القواعد الاحترازية المفروضة على البنوك

ياسين المفيد

طالب باحث بماستر قانون الأعمال و المقاولات
جامعة محمد الخامس – السويسي
كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية
الرباط

مقدمة:

يعتبر القطاع المالي والبنكي بالنسبة للاقتصاد على المستويين الوطني والدولي قاطرة للنمو الصناعي والتجاري، والقطاع البنكي يمثل جزءا أساسيا من النظام الاقتصادي، يتأثر به ويؤثر فيه، إذ نجد النظام البنكي يتموقع أساسا في إطار قواعد القانون الاقتصادي، ويلتصق في ذات الوقت بخاصيات تقنية دقيقة ومتطورة.
وتلعب مؤسسات الائتمان دورا مهما في تسيير حركة الأموال وتبسيط تدبير وسائل الأداء، إذ تستقطب الودائع، وتوزع القروض، وتوفر وسائل الأداء من شيكات وكمبيالات وبطاقات بنكية، وتقوم بعمليات الدفع في الحساب والسحب وخصم القيم… إلخ وأمام تعدد هذه العمليات التي تقوم بها مؤسسات الائتمان بشكل مستمر، أصبحت هذه الأخيرة عرضة للأزمات المالية بشكل مستمر، مما أظهر حاجة هذه المؤسسات إلى اعتماد مجموعة من التدابير الاحترازية، نظرا لخصوصية نشاطها وأهميته.
وقد ظهرت القواعد الاحترازية بشكل بارز بداية من سنوات الثمانينات من القرن 20 لتسهيل عملية إدارة البنوك ومساعدتها على تحقيق توازنها المالي، والمواجهة الفعالة للمخاطر المصرفية.
وفي هذا الإطار وضع المشرع المغربي الأحكام العامة للقواعد الاحترازية في المواد 50، 51، 52، وخول لوالي بنك المغرب صلاحية إصدار مناشير متعلقة بالقواعد الاحترازية المفروضة على البنوك.
وتهدف القواعد الاحترازية بشكل أساسي الى ضمان سلامة النظام المالي والمصرفي على وجه الخصوص، بشكل يمكنه من تفادي الوقوع في الأزمات النقدية والمالية، التي تؤثر على الاستقرار الاقتصادي للبلاد، وضمان تسويق الخدمات المصرفية، واستقرار القطاع ن وحماية المودعين، واستمرارية ميكانيزمات الدفع.

أهمية الموضوع:

لا يختلف اثنان حول مدى الأخطار المحيطة بالقطاع المالي والاقتصادي، مما اقتضى وضع تدابير احترازية صارمة لمواجهة هذه المخاطر، حماية للزبناء والعمليات الاقتصادية والمالية، وحفاظا على استقرار النظام المالي، ومن هنا تبرز أهمية دراسة هذا الموضوع.

الإشكالية:

انطلاقا من المقتضيات الواردة في المواد 50 و51 و52 من قانون 03*34 والمناشير التي يصدرها والي بنك المغرب، ما مدى مساهمة هذه القواعد في ضمان استقرار القطاع البنكي في المغرب؟

المبحث الأول: أنواع المخاطر والقواعد الإحترازية

إن المؤسسة البنكية أثناء مزاولتها لوظيفتها يمكن أن تكون عرضة لحدث يؤثر على سيرها العادي وإنتاجها( المطلب الأول)،، هذه المخاط التي يمكن تداركها عن طريق إتباع مجموعة من القواعد الاحترازية(المطلب الثاني).

المطلب الأول: أنواع المخاطر البنكية

كلما تعلق الأمر بالمخاطر بشكل مباشر وغير مباشر، وجب تدخل الهيئة المشرفة على المراقبة وإلا اعتبر ذلك إخلالا بمسؤوليتها، وعليه فإن المخاطر تتعدد وتختلف بتعدد الأنشطة البنكية.

الفقرة لأولى: مخاطر القروض

يقصد بمخاطر القروض الحالة التي لا يحترم فيها المقترض التزاماته ولا يسدد المستحقات، وهي من اكبر واهم المخاطر البنكية على الإطلاق، إذ قد يترتب عن ضخامة المبالغ الممنوحة حدوث مخاطر عدم الأداء.
إذ يؤثر عدم تحصيل القروض الممنوحة على مردودية البنك، ويقلص من الأرباح، وفي حالة تجاوز مشكل عدم استيفاء الديون المستحقة النسب العادية فإن البنك يفقد توازنه المالي، وقد يصل إلى حالة الإفلاس[1].

الفقرة الثانية: مخاطر السوق

تتجلى مخاطر السوق في التغيرات الكبيرة والمفاجئة لأسعار الفائدة وأسعار الصرف. والسوق هنا يقصد بها سوق الصرف والعمليات المالية، أو التجارة في السندات والقيم، وتتجلى أهم مخاطر السوق في تعرض حقيبة القيم إلى تقلبات العرض والطلب في السوق أو تعرض مواقف البنك القصيرة والطويلة وقراراته كبائع أو مشتري لأدوات مالية معينة على تقلبات الأسعار[2].

الفقرة الثالثة: مخاطر أسعار الفائدة

تكمن مخاطر أسعار الفائدة في التطور عكس توقعات البنك، حيث يؤثر سلبا على إنتاج البنك ومردوديته، تتميز مخاطر أسعار الفائدة، بالطابع التجاري المحض إذ تنبثق من الفرق بين ثمن شراء الموارد وثمن بيعها إذ كل فرق سلبي في هذا الإطار يضعف توازن البنك ويقلص من الربح وقد يتسبب في الخسارة[3].

الفقرة الرابعة: أسعار الصرف

ترتبط مخاطر أسعار الصرف ومخاطر الصرف بامتلاك البنك موجودات وعقود محررة بعملات أجنبية تخضع لتقلبات تغني أو تفقر الحامل، وتقوم البنوك في إطار السوق الدولية بالعمليات التالية:
عمليات شراء وبيع العملات الصعبة في إطار الحد الأقصى والحد الأدنى المقررين من طرف بنك المغرب.
عمليات توظيف العملات الأجنبية عند بنك المغرب.
إن التطور المستمر والسريع لأسعار الصرف يعرض البنوك التي تتعامل كثير ب عملات الأجنبية إلى مخاطر لا تتحكم دائما في مسالكها الشيء الذي يمكن ان تترتب عليه خسائر فادحة[4].

الفقرة الخامسة: مخاطر الملاءة ومخاطر السيولة ومخاطر الأداء

تؤدي مخاطر الملاءة إلى حصول نوع من الاختناق لدى البنك، حيث يتعذر علية احترام التزاماته تجاه العملاء ومؤسسات أخرى تجارية أو صناعية أو مالية.
أما مخاطر السيولة فيقصد بها عدم قدرة البنك على احترام التزاماته وتسديد ما عليه من مستحقات لأنه ولو كان ملئ فممتلكاته بعيدة عن السيولة.
ومخاطر الأداء هي مخاطر مرتبطة بأداء الأوراق التجارية لحاملها.

الفقرة السادسة: مخاطر العمليات والمحاسبات

نتيجة كثرة العمليات التي تقوم بها المؤسسات البنكية، ارتفع عدد المخاطر[5] المرتبطة بهذه العمليات. إذ يترتب عن ارتفاع عدد الأخطاء، تقلص هامش الربح، والإساءة الى سمعة المؤسسات البنكية،
وينجم عن كل عملية تسجيل محاسبي، وغزارة العمليات المنجزة، تضخم التقييدات المحاسبية، وهذه العمليات المحاسبة في الغالب، تتم عبر برامج معلوماتية مما يزيد من نسبة المخاطر.
الفقرة السابعة: مخاطر الذمة المالية والمادية
يتكون البنك من مجموعة من القيم( شيكات كمبيالات سندت عقود… الخ) والعتاد( حواسب- أثاث… إلخ) كلها معرضة للسرقة والضياع، لذلك يتعين على البنك تفادي هذه المخاطر[6].

الفقرة الثامنة: مخاطر الضمانات

إذا كانت الغاية من الضمانات هي تقليص المخاطر وبالخصوص عند عمليات القرض، فإن الضمانات عينها تحيطها مجموعة من المخاطر متنوعة وشائكة تؤدي مباشرة إلى متاعب قانونية وقضائية وتوصل إلى خسائر مالية مما ينتج عنه المس بسمعة البنك، و تتنوع مخاطر الضمانات وتختلف إذ نذكر من بينها:
مخاطر الاختلاس والتبذير
المخاطر المرتبطة بالضمانات الشخصية
المخاطر المرتبطة بالضمانات العينية.

المطلب الثاني: القواعد الاحترازية المفروضة على البنوك

لقد خرق المشرع المغربي على المؤسسات المالية مجموعة من القواعد الاحترازية، تهدف بصفة خاصة إلى الحفاظ على التوازن المالي لهذه المؤسسات حيث فرض عليها احترام بعض القواعد فيما يخص العلاقة بين عناصر أصولها وخصومها.

الفقرة الأولى: معامل السيولة

إن مؤسسات الائتمان مرغمة على الاحترام الدائم لمعامل السيولة، إذ عليها أن تراقب بشكل مستمر وبصفة فردية ومثبتة هذا المعامل الذي يجب أن يساوي على الأقل100%بين مجموع الأصول السائلة ذات الجودة العالية والصادرات الصافية للخزينة خلال الثلاثين يوما اللاحقة على فرض وجود ضغط كبير على السيولة[7].
ويمكن تعريف معامل السيولة على أنه تلك العلاقة أو النسبة الدنيا التي يجب على المؤسسة البنكية احترامها يوميا وبصفة دائمة فيما بين أصولها المتاحة والقابلة للتحقق في أجل قصير وبين التزاماتها المستحقة عند الاطلاع ولأمد قصير[8].
إذن فالغاية الأساسية التي من اجلها فرض المشرع هذا المعامل على هذه المؤسسات هو إبراز القدرة المالية لمواجهة التزاماتها القابلة للوفاء في الحال أو في المدى القصير، وذلك في لحظة وحين وبواسطة أموالها السائلة.
والأصول السائلة عالية الجودة المعتمدة لحساب معدل السيولة يجب أن تكون سهلة وحالة التغطية مع أو بدون فقد منخفض للقيمة حتى في فترات الضغط الكبير على السيولة[9] والأصول السائلة عالية الجودة تتكون من أصول سائلة من مستويين. ويتم اعتماد صادرات الخزينة لحساب معدل السيولة لتتلاءم الصادرات المتوقعة والمدخلات المتوقعة على امتداد 30 يوما مع احتمال ضغط كبير على السيولة، ويتم تحديد الدخل الإجمالي للخزينة في 75% من مجموع مخرجات الخزينة[10].

الفقرة الثانية: معامل الملاءة

يقصد بمعامل الملاءة ذلك التطابق الأدنى بين مجموع الأموال الذاتية وبين عناصر موجودات والتعهدات بواسطة التوقيع مرصودة بمعامل الترجيح المتلائم مع درجة المخاطر.[11]
وتجدر الإشارة أن هذا المعامل الأدنى للملاءة كان محددا في نسبة %8على المستوى الفردي لكل حالة وعلى المستوى الموطد لجميع الحالات و10%بين مجموع الأموال الذاتية ومخاطر القروض والسوق والعمليات[12].
وقد عرفت كل هذه المعدلات ارتفاعا بالزيادة في نسبتها بموجب منشور جديد لوالي بنك المغرب بتاريخ 19 أبريل 2012 حيث تم رفع نسبة الحد الأدنى لمعامل الملاءة إلى %12يعرف كنسبة بين مجموع أموالها الذاتية من جهة، ومجموع مخاطر الائتمان ومخاطر لسوق المرجحة من جهة أخرى.
ومعامل أدنى بنسبة 9% يعرف كنسبة بين مجموع أموالها الذاتية الأساسية من جهة، ومجموع مخاطر الائتمان ومخاطر السوق المرجحة من جهة أخرى.

الفقرة الثالثة: قاعدة توزيع الأخطار البنكية

رغبة من المشرع المغربي في تقوية الضمانات استيفاء المؤسسات البنكية لديونها من طرف الزبناء وحماية للمودعين، فقد أقر قاعدة مهمة لا يمكن تجاوزها في إقراض كل زبون حتى تكون هناك ملاءة بين حجم السلفات الممنوحة من طرف المؤسسات وبين القدرة المالية لكل مقاولة أو شخص يتلقى هذه السلفات[13].
إذن فإن الهدف الأسمى من إقرار قاعدة توزيع الأخطار البنكية، يتجلى أساسا في الحد من المخاطر التي يمكن أن تنتج عن تعامل المؤسسة البنكية مع مقترض واحد من جراء إقراضه كل أموالها الذاتية أو جزء مهم من أموالها، فإعطاء القروض دون احترام هذا التعامل سيؤدي لا محالة بالمؤسسة إلى صعوبات مالية، التي يمكن أن تصل إلى مرحلة التوقف عن الدفع[14] نتيجة إعسار الزبون المقترض أو توقفه عن الدفع.

وتجدر الإشارة غلى ان المادة الثانية من منشور والي بنك المغرب الصادر بتاريخ 19 أبريل 2012 المتعلق بالمعامل الأقصى لتوزيع مخاطر مؤسسات الائتمان قد حددت المعامل الأقصى لتوزيع المخاطر في مؤسسات الائتمان في 20% على المستوى الفردي أو المتعلق بكل حالة، ونفس النسبة على المستوى الموطد لجميع الحالات كما هو منصوص عليه في القواعد العالمية وفي توصيات” لجنة بال” ولقد خول لبنك المغرب إمكانية خفض هذه النسبة حسب السلطة التقديرية والظروف المالية لكل مؤسسة[15].

الفقرة الرابعة: تصنيف الديون المتعلقة الأداء وتغطيتها بالمؤونات

كان تصنيف الديون المتعلقة الأداء مبني على ثلاثة مراحل:
المرحلة الأولى التي تعقب عدم أداء المستحقات وهي مرحلة الشك في استرجاع الدين[16].
المرحلة الثانية التي يصبح استرجاع الدين مشبوه فيه بمعنى أكثر من مشكوك فيه[17].
المرحلة الثالثة التي يعتبر البنك فيها أن ما تبقى من الاستحقاقات قد وصل مستوى التورط يصعب استخلاصه[18]
لكن دورية بنك المغرب الأخيرة في الموضوع رقم2002/G/19الصادرة في 23 دجنبر 2002[19]، نصت على أن الديون التي لم يتمكن البنك من استرجاعها بعد مرور أجلها تصنف حسب ترتيب ثنائي فقط:
الديون السليمة
الديون غير السليمة
ويجب أن يترتب على هذه الديون تسجيل مؤونات بنسبة 20% أو 50% أو %100 حسب التصنيف السابق.

المبحث الثاني: نظام المراقبة الداخلية

لقد ألزم المشرع البنكي مؤسسات الائتمان بضرورة التوفر على نظام ملائم للمراقبة الداخلية وتتجلى هذه الأخيرة في مجموعة الاستعدادات والمساطر والتصرفات يتخذها إطار أو آلة وفق برنامج معين، أو أي عضو وظيفي مستعينا في القيام بمهامه على تقنيات خاصة لتحقيق أهداف تجارية، وهكذا تقوم المراقبة الداخلية بمهامها لضمان سلامة المعالجات. والمساعدة على فعالية الإنتاج والتقليص من المخاطر. وعليه سوف نتناول نظام الرقابة الداخلية من خلال تحديد مبادئ نظام المراقبة الداخلية (المطلب الأول) على أن نخصص ( للمطلب الثاني) للتدرج أو الهرمية في إطار نظام المراقبة الداخلية.

المطلب الأول: مبادئ نظام المراقبة الداخلية

حسب المادة 51 من القانون 34.03، فإنه يجب على مؤسسات الإئتمان أن تتوفر على نظام ملائم للمراقبة يراد به تحديد جميع المخاطر التي تتعرض لها وقياسها ورقابتها وأن تقيم اجهزة تمكنها من قياس مردودية عملياتها، وقد حدد منشور والي بنك المغرب المؤرخ في 19فبراير 2001 المتعلق بالمراقبة الداخلية لمؤسسات الائتمان مجموعة من المبادئ الواجب على البنوك إتباعها.

الفقرة الأولى: مراجعة العمليات والمساطر الداخلية

لقد خصصت المواد 22 و23 و24 و25 من دورية والي بنك المغرب المؤرخة في 19 فبراير 2001المعدلة سنة 2007 لمراجعة العمليات والمساطر الداخلية لهذه المؤسسات.
إذا وانطلاقا من المواد المشار إليها أعلاه، فإنها تتعلق أساسا بالمقتضيات الموضوعية والتدابير المتخذة التي يجب أن تتضمن مطابقة العمليات المنجزة والمساطر المتبعة للقوانين الجاري بها العمل والأعراف المهنية، والكل مع احترام معايير التسيير المنصوص عليها في المؤسسة.
كما نصت المادة 23 من الدورية المذكورة على مراقبة الصحيح لهذه المساطر وتحديد ميادين تدخل كل وحدة انتاج وكل وظيفة، الشيء الذي يجب أن يترتب عليه تحديد السلطات والتوكيلات والمسؤوليات وبالخصوص التفريق الواضح بين الترخيص والتنفيذ والمراقبة.
وأخيرا يجب على كل وحدة إنتاج أن تتوفر على دليل كامل ومفصل للمساطر والعمليات التي يقوم بها والتصميم أو الخطة الواجب إتباعها، وبالخصوص كيفية تحضير وتسجيل ومعالجة كل عملية وذلك طبقا للمادة 25 من الدورية المذكورة آنفا.
وبالتالي فإن هذه العوامل تعتبر أساس صرامة القانون اتجاه تسيير البنوك ومراقبة تدبير المخاطر الذي يهدف إلى حماية الزبائن والأغيار والحفاظ على توازن القطاعات الاقتصادية[20].

الفقرة الثانية: التحكم في المخاطر وقياس التحكم

منذ عشرات السنين والتقنيون يبحثون عن الحلول الملائمة لحماية البنوك من مخاطر الإفلاس، وبالتالي العملاء من فقدان الودائع، وقد توصلوا إلى معامل” كوك” في مدينة ” بال” السويسرية سنة 1988 أو كما يسميه البعض” بأحكام بال 1″، هذا المعامل يتمثل في مجموعة من المعايير حول مقررات الرقابة والإشراف التي تحكم قياس كفاية رأسمال البنوك.
لقد حل محل معامل ” كوك” معامل ” ماك دونون” نتيجة محدودية المعامل الأول مما دفع لجنة بال وضع معامل جديد يعتمد على ثلاثة ركائز:
الحد الأدنى للأموال الذاتية
مراقبة احترام القواعد الاحترازية.
انضباط المنخرطين وكل الفاعلين في السوق المالية في إطار مراقبة المخاطر.

الفقرة الثالثة: اعتمادية شروط تحصيل المعلومات واستغلالها

من المعلوم أن البنك يستوعب وينتج كميات هائلة من المعلومات مكتوبة ومسجلة على شتى الأشكال، ولأغراض مهمة ومتعددة، ونخص منها بالذكر كشوفات الحسابات، وكشوف الموجودات، والأوامر الداخلية والخارجية المتعلقة بالتحويلات والصرف والبيانات المالية، إذ يجب على البنك القيام بهذه العمليات بسرعة كبيرة ومصداقية عالية، إذ أن هذه الشروط لا يمكن تحقيقها إلا بمساعدة نظام معلوماتي كامل وفعال، ويمكن تصنيف هذه المعلومات الأساسية إلى ثلاثة أنواع:
المعلومات التي تساعد على مهام المراقبة التي تتعلق بحماية البنك ومصالح الغير.
المعلومات المتصلة بتسيير البنك والتي هي عبارة عن جداول تحليلية لقيادة البنك وتسيير مصالحه.
المعلومات المالية والبيانات المحاسبية الدورية المرسلة إلى السلطات المالية وهيئت مراقبة البنوك والسوق المالية.

الفقرة الرابعة: فعالية قنوات الاتصال وإصدار المعلومات

تعتبر قنوات الاتصال تلك المساطر والتقنيات الموجودة التي تمكن المؤسسات الاقتصادية وخصوصا مؤسسات الائتمان من تبادل المعلومات والقيم والمستندات بصفة سليمة وآمنة وبالسرعة الكافية.
ووعيا منها لأهمية قنوات الاتصال بادرت البنوك إلى وضع أنظمة متطورة بالنسبة لما هو معهود في المؤسسات الأخرى قصد ضبط قنوات الاتصال والتحكم في تبادل المعلومات المحاطة بالسرية وتبادل القيم والمستندات.
ولتحقيق هذا الهدف وضعت البنوك مساطر دقيقة للتحكم في تبادل القيم والمستندات المحاسبية وكل وسائل الاتصال من مكالمات هاتفية وفاكس وبريد عادي أو مضمون أو رسائل الكترونية[21].

المطلب الثاني: تدرج نظم المراقبة الداخلية

حسب دورية والي بنك المغرب رقم 6 المؤرخة في 13 فبراير 2001 المتعلقة بالمراقبة الداخلية للعناصر الأساسية التي تكون نظام المراقبة الداخلية، ينقسم نظام المراقبة الداخلية إلى أربع مستويات وهي على الشكل التالي:

الفقرة الأولى: المستوى الرابع من المراقبة الداخلية

يعتبر هذا المستوى رأس هرم، إذ يتولى تتبع وقيادة نظام المراقبة الداخلية على كل المستويات، والسهر المتواصل والمستمر على جودة معالجة العمليات ومراقبتها للتحكم في المخاطر التي تهدد الأبناك. ان تنشيط وقيادة نظام المراقبة الداخلية يستدعي:
تقييم فعالية مقتضيات المراقبة الداخلية برؤية مركزة على تدبير المخاطر وإرادة قوية لتزويد كل المصالح بالتوصيات والنصائح اللازمة.
الإشراف وتتبع كل المراقبات المتعلقة بمهام المطابقة والتدقيق والتنسيف بين البرامج الجهوية المختلفة والبرامج المركزية[22].

الفقرة الثانية: المستوى الثالث من المراقبة الداخلية

يتلخص المستوى الثالث من المراقبة الداخلية في كونه مجموعة من المهام التي تهدف إلى التحكم المركزي في المخاطر، كمجموعات متماثلة ومتجانسة ويسند قيادة هذا التحكم بالنسبة لكل مجموعة إلى إطار متخصص في الميدان المعني. وحسب دورية والي بنك المغرب، هناك خمسة مجموعات من المخاطر:
مجموعات المخاطر المتعلقة بالقروض وهي مسندة إلى مديرية القروض.
مجموعات المخاطر المالية والمحاسبة وهي مسندة إلى مديرية الشؤون المالية والمحاسبية.
مجموعات المخاطر المتعلقة بالمعلوميات ووسائل الاتصال الحديثة
مجموعات المخاطر المتعلقة بالقانون.
مجموعات المخاطر المختلفة.

الفقرة الثالثة: المستوى الثاني من المراقبة الداخلية

تسمى هذه الدرجة الثانية من المراقبة الداخلية المراقبة الجهوية أو اللامركزية، حيث تشرف عليها مديرية جهوية، إذ تتميز بكونها مراقبة خارجية عن الوحدة التي قامت بالعملية.
ومن مهام هذه الوحدات الجهوية للمراقبة المكونة للمستوى الثاني من المراقبة الداخلية نذكر:
التأكد من مطابقة العمليات المنفذة للقواعد المنصوص عليها حسب برنامج ملائم لضمان مراقبة مستمرة.
مراقبة انتظام ومشروعية العمليات المنجزة.
مراقبة تطبيق المساطر المتعلقة بسلامة الأشخاص والقيم وكل الموجودات.

الفقرة الرابعة: المستوى الأول من المراقبة الداخلية

يتجلى المستوى الأول من المراقبة الداخلية في المراقبة الابتدائية التي تتم في أي وكالة بنكية تنجز العمليات مع الزبون ويتكون هذا المستوى من أربعة أشكال من المراقبة وهي:

المراقبة الذاتية
تمكن المراقبة الذاتية من التأكد المستمر من تطبيق المقتضيات المتعلقة بالإنجاز العادي للعمليات، ويثبت العون الذي نجز العملية التأكد من صحتها وتطبيقه السليم بإمضاءه المستند المحاسبي أو الوثيقة أو الوصل الذي استعمل كدعامة للعملية.

المراقبة المتبادلة
تتم هذه المراقبة بين الأعوان في المؤسسات البنكية، وخصوصا في الوكالات تتجلى هذه المراقبة في مراجعة العمليات التي قام بها البنكي من طرف زميل له وذلك للتطويق النسبي للأخطاء غير المعتمدة والاختلاسات.

المراقبة التراتبية
يتولى هذه المراقبة المسؤول الأول عن الوكالة البنكية وذلك بعد توقيع العون المحاسب أو رئيس مصلحة الصندوق، وتكمن أهمية هذه المراقبة في التأكد من التطبيق الجيد والسليم للمراقبتين السالفتين ومن احترام التعليمات إذ تتميز هذه المراقبة بكونها بعدية تهدف إلى استدراك الأخطاء العادية التي قد تقع وذلك قبل المصادقة النهائية وتسجيلها في النظام المعلوماتي للمؤسسات البنكية[23].

المراقبة الآلية
تعتبر المراقبة الآلية عبارة عن مراقبات مضمرة في البرامج المعلوماتية لضمان تماسك عناصر معطيات العملية، إذ يرفض إثر هذه المراقبة الأوتوماتيكية تسجيل كل عملية لا تتوفر على الشروط المبرمجة حسب خصوصياتها.

فإن لم تمنع هذه المراقبة الآلية الأخطاء ومحاولات الاختلاس، فهي تساهم مع المراقبات الأخرى في الحد منها ، كما توفر عدة مراقبات مثل: التعرف السريع والمؤكد عن من قام بالعملية ومتى (…).
وبالتالي فإن المستوى الأول من المراقبة الداخلية يتسم بالاستمرارية والشمولية وهي أساس الوقاية، لان كل المستويات الأخرى من المراقبة الداخلية لا تتدخل إلا في المراحل اللاحقة.

وتأتي مباشرة بعد المستوى الأولى من المراقبة، المراقبة الجهوية أي القريبة من الناحية الجغرافية والتي تسمى بالمراقبة من المستوى الثاني أو الدرجة الثانية، وتسمى كذلك بمراقبة المراقبة، لان مهمتها الأساسية هي التأكد من التطبيق الصحيح والسليم لمقتضيات وترتيبات الدرجة الأولى من المراقبة[24].

خاتمة

إن الثابت في المجال المصرفي أنه لابد من تنظيم المهنة على اعتبار حجم المخاطر الكبير والمتزايد الذي يطبع عمل البنوك من جهة، وضرورة حماية حقوق المودعين والمساهمين، وحفظ سلامة ومصداقية النظام المصرفي ككل، وان أجمل هدية يمكن أن يقدمها بنك مركزي لبلده ولاقتصاده على المستوى المالي، هو السهر على استقرار الأثمان والحد من التضخم المالي، وذلك بفضل الاستقلال الحقيق والتام، الذي يسمح بالتحكم في السياسة النقدية بعيدا عن كل الاعتبارات الأخرى، أما على المستوى التقني فالفضل يرجع لمنهجية بنك المغرب المبنية على مقاربة متعددة المعايير، وعلى التشخيص المبكر للمخاطر المرتبطة بالتضخم المالي وكل مؤشراته.

لائحة المراجع

الكتب
محمد الفروجي: العقود البنكية بين مدونة التجارة والقانون البنكي- مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء الطبعة2 يناير 2001.

الرسائل
سعيد العمري: تدبير المخاطر والمراقبة الداخلية بين القوانين الائتمانية والممارسة البنكية، رسالة لنيل الدبلوم العالي للجامعة، ” المهن القضائية والقانونية”، جامعة محمد الخامس السويسي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط، الموسم الجامعي 2008/2009.

المقالات:
سعيد بربر:” إشكالات تحقيق الضمانات البنكية، الندوة الرابعة للعمل القضائي والبنكي، طبع ونشر وتوزيع مكتبة دار السلام، الطبعة الأولى، 2004.
مناشير والي بنك المغرب
منشور والي بنك المغرب المتعلق بمعادل سيولة الأبناك، الصادر بتاريخ 13 غشت 2013.
منشور والي بنك المغرب المحدد للحد الأدنى لمعامل الملاءة، الصادر في تاريخ 31 دجنبر 2010.
منشور والي بنك المغرب المتعلق بمعدل سيولة الأبناك الصادر في تاريخ 13 غشت 2013.
منشور والي بنك المغرب المتعلق بالمعامل الأقصى لتوزيع المخاطر الصادر في تاريخ 19 أبريل 2012.
منشور والي بنك المغرب المتعلق بتصنيف الديون وتغطيتها بالمؤونات الصادر في 23 د جنبر 2002 بموجب منشور لوالي بنك المغرب في 9 دجنبر 2004.
منشور لوالي بنك المغرب المتعلق بالمراقبة الداخلية لمؤسسات الائتمان الصادر في 19 فبراير 2001، المعدل بالمنشور رقم 40007/G/2 المؤرخ في غشت 2007.

الفهرس

مقدمة:. 1
المبحث الأول: أنواع المخاطر والقواعد الإحترازية. 3
المطلب الأول: أنواع المخاطر البنكية.. 3
الفقرة لأولى: مخاطر القروض…. 3
الفقرة الثانية: مخاطر السوق.. 3
الفقرة الثالثة: مخاطر أسعار الفائدة 4
الفقرة الرابعة: أسعار الصرف.. 4
الفقرة الخامسة: مخاطر الملاءة ومخاطر السيولة ومخاطر الأداء. 5
الفقرة السادسة: مخاطر العمليات والمحاسبات.. 5
الفقرة السابعة: مخاطر الذمة المالية والمادية. 5
الفقرة الثامنة: مخاطر الضمانات.. 6
المطلب الثاني: القواعد الاحترازية المفروضة على البنوك.. 6
الفقرة الأولى: معامل السيولة. 6
الفقرة الثانية: معامل الملاءة 7
الفقرة الثالثة: قاعدة توزيع الأخطار البنكية. 8
الفقرة الرابعة: تصنيف الديون المتعلقة الأداء وتغطيتها بالمؤونات.. 9
المبحث الثاني: نظام المراقبة الداخلية. 10
المطلب الأول: مبادئ نظام المراقبة الداخلية. 10
الفقرة الأولى: مراجعة العمليات والمساطر الداخلية. 10
الفقرة الثانية: التحكم في المخاطر وقياس التحكم. 11
الفقرة الثالثة: اعتمادية شروط تحصيل المعلومات واستغلالها 12
الفقرة الرابعة: فعالية قنوات الاتصال وإصدار المعلومات.. 12
المطلب الثاني: تدرج نظم المراقبة الداخلية.. 13
الفقرة الأولى: المستوى الرابع من المراقبة الداخلية. 13
الفقرة الثانية: المستوى الثالث من المراقبة الداخلية. 14
الفقرة الثالثة: المستوى الثاني من المراقبة الداخلية. 14
الفقرة الرابعة: المستوى الأول من المراقبة الداخلية. 14
خاتمة. 17
لائحة المراجع. 18
الفهرس.. 20

الهوامش
[1] – سعيد العماري: تدبير المخاطر والمراقبة الداخلية بين القوانين الائتمانية والممارسة البنكية، رسالة لنيل الدبلوم العالي للجامعة، ” المهن القضائية والقانونية”، جامعة محمد الخامس السويسي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط، الموسم الجامعي 2008/2009، ص 121.
[2]- سعيد العماري: تدبير المخاطر والمراقبة الداخلية بين القوانين الائتمانية والممارسة البنكية، مرجع سابق ص 126.
[3]- نفس المرجع السبق. ص129.
[4] – نفس المرجع السابق ص132
[5] – سعيد بريال:” إشكالات تحقيق الضمانات البنكية، الندوة الرابعة للعمل القضائي والبنكي، طبع ونشر وتوزيع مكتبة دار السلام، الطبعة الأولى، 2004 ص 301.
[6] – لتفادي مخاطر الذمة المالية والمادية يتم اتخاذ تدابير أمنية وإجراء عقود تأمين للتعويض عن الضرر اللاحق.
[7] – المادة الأولى من منشور والي بنك المغرب المتعلق بمعدل سيولة الأبناك الصادر بتاريخ 13 غشت 2013.
[8] – محمد لفروجي: العقود البنكية بين مدونة التجارة والقانون البنكي- مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء الطبعة الثانية يناير 2001. ص 406.
[9] – المادة الثانية من منشور والي بنك المغرب المتعلق بمعدل سيولة الأبناك الصادر في 13 غشت 2013.
[10] – المادة التاسعة من منشور والي بنك المغرب المتعلق بمعدل سيولة الأبناك الصادر في 13 غشت 2013.
[11] – سعيد العماري، مرجع سابق ص 59.
[12] – منشور والي بنك المغرب الصادر بتاريخ 31 دجنبر 2010 المحد د في الحد الأدنى لمعامل أعلاه.
[13] – محمد لفروجي، مرجع سابق ص 408.
[14] – محمد لفروجي. نفس المرجع السبق. ص408.
[15] – المادة الثانية من منشور والي بنك المغرب الصادر في 19 ابريل 2012 المتعلق بالمعامل الأقصى لتوزيع المخاطر.
[16] -Pré douteux
[17] -douteux
[18] -compromis.
[19] – والذي تم تعديله بموجب منشور لوالي بتنك المغرب في 9 دجنبر 2004.
[20] – سعيد العماري، مرجع سابق. ص76.
[21] – سعيد العمري: مرجع سابق، ص 79.
[22] -سعيد العمري: مرجع سابق، ص 96.
[23] – سعيد العمري: مرجع سابق ص 104.
[24] – سعيد العمري: مرجع سابق ص 116.