الطعن 246 لسنة 54 ق جلسة 12 / 1 / 1992 مكتب فني 43 ج 1 ق 33 ص 149 جلسة 12 من يناير سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ جرجس اسحق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد فتحي الجمهودي، عبد الحميد الشافعي، إبراهيم الطويلة نواب رئيس المحكمة ومحمد عبد المنعم إبراهيم.
————–
(33)
الطعن رقم 246 لسنة 54 القضائية

(1) إيجار “قانون إيجار الأماكن” “نطاق تطبيقه”. قانون.
أحكام التشريع الاستثنائي. سريانها على الأماكن وأجزاء الأماكن التي هدف المشرع حماية المستأجرين لها. المقصود بالمكان. كل حيز مغلق بحيث يكون حرزاً. عدم توافر ذلك الوصف على الواجهة الخارجية للحائط الجانبي في عقار مؤجر بذاته لاستعماله في الدعاية والإعلان. أثره. عدم خضوعه لأحكام التشريع الاستثنائي. علة ذلك.
(2)ضرائب “الضريبة على العقارات المبنية”. “قانون” “نطاق تطبيقه”.
اعتبار التركيبات التي تقام على أسطح أو واجهات العقارات إذا كانت مؤجرة في حكم العقارات المبنية. م 1/ 3 ق 56 لسنة 1954 في شأن الضريبة على العقارات المبنية. عدم سريان هذا الحكم الاعتباري في مجال العمل بقانون إيجار الأماكن. علة ذلك.

————-
1 – مؤدى نص المادة الأولى من القوانين أرقام 121 لسنة 1947 المعدل، 52 لسنة 1969، 49 لسنة 1977 بشأن إيجار الأماكن وإن اختلفت صياغتها تدل على أن المقصود بهذه القوانين هو تنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين في الجهات المبينة بها وأنها لا تسري إلا على الأماكن وأجزاء الأماكن التي توجد بشأنها علاقة إيجاريه تستند إلى عقد صحيح، وكان المقرر أن القوانين المتعلقة بإيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر هي من القوانين الاستثنائية التي تسري في نطاق الأغراض التي وضعت لها فيجب تفسيرها في أضيق الحدود دون ما توسع في التفسير أو القياس، على أن يكون التعرف على الحكم الصحيح من النص بتقصي الغرض الذي رمي إله والقصد الذي أملاه، لما كان ذلك وكانت تلك التشريعات قد نشأت في ظل استحكام أزمة المساكن في أعقاب الحرب العالمية الثانية وصعوبة الحصول على مسكن وهو ما حدا بالمشرع للتدخل لوضع قيود وضوابط معينة في تأجير الأماكن خروجاً على الأصل العام بقصد منع استغلال المؤجرين للمستأجرين، فإن مؤدى ذلك عدم تطبيق هذه التشريعات إلا على الأماكن وأجزاء الأماكن التي هدف المشرع حماية المستأجرين لها والتي يقصد بها في هذا النطاق كل حيز مغلق بحيث يكون حرزاً وهو وصف لا يتوافر بالنسبة للواجهة الخارجية للحائط الجانبي في عقار مؤجر بذاته لاستعماله في أعمال الدعاية والإعلان باعتبار أنه على هذا النحو غير مغلق ومبسوط للكافة وعلى عين من كل عابر فلا يتمتع بطابع الخصوصية وبالتالي فلا يخضع لأحكام التشريع الاستثنائي بشأن تنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين لانعدام العلة التي توخاها المشرع وقررها بتلك النصوص لمواجهة أزمة الإسكان، هذا فضلاًًًًً عن أن طبيعة الحائط الذي يؤجر لمثل ذلك الغرض تتأبى مع الكثير من القواعد الاستثنائية التي تضمنتها هذه القوانين ولا تتسق مع ما أوردته من أحكام.
2 – النص في الفقرة الثالثة من المادة الأولى من القانون رقم 56 لسنة 1954 بشأن الضرائب على العقارات المبنية على أنه “تعتبر في حكم العقارات المبنية التركيبات التي تقام على أسطح أو واجهات العقارات إذا كانت مؤجرة” – وعلى ما أورده القانون المشار إليه – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – إنما هو قاصر طبقاً لصريح نص المادة الأولى منه – على نطاق تطبيق أحكامه فلا يسري هذا الحكم الاعتباري في مجال العمل بالقوانين الأخرى ومنها قانون إيجار الأماكن إذ أنه لو كانت هذه الأعيان مما يخضع لأحكام قانون إيجار الأماكن لما كانت هناك حاجة تدعو المشرع لأن ينص على اعتبارها في حكم الأماكن التي ينطبق عليها التشريع الاستثنائي وصولاً لإخضاعها للضريبة على العقارات المبنية.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الشركة المطعون عليها أقامت ضد الطاعنين الدعوى رقم 8895 سنة 1981 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بامتداد عقد الإيجار المبرم بينهما في 5/ 12/ 1979 لمدة غير محددة إعمالاً لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1977، وقالت بياناًَ لذلك أنها بموجب هذا العقد استأجرت منهما مسطح الواجهة الخارجية للحائط الجانبي من العقار المملوك لهما المبين بالصحيفة بغرض استغلاله في أعمال الدعاية والإعلان لقاء أجرة سنوية مقدارها 1000 جنيه تدفع في أول يناير من كل عام، ثم نما إلى علمها أنهما أجراه إلى آخرين اعتباراً من أول يناير سنة 1983 رغم خضوع الإيجار بينهما لقواعد الامتداد القانوني طبقاً لقانون إيجار الأماكن، فأنذرتهما