قراءات في إضفاء الصفة المخلة بالشرف وطرق التطبيق العلمي

اختلف الفقه الجنائي بشأن الجرائم المخلة بالشرف المشار إليها في قانون العقوبات رقم 111 ‏لسنة 1969 المعدل، فيما اذا تم ذكرها على سبيل المثال ام على سبيل الحصر؟

ونرى ان الجرائم ‏المخلة بالشرف تم الاشارة اليها في الفقرة ( 6) من المادة (21) من قانون العقوبات رقم 111 ‏لسنة 1969 المعدل، وهي: (كالسرقة والاختلاس والتزوير وخيانة الامانة والاحتيال والرشوة وهتك ‏العرض)، كما تم الاشارة اليها بقرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (609) في 12/ 8 / 1987 ‏المنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (3164) في 24 / 8 / 1987، الذي نص على انه ‏‏( تحل كلمة (مجرم ) محل كلمة ( المدان ) وتحل عبارة ( قرار التجريم ) محل عبارة ( قرار الادانة ) ‏عند الحكم على المتهم بإحدى الجرائم الماسة بالشرف ( كالسرقة والاختلاس وخيانة الامانة والتزوير ‏والرشوة والجرائم المتعلقة بالتخريب الاقتصادي))، ويستدل من النصين انفي الذكر، ان الجرائم ‏المخلة بالشرف ذكرها المشرع على سبيل المثال وليس الحصر، ويتأيد ذلك من عبارة (كالسرقة…)، ‏ذلك ان الكاف هنا جاءت للتشبيه والقياس وليس للحصر والتعداد، والتشبيه يعني امكانية القياس ‏على المنصوص عليه في الحالات غير المنصوص عليها اذا اتحدت العلة، و ان القول بخلاف ‏ذلك، يستدعي عدم اعتبار غيرها بهذه الصفة، سواء اكان ذلك في قانون العقوبات انف الذكر او في ‏القوانين الخاصة الأخرى. ‏

‏ ولكن الواقع القانوني يؤكد وجود جرائم مخلة بالشرف غير المنصوص عليها في قانون العقوبات ‏المذكور انفا، من خلال ما تم الاشارة اليه بقرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (68) في ‏‏23/ 6/ 1997، اذ عدت جريمة الاقراض بأية طريقة بفائدة ظاهرة او خفية تزيد على الحد المقرر ‏قانونا جريمة مخلة بالشرف، وكذلك جريمة تسريب او افشاء او اذاعة او تداول اسئلة الامتحانات ‏المدرسية او اسئلة الامتحانات العامة بصورة غير مشروعة استنادا الى قرار مجلس قيادة الثورة المنحل ‏رقم (132) في 20/ 11/ 1996، كما عدت بموجب قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (39) في ‏‏2 / 4/ 1994، جريمة اخراج الادوية والمستلزمات الطبية وغيرها من المواد والأدوات الاحتياطية ‏بصورة غير مشروعة من المؤسسات الصحية الرسمية والجمعيات ذات النفع العام و جرائم التخريب ‏للاقتصاد الوطني جرائم مخلة بالشرف،كما عدت الجرائم الارهابية المشار اليها في قانون مكافحة ‏الارهاب رقم (13 ) لسنة 2005 جرائم مخلة بالشرف.‏

‏ وعلى اساس ما تقدم فأن ذكر الجرائم المخلة بالشرف على سبيل المثال وليس الحصر بالفقرة ‏‏(6) من المادة (21) من قانون العقوبات انف الذكر وبدلالة القرار رقم (609) في 12/ 8 / ‏‏1987، يعني ان للمحكمة سلطة تقديرية مطلقة في وصف الافعال المجرمة، (من غير المنصوص ‏عليها بالفقرة (6 ) من المادة (21) من قانون العقوبات، ومن غير الموصوفة بأنها مخلة بالشرف ‏في القوانين الخاصة الاخرى )، ولها ( اي المحكمة ) إضفاء صفة المخلة بالشرف عليها، تبعا ‏لجسامتها وخطورتها ومدى مساسها بالمصلحة التي يرى المشرع انها جديرة بالحماية الجزائية، متى ‏ما مثل الاعتداء على تلك المصلحة خرقا وانتهاكا للقيم الاجتماعية والأخلاقية والعادات والتقاليد والمثل ‏العليا السائدة في مكان وزمان معينين، وان ذلك الخرق والانتهاك يستنكره المجتمع، ويصف فاعله ‏وصفا من شأنه ان يحط من كرامته وسمعته وشرفه، بخلاف مرتكب الجريمة العادية،الذي لا يصف ‏بتلك الصفات، ولذا فأن وصف الجريمة بأنها مخلة بالشرف من عدمه يكون استنادا للوصف الذي ‏تحدده المحكمة للفعل المجرم ومدى مساسه بالقيم الأخلاقية والاجتماعية السائدة، وان ذلك الوصف ‏يتحدد في ضوء قراري التجريم والحكم، والصفة التي تلحق بالمحكوم المتجسدة بصفة المجرم وليس ‏المدان بموجب قرار الحكم بالعقوبة. ‏

‏ مما تقدم نستنتج ان اضفاء صفة المخلة بالشرف، على الأفعال المجرمة يتم استنادا الى اضفاء ‏صفة قرار التجريم على قرار الإدانة وإضفاء صفة المجرم على المدان، استنادا لما للمحكمة من سلطة ‏تقديرية مطلقة في تحديد الجرائم المخلة بالشرف تبعا لمساسها بالأخلاق والآداب او القيم الاجتماعية ‏السائدة،والنظرة التي ينظرها المجتمع للجاني، طالما أن الجرائم المخلة بالشرف لم يتم تحديدها على ‏سبيل الحصر في قانون العقوبات المذكور انفا، وحسنا فعل المشرع العراقي، لرغبته في منح محكمة ‏الموضوع سلطة تقديرية مطلقة، لتمكينها من ممارسة دورها في المحافظة على الاخلاق والآداب ‏العامة والمثل والقيم العليا في المجتمع وحمايتها تبعا لما يشهده المجتمع من تطور في المجالات ‏الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بمرور الزمان في نفس المكان وفي الاماكن المختلفة في الزمان ‏الواحد.‏

إعادة نشر بواسطة محاماة نت