لجنة المراجعة في شركات المساهمة بين النص والتطبيق وفق نظام الشركات الجديد
حسام صلاح الحجيلان

تضمن نظام الشركات الجديد لعام 1437هـ/2015م من بين مواده المنظمة للشركات المساهمة، ما أسماه «لجنة المراجعة Audit Committee» وذلك بالفصل الرابع من الباب الخامس في المواد من (100 : 104)، ولقد حظيت هذه اللجنة في وقتنا الراهن بالكثير من الاهتمام فيما يتعلق بشركات المساهمة، ويأتي هذا الاهتمام من خلال تفعيل هذه اللجنة كأداة من أدوات الحوكمة، وعنصر أساسي لآلياتها،

وذلك للتأكد من الرقابة الداخلية الفعالة داخل الشركات المساهمة، وجودة القوائم والتقارير المالية، وتقييم المخاطر .. وغيرها.

وهناك تزايد ملحوظ عالمي نحو الاتجاه للاعتماد على لجنة المراجعة، وهي عبارة عن مجموعة فرعية من غير أعضاء مجلس الإدارة التنفيذيين سواء من المساهمين أو من غيرهم، ولكن هذا لا يعني أن تحل هذه اللجنة محل الجهات المسئولة عن إعداد التقارير المالية، أو إجراء المراجعات، وإنما عملها هو امتداد لعمل مجلس الإدارة.

والملاحظة الجديرة بالاهتمام أنه وفق نصوص هذا النظام، لأول مرة يتم النص على هذه اللجنة، وإن كان قد سبق النص عليها وفق القرار الوزاري رقم (903) وتاريخ: 12/08/ 1414هـ، ولكن قد واجه تفعيلها مشكلات وصعوبات، أدت إلى تشكيل فريق عمل لدراستها وتقييمها، وقد انتهى بالتوصية إلى إعادة النظر في القواعد المنظمة لها.

– ماهية لجنة المراجعة وأهميتها:

هي لجنة يتم تعيين أعضائها عن طريق الشركة من غير أعضاء مجلس الإدارة التنفيذيين سواء من المساهمين أو من غيرهم، وتعد قناة اتصال بين مجلس الإدارة والمراجع الخارجي، ولها دور رقابي على جميع عملياتها، وذلك لتقديم رؤية عن مدى تحقيق حوكمة الشركات.

أما فيما يتعلق بأهمية هذه اللجنة ودورها، فمن خلال تكوينها من عدد من غير أعضاء مجلس الإدارة التنفيذيين سواء من المساهمين أو من غيرهم، تتجلى أهميتها في أنها تقوم بمراجعة عمليات إعداد التقارير المالية وفحص عمليات المراجعة الداخلية والخارجية، ومراجعة الالتزام بالقواعد الأخلاقية وترتيبات الحوكمة، كما أنها أداة مفيدة في مراقبة أداء الشركة وتيسير نشاطها، يضاف لذلك أنها أداة رقابية بيد المساهمين على الإدارة، أي أنها تشكل أهمية لجميع الأطراف مثل مجلس إدارة الشركة والمراجع الخارجي والداخلي والمساهمين وأصحاب المصالح، إلا أنه يجب أن يراعى في أعضائها أن يكونوا ذوي معارف وخبرة جيدة في مجال المراجعة والمحاسبة المالية.

– النصوص المنظمة للجنة المراجعة:

الفصل الرابع: لجنة المراجعة

مادة (101): تشكل بقرار من الجمعية العامة العادية في شركات المساهمة لجنة مراجعة من غير أعضاء مجلس الإدارة التنفيذيين سواء من المساهمين أو من غيرهم، على ألا يقل عدد أعضائها ثلاثة ولا يزيد على خمسة، وأن تحدد في القرار مهمات اللجنة وضوابط عملها، ومكافآت أعضائها.

مادة (102): يشترط لصحة اجتماع لجنة المراجعة حضور أغلبية أعضائها، وتصدر قراراتها بأغلبية أصوات الحاضرين، وعند تساوي الأصوات يرجح الجانب الذي صوت معه رئيس الاجتماع.

مادة (103): تختص لجنة المراجعة بالمراقبة على أعمال الشركة، ولها في سبيل ذلك حق الاطلاع على سجلاتها ووثائقها وطلب أي إيضاح أو بيان من أعضاء مجلس الإدارة أو الإدارة التنفيذية، ويجوز لها أن تطلب من مجلس الإدارة دعوة الجمعية العامة للشركة إذا أعاق مجلس الإدارة عملها أو تعرضت الشركة لأضرار أو خسائر جسيمة.

مادة (104): على لجنة المراجعة النظر في القوائم المالية للشركة والتقارير والملحوظات التي يقدمها مراجع الحسابات، وإبداء مرئياتها حيالها إن وجدت، وعليها كذلك إعداد تقرير عن رأيها في شأن مدى كفاية نظام الرقابة الداخلية في الشركة وعما قامت به من أعمال أخرى تدخل في نطاق اختصاصها. وعلى مجلس الإدارة أن يودع نسخاً كافية من هذا التقرير في مركز الشركة الرئيسي قبل موعد انعقاد الجمعية العامة بعشرة أيام على الأقل، لتزويد كل من يرغب من المساهمين بنسخة منه. ويتلى التقرير أثناء انعقاد الجمعية.

– أسباب تزايد الاهتمام بلجنة المراجعة بالمملكة:

هناك العديد من أسباب تزايد الاهتمام بلجنة المراجعة بالعالم بصفة عامة والمملكة بصفة خاصة، يأتي على رأسها ضخامة المهام الملقاة على عاتق مجلس الإدارة وتنوعها، فكان لا بد من تشكيل بعض اللجان لمساعدته في تنفيذ مهامه.

وتعد لجنة المراجعة من أهم تلك اللجان التي تعمل على مساعدة مجلس الإدارة للقيام بعملية الرقابة والإشراف على عملية إعداد التقارير المالية، فضلا عن ذلك أدت الضغوط التي قد تمارسها إدارة الشركة على مراجع الحسابات إلى التأثير سلباً في استقلاله وحياده، وخاصة لأن الإدارة تملك سلطة تحديد أتعابه وسلطة عزله.

ومن ثم فإن من الأسباب الرئيسة لوجود لجنة المراجعة، هو المحافظة على استقلال مراجع الحسابات الخارجي، فهذه اللجنة تتكون من عدد من غير أعضاء مجلس الإدارة التنفيذيين، لكي تقوم بالعمل كهمزة وصل، للتنسيق بين عمل مراجع الحسابات الخارجي والإدارة بشكل يؤدي إلى عدم استقلال مراجع الحسابات وزيادة جودة عملية المراجعة، وزيادة فعالية نظم الرقابة الداخلية في الشركات.

يضاف لذلك العديد من الأسباب التي أدت إلى زيادة الاهتمام بموضوع لجنة المراجعة، نذكر منها: –

-الحاجة الملحة إلى تحسين الثقة والجودة في التقارير المالية، بهدف زيادة درجة الاعتماد عليها في اتخاذ القرارات المناسبة.

-حاجة أصحاب المصلحة في الشركات إلى آلية إدارية تسهم في ضبط ورقابة أداء الإدارة، وأن تكون اللجنة وكيلاً عنهم، خاصة بشأن الأمور المالية والرقابية.

-تزايد حالات الإخفاق المالي للعديد من الشركات، وتزايد حالات الغش والتلاعب بها، وزيادة رغبة هذه الشركات في تدعيم عملية الرقابة على أنشطتها، والتأكد من سلامة تطبيق المبادئ المحاسبية، وقواعد الحوكمة.

-زيادة الضغوط من جانب مستخدمي التقارير المالية على الشركات، لإظهار نتيجة أعمالها ومركزها المالي بصورة عادلة وسليمة.

-وجود تناقض بين مراجعي الحسابات الخارجيين، وبين إدارة الشركة، خاصة في مجال المحافظة على استقلال مراجع الحسابات، لإبداء الرأي في عدالة القوائم المالية، ومن ثم فإن وجودها في أي شركة يمثل حماية للمساهمين ويضمن تحقيق استقلال مراجع الحسابات.

– مقومات فاعلية لجنة المراجعة:

إذا أردنا أن يكون لهذه اللجنة دور كبير وهام فيما يتعلق بشركات المساهمة، فيمكن القول إن هناك مجموعة من القواعد المنظمة لتشكيل وعمل هذه اللجنة، وربما أن هذه القواعد مستقرة لدى العديد من المنظمات والهيئات العلمية والمهنية وبورصات الأوراق المالية في العديد من دول العالم.

فهذه القواعد بمثابة مقومات يجب توافرها، لكي تؤدي إلى تفعيل دور هذه اللجنة وتعاظمه، مما يؤدي إلى المساهمة بشكل فاعل وإيجابي في تحسين قدر الإشراف الرقابي في الشركات، ويمكن بيان بعض من هذه المقومات، وذلك على النحو الآتي:

أولاً: استقلال أعضاء لجنة المراجعة:

لا بد من ضرورة أن تقتصر عضوية لجان المراجعة على غير أعضاء مجلس الإدارة التنفيذيين (م 101 من النظام)، من ذوي القدرة على ممارسة المراقبة والتقدير والحكم بشكل مستقل عن الإدارة.

فمقدرة أعضاء لجنة المراجعة على تقييم موضوعية كل من جودة الإفصاح في القوائم المالية، ومدى مناسبة وملاءمة نظام الرقابة الداخلية في الشركات، تتأثر بدرجة الاستقلالية المتوافرة في هؤلاء الأعضاء (3/4/5)، كما أنها أقرب إلى الموضوعية عند تحليل النتائج المالية، وتقييم الأداء الإداري وأداء الشركة.

كما ينبغي لتحقيق الاستقلال الكافي للجنة، عدم قيام أعضائها بأي عمل من أعمال الإدارة التنفيذية.

هذا وقد وضعت إحدى اللجان الأمريكية تعريفاً محدداً للاستقلال بالنسبة للأعضاء الذين ينضمون إلى لجان المراجعة، حيث أوضحت أن أعضاء لجنة المراجعة يتم اعتبارهم مستقلين، إذا لم تكن لديهم أي علاقة بينهم وبين إدارة الشركة من شأنها التأثير عليهم في أداء واجباتهم، وتم وضع مجموعة من الأمثلة لهذه العلاقة منها ما يلي:

-ألا يكون أحد موظفي الشركة أو إحدى الشركات التابعة لها.

-ألا يحصل على أية مكافآت مالية من الشركة أو إحدى الشركات التابعة لها، بخلاف المكافأة التي يحصل عليها نتيجة عمله باللجنة.

-ألا يكون أحد أقاربه موظفاً تنفيذياً داخل الشركة أو إحدى الشركات التابعة.

-ألا يكون مديراً تنفيذياً في إحدى الشركات التي لها علاقات تجارية مع الشركة أو إحدى الشركات التابعة لها.

ونجد أنه في ظل الوضع السابق على هذا النظام لدينا بالمملكة، كانت هناك مجموعة من القواعد المنظمة لعمل لجان المراجعة في الشركات المساهمة تقضي بأن يكون أعضاء اللجنة مستقلين، ويعد العضو مستقلا إذا توافرت الشروط التالية:

-ألا يكون له مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في الأعمال والعقود التي تتم لحساب الشركة.

-ألا يكون له مصلحة مباشرة مع المدراء التنفيذيين في الشركة، وألا يكون قريباً لأي منهم حتى الدرجة الثانية.

-ألا يكون له مصلحة مباشرة مع زوجات المديرين التنفيذيين في الشركة، وألا يكون قريباً لأي منهن حتى الدرجة الثانية.

-ألا يكون له علاقة شخصية ذات شأن مع المديرين التنفيذيين في الشركة.

-ألا يشارك في عضوية لجنة المراجعة لأكثر من شركة واحدة، تمارس ذات النشاط، فضلاً عن ذلك ألا يكون من أعضاء مجلس الإدارة التنفيذيين في الشركة أو المنشأة التي تسيطر عليها ولو على سبيل الاستشارة، وألا يجمع إلى جانب عضويته في لجنة المراجعة عضوية لجنة أخرى منبثقة عن مجلس الإدارة.

ثانياً: تحديد دقيق لحقوق اللجنة وواجباتها:

يجب أن يتم تحديد حقوق اللجنة وواجباتها بصورة دقيقة وتفصيلية، لكي يمكن لها أن تقوم بأعمالها بفعالية كبيرة، ولكيلا يحدث تعارض أو تداخل بين عمل اللجنة وأعمال الأجهزة التنفيذية بالشركة.

