طرق الطعن الغير عادية في الأحكام

بقلم : محمد بن عبدالله بن سعيد الجهوري – باحث دكتوراه في القانون العام

لما كان الناس يبحثون عن العدالة و لكون القاضي عندما يفصل في الدعوى المعروضة عليه و يصدر حكمه فإنه قد يصيب و قد يجانبه الصواب لأنه بشر ، والإنسان ليس معصوما من الخطأ.

وبما إن الحكم الصادر في أي دعوى قد يمس حقوق أو مصالح الاطراف المتنازعة أو مصالح أشخاص آخرين لم يكونوا طرفا فيها ، فكان لابد من إفساح المجال للمضرور في أن يتظلم من الحكم الذي أضر به و بالتالي يطعن في الحكم و يطلب إبطاله .

فهنا عليه أن يسلك إحدى طرق الطعن القانونية في الأحكام المبينة في قانون الاجراءات المدنية والتجارية بالباب الثاني عشر.

و كما هو معلوم هناك نوعين من طرق الطعن وهي العادية و الغير عادية ، فالعادية لا تتطلب إجراءات إستثنائية إذ بموجبها يمكن الطعن في الأحكام بناء على أي سبب كان متعلقا بالواقع أو القانون و يترتب عليها و قف تنفيذ الحكم بقوة القانون .

أما طرق الطعن الغير عادية التي هي محل حديثنا فتتطلب إجراءات إستثنائية و سلطة تقديرية فهي توجه ضد الأجكام الحائزة لحجية الأمر المقضي به التي لم يعد بالإمكان الطعن عليها بطرق الطعن العادية ( المعارضة أو الاستئناف ).

فبغض النظر عن التميز بين الطرق الطعن العادية والغير عادية الا أنها تخضع لمجموعة من القواعد المشتركة فهي لا تقبل الطعن الا في الاحوال التي يكون للطاعن فيها مصلحه ، فكما تعتبر المصلحة مناط الدعوى كذلك تعتبر مناط الطعن في الأحكام ، بحيث لا طعن بلا مصلحة .

ووفقا لقانون الإجراءات المدنية والتجارية نبين بشيء من الإيجاز طرق الطعن الغير عادية:
أولا :- إعادة التماس النظر
في الأحكام الانتهائية الغير قابلة للاستئناف يستطيع أحد الخصوم اللجوء الى المحكمة التي أصدرت الحكم بغية الرجوع عنه و التحقيق في القصية من جديد تلافيا لخطأ غير مقصود كان يشوب الحكم المطلوب فيه إلتماس إعادة النظر و قد حددت المادة ( 232 ) الحالات التي يجوز فيها الطعن .

فقد أكدت ذلك المحكمة العليا في الطعن رقم 25 / 2008 بأنه يطعن بإلتماس إعادة النظر في الأحكام الصادرة بصفة إنتهائية ، و إن الاحكام الابتدائية الجائز إستئنافها لا يطعن عليها بإلتماس إعادة النظر ولو بعد صيرورتها إنتهائية .

و حتى يصار الطعن بإعادة النظر مقبولا أمام المحكمة يجب أن يقدم و فق الإجراءات والمدد التي حددها القانون ، وهو ما أشارت إليه المادتين ( 233 ، 234 ) .

و يلاحظ من المادة ( 233 ) إن القاعدة العامة لميعاد الالتماس ثلاثون يوما و لكنه يختلف بحسب الأسباب التي بني عليها الطعن ، وهنا المشرع قرر الحماية للمحكوم عليه حيث من أسباب الالتماس ما قد يظهر الا بعد إنقضاء الميعاد إذا أحتسب طبقا للاعدة العامة من يوم إبلاف الحكم المطعون فيه فقرر له الحماية على أن يبدأ الميعاد في بعض الحالات من يوم ظهور سبب الالتماس .

هذا وبمطالعة المادة ( 235 ) يتضح أن رفع الالتماس ليس له أثر موقف للحكم المطعون فيه و يبقى قابلا للتنفيذ ، إلا أنه طبيعة بعض الاشياء تتطلب أحيانا إيقاف التنفيذ للضرورة فبناء على طلب يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذ الحكم إن كان هناك ضرر جسيم يتعذر تداركه في حال تنفيذه و للمحكمه أن تقرر تقديم كفالة على طلب الوقف.
ثانيا :- الطعن أمام المحكمة العليا :-
إن المحكمة العليا هي محكمة قانون تراقب مدى تطبيق القانون من طرف المحكمة المصدرة للحكم المطعون فيه أمامها وقد أوضحت المواد من 239 الى 264 . من . ق . الاجراءات المدنية والتجارية الإجراءات و الاسباب التي يمكن للخصوم إتباعها بالطعن على الأحكام الصادرة من محاكم الإستئناف .

كما إن هذه الأسباب جاءت حصرا بحيث لا يمكن إضافة سبب جديد إليها وذلك حرصا من المشرع على حصر وسائل الطعن أمام المحكمة العليا و توحيدها و عدم فتح الباب أمام كل طاعن ليطعن بما يشاء ما دام المراد و المقصود من مرحلة الطعن أمام المحكمة العليا هي مراقبة حسن تطبيق القانون من محاكم الموضوع .

و البين بعد مطالعة تلك المواد أنه على خلاف طرق الطعن العادية فلا يترتب على تقديم طلب الطعن أمام المحكمة العليا وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه و إنما يبقى قائما و لكنه يمكن للمحكمة بطلب من رافع الطعن و بصفة إستثنائية أن تأمر بإيقاف تنفيذ الحكم المطعون فية وفق بعض الأوضاع المبينة بالمادة ( 245 ) .

ولكل ذلك يستبان لنا أن طرق الطعن في الأحكام الغير عادية تحقق الأمان القضائي و مصلحة المتقاضين في الحصول على فرصة للطعن على الأحكام التي مست بحقوقهم ، و تبقى السيبل الأصوب لحماية المتضرر من حكم أضر بمصالحه.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت