اكتساب حكم المحكمين لقوة الأمر المقضي – القانون المصري .

الطعن 2994 لسنة 57 ق جلسة 16 / 7 / 1990 مكتب فني 41 ج 2 ق 245 ص 434 جلسة 16 من يوليه سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد إبراهيم خليل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ منير توفيق نائب رئيس المحكمة، عبد المنعم إبراهيم، علي محمد علي ود./ حسن بسيوني.
—————
(245)
الطعن رقم 2994 لسنة 57 القضائية

(1)تحكيم. معاهدات “اتفاقية نيويورك لتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية”. حكم “تنفيذ الأحكام الأجنبية”. نظام عام.
نص المادتين الأولى والثانية من اتفاقية نيويورك الخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية. مفاده. اعتراف كل دولة منضمة بحجية أحكام التحكيم الأجنبية والتزامها بتنفيذها طبقاً لقواعد المرافعات المتبعة فيها ما لم يثبت المحكوم ضده توافر إحدى الحالات الخمس الواردة على سبيل الحصر في المادة 5/ 1 من الاتفاقية أو يتبين لقاضي التنفيذ أنه لا يجوز الالتجاء إلى التحكيم أو أن تنفيذ الحكم يخالف النظام العام.
(2) تحكيم. قوة الأمر المقضي. تنفيذ.
حكم المحكمين. اكتسابه قوة الأمر المقضي طالما بقى قائماً. ليس للقاضي عند الأمر بتنفيذه التحقق من عدالته أو صحة قضائه في الموضوع لأنه لا يعد هيئة استئنافية في هذا الصدد.
( 3، 4، 5) تحكيم. معاهدات “اتفاقية نيويورك لتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية. حكم “تنفيذ الأحكام الأجنبية”. قانون.
(3) انضمام مصر إلى اتفاقية نيويورك لسنة 1958 بشأن أحكام المحكمين الأجنبية وتنفيذها. اعتبار الاتفاقية قانوناً واجب التطبيق ولو تعارضت مع أحكام قانون المرافعات.
(4)خضوع قواعد المرافعات لقانون القاضي. م 22 مدني. علة ذلك. تقديم الدليل على عدم إعلان المحكوم ضده بإجراءات التحكيم أو أنه قد استحال عليه تقديم دفاعه كشرط لرفض طلب تنفيذ الحكم الأجنبي طبقاً لنص المادة 5/ ب من اتفاقية نيويورك. يعد من قواعد المرافعات التي تخضع لقانون القاضي.
(5)ثبوت انعقاد جلسة التحكيم بغرفة المداولة الخاصة بالمحكم بلندن نفاذاً لاتفاق الطرفين وتزييله بتوقيعه. وجود خاتم غرفة التجارة الدولية بباريس وتصديق القنصلية المصرية بها عليه لا ينفي انعقاد التحكيم في لندن وإعمال أحكام القانون الإنجليزي عليه.
(6)إثبات “العدول عن إجراءات الإثبات”.
حكم الإثبات. عدم اكتسابه قوة الأمر المقضي طالما خلت أسبابه من حسم مسألة أولية تتنازع عليها. عدول المحكمة عما أمرت به من إجراءات الإثبات. شرطه. م 9 إثبات عدم بيانها صراحة أسباب هذا العدول. لا خطأ. علة ذلك.

——————
1 – مؤدى نص المادتين الأولى والثانية من اتفاقية نيويورك الخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية – والتي انضمت إليها مصر بالقرار الجمهوري رقم 171 لسنة 1959 الصادر في 2/ 2/ 1959 وأصبحت تشريعاً نافذاً بها اعتباراً من 8/ 6/ 1959 اعتراف كل دولة متعاقدة بحجية أحكام التحكيم الأجنبية والتزامها بتنفيذها طبقاً لقواعد المرافعات المتبعة فيها والتي يحددها قانونها الداخلي، ما لم يثبت المحكوم ضده في دعوى تنفيذ حكم التحكيم توافر إحدى الحالات الخمس الواردة على سبيل الحصر في المادة الخامسة فقرة أولى من الاتفاقية وهي ( أ ) نقض أهلية أطراف اتفاق التحكيم أو بطلانه (ب) عدم إعلانه إعلاناً صحيحاً بتعيين المحكم أو بإجراءات التحكيم أو استحالة تقديمه دفاعه لسبب آخر. (جـ) مجاوزة الحكم في قضائه حدود اتفاق أو شرط التحكيم. (د) مخالفة تشكيل محكمة التحكيم أو إجراءات لاتفاق الطرفين أو لقانون البلد الذي تم فيه التحكيم في حالة عدم الاتفاق. (هـ) صيرورة الحكم غير ملزم للطرفين أو إلغائه أو وقفه أو يتبين لقاضي التنفيذ طبقاً للفقرة الثانية من المادة المشار إليها – أنه لا يجوز قانوناً الالتجاء إلى التحكيم لتسوية النزاع أو أن تنفيذ الحكم يخالف النظام العام.
2 – أحكام المحكمين شأن أحكام القضاء تحوز حجية الشيء المحكوم به بمجرد صدورها وتبقى هذه الحجية – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – طالما بقى الحكم قائماً، ومن ثم لا يملك القاضي عند الأمر بتنفيذها التحقق من عدالتها أو صحة قضائها في الموضوع لأنه لا يعد هيئة استئنافية في هذا الصدد.
3 – لما كانت المادة 310 من قانون المرافعات – والتي اختتم بها المشرع الفصل الخاص بتنفيذ الأحكام والأوامر والسندات الأجنبية – تقض بأنه إذا وجدت معاهدات بين مصر وغيرها من الدول بشأن تنفيذ الأحكام الأجنبية فإنه يتعين إعمال أحكام هذه المعاهدات وكانت مصر قد انضمت إلى اتفاقية نيويورك لسنة 1958 بشأن أحكام المحكمين الأجنبية وتنفيذها بقرار رئيس الجمهورية رقم 171 لسنة 1959 وصارت نافذة ابتداءً من 8 يونيو سنة 1959 ومن ثم فإنها تكون قانوناً من قوانين الدولة واجبة التطبيق ولو تعارضت مع أحكام قانون المرافعات.
4 – مفاد نص المادة 22 من القانون المدني خضوع قواعد المرافعات لقانون القاضي وذلك باعتبار أن القضاء وظيفة من وظائف الدولة يؤديها طبقاً لقواعد المرافعات المقررة في قانونها دون قواعد المرافعات في أي دولة أخرى، وباعتبار أن ولاية القضاء إقليمية بما يوجب أن تكون القواعد اللازمة لمباشرته هي الأخرى إقليمية، وإذ ثبت من الترجمة الرسمية لحكم التحكيم أنه قد تأكد لدى المحكم استلام الطاعنة لطلب الحضور الذي أرسله لها وتخلفها عن الحضور دون عذر مقبول، فإن ما اشترطته المادة الخامسة “ب” من اتفاقية نيويورك – الواجبة التطبيق – لرفض طلب تنفيذ الحكم الأجنبي من تقديم الدليل على عدم إعلان المحكوم ضده إعلاناً صحيحاً بتعيين المحكم أو بإجراءات التحكيم، وأنه قد استحال عليه لسبب آخر تقديم دفاعه، يعد من قواعد المرافعات التي تخضع لقانون القاضي.
5 – لما كان الثابت من الترجمة الرسمية لحكم التحكيم أن جلسة التحكيم قد عقدت بغرفة المداولة الخاصة بالمحكم الوحيد للنزاع بلندن وهو أحد مستشاري ملكة بريطانيا نفاذاً لاتفاق الطرفين وقد ذيل الحكم بتوقيعه ومن ثم فإن وجود خاتم غرفة التجارة الدولية بباريس وتصديق القنصلية المصرية بها عليه لا ينفي انعقاد التحكيم في لندن وإعمال أحكام القانون الإنجليزي عليه.
6 – مؤدى نص المادة التاسعة من قانون الإثبات – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن حكم الإثبات لا يحوز قوة الأمر المقضي طالما قد خلت أسبابه من حسم مسألة أولية متنازع عليها بين الخصوم وصدر بالبناء عليها حكم الإثبات، ومن ثم يجوز للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات إذا ما وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل في موضوع النزاع كما لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بعد تنفيذه، والمشرع وإن تطلب في النص المشار إليها بيان أسباب العدول عن إجراء الإثبات في محضر الجلسة، وبيان أسباب عدم الأخذ بنتيجة إجراء الإثبات – الذي تنفذ في أسباب الحكم، إلا أنه لم يرتب جزاءً معيناً على مخالفة ذلك، فجاء النص في هذا الشأن تنظيمياً، لما كان ذلك، وكان الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه قد عول في قضائه على حجية حكم التحكيم، وكان ذلك منه عدولاً ضمنياً عن تنفيذ حكم الاستجواب فلا يعيبه عدم الإفصاح صراحة في محضر الجلسة أو في مدوناته عن أسباب هذا العدول.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 4555 لسنة 1984 – مدني كلي شمال القاهرة على الشركة الطاعنة بطلب الحكم بالأمر بتنفيذ حكم التحكيم الصادر ضدها من محكمة التحكيم بالغرفة التجارية الدولية بباريس بجلسة 28/ 10/ 1983 في القضية رقم 4035/ أ ر الموضحة بالصحيفة وذلك بوضع الصيغة التنفيذية على الحكم المشار إليه وقالت بياناً لذلك، إنه بموجب عقد مؤرخ 14/ 9/ 1978، عهدت إليها الطاعنة بمهمة تقديم التصميم المعماري والخدمات الهندسية الخاصة بإقامة فندق فاخر بشارع كورنيش النيل بالجيزة، واتفق الطرفان بالبند التاسع من العقد على إحالة كافة ما يثار حوله من منازعات ومطالبات وأمور لا يمكن تسويتها ودياً إلى التحكيم، وفقاً لقواعد التوفيق والتحكيم للغرف التجارية الدولية بباريس، على أن ينعقد التحكيم في لندن ويخضع الاتفاق لقوانين انجلترا، وإذ أخلت الطاعنة بشروط العقد وعذر تسوية الخلاف بين الطرفين ودياً فقد قامت المطعون ضدها بعرض النزاع على محكمة التحكيم بغرفة التجارة الدولية بباريس حيث قيد برقم 4035/ أ ر، وصدر الحكم في 28/ 10/ 1983 بإلزام الطاعنة بأن تدفع لها مبلغ 759826.26 دولار أمريكي وتم التصديق على الحكم من القنصلية المصرية بباريس في 13/ 12/ 1983 ومن وزارة الخارجية المصرية برقم 36 في 3/ 1/ 1984 وأصبح حائزاً لقوة الأمر المقضي، ونظراً لما يستلزمه تنفيذ هذا الحكم على الطاعنة وأموالها بمصر، من استصدار أمر بالتنفيذ وفق أحكام قانون المرافعات، فقد أقامت المطعون ضدها الدعوى بطلباتها السالفة، وجهت الطاعنة دعوى فرعية بطلب إلزام المطعون ضدها بأن تؤدي لها مبلغ 698500 دولار أمريكي دفع دون وجه حق. وبتاريخ 26/ 2/ 1987 حكمت محكمة أول درجة بإجابة المطعون ضدها إلى دعواها وبرفض الدعوى الفرعية. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 3540 لسنة 104 ق أمام محكمة استئناف القاهرة التي قضت في 26/ 11/ 1987 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثمانية أسباب تنعى الطاعنة بالأول والثاني والثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وبياناً لذلك تقول إنها دفعت بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة إذ لم تكن طرفاً في العقد سند التحكيم الذي وقعه من انتحل صفة رئيس مجلس إدارتها في تاريخ سابق على نشأة الشركة وقيدها في السجل التجاري، لكن الحكم لم يستظهر صفة الأخير في تمثيلها، وأطرح هذا الدفع بمقولة إنها قد أخلت بما فرضه عليها القانون رقم 159 لسنة 1981 من التزام بعرض هذا العقد على الجهة المختصة لإجازته بعد تأسيسها، فلا تفيد من تقصيرها، في حين أن هذا القانون لم يفترض مسئوليتها عن تصرفات المؤسسين وإنما جعلها غير سارية في حقها في حالة عدم عرضها على مجلس إدارتها لإجازتها بعد التأسيس، بحيث لا تكون مسئوليتها عند تخلفها عن هذا الإجراء عقدية، وإنما تحكمها قواعد المسئولية التقصيرية إن صح القول بتوافر الخطأ في حقها، هذا فضلاً عن أن القانون المذكور لم يكن نافذ المفعول وقت إبرام العقد، وقد خلا القانون رقم 26 لسنة 1954 – الواجب التطبيق – من النص على سلطة المؤسسين في إبرام العقود، وجعل من قيد الشركة في السجل التجاري شرطاً لمباشرة نشاطها كشخص معنوي، بما مفاده عدم سريان العقد سند التحكيم في حق الطاعنة وانتفاء مسئوليتها عنه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان مؤدى نص المادتين الأولى والثانية من اتفاقية نيويورك الخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية – والتي انضمت إليها مصر بالقرار الجمهوري رقم 171 لسنة 1959 الصادر في 2/ 2/ 1959 وأصبحت تشريعاً نافذاً بها اعتباراً من 8/ 6/ 1959 – اعتراف كل دولة متعاقدة بحجية أحكام التحكيم الأجنبية والتزامها بتنفيذها، طبقاً لقواعد المرافعات المتبعة فيها، والتي يحددها قانونها الداخلي، ما لم يثبت المحكوم ضده في دعوى تنفيذ حكم التحكيم توافر إحدى الحالات الخمس الواردة على سبيل الحصر في المادة الخامسة فقرة أولى من الاتفاقية وهي ( أ ) نقض أهلية أطراف اتفاق التحكيم أو بطلانه (ب) عدم إعلانه إعلاناً صحيحاً بتعيين المحكم أو بإجراءات التحكيم أو استحالة تقديمه دفاعه لسبب آخر. (جـ) مجاوزة الحكم في قضائه حدود اتفاق أو شرط التحكيم. (د) مخالفة تشكيل محكمة التحكيم أو إجراءاته لاتفاق الطرفين أو لقانون البلد الذي تم فيه التحكيم في حالة عدم الاتفاق (هـ) صيرورة الحكم غير ملزم للطرفين أو إلغائه أو وقفه. أو يتبين لقاضي التنفيذ – طبقاً للفقرة الثانية من المادة المشار إليها – أنه لا يجوز قانوناً الالتجاء إلى التحكيم لتسوية النزاع أو أن تنفيذ الحكم يخالف النظام العام، وكانت أحكام المحكمين، شأن أحكام القضاء، تحوز حجية الشيء المحكوم به بمجرد صدورها وتبقى هذه الحجية – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – طالما بقى الحكم قائماً ومن ثم لا يملك القاضي عند الأمر بتنفيذها التحقق من عدالتها أو صحة قضائها في الموضوع لأنه لا يعد هيئة استئنافية في هذا الصدد، لما كان ذلك وكان دفاع الطاعنة بانتفاء صفتها في التعاقد مع المطعون ضدها لعدم تمثيلها فيه – أياً كان وجه الرأي فيه – لا يندرج ضمن أي من الحالات التي تسوغ إجابتها إلى طلب عدم تنفيذ الحكم أو تبرر رفض القاضي لدعوى المطالبة بالتنفيذ وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إطراح هذا الدفاع، فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالأسباب الرابع والخامس والسادس للطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب والتناقض إذ أعمل أحكام اتفاقية نيويورك في شأن تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية دون أن يتحقق من تكليفها بالحضور وتمثيلها تمثيلاً صحيحاً في الدعوى الصادر فيها حكم التحكيم، ومن عدم اختصاص المحاكم المصرية بنظر المنازعة عملاً بنص المادتين 298، 299 من قانون المرافعات الواجب التطبيق بمقولة إن أحكام هذا القانون قد نسخت بانضمام مصر إلى الاتفاقية المشار إليها بمقتضى القرار الجمهوري رقم 171 لسنة 1958 رغم أن هذا القرار لا يعدو أن يكون قراراً إدارياً لا ينسخ نصوص القانون، كما أطرح الحكم دفعها بصدور حكم التحكيم عن محكمة غير مختصة بفرنسا – خلافاً لشرط التحكيم الذي يوجب عقده في لندن وإخضاعه لأحكام القانون الإنجليزي – بمقولة إن الثابت من ترجمة الحكم الرسمية صدوره في لندن عن أحد مستشاري ملكة بريطانيا في حين أنه ممهور بختم رئيس غرفة التجارة الدولية بباريس وتوقيعه وتصديق القنصلية المصرية بها ومن ثم يكون صادراً عن هذه الغرفة وفقاً لأحكام القانون الفرنسي.
وحيث إن هذا النعي غير سديد في شقه الأول، ذلك أنه لما كانت المادة 301 من قانون المرافعات والتي اختتم بها المشرع الفصل الخاص بتنفيذ الأحكام والأوامر والسندات الأجنبية – تقضي بأنه إذا وجدت معاهدات بين مصر وغيرها من الدول بشأن تنفيذ الأحكام الأجنبية فإنه يتعين إعمال أحكام هذه المعاهدات، وكانت مصر قد انضمت إلى اتفاقية نيويورك لسنة 1958 بشأن أحكام المحكمين الأجنبية وتنفيذها بقرار رئيس الجمهورية رقم 171 لسنة 1959 وصارت نافذة ابتداءً من 8 يونيو سنة 1959 ومن ثم فإنها تكون قانوناً من قوانين الدولة واجبة التطبيق ولو تعارضت مع أحكام قانون المرافعات، لما كان ذلك وكانت الاتفاقية المشار إليها لم تتضمن نصاً يقابل ما جرى به نص المادة 298/ أ من قانون المرافعات من أنه لا يجوز الأمر بالتنفيذ إلا بعد التحقق من أن محاكم الجمهورية غير مختصة بالمنازعة التي صدر فيها الحكم أو الأمر، فإنه لا على الحكم المطعون فيه عدم إعماله هذا النص، وكان مفاد نص المادة 22 من القانون المدني خضوع قواعد المرافعات لقانون القاضي وذلك باعتبار أن القضاء وظيفة من وظائف الدولة يؤديها وفقاً لقواعد المرافعات المقررة في قانونها دون قواعد المرافعات في أي دولة أخرى، وباعتبار أن ولاية القضاء إقليمية بما يوجب أن تكون القواعد اللازمة لمباشرته هي الأخرى إقليمية، وإذ ثبت من الترجمة الرسمية لحكم التحكيم أنه قد تأكد لدى المحكم استلام الطاعنة لطلب الحضور الذي أرسله لها وتخلفها عن الحضور دون عذر مقبول، فإن ما اشترطته المادة الخامسة “ب” من اتفاقية نيويورك الواجبة التطبيق – لرفض طلب تنفيذ الحكم الأجنبي من تقديم الدليل على عدم إعلان المحكوم ضده إعلاناً صحيحاً بتعيين المحكم أو بإجراءات التحكيم أو أنه قد استحال عليه لسبب آخر تقديم دفاعه، يعد من قواعد المرافعات التي تخضع لقانون القاضي، وإذ لم تقدم الطاعنة الدليل على عدم تكليفها بالحضور طبقاً لقانون القاضي – وخلافاً للثابت بحكم التحكيم فإن نعيها على الحكم المطعون فيه عدم تحققه من تكليفها بالحضور عملاً بنص المادة 298/ 2 من قانون المرافعات يكون على غير أساس والنعي مردود في شقه الآخر بما ثبت من الترجمة الرسمية لحكم التحكيم من أن جلسة التحكيم قد عقدت بغرفة المداولة الخاصة بالمحكم الوحيد للنزاع بلندن وهو أحد مستشاري ملكة بريطانيا نفاذاًَ لاتفاق الطرفين وقد ذيل الحكم بتوقيعه ومن ثم فإن وجود خاتم غرفة التجارة الدولية بباريس وتصديق القنصلية المصرية بها عليه لا ينفي انعقاد التحكيم في لندن وإعمال أحكام القانون الإنجليزي عليه، وإذ أطرح الحكم المطعون فيه دفاع الطاعنة بصدور الحكم عن محكمة فرنسية غير مختصة، فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب السابع للطعن البطلان في الإجراءات، إذ لم يواجه الحكم المطعون فيه دفاع الطاعنة الجوهري بمخالفة محكمة أول درجة نص المادة التاسعة من قانون الإثبات بعدولها عن الحكم التمهيدي الصادر في 15/ 5/ 1986 باستجواب الخصوم في شأن صفة الموقع على مشارطة التحكيم دون بيان أسباب العدول بالمحضر.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن مؤدى نص المادة التاسعة من قانون الإثبات – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن حكم الإثبات لا يحوز قوة الأمر المقضي طالما قد خلت أسبابه من حسم مسألة أولية متنازع عليها بين الخصوم وصدر بالبناء عليها حكم الإثبات، ومن ثم يجوز للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات إذا ما وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل في موضوع النزاع كما لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بعد تنفيذه، والمشرع وإن تطلب في النص المشار إليه بيان أسباب العدول عن إجراء الإثبات في محضر الجلسة، وبيان أسباب عدم الأخذ بنتيجة إجراء الإثبات – الذي تنفذ – في أسباب الحكم، إلا أنه لم يرتب جزاءً معيناً على مخالفة ذلك، فجاء النص في هذا الشأن تنظيمياً، لما كان ذلك، وكان الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه قد عول في قضائه على حجية حكم التحكيم، وكان ذلك منه عدولاً ضمنياً عن تنفيذ حكم الاستجواب، فلا يعيبه عدم الإفصاح صراحة في محضر الجلسة أو في مدوناته عن أسباب هذا العدول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثامن للطعن على الحكم المطعون فيه إغفال الفصل في دعواها الفرعية بطلب بطلان وفسخ مشارطة التحكيم وإلزام الشركة المطعون ضدها برد المبالغ التي قبضتها.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه قد فصل في أسبابه ومنطوقه في الدعوى الفرعية التي أقامتها الطاعنة وانتهى إلى رفضها لما فيها من مساس بحجية حكم التحكيم.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .