مقال قانوني هام يوضح ما يخرج عن نطاق بيع ملك الغير

في المطلب السابق تحدثنا عن شروط بيع ملك الغير، ووجدناها تؤكد على ضرورة توافر إمكانية انتقال ملكية الشيء المبيع. لهذا فإن كل تصرف يكون قاصرا عن نقل الملكية مباشرة بمجرد انعقاد العقد، يخرج عن نطاق بيع ملك الغير. وهذه التصرفات حصرناها بالتالي:

أولا: التعهد عن الغير.

ثانيا: الوعد بالبيع.

ثالثا: بيع الشيء المستقبل.

رابعا: بيع الشيء المعين بالنوع.

خامسا: تعليق البيع على شرط التملك.

سادسا: البيع المعلق على شرط.

التعهد عن الغير

تنص المادة ( 153 ) من القانون المدني المصري على أنه “إذا تعهد شخص بأن يجعل الغير يلتزم، بأمر فلا يلزم الغير بتعهده، فإذا رفض الغير أن يلتزم وجب على المتعهد أن يعوض من تعاقد معه…”.

واضح من هذا النص أن محل الإلتزام هو القيام بعمل وهو حصول المتعهد على رضا المالك بأن يبيع، فهو إن استطاع ذلك فهذا يحتاج إلى عقد بيع يبرم بين المالك والغير حتى تنتقل الملكية وإلا يلتزم المتعهد بتعويض الغير عن الضرر الذي لحقه من جراء عدم تنفيذه لالتزامه .

وبالتالي فإن مجرد التعهد لا ينقل الملكية، أي أننا في هذه الحالة نكون أمام تعهد عن الغير لا أمام بيع لملك الغير.

الوعد بالبيع

الوعد بالبيع لا يرتب حكم عقد البيع في انتقال ملكية المبيع، وإنما يرتب على الواعد التزاما بالقيام بالعمل، وبالتالي نكون أمام وعد بالبيع، فإذا أظهر الموعود له رغبته في الش راء وكان الواعد قد أصبح مالكا للشيء الموعود به تم البيع وأخذ حكمه، وخرجنا عن نطاق بيع ملك الغير وحكمه. أما إن كان الواعد غير مالك وبقي غير مالك حتى بعد أن أظهر الموعود له (المشتري) رغبته في الشراء فإننا في هذه الحالة نكون أمام بيع لملك الغير ويأخذ حكمه.

بيع الشيء المستقبل

اشترط المشرع المصري لبيع ملك الغير في المادة ( 466 ) من قانونه المدني، أن يكون محل هذا البيع شيئا معينا بالذات، وذلك من أجل نقل الملكية من البائع إلى المشتري، أما الحالة التي نحن بصددها، أي بيع شيء غير موجود وقت العقد، لا يجعلنا نتحدث عن بيع ملك الغير . إذ لا يعرف إن كان البائع مالك أو غير مالك، فثمة فرق في الحكم القانوني بين بيع الشخص لملك غيره، وبين بيع الشخص لما لا يملكه.

إذا كان حكم بيع ملك الغير قد نص عليه القانون، فإن حكم بيع الشيء المستقبل يتوقف على ملكية الشيء، أي معرفة إن كان البائع مالك أو غير مالك. وكما نعلم ف إن ملكية البائع للشيء المبيع تتوقف على تعيين المبيع بذاته، وكما نعلم أيضا أن البيع نفسه ينقل ملكية المبيع، والبيع لشيء مستقبلي يتطلب من البائع إيجاد المبيع، حينها فقط يتم الحديث عن نقل الملكية للمشتري فإذا استطاع البائع إيجاد الشيء المبيع المستقبلي فإننا نكون أمام بيع صادر من مالك، وهو بيع صحيح، أما إن لم يستطيع إيجاد المبيع، فإننا لا نكون أمام بيع صحيح لانعدام المحل، وبالتالي لا كلام عن بيع ملك الغير، وإنما عن بيع الشخص لغير ما يملك.

بيع الشيء المعين بالنوع

من المقرر أن بيع الأشياء المعينة بنوعها لا تنتقل ملكيتها بمجرد التعاقد، بل لابد لذلك من فرزها وتعيينها عن مثيلاتها، إذ قبل هذا الفرز أو التعيين لا يمكن انتقال ملكية المبيع إلى المشتري، وهذا يعود إلى طبيعة هذا النوع من البيوع. ومثله بيع شخص مائة طن من القمح.

فهذا البيع حتى يقع صحيحا يحتاج إلى فرز المبيع وتعيينه فإن تم الفرز وثبتت الملكية فيه فالبيع يكون صحيحا إن وقع من المالك، ويكون بيعا لملك الغير إن وقع من غير المالك، لأنه بعد فرز المبيع وتعيينه يسهل معرفة المالك من غير المالك.

تعليق البيع على شرط التملك

البيع في هذه الحالة يكون معلق على شرط واقف هو ملكية البائع للشيء المبيع، إن تحقق الشرط نكون أمام بيع ناقل للملكية، وان لم يتحقق يسقط البيع.

وهذا القول لا يصدق على بيع ملك الغير، إذ في الفرض الأخير يبيع الشخص ملك غيره، أما الحالة التي نحن في صددها، فقد يبيع الشخص ملكه في حال تحقق الشرط، وقد يفشل في تملك الشيء المبيع، وبالتالي يسقط البيع لتخلف المحل، ولكن في كل الأحوال لا يبيع الشخص ملك غيره، ذلك أن البائع والمشتري يتفقان منذ البداية على أن البيع غير بات وإنما معلق على شرط كسب البائع للملكية، فإن أصبح مالك تصرف تصرف المالك، وإلا يسقط البيع ويعود كل طرف للحالة التي كان عليها.

فلو باع شخص شيئا وعلق البيع على شرط أن يرسو عليه مزاد هذا الشيء عند بيعه بالمزاد. فإذا رسا المزاد على البائع فقد تحقق الشرط وأصبح هو المالك للمبيع وبالتالي يصح بيعه. أما إن رسا المزاد على شخص آخر غير البائع فقد سقط البيع.

هذا وقد يعلق البيع على شرط واقف أو فاسخ، فالبيع في هذه الصورة هو بيع موصوف على خلاف الصورة السابقة، ولكن ملكية المبيع هي غير باته وإنما معلقة على شرط واقف بتحققه تثبت الملكية أو شرط فاسخ بتحققه تزول الملكية. وبالتالي فإن البائع يكون مالكا للمبيع تحت شرط واقف أو فاسخ. وإذا تصرف بملكه بالبيع فإن الأمر يتوقف على تحقق الشرط أو تخلفه، فإن تحقق الشرط الواقف أو لم يتحقق الشرط الفاسخ أصبح المشتري مالكا للمبيع ملكية باتة بأثر رجعي أما إذا تحقق الشرط الفاسخ أو لم يتحقق الشرط الواقف فهذا يعني زوال الملكية عن البائع وبالتالي يصبح المشتري غير مالك دون أن يكون له حق الرجوع على البائع إذا اتضح من العقد أن المشتري قد اشترى مجرد الأمل في الملكية بأن يتحقق الشرط الواقف أو يتحقق الشرط الفاسخ، وبالتالي فإن البيع المعلق على شرط سواء كان واقف أو فاسخ يخرج عن نطاق بيع ملك الغير طالما أن البيع فيه بات والبائع مالك حتى وإن كانت ملكيته معلقة على شرط فإن هذه الملكية وفقا للقواعد العامة تنتقل بنفس الوصف إلى المشتري على خلاف ما لو تصرف البائع في الملكية على أنها باتة، فالأمر هنا يختلف، فتحقق الشرط الواقف وعدم تحقق الشرط الفاسخ يجعل بيعه صحيحا نافذا لأنه يجعله يتصرف في ملكه، أما تحقق الشرط الفاسخ أو عدم تحقق الشرط الواقف يجعل من هذا البيع بيعا لملك الغير ويأخذ حكمه.