الشرف و القانون

الشرف قيمة وفضيلة تربطها المجتمعات بالإنسان الملتزم الصادق القادر على العطاء دون انتظار مقابل مادي لإيمانه بأهمية ممارسة حقه في المواطنة

باحترام حقوق الآخرين والتمسك بما له بعد أداء التزاماته بأمانة وتفاني ، هذه القيمة هي التي دفعت صانع القرار في قطاع التعليم العالي

.يحرص على ضمان استمرار عطاء من بلغ سن التقاعد من الأساتذة الأكاديميين والبحاث ، لأنهم من الطاقات الفاعلة التي تزدهر

ويزيد عطائها وإبداعها بتقدمها في السن على افتراض أن الخبرة العملية التي تقترن بالخبرة النظرية سيكون لها أكبر الأثر في زيادة المخزون

الثقافي والعلمي والعملي لدي هذا المفكر ، وهو افتراض يقبل إثبات العكس ، في حال من أصيب الإنسان بمرض عقلي أو نفسي أقعده

وجعله غير قادر على الاضطلاع بدوره ، ومن في حكم هؤلاء ممن يفنون حياتهم لا في البحث العلمي بل في البحث عن الحياة ومتعها

ويتمعتون بصفة عضو هيئة التدريس بحكم كونهم أساتذة جامعيون وهم من فئة السلبيون الذين ، يدمرون من حولهم ولا يمانعون

في خلق أجيال أكثر سلبية ونكران منهم ، حيث أوقعهم حظهم العاثر في طريق هذا الإنسان الأجوف الذي تسبب في إفشال

البرامج التعليمية ، لأن ما يملكه أساتذتهم شهادة علقت على الحائط خاوية المعنى والمضمون.
أما النموذج الأغرب الذي يصدم أمثالنا أولئك الذين لا يتوانون عن الكيد لزملائهم أو لغيرهم ممن تقلدوا مناصب ولا يترددون في نشر الشائعات وكتابة التقارير

المغرضة أو الاستهزاء والسخرية بهم أمام طلابهم وزملائهم الآخرين السلبيين الذين يخشون ألسنتهم وتعرضهم للإساءة من قبلهم أن انتقدوهم فينافقونهم ويجاملونهم .
ولا ننسى أن نحمل السياسات التعليمية غير الرصينة على مر الزمن في الوصول إلى هذا المنحدر لأنها سمحت بتخريج أمثال هؤلاء ومكنتهم من التدريس

بل وأحيانا من إدارة مؤسسات وصنع قرارات كان لها أثار سلبية على المجتمع بأكمله .
ومعلوم لدينا أن التعليم من القطاعات التي تمس الهيئة الاجتماعية بأكملها وأن إفساده لا يهدده فحسب ؛ بل ويلحق مؤسسات الدولة كافة الإدارية والسياسية

والاقتصادية والصحية والبيئية وغيرها ، لأن مخرجاته ستذهب لأداء أداور لم تهيئ لها إلا شكلا أما من حيث المضمون فلا مجال للقول بأنهم أهلا له ،

ولم ندرك إن نتائجه الوخيمة هي المتسبب الأساسي لفشل برامج التنمية والخروج من دائرة التخلف الاجتماعي ، كما وأن التعليم التلقيني العام

لم يساهم في خلق كوادر فاعلة ونشيطة تستشعر ضرورة وأهمية ممارسة مواطنتها ، وزدنا الطين بله بمنح تراخيص لجامعات خاصة

لاتتوافر فها الشروط الموضوعية ولا الشكلية في معظمها إلا أن المجاملات والعلائق فاقت كل أحساس بخطورة هذا المخرج على المجتمع وهي جريمة يرتكبها

الأستاذ الجامعي الذي يساهم في عمل اللجان ذات العلاقة ويثق فيه المسئول ، وقد يعتقد البعض أن سياسة التجهيل هي ما نعتمده ، ليتساوى الجميع

وليتفشي الفساد الذي يخلق حالة من اللا توازن المجتمعي ، وهو تكلفة زهيدة لما يعرف باللاتنمية ، تحقق غايات أفراد غير أصحاء سياسيا

لا مواطنين منتمين صحيا للوطن دون ضغائن بعيدا عن الشخصنة والأنا المريضة ، من أجل الجميع والوطن الغالي الذي تناسي البعض

أن ما يحدث من خلل في البنية التعليمية سيكون مهددا لاستقراره السياسي مستقبلا ، وإلا لماذا يحرص المتنفيذين على إيفاد أبنائهم للخارج

فور حصولهم على شهادة التعليم الأساسي ” الثانوي ” بمبرر تشجيع المتميزين ، ونحن نعلم أن الحصول على نسبة مرتفعة خلال هذه المرحلة

ليس بمقايس إذا قيمنا ما يحدث خلال هذه المرحلة من غش ومن تسريب للأسئلة وجمعيها قرائن تشكك في صحة تقيمنا لمن تحصل على تقدير عالي ،

مع احترامنا لمن نال التقدير بجهده ومثابرته وصبره وهم قلة في هذا الزمن ، أن الكون الذي خلقه الله في سبعة أيام أقامه على كلمة ” أقرأ “

لأن القراءة هي سبيل المعرفة ، أما الشرف فمعني يجب أن يرتبط بالأستاذ المربي الذي يبتعد عن المهاترات ولا يسمح باقتباس حرف دون الإشارة

إلى مصدره لا أن يتجرأ على نقل بحثه من رسالة ماجستير لطالب ، وهذا الأخير يتعلم القص واللصق ولا يكبد نفسه عناء البحث وتعميق الفهم ،

أن الأمانة التي حملت السموات والأرض هي أشد وطأة على الأستاذ لا الذي يرتدي بدلة أنيقة أو يجامل الطلاب على حساب العطاء ،

بل ذلك الذي يخشي الله ويصدقه ظاهرا وباطنا ، الذي يؤمن أن مرتبة العلماء لا تكون بمجرد ترتيل الصفحات ونقلها بل فهمها

وتمحيصها وإفادة المجتمع بها وهو ما يجعله أهلا لنيل كرسي الأستاذية الذي يجب أن تمنح بشروط خاصة ، لا لا أولئك الذين يتمكنون من نيل

ترقياتهم بسهولة في جامعات عامة أو خاصة تتخذ من العلائق ” والحشمة ” معيارا للتقييم ، بعيدا عن النزاهة والموضوعية …

وعذرا إذا كان الصدق والشفافية سببا لان نتهم بالخيانة .

د. فائزة الباشا

اعادة نشر بواسطة محاماة نت

الشرف القانون