حيث يكون لها الحق في الحصول على أي معلومات تحتاجها في عملية الإشراف والتقييم للسياسات المتبعة داخل الشركة، كما يجب أن يكون لها حق في مناقشة أي مواضيع تراها مهمة، وحق الاستعانة بمن تراه مناسبا من الأطراف الخارجية ذات الخبرة والمعارف بالمشاكل الفنية التي تواجهها اللجنة، وخاصةً الأمور القانونية التي يمكن أن تؤثر في عملية إعداد التقارير المالية، وفي سلامة الإفصاح عن المعلومات الواردة بها.

وفي المقابل لهذه الحقوق يجب على أعضاء اللجنة حضور اجتماعات اللجنة، والمشاركة الفعالة في أعمالها، والمحافظة على أسرارها، وعدم القيام بأي أعمال تنفيذية بها، والمحافظة على النزاهة والصدق والموضوعية، وعدم قبول أشياء ذات قيمة منها بشكل مباشر أو غير مباشر.

ثالثاً: الخبرة والمعرفة لدى أعضاء اللجنة:

من الأمور الهامة والمتفق عليها أن يتمتع أعضاء اللجنة بالخبرة والمعرفة والمهارة بقدر كبير يمكنهم من متابعة أنظمة الرقابة الداخلية، وتقييمها ومدى الالتزام بإجراءات هذه النظم.

بالإضافة إلى القدرة على فهم الأمور المحاسبية والإدارة المالية، وأن يكونوا على دراية كافية بإعداد التقارير المالية وبطبيعة نشاط الشركة أو المجال التي تعمل فيه, حيث إن تعقد الأدوات المالية الحالية، وتعقد هياكل رأس مال الشركات، وظهور صناعات جديدة والتطبيق الضروري للمعايير المحاسبية الدولية، كلها أمور توضح أهمية وجود أعضاء مؤهلين تشكل منهم اللجنة.

فالخبرة لدى أعضاء اللجنة تعد إحدى الأركان الهامة جداً، وذلك نظراً لأن العديد من المشاكل المحاسبية التي ينبغي على لجنة المراجعة حلها تعتمد على الحكم الشخصي، والذي مما لا شك فيه يتأثر بمستوى الخبرة المتوفرة لدى العضو في مجال المحاسبة والمراجعة.

ونجد أن قانون (Sanbanes – Oxley) بالولايات المتحدة الأمريكية، قد حدد ما يمكن أن نسميه شروط يجب توافرها في عضو لجنة المراجعة، منها على سبيل المثال:

1-أن يكون مراجعاً خارجياً، أو محاسباً سابقاً أو حاصلا ًعلى شهادة علمية في مجال المحاسبة والمراجعة.

2-لديه دراية كاملة بالمبادئ المحاسبية المتعارف عليها.

3-لديه خبرة في إجراءات عملية المراجعة التي يقوم بها المراجع الخارجي.

4-لديه دراية بطبيعة المسئوليات الملقاة على لجنة المراجعة.

وقد كان الوضع السابق لدينا بالمملكة قبل صدور هذا النظام، أن يشترط فيمن يعين عضواً باللجنة أن يكون لديه تأهيل علمي ملائم، وإلمام بالجوانب المالية والمحاسبية، وبطبيعة أعمال المنشأة، ويتعين أن يكون أحد أعضاء اللجنة حاصلاً على تأهيل كاف، وذلك كما يلي:

1-درجة الدكتوراه في المحاسبة أو ما يعادلها وخبرة عملية في مجال المحاسبة والمراجعة لا تقل عن سنتين تنخفض إلى سنة إذا حصل على زمالة الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين أو أي تأهيل مهني مماثل تعتمده الهيئة.

2-درجة الماجستير في المحاسبة أو ما يعادلها، وخبرة عملية في مجال المحاسبة والمراجعة لا تقل عن خمس سنوات تنخفض إلى ثلاث سنوات إذا حصل على زمالة الهيئة أو تأهيل مهني مماثل.

3-درجة البكالوريوس في المحاسبة أو ما يعادلها وخبرة في مجال المحاسبة والمراجعة لا تقل عن سبع سنوات تخفض إلى خمس سنوات إذا حصل على زمالة الهيئة أو تأهيل مهني مماثل.

وختاماً أود أن أقول إن هذا الموضوع يحتاج للكثير والكثير من المقالات والأبحاث المتخصصة، وبمشيئة الله تكون هناك مقالات أخرى في هذا الصدد.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت