإدارية
قررت المادة (66) من النظام الأساسي المؤقت (الدستور الملغى) أن يعين بقانون النظام القضائي العام للدولة وفقا لأحكام هذا النظام الأساسي وقرر المشرع في القانون رقم (13) لسنة 1971 بنظام المحاكم العدلية قصر ولاية جهة القضاء على نظر المنازعات المدنية أياً كان نوعها، بما مؤداه أن المشرع حجب المنازعات الإدارية من نطاق الاختصاص العام والأصيل لجهة القضاء ، وفي ظل هذا الوضع لم يكن الحق في رفع دعوى إلغاء القرار الإداري أو التعويض عنه أو أي منازعة إدارية مكفولاً .
بل كان المشرع ينص صراحة في بعض التشريعات على عدم جواز الطعن على القرارات الإدارية إلا وفقاً للإجراءات التي رسمها أمام لجان إدارية كما هو الشأن في القانون رقم (16) لسنة 1963 بإنشاء لجنة للتظلمات الإدارية للنظر في الطعون في القرارات الإدارية المحددة في المواد المنصوص عليها حصرا في المادة (2) منه وهى القرارات الصادرة من لجنة تنفيذا للقانون رقم (4) لسنة 1961 بمزاولة مهنتي الطب البشرى وطب الأسنان في قطر، و القانون رقم (5) لسنة 1961 بمزاولة مهنة الصيدلة وتنظيم الصيدليات ومخازن الأدوية ومهنة الوسطاء ووكلاء ومصانع وشركات الأدوية في قطر ، والقرارات التي يصدرها مدير الهجرة والجوازات والجنسية واللجنة المنصوص عليها في المادة (11) من القانون رقم (3) لسنة 1963 بتنظيم دخول وإقامة الأجانب في قطر تنفيذا لأحكام مواد بعينها، والقانون رقم (11) لسنة 1962 بإنشاء نظام السجل التجاري…. وجعل المشرع قرارات لجنة التظلمات الإدارية نهائية ( المادة 9).
ومن أمثلة ذلك في مجال المنازعات الإدارية ما كانت تقضى به المادة (8) من القانون رقم (4) لسنة 1985 بشأن تنظيم المباني قبل تعديلها بالقانون رقم (5) لسنة 2009 من أن قرار الوزير في التظلم من رفض إصدار ترخيص البناء يكون نهائيا ولا يطعن فيه أمام أي جهة وما كانت تقضى به المادة (8) بند ب من قرار مجلس الوزراء رقم (2) لسنة 1990 بشأن تشكيل لجنة مركزية للتظلمات المتعلقة بنـزع ملكية العقارات للمنفعة العامة من انه ” .. وفى جميع الأحوال يكون قرار اللجنة نهائيا ، وغير قابل للطعن فيه أمام أي جهة.” حيث كان منوطا بهذه اللجنة الفصل فى التظلمات التي تحال إليها من إدارة نزع الملكية بالبلدية، سواء كانت متعلقة بقيمة التعويضات المستحقة عن نزع ملكية العقارات أو الاستيلاء عليها مؤقتا و التي قدرتها لجنة التثمين ، أو غير ذلك من الاختصاصات المحددة فى المادة (2) من هذا القرار. ومن ذلك أيضا في مجال المنازعات التأديبية ما كانت تقضى به المادة (44) من قانون المحاماة رقم (20) لسنة 1980 من نهائية القرارات التأديبية التي توقعها لجنة قيد المحامين بهيئة تأديب على المحامى الذي يخل بواجبات المهنة أو يسيء إلى تقاليدها ولا يجوز الطعن إلا بالمعارضة في القرار التأديـبـي الذي يصدر في غيبة المحامى المنسوب إليه المخالفة المهنية.
ولم يخرج عن هذا الأصل العام إلا ما استثنيّ بنص خاص في قانون يضفى على المحاكم نظر بعض المنازعات الإدارية أو التأديبية ، ومن أمثلة ذلك بالنسبة للمنازعات التأديبية ما جرى به نص المادة 69 من قانون الوظائف العامة المدنية رقم (9) لسنة 1967 التي أجازت الطعن في قرارات مجلس التأديب أمام المحكمة الجزائية الكبرى أو أمام محكمة الاستئناف بحسب تشكيل المجلس ودرجة الموظف محل المساءلة التأديبية.
المبحث الثاني
موقف القضاء
انقسمت أحكام القضاء حول مدى اختصاصه بنظر دعوى الإلغاء والتعويض عن القرارات الإدارية ومنازعات العقود الإدارية بين مؤيد ومعارض . ونفرد لموقف القضاء من نظر دعوى الإلغاء والتعويض عن القرارات الإدارية المطلب التالي :ـ
موقف القضاء من اختصاصه بنظر إلغاء القرار الإداري والتعويض عنه
اتجهت المحاكم في بادئ الأمر إلى تقرير اختصاصها بنظر دعوى الإلغاء ثم عدلت عن مسلكها مقررة عدم اختصاصها ، ثم قضت محكمة التمييز التي تتربع على قمة النظام القضائي بخروج هذه المنازعات من ولاية القضاء فقضت المحكمة المدنية الكبرى برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها ، وبإلغاء قرار النقل وبالتعويض تأسيسا على أن الفصل في كافة المنازعات يكون من اختصاص السلطة القضائية التي تتولاها المحاكم , إذ لا بد من أن يكون لكل خصومة قاضيها الذي يفصل فيها . وإذ لم يأخذ المشرع القطري القضاء المزدوج , ولم ينشىء قضاء إداريا مستقلا لحسم المنازعات الإدارية , فإن الاختصاص بهذه المنازعات يكون معقودا- للمحاكم العادية – إلا ما أخرج منها بنص خاص- باعتبارها جهة التقاضي العادية وصاحبة الولاية العامة التي يتحدد اختصاصها بطريقة الاستبعاد , وبذلك أضحى الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى قائما على غير سند صحيح من القانون.
وقضت محكمة الاستئناف بعدم اختصاصها بنظر دعوى إلغاء القرار الإداري والتعويض عنه إلا إذا كان القرار معدوما فاقدا لمقوماته الأساسية التي يتطلبها القانون ، ولا تنظره المحاكم باعتباره قرارا إداريا بل على أساس انه فعل غير مشروع سبب ضررا للغير.
وقررت محكمة التمييز في باكورة أحكامها في قضية تتعلق بالتعويض عن قرار استبعاد احد المناقصتين من المشاركة في مناقصة عامة بقولها إن الطلبات في الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه تدور حول طلب الطاعنة تعويضها عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بها من جراء صدور قرار من اللجنة المركزية للمناقصات باستبعادها من المشاركة في جميع المناقصات التي يجري الإعلان عنها، وكان القرار آنف الذكر بحسب طبيعته قد أفصحت به جهة الإدارة عن إرادتها في استبعاد الطاعنة وذلك بما لها من سلطة في هذا الخصوص وعلى النحو الوارد في القانون رقم 8 لسنة 1976 بشأن تنظيم المناقصات والمزايدات المعدل وذلك بقصد إحداث أثر قانوني معين هو تقرير عدم أحقية الطاعنة في المشاركة في جميع المناقصات والمزايدات التي يجري الإعداد لها والدعوة إليها ومن ثم يكون النزاع المطروح في الدعوى والحالة هذه هو طلب التعويض عن القرار الإداري آنف الذكر، وبالتالي يكون هذا النزاع من بين المنازعات الإدارية التي لا يختص القضاء العادي بنظرها.
وأضافت المحكمة أن جهة القضاء هي صاحبة الولاية العامة والاختصاص الأصيل في نظر كافة المنازعات أياً كان نوعها، ولا يخرج عن هذا الأصل العام إلا ما استثنى بنص خاص في الدستور أو القانون، وهو استثناء يقع – بحسب الأصل – لعلة أو لأخرى وليست العبرة في هذه الحالة بثبوت العلة أو الوقوف عليها وإنما المعول عليه في هذا الشأن هو وجود النص الذي يستثنـي منازعـات بعينها من اختصاص جهة القضاء. ولما كان ذلك وبالبناء عليه وكان المشرع وعلى نحو ما تضمنته المادة (138) من الدستور الدائم قد عمد إلى إخراج المنازعات الإدارية من نطاق الاختصاص العام والأصيل لجهة القضاء العادي وناط أمر الاختصاص بنظرها والفصل فيها وكيفية ممارستها إلى قانون يصدر في هذا الشأن لاحقاً، وهو ما يكشف عن اتجاه المشرع إلى قصر اختصاص القضاء العادي في نظر بعض المنازعات الإدارية على نحو ما أورده وحدده في المادة الرابعة من القانون رقم (13) لسنة 1990 المعدلة.
كما قررت أن طلبات الإلغاء والتعويض كانت موصدة قبل العمل بقانون الفصل في المنازعات الإدارية بقولها “أنه طبقاً للأصل المقرر من أن أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها فإن سبيل الطعن في القرارات الإدارية التي صدرت في تاريخ سابق على العمل بذلك القانون في 1/10/2007 أو طلب التعويض عنها يبقى موصداً دون من صدر القرار لغير صالحه، ما دام أن القرار قد ولد من بادئ الأمر محصناً غير قابل للطعن عليه باعتباره صادراً قبل إنشاء قضاء الإلغاء والتعويض، فالعبرة هي بالتاريخ الذي صدر فيه القرار المطلوب إلغاؤه أو التعويض عنه…”

الفصل الثاني
المنازعات الإدارية
في الفترة من تاريخ العمل بقانون المرافعات رقم (13) لسنة 1990
والى ما قبل العمل بقانون الفصل في المنازعات الإدارية رقم (7) لسنة 2007
في عام 1990 صدر قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم (13) لسنة 1990 ناصا في المادة (4) منه على مد ولاية القضاء (المحاكم العدلية) إلى الفصل في الدعاوى والمنازعات الخاصة بعقود الالتزام أو الأشغال العامة أو التوريد أو أي عقود إدارية أخرى. وظل هذا الاختصاص قائما بعد أن حلت المحاكم محل المحاكم العدلية بمقتضى المادة الأولى من القانون رقم (13) لسنة 2005 بتعديل بعض أحكام قانون المرافعات.
وجاء من بعده قانون الخدمة المدنية رقم (1) لسنة 2001 ليحجب الطعن في قرارات الهيئات التأديبية عن المحاكم وسائر القرارات الإدارية بنص صريح وجعلها عصية على التعقيب عليها من القضاء
وجاء قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم (10) لسنة 2003 مستحدثا محكمة التمييز، وأنشأ بها دوائر لنظر الطعون بالتمييز في الأحكام وبالإجراءات التي يحددها القانون ، على أن يصدر بإنشاء الدوائر وتحديد اختصاصاتها قرار من المجلس الأعلى للقضاء مادة (6) . وقرر هذا القانون في مادته العاشرة أن يكون من بين دوائر محكمة الاستئناف دوائر لنظر الطعون الإستئنافية في قضايا المنازعات الإدارية، ويصدر بإنشاء الدوائر وتحديد اختصاصاتها قرار من المجلس الأعلى للقضاء. كما قررت المادة (11) منه أن يكون من بين دوائر المحكمة الابتدائية دوائر لنظر قضايا المنازعات الإدارية وذلك كله لنظر منازعات العقود الإدارية وغيرها من المنازعات الإدارية التي ورد بشأنها نص خاص يضفى على المحاكم الاختصاص بنظرها . كما هو الشأن في المنازعات الإدارية مثل منازعات المعاشات طبقا للقانون رقم (24) لسنة 2002، أو الطعن في قرارات رفض القيد أو التأشير في السجل التجاري وكما هو الشأن في المنازعات التأديبية مثل الطعن على قرارات تأديب المحامين أمام محكمة الاستئناف طبقا للمادة (67) من قانون المحاماة رقم (10) لسنة 1996 ومن بعده القانون رقم (23) لسنة 2006.
وعلى الرغم من أن اختصاص القضاء كان مقصورا على منازعات العقود الإدارية وبعض المنازعات الإدارية والتأديبية فقد جاءت المادة (13) من هذا القانون مقررة انه “ليس للمحاكم أن تنظر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في أعمال السيادة ومسائل الجنسية” فاستبعاد هذا النص منازعات الجنسية – وهي منازعة إدارية – من اختصاص القضاء قد يوحي بمفهوم المخالفة أن غيرها من المنازعات الإدارية يندرج في ولاية القضاء .
وقد عمد الدستور الدائم لدولة قطر وعلى نحو ما تضمنته المادة (138) منه إلى إخراج المنازعات الإدارية من نطاق الاختصاص العام والأصيل لجهة القضاء العادي وناط أمر الاختصاص بنظرها والفصل فيها وكيفية ممارستها إلى قانون يصدر في هذا الشأن لاحقاً، وهو ما يكشف عن اتجاه المشرع إلى قصر اختصاص القضاء العادي في نظر بعض المنازعات الإدارية على نحو ما أورده وحدده في المادة الرابعة من القانون رقم (13) لسنة 1990 المعدلة .

الفصل الثالث
المنازعات الإدارية من تاريخ العمل بقانون الفصل في المنازعات الإدارية
من أول أكتوبر 2007 وما تلاها
في الآونة الأخيرة شهدت دولة قطر نهضة تشريعية استهدفت إعلاء مبدأ المشروعية وان تكون سيادة القانون أساس الحكم في الدولة فأنشأت قضاء دستوري تطبيقا للمادة (140) من الدستور الدائم التي تقضى بان يعين القانون الجهة القضائية التي تختص بمباشرة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح. وتنفيذا لذلك صدر في بادئ الأمر القانون رقم (6) لسنة 2007 بشأن الفصل في المنازعات الدستورية ناصا في مادته الأولى على إنشاء دائرة تسمى ” الدائرة الدستورية ” بمحكمة التمييز تختص دون غيرها ، بالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح . ثم صدر القانون رقم (12) لسنة 2008 بإنشاء المحكمة الدستورية العليا ناصا في مادته الأولى إنشاء هيئة قضائية مستقلة تسمى” المحكمة الدستورية العليا” وأناطت المادة (12) من هذا القانون بالمحكمة الفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح .
كما صدر القانون رقم (7) لسنة 2007 بشأن الفصل في المنازعات الإدارية صدعا بحكم المادة (138) من الدستور منشئا قضاء أدارى في كنف القضاء العادي في شكل دائرة أو أكثر بالمحكمة الابتدائية ، وأخرى بمحكمة الاستئناف . وأضحت هذه الدوائر – دون غيرها من الدوائر المدنية والتجارية – لها ولاية الفصل في المنازعات الإدارية .
ونشير إلى أن هذا القانون لم يجعل الدوائر الإدارية قاضى القانون العام فى المنازعات الإدارية والتأديبية، فلم يبسط ولايتها على المنازعات الإدارية والتأديبية بمختلف أشكالها وتعدد صورها، وإنما حدد اختصاصها ببعض هذه المنازعات على سبيل الحصر فقصر اختصاصها بنظر المنازعات الإدارية للموظفين على منازعات المرتبات والمعاشات والمكافآت والعلاوات المستحقة للموظفين أو لورثتهم، أياً كانت درجاتهم الوظيفية. ودعاوى الإلغاء والتعويض عن القرارات الإدارية النهائية الصادرة بترقية الموظفين من الدرجة الأولى فما دونها وما يعادلها أو إنهاء خدمتهم، والمنازعات التأديبية الخاصة بالقرارات التأديبية الصادرة بشأنهم ، وقرارات مجالس التأديب ، وفى مجال منازعات الأفراد والأشخاص الاعتبارية العامة خولها النظر في الطعون الخاصة بالقرارات المتعلقة بانتخابات مجلس الشورى وانتخابات المجلس البلدي المركزي، والطعون الخاصة باللجان ذات الاختصاص القضائي إلغاءً وتعويضا ، ودعاوى الأشخاص الطبيعية والاعتبارية بإلغاء القرارات الإدارية النهائية والتعويض عنها عدا ما استثنى بنص خاص. كما خولها النظر في منازعات العقود الإدارية.
منازعات الضرائب على الدخل:
كما صدر قانون الضريبة على الدخل رقم (21) لسنة 2009 ناصا فى المادة (35) منه على أن يجوز للمكلف والإدارة الطعن في قرار اللجنة ( لجنة التظلمات) أمام الدائرة الإدارية بالمحكمة الابتدائية خلال ستين يوماً من تاريخ الإخطار بالقرار، ولا يترتب على الطعن وقف تنفيذ قرار اللجنة، ما لم تقرر المحكمة غير ذلك . ويتحدد الالتزام الضريـبـي النهائي للمكلف بناءً على الحكم النهائي الصادر في الطعن
منازعات تراخيص المعاملات والتجارة الالكترونية:
كما صدر المرسوم بقانون المعاملات والتجارة الالكترونية رقم (16) لسنة 2010 ناصا في المادة (65) على أن “تختص لجنة التظلمات وتسوية المنازعات بما يلي: 1- الفصل في التظلمات من القرارات التي يصدرها المجلس الأعلى وفقا لأحكام هذا القانون. 2- فض المنازعات التي قد تنشأ بين مقدمي الخدمات طبقا لأحكام هذا القانون. 3- فض المنازعات التي قد تنشأ بين مقدمي الخدمات والمتعاملين معهم طبقا لأحكام هذا القانون. ” ونصت المادة (66) على أن ” يكون القرار الصادر من لجنة التظلمات وتسوية المنازعات نهائيا، ولذوي الشأن الطعن فيه أمام الدائرة الإدارية بالمحكمة الابتدائية . ولا تقبل الدعوى بشأن أي من التظلمات أو المنازعات المنصوص عليها في المادة السابقة، إلا بعد صدور قرار فيه من اللجنة، أو مرور ستين يوما من تاريخ عرضه عليها، دون الفصل فيه أيهما أقرب.”
توزيع الاختصاص بين الدائرة الإدارية الابتدائية والاستئنافية
خص المشرع الدائرة الاستئنافية باختصاصات تنظرها كمحكمة أول درجة بالإضافة إلى نظرها الطعن في أحكام محكمة أول درجة والأمر بوقف تنفيذها ، فإننا سوف نعالج اختصاصات الدائرة الإدارية بالمحكمة الابتدائية في مطلب أول، واختصاصات الدائرة الإدارية بمحكمة الاستئناف في مطلب ثان.
المطلب الأول
اختصاصات الدائرة الإدارية بالمحكمة الابتدائية
ناط المشرع بالدائرة الإدارية بالمحكمة الابتدائية النظر في المنازعات الإدارية الآتية :
أولا: منازعات المرتبات والمكافآت والمعاشات والعلاوات المستحقة للموظفين أو لورثتهم، أياً كانت درجاتهم الوظيفية
ثانيا: دعاوى الإلغاء والتعويض عن القرارات الإدارية النهائية الصادرة بترقية الموظفين من الدرجة الأولى فما دونها وما يعادلها أو إنهاء خدمتهم أو القرارات التأديبية الصادرة بشأنهم على النحو السالف بيانه
ثالثا : منازعات الأفراد والهيئات : التي تقام طعنا على القرارات الإدارية النهائية بما في ذلك المنازعات الناشئة عن قانون المعاملات الالكترونية ومنازعات الضرائب على الدخل، ومنازعات التدابير الحدودية المتخذة لحماية حقوق الملكية الفكرية فيما عدا المنازعات المستبعدة من اختصاص القضاء الادارى سالفة البيان.
رابعا: منازعات التعويض :
قصر المشرع في القانون رقم (7) لسنة 2007 الاختصاص بنظر دعاوى التعويض على القرارات المنصوص عليها في البندين (2 ، 3) من المادة (3) منه ومنها ما يتعلق بالموظفين وهى القرارات الإدارية النهائية الصادرة بترقية الموظفين من الدرجة الأولى فما دونها وما يعادلها أو إنهاء خدمتهم أو القرارات التأديبية الصادرة بشأنهم ، ومنها ما يتعلق بمنازعات الأفراد والأشخاص المعنوية بشأن القرارات الإدارية النهائية عدا القرارات المستبعدة فى البند (3) من اختصاص المحكمة.
خامسا: منازعات العقود الإدارية:
عهد المشرع بموجب المادة (3/5) من هذا القانون إلى الدائرة الإدارية بالمحكمة الابتدائية دون غيرها الاختصاص بنظر منازعات العقود الإدارية سالباً هذا الاختصاص من الدوائر المدنية بالمحاكم الجزئية والكلية ، وبذلك يعد هذا القانون من القوانين المعدلة للاختصاص النوعي فيما يتعلق بتلك المنازعات بما مؤداه أن تحال إلى الدائرة الإدارية منازعات العقود الإدارية .

المطلب الثاني
اختصاصات الدائرة الإدارية بمحكمة الاستئناف
خص المشرع هذه الدائرة بدعاوى تنظرها كمحكمة أول درجة لأهمية هذه المنازعات وهى :
1-الطعون الخاصة بالقرارات المتعلقة بانتخابات مجلس الشورى وانتخابات المجلس البلدي.
2-طلبات الإلغاء والتعويض عن قرارات الجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي: وقد وضع المشرع في القانون رقم (7) لسنة 2007 شرطين لتحديد الجهة الإدارية ذات الاختصاص القضائي : أولهما : أن تكون ذات تشكيل أدارى قضائي وثانيهما : أن تفصل في نزاع يسنده إليها القانون . ومن أمثلة هذه اللجان لجنة قبول المحامين التي تضم في عضويتها قاضيين بمحكمة الاستئناف وتفصل في منازعات القيد في جداول المحامين ، مما يسبغ عليها وصف لجنة إدارية ذات اختصاص قضائي ، وقد نص المشرع في قانون المحاماة صراحة على الطعن في قراراتها أمام محكمة الاستئناف وبصدور قانون الفصل في المنازعات الإدارية رقم (7) لسنة 2007 فقد أصبح نظر الطعون في قرارات هذه اللجنة من اختصاص الدائرة الإدارية الاستئنافية التي حلت محل المحكمة المدنية الاستئنافية.