قراءة في قانونية طلب الإذن في تمديد موقوفية المتهم بالقانون العراقي .

تناول الباب الخامس من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم 23 لسنة 1971 المعدل طرق الاجبار على الحضور، وقد قُسم الباب الى عدة فصول بيَن الفصل الثالث منه توقيف المتهم واخلاء سبيله، والذي يعنينا في مقالتنا هذه ما اشارت اليه المادة 109 بفقراتها الثلاث بعد ان تناولت المواد السابقة لها تنفيذ امر القبض الصادر بحق المتهم ضمن الفصل الثاني.

حددت المادة 109 من قانون أصول المحاكمات الجزائية مصير المتهم الذي ألقي القبض عليه من قبل أعضاء الضبط القضائي وقد أعطت للقاضي المختص السلطة التقديرية في توقيف المتهم او إطلاق سراحه بتعهد مقرون بكفالة شخص ضامن او بدونها مراعية بذلك ان مدة التوقيف لا تزيد على خمسة عشر يوماً في كل مرة يتم توقيفه ومراعية ايضاً ان اطلاق سراحه لا يؤدي الى هروبه ولا يضر بسير التحقيق الا ان الفقرة (ب) من تلك المادة عادت وجردت القاضي المختص من تلك السلطة التقديرية والزمته بوجوب توقيف المقبوض اذا كان متهما بجريمة معاقب عليها بالإعدام وتمديد موقوفيته كلما اقتضت ذلك ضرورة التحقيق مع مراعاة عدم تجاوز المدة المنصوص عليها في الفقرة( أ ) من نفس المادة أي مدة الخمسة عشر يوماً في كل مرة. بمعنى آخر ان المتهم بجريمة معاقب عليها بالإعدام لا يجوز إطلاق سراحه بتعهد مقرون بكفالة شخص ضامن او بدونها وانما يجب توقيفه لحين صدور قرار فاصل بشأنه من قاضي التحقيقي او المحكمة الجزائية وألا تزيد مدة توقيفه خمسة عشر يوماً في كل مرة. وقد عالجت الفقرة (ج) من المادة (109) مجموع مدد التوقيف اذ ان لمدة التوقيف حداً اقصى ينبغي عدم تجاوزه من قبل المحكمة وهو ربع الحد الأقصى للعقوبة ولا يزيد بأي حال على الستة اشهر فاذا اقتضى الحال تمديد التوقيف لأكثر من ستة اشهر ولم يتم اطلاق سراح المتهم لأسباب قد تكون خارجة عن إرادة القاضي عندئذ عليه ان يعرض امر تمديد التوقيف على محكمة الجنايات التابع لها، وهنا محكمة الجنايات المختصة لها خياران لا ثالث لهما، الأول هو الاذن بتمديد مدة التوقيف مدة مناسبة كأن تكون شهر مثلاً على ان لا تتجاوز ربع الحد الأقصى للعقوبة والخيار الثاني ان تقرر اطلاق سراح المتهم بكفالة او بدونها لأسباب تراها هي مع مراعاة الفقرة (ب) من المادة والتي اشارت الى الجريمة المعاقب عليها بالإعدام وتمديد موقوفيه المتهم فيها، والغاية من عرض الامر على محكمة الجنايات هو مدى مشروعية توقيف المتهم على ضوء قانون أصول المحاكمات الجزائية والتحقق من تطبيق ضمانات المتهم الموقوف التي كفلها الدستور والقانون العراقي وهذا لا يعني ان ليس لمحكمة الجنايات سلطة النظر في أي دعوى جزائية فالمواد (264و265) من قانون أصول المحاكمات الجزائية اعطن الحق لها في طلب أي دعوى جزائية لتدقيق ما صدر فيها من قرارات وتدابر سواء كان من تلقاء نفسها او بناء على طلب الادعاء العام او أي ذي علاقة فاذا رأت محكمة الجنايات ان توقيف المتهم لا مسوغ له قانوناً ولا يؤدي الى هروبه او الضرر بسير التحقيق كان لها ان تقرر اطلاق سراحه بكفالة او بدونها، هذا الاذن نعتقد انه ينحصر في الجرائم المرتكبة من المتهم والتي لا تكون عقوبتها الإعدام والجواز فيها للقاضي المختص اطلاق سراحه طبقاً للفقرة (ب) من المادة وبالتالي تنتفي الحاجة منه في عرض الامر على محكمة الجنايات لأخذ الاذن في تمديد موقوفيه المتهم بجريمة معاقب عليها بالإعدام لوجوب توقيف المتهم وعدم اطلاق سراحه لحين صدور قرار فاصل بشأنه، كما ان النص القانوني لم يجَوز ان يزيد مجموع مدد التوقيف على ربع الحد الأقصى للعقوبة وهو مالا يمكن تصوره في عقوبة الإعدام.

خلاصة القول اننا نعتقد ان وجوب استئذان محكمة الجنايات المختصة في توقيف المتهم عند تجاوز مدد توقيفه الستة أشهر لا يشمل الجرائم المعاقب عليها بعقوبة الإعدام والتي يتوجب معها إبقاء المتهم موقوفاً حتى صدور القرار الفاصل في الدعوى وان يشمل ذلك الاستئذان جميع العقوبات المقيدة للحرية الأخرى باعتبار انه يمكن تحديد مدة ربع الحد الأقصى للعقوبة وجواز إطلاق سراح المتهم فيها.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت