بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو أمير الكويت
الشيخ/ صباح الأحمد الجابر الصباح

محكمة التمييز
الدائرة الجزائية الأولي
بالجلسة المنعقدة علنا بالمحكمة بتاريخ 25 جمادي الأخرة 1434هـ الموافق 5/ 5/ 2013م
برئاسة السيد المستشار/ صالح خليفه المريشد وكيل المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ محمود دسوقي دياب وكيل المحكمة
وعبد الرحمن هيكل و حسين الصعيدي و خالد مقلد
وحضور الأستاذ/ عبدالهادي محمود رئيس النيابة
وحضور الأستاذ/ صفوت المفتي أمين سر الجلسة
“صدر الحكم الآتي”
في الطعن بالتمييز المرفوع من: …………….. بصفته الممثل القانوني لشركة ……………… “مدعي بالحق المدني”.
“ضــــد”
1 ……
2 …….
والمقيد برقم 339 لسنة 2012 جزائي/1.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من:
1 ……
2…….
لأنهما في 16/1/2011 بدائرة مخفر شرطة دولة الكويت:
المتهم الأول:
نشر إعلاناً في العدد رقم ……. من جريدة …… الصادر بتاريخ 16/1/2011 تحت عنوان ( ………………………..) تضمنه على خلاف الحقيقة وقائع وعبارات من شأنها المساس بكرامة المجني عليه/ ………….. والإضرار بسمعته وبثروته وباسمه التجاري والإساءة إليه على النحو المبين بالتحقيقات.
المتهم الثاني:
بصفته رئيساً لتحرير الجريدة سالفة البيان أجاز نشر الإعلان موضوع التهمة الأولى دون أن يتحرى الدقة والحقيقة بشأن ما نشر فيه على النحو المبين بالتحقيقات.
وطلبت معاقبتهما بنص المواد 2/3 ، 4 ، 8 ، 17/7 ، 8 ، 23 ، 24/1 ، 27/1 بند أ ، 2 من القانون رقم 3 لسنة 2006 في شأن المطبوعات والنشر .
وادعى المجني عليه مدينا قبل المتهمين بمبلغ 5001 د.ك على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة الجنايات قضت بتاريخ 14 من ديسمبر سنة 2011 حضورياً:
أولاً: ببراءة المتهمين مما أسند إليهما من اتهام.
ثانياً: برفض الدعوى المدنية وألزمت المدعي مصروفاتها ومبلغ عشرة دنانير مقابل أتعاب المحاماة.
استأنفت النيابة العامة هذا الحكم للثبوت. كما استأنفه المدعي بالحق المدني بطلب القضاء بالتعويض المدني المؤقت.
ومحكمة الاستئناف قضت بتاريخ 19 من إبريل سنة 2012:
أولاً: بقبول استئناف النيابة العامة والمدعي بالحق المدني شكلاً.
ثانياً: وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المدعي بالحق المدني في هذا الحكم بطريق التمييز.

“المحكمة”

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، وبعد المداولة.

من حيث أن الطعن استوفي الشكل المقرر في القانون.

ومن حيث إن الطاعن – المدعي بالحق المدني – ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهما ورفض الدعوى المدنية قِبلهما، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أقام قضاءه على عدم صحة إسناد التهمة إلى المطعون ضدهما في حين أن الإعلان الصحفي موضوع الاتهام الذي قام بنشره المطعون ضده الأول وأجازه المطعون ضده الثاني بصفته رئيساً للتحرير قد تضمن ألفاظاً وعبارات تمس بكرامة المدعي بالحق المدني بصفته رئيساً لمجلس إدارة الشركة الشاكية وبسمعة الشركة وقيمتها الاقتصادية والتجارية في سوق المال بما نسب إليها من تجاوزات ومخالفات قانونية ومالية رغم خضوعها للإشراف من جهات رقابية ونشر بياناتها المالية وإقرارها من المساهمين بصورة منتظمة بالإضافة إلى عدم تحري الدقة والحقيقة فيما تم نشره وعدم تقديم ما يؤيد صحة المعلومات والوقائع التي تم نشرها، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه وقد خلص إلى عدم توافر أركان الجريمة المسندة إلى المطعون ضدهما مما كان يتعين على المحكمة أن تقضي بعدم اختصاصها بنظر الدعوى المدنية وبإحالتها إلى المحكمة المختصة – مما يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.

وحيث إن الحكم الابتدائي – المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه – بين واقعة الدعوى في قوله: “تتحصل فيما أبلغ به وقرره بالتحقيقات المحامي/ ………….. من أنه بتاريخ 16/1/2011 نُشر إعلان في جريدة ……. في عددها ……… تحت عنوان (…………………………..) تضمن عبارات على خلاف الحقيقة بالحاقة الخسارة للمساهمين بالشركة نتيجة تجاوزات ومخالفات قانونية ومالية لمجلس إدارتها واختيار أحد مكاتب المحاماة لاتخاذ الإجراءات القانونية ودعوى باقي المساهمين الكويتيين والخليجين للانضمام لتلك الرابطة لحفظ حقوقهم وتحذير مجلس الإدارة من اتخاذ قرارات جديدة تمس حقوق المساهمين وذكر أسفل الإعلان رقم هاتف نقال دون ذكر صاحبه وهو (…………..)، وأضاف أن الإعلان مس كرامة موكله رئيس مجلس الإدارة/ ………….. والأضرار بسمعته وبثروته وباسمه التجاري مع الشركة وهبوط أسهمها بالبورصة، وأضاف بأن الشركة في الواقع جيدة وتخضع للرقابة المالية من قبل البنوك المحلية، وانتهى إلى أنه ينسب ذلك الإعلان لصاحب الرقم سالف البيان ولرئيس تحرير الجريدة (المتهم الثاني) لعدم تحريه الدقة والحقيقة وإجازته نشر الإعلان بالرغم مما تضمنه”.

وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد واقعة الدعوى كما رودها وكيل الطاعن بالتحقيقات وحصل مضمون الإعلان محل الاتهام ، وأدلة الإثبات التي ركنت إليها سلطة الاتهام وما قدم من مستندات وأبدى فيها من دفاع ودفوع، أسس قضاءه بالبراءة ورفض الدعوى المدنية على قوله “وكانت المحكمة بعد أن أحاطت بواقعة الدعوى وألمت بعبارات الإعلان المنشور محل الاتهام، فإنها تخلص إلى عدم صحة إسناد الاتهام مار البيان إلى المتهمين لتخلف عناصره وأركانه، وذلك أن مفردات وعبارات الإعلان السالف والمنشور بجريدة …….. العدد رقم …………… بتاريخ 16/1/2011 قد خلا من ثمة إساءة أو مساس بكرامة المجني عليه أو الإضرار بسمعته وبثروته وباسمه التجاري، وكان ما احتواه من ألفاظ وعبارات لا تعدو سوى دعوة من المتهم الأول كونه أحد المساهمين في شركة …………… لبعض المساهمين المتضررين من الشركة للانضمام إلى رابطة المساهمين المتضررين لاتخاذ إجراءات قانونية ضد الشركة سيما وأن من حق المساهمين متابعة أداء الشركة والرقابة عليها، وهو ما تم إعمالاً لحرية النشر فضلاً عن خلو الأوراق من ثمة دليل على انصراف إرادة المتهمين إلى المساس بسمعة وكرامة الشاكي والإضرار بسمعته وبثروته وباسمه التجاري والإساءة إليه، الأمر الذي تنتفي معه مسئوليتهما عما نسب إليهما، ويتعين القضاء ببراءتهما عملاً بالمادة 172 إجراءات”. وانتهى الحكم – من ذلك – إلى عدم توافر أي من أركان الجريمة المسندة إلى المطعون ضدهما أو عناصر الدعوى المدنية المقامة قبلهما من المدعي بالحق المدني، ومن ثم قضى ببراءتهما ورفض تلك الدعوى.

لما كان ذلك، وكان الدستور الكويتي بعد أن كفل الحرية الشخصية في المادة 30 منه، حرص على حرية الرأي والتعبير، وحرية الصحافة والطباعة والنشر في المادتين 36 ، 37 كما نصت المادة الأولى من القانون رقم 3 لسنة 2006 في شأن المطبوعات والنشر على أن حرية الصحافة والنشر مكفولة وفقاً لأحكام هذا القانون، وكان من المقرر إنه في جرائم النشر يتعين لبحث وجود جريمة فيها أو عدم وجودها تقدير مرامي العبارات التي يحاكم الناشر عنها وتبين مناحيها، فإذا ما اشتمل المقال على عبارات يكون الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة وأخرى يكون القصد منها التشهير، فللمحكمة في هذه الحالة أن توازن بين الغرضين وتقدير أيهما له الغلبة في نفس الناشر، كما أنه من المقرر أن المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ الإهانة أو المساس بالكرامة هو بما يطمئن إليه قاضي الموضوع من تحصيله لفهم الواقع في الدعوى وما يستخلصه من دلالة تلك الألفاظ وتقدير مراميها ومناحيها ولا رقابة لمحكمة التمييز عليه في ذلك مادام لم يخطئ في التطبيق القانوني للواقعة. وإذ كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت في فهم سائغ لواقعة الدعوى أن العبارات المنشورة في الإعلان الذي حرره المطعون ضده الأول، وأجاز نشره المطعون ضده الثاني لا يقصد منها المساس بكرامة الطاعن أو سمعة الشركة التي يرأسها وأن تلك العبارات من قبيل النقد المباح ولم يثبت أن ضرراً لحق بالطعن أو بشركته جراء نشرها، وجاء تدليل الحكم عما خلصت إليه المحكمة من ذلك كافياً وسائغاً وينبئ عن أن المحكمة محصت الواقعة التمحيص الكافي وتفطنت إلى مرامي العبارات والألفاظ التي ضمنها المطعون ضده الأول في الإعلان المنشور محل الاتهام، وأجاز نشره المطعون ضده الثاني، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في فهم واقعة الدعوى واستنباط معتقدها منها، مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذا ما انتهت المحكمة إلى براءة متهم من التهمة المسندة إليه لعدم ثبوتها في حقه، فإن ذلك يستلزم رفض طلب التعويض، لأنه ليس لدعوى التعويض محل عن فعل لم يثبت في حق من نسب إليه، وإذ كانت المحكمة قد خلصت إلى براءة المطعون ضدهما من التهمة المنسوبة إليهما بعدم ثبوتها في حقهما، وقضى الحكم ترتيباً على ذلك برفض الدعوى المدنية، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ويضحي منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد.

لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة وإلزام الطاعن المصاريف المدنية.

“فلهذه الأسباب”

حكمت المحكمة:

بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع: برفضه، ومصادرة الكفالة، وإلزام الطاعن المصاريف المدنية.

أمين سر الجلسة

وكيل المحكمة

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .