الالتصاق بالعقار بفعل الانسان ، أو الالتصاق الصناعي ، يعتبر اهم حالات الالتصاق من الناحية العملية ، وهو يتحقق بالبناء أو بالغراس او بإقامة منشآت اخرى على سطح الارض أو بداخلها بمواد غير مملوكه لمالك الارض.

والاصل هو ان كل ما على الارض أو تحتها يعتبر من عمل صاحب الارض اقامة على نفقته ويكون ملكاً له ما لم يقم الدليل على خلاف ذلك (1).

فمن يدعي خلاف هذا الاصل عليه اقامة الدليل على ما يدعيه . فإذا اقام الدليل على ان صاحب الارض هو غير صاحب المنشآت او الغراس ، فإن الحال لا تخلو من احد فروض ثلاثة : فأما أن يكون صاحب الارض قد اقام المنشآت أو الغراس بمواد مملوكة لغيره ، واما ان يكون صاحب المواد هو الذي اقام المنشآت او الغراس في ارض غيره . وأما ان يكون صاحب المواد هو الذي اقام المنشآت أو الغراس في ارض غيره بمواد مملوكة لغيره ايضاً.

الفرص الاول ــ المنشآت أو الغراس التي يقيمها صاحب الارض بمواد مملوكة لغيره :

فالفرض هنا ان صاحب الارض قد بنى او غرس أو اقام منشآت اخرى في ارضه بمواد مملوكة لغيره. فإذا تحقق ذلك كان لصاحب المواد طلب نزعها او استردادها اذا لم يكن في ذلك ضرر جسيم يلحق صاحب الارض، ويكون النزع على نفقة صاحب الارض سواء كان حسن النية ام سيئها . أما إذا كان نزع المواد يصيب صاحب الارض ضرر جسيم منه ، فإنه يتملك هذه المواد بالالتصاق ، وعليه ان يدفع قيمتها لصاحبها مع تعويضه ، طبقاً لقواعد المسؤولية التقصيرية ، ان كان له مقتص (2). وعلى الحكم الاخير واضحة وهي منع اثراء صاحب الارض بدون سبب على حساب صاحب المواد. والمفروض فيما تقدم ان يكون صاحب الارض قد بنى بمواد بناء كالأحجار والاخشاب والحديد ونحو ذلك ، او استعمل البذور او الشجيرات الصغيرة التي تغرس في الارض وان تندمج هذه المواد بالأرض بحيث تدخل في تكوين العقار بطبيعته . أما إذا ادخل في بنائه تمثالاً او اثراً ثميناً مثلاً فإنه لا يتملكه بالالتصاق ، بل يجب قلعه ولو احدث ذلك ضرراً جسيماً بالبناء (3).

الفرض الثاني ــ المنشآت أو الغراس التي يقيمها صاحب المواد في ارض غيره :

اما في هذا الفرض حيث يقيم شخص منشآت او غراساً بمواد من عنده في ارض غيره فيفرق في الحكم بين ما اذا كان الباني أو الغارس سيء النية أو حسن النية (4). فإذا كان البناء أو الغراس بسوء نية ، او بدون زعم سبب شرعي ، أي ان الباني أو الغارس كان يعلم بأنه يقيم البناء أو الغراس على ارض غير مملوكة له دون رضاء صاحبها كان لصاحب الارض أن يطلب قلع هذه المنشآت على نفقة من احدثها، فإذا كان القلع مضراً بالأرض فلصاحب الارض ان يتملك المنشآت بقيمتها مستحقة القلع ، فل احرمة لعمل الغاصب ولهذا فأن القانون يعامله دون تسامح إذ يلزمه بقلع بنائه أو غراسه ولو كانت قيمتها اكثر من قيمة الارض. أما إذا كان البناء أو الغراس بحسن نية ، أو بزعم سبب شرعي ، فإن معاملة الباني أو الغارس هي اكثر تسامحاً . فإذا كانت قيمة البناء او الغراس ، اكثر من قيمة الارض فللباني او الغارس ان يتملك الارض بثمن مثلها أما إذا كانت قيمة الارض هي الاكثر فيكون لصاحب الارض ان يتملك البناء أو الغراس بقيمته قائماً لا بقيمته مستحقاً للقلع . وهذا تطبيق لقاعدة “الأقل يتبع الاكثر”. أما إذا تساوت القيمتان فيكون الزمام بيد صاحب الارض ، لأنها هي الاصل ، فيكون له الحق في تملك البناء او الغراس اما الباني أو الغارس فلس له مثل هذا الحق (5).

الفرض الثالث ــ المنشآت او الغراس التي يقيمها شخص على ارض غيره بمواد مملوكه لشخص ثالث :

وهذا الفرض بصور حالة من يقيم منشآت أو غراساً في ارض غيره بمواد مملوكة لغيره . فهو في هذه الحالة لا يملك لا الأرض ولا المواد ، ولهذا فإن هذه الحالة تتطلب الكلام في علاقات ثلاث : علاقة صاحب الأرض بالباني أو الغارس ، وعلاقة صاحب المواد بالباني أو الغارس ، وعلاقة صاحب الأرض بصاحب المواد. ففي العلاقة بين صاحب الارض والباني أو الغارس تطبق احكام الحالة السابقة بخصوص المنشآت أو الغراس التي يقيمها الباني أو الغارس في أرض الغير. فيكون لصاحب الارض طلب قلع المواد او تملكها بقيمتها مستحقة للقلع إذا كان الباني أو الغارس سيء النية وكان القلع مضراً بالأرض (6). أما إذا كان الباني أو الغارس حسن النية فقد رأينا ان القاعدة في القانون المدني العراقي هي أن الاقل يتبع الاكثر. أما بالنسبة لعلاقة صاحب المواد بالباني أو الغارس من ناحية ، ويصاحب الارض من ناحية اخرى فتحدد طبقاً لما هو مقرر في المادة (1122) من القانون المدني العراقي. ويفهم من نصوص هذه المادة انه لا يجوز لصاحب المواد ان يطالب باستردادها لانها قد فقدت صفتها كمنقولات واصبحت من العقارات وانما له ان يرجع بالتعويض على الباني الذي اخذ هذه المواد غير المملوكة له . فصاحب الارض ليس مديناً له . ولكن يجوز لصاحب المواد ان يرجع على صاحب الارض ، طبقاً لاحكام القواعد العامة بالدعوى غير المباشرة باعتباره مديناً لمدين الباني أو الغارس . كما ان له الرجوع على صاحب الارض بدعوى مباشرة في حدود ما يكون للباني في ذمته من قيمة البناء أو الغراس. وفي حالة نزع المواد يكون لصاحبها طلب التعويض من الباني أو الغارس بقدر ما نقص من قيمتها بسبب الاستعمال والقلع إذا كان قد استردها بوصفه مالكاً لها ، او قيمتها التي يستوفيها من صاحب الارض اضافة إلى تعويضه عما فاته من كسب في حالة عدم استردادها كما يكون لصاحب الارض طلب التعويض عما أصاب ارضه من ضرر بسبب نزع المواد إذا كان قد رضى بنزعها.

_____________

1- انظر المادة 1117 مدني عراقي.

2- انظر المادة 1118 مدني عراقي.

3- انظر: مجموعة الاعمال التحضيرية القانون المدني المصري ، جـ 6 ، ص330.

4- انظر المادتين 1119 و 11120 مدني عراقي.

5- انظر المادة 1120 مدني عراقي.

6- انظر المادة 1119 مدني عراقي.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .