إثبات الزوجية من الناحية القانونية

بداية فان المقصود في هذا المقال هو الإثبات الشرعي للعلاقات الزوجية بين المسلمين و بالتالي فان وسائل إثباتها قانونا هو بالوسائل الشرعية الدينية المعتمدة حسب المذهب الذي يعتنقه طرفي العلاقة ان اتحدا مذهبا و إلا فبحسب الحلول التي وض1عها القانون في حالة اختلاف المذاهب و الأديان ففي بعض البلدان عند اختلاف المذهب يؤخذ بمذهب الزوج كأساس لحل النزاعات الأسرية الزوجية و في البعض الأخر ى يؤخذ بالمذهب الذي ينتمي إليه المأذون و في دول أخرى قد تأخذ بالرأي الفقهي الذي تراه انسب لحل النزاع دون التقييد برأي أو مذهب معين بل بما يرى القاضي انه أكثر تحقيقا للعدالة و انه يقدم الحلول الأنسب للنزاع بل قد تحال الدعوى للقضاء الأجنبي أي للدولة التي ينتمي إليها احد الخصوم أو كلاهما أو يتم القضاء في النزاع و لكن ليس بحسب المهب المعتمد في الدولة و إنما بحسب قانون الأحوال الشخصية للمتخاصمين – إن وجد – و إلا فبحسب المذهب المعتمد في دولتهم.

و كيف كان فإننا نرجع وسائل الإثبات العامة في ذلك كله و بصورة إجمالية إلى ما يلي:

1- الإثبات عن طريق المأذون الشرعي وهذا مما لا خلاف فيه و لا عليه .
2– الإثبات بالإقرار الشفهي أو الكتابي العرفي وبالإقرار أمام كاتب العدل حيث ينظم بذلك سندا رسميا و بالأخص الإقرار القضائي أي عند حضور الخصم و هو الطرف الآخر في الدعوى و يقر أمام القضاء بوجود الرابطة الزوجية .
3- الشهادة و هي شهادة الشهود إما على حضور مجلس العقد أي المجلس الذي حدث فيه الإيجاب و القبول أو الشهادة على أن الخصم قد اقر أمامهم بوجود العلاقة الزوجية بينه و بين الطرف الآخر في الخصومة

و كان الحال فيما مضى أكثر يسرا و سهولة فجلس العقد يكون متحدا أما الآن فقد يكون مجلس العقد غير متحد كما في الزواج عن طريق النت و عن طريق التلفون مما يجعل الشهادة عليه أكثر صعوبة و لكن يمكن الاعتداد بالمحادثة الكتابة التي لها دعامة الكترونية و التسجيل بشروط ثبوت نسبتها إلى أطراف الخصومة

و لإضافة بعض التفاصيل المهمة نقول :في المذهب الجعفري يكفي لإثبات الزوجية أن يتصادق الطرفان على وقوعها أي يعترفان أمام القضاء بوجودها و هذا كاف متى كان الطرفان بالغان رشيدان و لا يوجد مانع عقلي او قانوني من ذلك ومثال الموانع لا يقبل الاعتراف بالزوجية للزوجة الدائمة الخامسة و لا لمن هي في عصمة زوج آخر .و لكن مع ذلك يجوز للولي ان كانت الزوجة بكرا أن يفسخ العقد على قول أو أن العقد يكون متوقفا على إجازته على قول أخر و هناك من يرى جواز تزوج البكر بدون اخذ موافقة أبيها و لا جدها لأبيها.

كما انه في الفقه المالكي يشترطون أن يتم العقد بواسطة الولي و قد اشتهر عندهم لا نكاح إلا بولي و شاهدين و بالتالي فمجرد الاعتراف بالزوجية قد لا يكون كافيا بل لابد من وجود ولي عاصب أو على الأقل القاضي يقوم مقامه و لا بد من وجود شاهدين و لكن يكون النقاش في مسالة مهمة و هي أن الشهود و الولي هما شرطان في الفقه المالكي لانعقاد الزوجية و لكن ليسا شرطين –بالضرورة- لإثباتها .

كما انه لدى بعض المالكية نقاش في مسالة عدم وجود شهود فالبعض قد يكتفي بالزواج الذي قد ضرب عليه بالدف (بوصفه احد طرق إعلان الزواج على تفاصيل يطول شرحها عند التعرض لها )
و في بعض الدول التي قننت الأحوال الشخصية كانت لا تجيز دعوى الزوجية عند الإنكار إلا إذا كان هناك وثيقة زواج رسمية و كان في وقت ما لا تعطى الزوجة نصيبا من الميراث إذا كان عقد زواجها عرفيا و ليس رسميا

كما أجازوا زواج البنت من غير موافقة وليها متى بلغت من العمر 21 سنه و على كل حال فان (الفوضى العقدية النكاحية) في هذا العصر تتطلب بحث ودراسة ليس لإثبات الزوجية فهذه طرق معروفة و مفروغ منها بل وقد تم قبول عدد من الوسائل لم تكن معروفة من قبل مثل (المسج = الرسائل الهاتفية النصية) و البرقية و البريد الالكتروني و الشريط المسجل ) و لكن المشكلة في استسلام الطرفين لرغبتهما الجنسية دون إدراك العواقب و المشاكل القانونية و خصوصا عند تملص احدهما من التزامه تجاه زوجه فالزوجة قد تتملص – خوفا من أهلها – و تدعي انه قد اغتصبها و هنا تقوم المحكمة الجنائية و قبل الفصل في قضية الاغتصاب المزعومة بإحالة الملف للمحكمة الشرعية لتفصل في مسالة وجود عقد زواج بين الطرفين أو لا ) و لا بد للمحكمة الجنائية من وقف الدعوى إلى حين فصل المحكمة الشرعية في دعوى الزوجية لان هذه الحالة تسمى في القانون المسالة الأولية و هي التي يتوقف الفصل في الدعوى الأصلية على الفصل فيها …كما قد يتملص الزوج فينكر زواجه من الفتاة و يؤكد ان لا علاقة له بها أو يدعى أنها جاءت له بعد ذهبت لغير ة للمتعة الجنسية مقابل المال ليس إلا و أن الحمل الذي ببطنها ليس منه و هنا تتفاقم المشكلة و تدور الدوائر ..

فنسال الله أن يكفينا جميعا هذه المصائب و النوائب خصوصا مع التسامح و التساهل الحاصل في تطبيق الشروط الشرعية و ظهور أنواع أو تسميات كثيرة و ظريفة مثل زواج المسيار و المسفار و زواج الفرند و زواج الأنس و الطرب و زواج الكاسيت ..الخ و هي أنواع اختلف فقهاء المسلمين حولها و حول صحتها الشرعية ناهيك عن وسائل إثباتها و مدى قبول تلك الوسائل شرعاً و قانوناً .

الشيخ عبد الهادي خمدن

إعادة نشر بواسطة محاماة نت