الحماية الجنائية لأسرار الآخرين
ما من مؤسسة من مؤسسات المجتمع أو أفراده إلا وله خصوصيات وأسرار يحرص على عدم إطلاع الآخرين عليها، والشريعة الإسلامية حرصت على صيانة الحياة الخاصة للأفراد، والجماعات فقد جاء في الحديث: «إذا حدث الرجل بالحديث ثم التفت فهي أمانة»، وكذلك جاء الوعيد على إفشاء الخصوصيات كما في الحديث: «إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة يفضي الرجل إلى امرأته، وتفضي إليه ثم ينشر سرها»، إضافة إلى أن الشريعة هدرت من يسعى إلى كشف عورات الآخرين في بيوتهم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقؤوا عينه»، ولذلك ذهب جمهور أهل العلم إلى أن لا دية ولا قصاص في مثل هذه الحالات. والقوانين الوضعية جعلت الأسرار محل حماية جنائية، بحيث إنه لا يجوز الاطلاع عليها إلا لضرورة شرعية أو قانونية ومن اطلع عليها وجعلها عرضت إلى إطلاع الآخرين يعاقب بموجب القانون.

ومع ظهور شبكة المعلومات (الانترنت) أصبحت خصوصيات الأفراد والمؤسسات عرضة للكشف والاطلاع عليها من خلال اختراق المواقع الخاصة بالمؤسسات والشركات أو البريد الالكتروني للأفراد أو غيرها من أدوات التواصل الاجتماعي مما يستخدم في الهواتف الذكية.

وما سبق وصفة يعتبر من جرائم المعلومات التي نصت كافة القوانين على تجريمها وسنت العقوبات الرادعة لمثل هذا السلوك الإجرامي، فقد جاء في نظام الجرائم المعلوماتية السعودي الصادر في المرسوم الملكي رقم (م/‏17) وتاريخ: 8/‏3/‏1428، يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن سنة وبغرامة لا تزيد على خمسمائة ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين كل شخص يرتكب التنصت على ما هو مرسل عن طريق شبكة المعلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الآلي – دون مسوغ نظامي صحيح – أو حاول أو مارس الدخول غير المشروع على خصوصيات الآخرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو المساس بالحياة الخاصة لهم عن طريق إساءة استخدام الهواتف الذكية.

ومن تعرض إلى محاولة اختراق لجهازه الحاسوب أو هاتفه النقال عن طريق الروابط المبطنة برسائل أو برامج ونحوها وثبت لديه بعد اطلاع المختصين بالتقنية أو المختصين بصيانة الهواتف الذكية والحاسوب أن جهازه مخترق، فإن له أن يتقدم بالبلاغ عن طريق نظام أبشر، أو أقرب مركز شرطة في الحي الذي يقطنه، وإثبات مثل هذه الجرائم يكون بإرفاق تقرير فني من المهندس الذي قام بفحص جهازه أو صيانته ثم تصوير الرسالة التي وصلت له من المخترق لخصوصياته، شرط أن يكون البريد الالكتروني الذي وردت منه الرسالة ظاهرا في الصورة أو رقم الهاتف الذي راسله إذا كان الاختراق تم عن طريق برامج تواصل الهواتف الذكية، ثم الجهات المعنية تستكمل اللازم في مثل هذه الجرائم.

عبدالله قاسم العنزي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت