مقالة قانونية تشرح مدة الرقابة القضائية و نهايتها حسب القانون الجزائري

مقال حول: مقالة قانونية تشرح مدة الرقابة القضائية و نهايتها حسب القانون الجزائري

مدة الرقابة القضائية و نهايتها في القانون الجزائري
شرح مدة الرقابة القضائية و نهايتها

مدة الرقابة القضائية
إنتهاء الرقابة القضائية
المادة 125 مكرر3 من ق إ ج(تدخل الرقابة القضائية حيز التطبيق ابتداء من التاريخ المحدد في القرار الصادر عن جهة التحقيق, و تنتهي بإجراء قضائي بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى و في حالة إحالة المتهم أمام جهة الحكم, تبقى الرقابة القضائية قائمة إلى أن ترفعه الجهة القضائية المعنية.
و في حالة ما إذا أجلت الحكم في القضية إلى جلسة أخرى أو أمرت بتكملة التحقيق يمكن هذه الأخيرة إبقاء المتهم أو الأمر بوضعه تحت الرقابة القضائية)

فعلى ضوء هذا النص, سندرس أولا مدة الرقابة القضائية, و ثانيا انتهائها.

مدة الرقابة القضائية :
من خلال أحكام المادة 125 مكرر3 السالفة الذكر, و بالخصوص ما جاء في فقرتها الأولى التي نصت على أنه: ” تدخل الرقابة القضائية حيز التطبيق ابتداء من التاريخ المحدد في القرار الصادر عن جهة التحقيق..”.

فإنه يتبين لنا أن المشرع الجزائري لم يضع مدة محددة لإجراء الرقابة القضائية, و إنما اكتفى بالنص على كونها تسرى من التاريخ المحدد في الأمر الصادر عن قاضي التحقيق.

و عمليا فإن هذا الأمر يبلغ شفاهة للمتهم من طرف قاضي التحقيق حيث يفترض أن يكون المتهم ماثلا أمامه سواء بواسطة استدعاء أو بموجب أمر ضبط و إحضار.

ومبدئيا تدوم الرقابة القضائية مدة سير التحقيق, فيمكن لقاضي التحقيق رفعها تلقائيا أو بطلب من وكيل الجمهورية أو بطلب من المتهم بعد استشارة هذا الأخير وفقا لأحكام المادة 125 مكرر2 من قانون الإجراءات الجزائية, غير أنه يمكن أن تستمر في حالة إحالة المتهم أمام جهة الحكم إلى غاية رفعها من قبل هذه الأخيرة.

كذلك في حالة تأجيل الحكم في القضية أو إذا أمرت جهة الحكم بإجراء تحقيق تكميلي فإنه يمكن لهذه الأخيرة إما إبقاء المتهم أو وضعه تحت الرقابة القضائية طبقا للفقرة الثانية من المادة 125 مكرر3 من قانون الإجراءات الجزائية.

و بالتالي نستخلص أن الرقابة القضائية تسري ابتداء من التاريخ الوارد في الأمر بالوضع الصادر عن قاضي التحقيق إلى غاية مثول المتهم أمام جهة الحكم.

إذا لم يقم برفعها قاضي التحقيق يرجع ذلك إلى جهة الحكم التي لها إمكانية الأمر بوضع المتهم تحت الرقابة القضائية في حالة تأجيل الحكم في القضية إلى جلسة و الأمر بإجراء تحقيق تكميلي.

و تجدر الإشارة أن المشرع لم يغير من موقفه فيما يخص عدم تحديد مدة الرقابة القضائية عند تعديله لقانون الإجراءات الجزائية, إذ أجاز لقاضي التحقيق رفع الرقابة القضائية في أي وقت سواء من تلقاء نفسه أو بطلب من وكيل الجمهورية أو بطلب من المتهم, وهذا ما يدفع بنا إلى القول أن المشرع تعمد ذلك على خلاف ما هو عليه الحال في الحبس المؤقت, بغية عدم تقييد قاضي التحقيق بمهلة معينة قد تؤدي لو فرضت عليه في آخر المطاف إلى عرقلة حسن سير التحقيق.

إنتهاء الرقابة القضائية :
من خلال الأحكام الواردة في المادتين 123 و 125 مكرر3 من قانون الإجراءات الجزائية, يتبين لنا أن الرقابة القضائية تنتهي إما بصدور أمر بانتفاء وجه الدعوى أو برفعها من قبل جهة الحكم, أو باستبدالها بالحبس المؤقت, إلا أن الحال لم يكن كذلك في ظل القانون رقم 86-05 الذي نص في المادتين 125 مكرر1 و 125 مكرر3 منه على انتهاء الرقابة القضائية برفع اليد عنها أو استبدالها بالحبس المؤقت.
و عليه فإننا سنتطرق إلى انتهاء الرقابة القضائية في ظل القانونين رقم 86-05 و القانون رقـم 90-24.

1– في ظل القانون رقم 86-05 :
كما سبق الإشارة إليه, فإن القانون رقم 86-05 في أحكامه لم يحدد أية مدة للرقابة القضائية, حيث يمكن أن تستمر خلال إجراءات التحقيق إذا استدعت الضرورة ذلك وفقا لما ورد في المادة 125 مكرر2 من القانون السالف الذكر التي نصت على أنه:” لا يؤمر بالرقابة القضائية إلا لضرورة التحقيق…”.

غير أنه بالرجوع لأحكام المادة 125 مكرر1 و المادة 125 مكرر3 من هذا القانون, يتبين لنا أن الرقابة القضائية تنتهي إما برفع اليد أو استبدالها بالحبس المؤقت.
أ– رفع اليد عن الرقابة القضائية :
طبقا لنص المادة 125 مكرر1 من القانون رقم 86-05, فإن الرقابة القضائية تنتهي بموجب أمر برفع اليد عنها الصادر من قاضي التحقيق, في أي وقت من إجراءات التحقيق إما من تلقاء نفسه أو بناء على طلب من وكيل الجمهورية أو طلب من المتهم.

وبالتالي لقاضي التحقيق سلطة رفع اليد عن الرقابة القضائية إذا رأى أنها أصبحت غير ضرورية لحسن سير التحقيق, خاصة في حالة ما إذا أظهر المتهم جديته في تنفيذ الالتزامات المفروضة عليه أو أن الاستمرار في تنفيذها أصبح لا مفاد منه ولا يؤدي الغرض.

و إلى جانب حالة رفع اليد عن الرقابة القضائية من قبل قاضي التحقيق تلقائيا, فإن المادة المذكورة أعلاه تسمح برفع اليد عن الرقابة القضائية بناء على طلب من وكيل الجمهورية أو المتهم, لكن ما نلاحظه أن هذه المادة لم تنص على أجل لتقديم طلب رفع اليد و لا على أجل محدد لفصل قاضي التحقيق في هذا الطلب .

كذلك نلاحظ أن المشرع اغفل عن وضع نص صريح في حالة رفض قاضي التحقيق الاستجابة لطلب وكيل الجمهورية أو المتهم الرامي إلى رفع اليد عن الرقابة القضائية.

ب– إستبدال الرقابة القضائية بالحبس المؤقت :
نصت المادة 125 مكرر3 من القانون رقم 86-05 على أنه:” إذا تهرب المتهم عمدا من التزامات الرقابة القضائية, يجوز لقاضي التحقيق أن يصدر ضده أمرا قصد حبسه احتياطيا و ذلك طبقا لنص المادة 125.”

فطبقا لهذا النص تنتهي الرقابة القضائية إذا ما خالف المتهم عمدا الالتزامات التي حددها له قاضي التحقيق في الأمر بالوضع تحت الرقابة القضائية, ففي هذه الحالة يجوز لهذا الأخير وضع المتهم رهن الحبس المؤقت كجزاء مخالفته للالتزامات المفروضة عليه.

ونظرا للنقائص الواردة في القانون رقم 86-05 فيما يخص أحكام الرقابة القضائية, فإن المشرع قام بتعديله بموجب القانون رقم 90-24 حيث جاء بالمادة 125 مكرر3 فيما يتعلق بانتهاء الرقابة القضائية, وهذا ما سنتناوله فيما يلي:

2– في ظل القانون رقم 90-24 :
تنص المادة 125 مكرر3 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه: “………و تنتهي بإجراء قضائي بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى و في حالة إحالة المتهم أمام جهة الحكم تبقى الرقابة القضائية قائمة إلى أن ترفعه الجهة القضائية المعينة…….”.
فمن خلال هذه المادة يتضح أن الرقابة القضائية تنتهي إما بصدور أمر بانتقاء وجه الدعوى أو برفعها من قبل جهة الحكم المحال إليها المتهم.
كذلك بالرجوع إلى نص المادة 123 من قانون الإجراءات الجزائية فإن الرقابة القضائية قد تنتهي باستبدالها بالحبس المؤقت.

أ– صدور أمر بألا وجه للمتابعة :
تنتهي الرقابة القضائية وجوبا في حالة إصدار قاضي التحقيق أمر بانتفاء وجه الدعوى, حيث نصت المادة 125 مكرر 3 السالفة الذكر على أنه:”...و تنتهي بإجراء قضائي بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى…..”, فإذا امتثل المتهم أمام قاضي التحقيق مؤديا لالتزامات الرقابة القضائية المفروضة عليه و تبين من خلال إجراءات التحقيق أن الوقائع لا تشكل جناية أو جنحة أو مخالفة يعاقب عليها القانون أو في حالة عدم توصل قاضي التحقيق إلى وجود دلائل كافية و متماسكة أو أن مرتكب الجريمة بقي مجهول أو أن ركن من أركان الجريمة لم يتوفر أو وجد سبب من أسباب الإباحة فإن قاضي التحقيق ليس له إلا إصدار أمر بانتفاء وجه الدعوى وهذا الإجراء يضع حدا لمفعول الرقابة القضائية نظرا لعدم وجود أي سبب للاستمرار فيها.

ب– رفع اليد من قبل جهة الحكم :
نصت المادة 125 مكرر3 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه: “…. تبقى الرقابة القضائية قائمة إلى أن ترفعه الجهة القضائية المعنية………. “و عليه يمكن لجهة الحكم رفع الرقابة القضائية عن المتهم المحال أمامها لمحاكمته, و بعبارة أخرى يمكن لجهة الحكم أن تبقى المتهم تحت الرقابة القضائية و يستمر في تطبيقها إلى غاية رفعها في الوقت الذي تراه مناسبا.

غير أن التساؤل الذي يثور في هذه الحالة, يتمثل فيما إذا كان أمر الإحالة على محكمة الجنح أو إرسال مستندات القضية إلى النائب العام يضع حدا لأمر الوضع تحت الرقابة القضائية الصادر عن قاضي التحقيق؟
فطبقا لما ورد في الفقرة الأولى من المادة 125 مكرر3 السالفة الذكر, فإنها تبقى قائمة إلى غاية رفعها من قبل جهة الحكم, و يفهم من ذلك أنه في حالة وضع المتهم تحت الرقابة القضائية بموجب أمر من قاضي التحقيق و لم يقم هذا الأخير برفعها, فإنها تبقى قائمة إلى غاية مثول المتهم أمام جهة الحكم و رفعها من قبل هذه الأخيرة, و بالتالي تستنتج أن أمر الإحالة على محكمة الجنح أو إرسال مستندات القضية إلى النائب العام لا ينهي الرقابة القضائية.

كذلك في حالة صدور حكم يقضي ببراءة المتهم الموجود تحت الرقابة القضائية أو بإعفائه من العقوبة أو الحكم عليه بالحبس مع وقف التنفيذ أو بالغرامة دون أن ترفعها جهة الحكم, فهل يعد ذلك الحكم كافيا لوضع حدا لهذه الرقابة؟ و في حالة الطعن بالاستئناف أو بالنقض في هذا الحكم فهل تبقى قائمة بفعل الأثر الموقف للاستئناف إلى غاية الفصل في ذلك الطعن ؟

بتمعن نصوص قانون الإجراءات الجزائية نجد أنه لم يتضمن جوابا صريحا لهذا التساؤل و يعد ذلك إغفالا من المشرع لابد من تداركه في المستقبل, ورغم أنه أشار فيما يخص الحبس المؤقت في المادة 365 من نفس القانون على أنه:” يخلى سبيل المتهم المحبوس مؤقتا فور صدور الحكم ببراءته أو بإعفائه من العقوبة أو الحكم عليه بالحبس مع إيقاف التنفيذ أو بالغرامة و ذلك رغم الاستئناف ما لم يكن محبوسا لسبب آخر”, إلا أنه لا يجوز القياس على أحكام هذه المادة للقول أن الرقابة القضائية تنتهي فور صدور الحكم الذي يقضي بالبراءة أو بإعفائه من العقوبة أو الحكم عليه بالحبس مع وقف التنفيذ أو بالغرامة, لأن القياس غير جائز في المواد الجزائية, بالإضافة إلى أن المادة 425 من نفس القانون التي تنص على أنه: ” يوقف تنفيذ الحكم أثناء مهل الاستئناف و أثناء دعوى الاستئناف مع مراعاة أحكام المواد………و 365 و…..” استثنت من قاعدة الأثر الموقف للاستئناف ما ورد بالمادة 365 على سبيل الحصر.

وعدم ذكر الرقابة القضائية في المادتين 365 و 425 من قانون الإجراءات الجزائية حسب الدكتور أحسن بوسقيعة يعود إلى سهو نتيجة تسرعه في إعداد القوانين, حيث أن هذا الأخير أحدث نظام الرقابة القضائية اثر تعديل قانون الإجراءات الجزائية بموجب القانون رقـــم 86- 05 وذلك بإضافة المواد 125 مكرر و 125 مكرر1 و 125 مكرر2 و 125 مكر 3, دون تعديل المادتين 365 و425 من نفس القانون بالنص عليها إلى جانب الحبس المؤقت, و ما يلاحظ في هذا الصدد أن المشرع لم يتدارك هذا الإغفال في التعديل الوارد بموجب القانون رقم 01-08.

و ما تجدر الإشارة إليه, أنه نظرا لعدم وجود نص صريح يفصل في مسألة عدم رفع الرقابة القضائية من قبل جهة الحكم في حالة قضائها ببراءة المتهم أو بإعفائه من العقوبة أو الحكم عليه بالحبس مع وقف التنفيذ أو بالغرامة, فإن بعض القضاة أخذوا باجتهاد المحكمة العليا, حيث صدر قرار بتاريخ جاء فيه أنه يستفاد من المادة 125 مكرر 3 من قانون الإجراءات الجزائية أنه تبقى الرقابة القضائية قائمة إلى أن تفصل بغير ذلك الجهة القضائية المحالة عليها الدعوى, و لما تبين من القرار المطعون فيه بالنقض أن محكمة الجنايات لما فصلت في الدعوى بإدانة المتهم بعقوبة سنتين مع وقف التنفيذ, فإن هذا ينهي تلقائيا الرقابة و يعد الحكم سندا في تنفيذ رفع الرقابة القضائية, و بالتالي فإن القرار المطعون فيه كان صائبا فيما قضى.

ج– استبدال الرقابة القضائية بالحبس المؤقت :

تنتهي الرقابة القضائية بوضع المتهم رهن الحبس المؤقت في حالة ما خالف هذا الأخير عمدا التزامات المفروضة عليه, و هذا ما يمكن استخلاصه من المادة 123 من قانون الإجراءات الجزائية التي نصت على أنه: “…..لا يمكن أن يؤمر بالحبس المؤقت أو أن يبقي عليه إلا إذا كانت التزامات الرقابة القضائية غير كافية في الحالات الآتية:…..
– عندما يخالف المتهم من تلقاء نفسه الواجبات المترتبة على إجراءات الرقابة القضائية المحددة لها”

و ما نلاحظه أن المشرع أبقى استبدال الرقابة القضائية بالحبس المؤقت رغم التعديلات التي عرفها قانون الإجراءات الجزائية, حيث حافظ على هذا الإجراء الذي أقرته المادة 125 مكرر 3 من القانون رقم 86-05, لكن أورد في المواد التي تنظم الرقابة القضائية بينما المادة 123 من قانون الإجراءات الجزائية جاءت ضمن المواد المنظمة للحبس المؤقت.

و من خلال ما سبق ذكره, يتبين لنا أن هناك نقص في الأحكام المتعلقة بانتهاء الرقابة القضائية خاصة في ظل القانون رقم 86-05, لذا جاء تعديله بموجب القانون رقم 90-24 , إلا أن هذا الأخير لم يتدارك كل النقائص التي تشوب هذه الأحكام لذا يتعين تعديلها بما يتماشى مع المنطق.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.