بامتداد عقد استئجارها وأقامت الدعوى، بتاريخ 10/ 2/ 1983 حكمت المحكمة للمطعون عليها بطلباتها. استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2586 سنة 100 ق، وبتاريخ 29/ 11/ 1983 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان إنهما تمسكا أمام محكمة الموضوع بدفاع حاصله أن مسطح الحائط المؤجر لا يعد من الأماكن التي تخضع لقانون إيجار الأماكن والقواعد الاستثنائية التي تضمنها، ذلك أن استغلال المكان للدعاية أو الإعلان ليس من الأغراض المعتادة لاستئجار الأماكن التي عنتها التشريعات الاستثنائية المتعاقبة ولم يتناوله أي منها ولا يتصور خضوعها لضوابط تحديد القيمة الإيجارية التي أوردتها، غير أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر واعتبر مسطح الحائط مكاناً يخضع لقانون إيجار الأماكن وطبق عليه نصوص التشريع الاستثنائي والتي يجب تفسيرها في أضيق الحدود مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن النص في المادة الأولى من القانون رقم 121 لسنة 1947 بعد تعديلها بالقرار بقانون رقم 157 لسنة 1962 على أن “تسري أحكام هذا القانون فيما عدا الأرض الفضاء على الأماكن وأجزاء الأماكن على اختلاف أنواعها المؤجرة للسكنى أو لغير ذلك من الأغراض سواء كانت مفروشة أم غير مفروشة، مستأجره من المالك أم من مستأجر لها……” وفي المادة الأولى من القانون رقم 52 لسنة 1969 والمادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1977 المقابلتين لها على أنه “فيما عدا الأراضي الفضاء تسري أحكام هذا الباب (الباب الأول من القانون في شأن إيجار الأماكن) على الأماكن وأجزاء الأماكن على اختلاف أنواعها المعدة للسكنى أو لغير ذلك من الأغراض سواء كانت مفروشة أو غير مفروشة مؤجرة من المالك أو من غيره…….” وإن اختلفت صياغتها تدل على أن المقصود بهذه القوانين هو تنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين في الجهات المبينة بها وأنها لا تسري إلا على الأماكن وأجزاء الأماكن التي توجد بشأنها علاقة إيجارية تستند إلى عقد صحيح، وكان المقرر أن القوانين المتعلقة بإيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر هي من القوانين الاستثنائية التي تسري في نطاق الأغراض التي وضعت لها فيجب تفسيرها في أضيق الحدود دون ما توسع في التفسير أو القياس، على أن يكون التعرف على الحكم الصحيح من النص بتقصي الغرض الذي رمي إله والقصد الذي أملاه، لما كان ذلك وكانت تلك التشريعات قد نشأت في ظل استحكام أزمة المساكن في أعقاب الحرب العالمية الثانية وصعوبة الحصول على مسكن وهو ما حدا بالمشرع للتدخل لوضع قيود وضوابط معينة في تأجير الأماكن خروجاً على الأصل العام بقصد منع استغلال المؤجرين للمستأجرين، فإن مؤدى ذلك عدم تطبيق هذه التشريعات إلا على الأماكن وأجزاء الأماكن التي هدف المشرع حماية المستأجرين لها والتي يقصد بها في هذا النطاق كل حيز مغلق بحيث يكون حرزاً وهو وصف لا يتوافر بالنسبة للواجهة الخارجية للحائط الجانبي في عقار مؤجر بذاته لاستعماله في أعمال الدعاية والإعلان باعتبار أنه على هذا النحو غير مغلق ومبسوط للكافة وعلى عين من كل عابر فلا يتمتع بطابع الخصوصية وبالتالي فلا يخضع لأحكام التشريع الاستثنائي بشأن تنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين لانعدام العلة التي توخاها المشرع وقررها بتلك النصوص لمواجهة أزمة الإسكان، هذا فضلاًًًًً عن أن طبيعة الحائط الذي يؤجر لمثل ذلك الغرض تتأبى مع الكثير من القواعد الاستثنائية التي تضمنتها هذه القوانين ولا تتسق مع ما أوردته من أحكام من أبرزها ما ورد بالقانون رقم 46 لسنة 1962 ومن بعده القانون رقم 52 لسنة 1969 ثم القانون رقم 49 لسنة 1977 من قواعد بشأن تقدير القيمة الإيجارية للأماكن الخاضعة لأحكامها وجعلها تقوم على عنصرين هما نسبة محدودة من كل من قيمة الأرض وتكاليف البناء بما يقابل صافي استثمار العقار ومقابل استهلاك رأس المال ومصرفات الإصلاح والصيانة موزعة على وحدات العقار، أيضاً ما نصت عليه المواد 33، 36، 37 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن التزام شاغلي الأماكن المؤجرة بقيمة استهلاك المياه وكيفية احتسابها وتوزيعها على وحدات العقار وغرف الخدمات والمنافع المشتركة وغيرها من الأماكن التي تمارس فيها أنشطة غير سكنية والتزام المستأجر بسدادها إلى المؤجر في مواعيد دفع الأجرة أو عند طلبه لها، كذلك ما نصت عليه المواد 40، 44، 45 من القانون سالف الإشارة إليه في شأن الحالات التي يجوز فيها للمستأجر أن يؤجر المكان المؤجر مفروشاً أو خالياً وأحقية المالك في هذه الأحوال في اقتضاء أجرة إضافية، لما كان ذلك وكان لا يغير من هذا النظر أن الفقرة الثالثة من المادة الأولى من القانون رقم 56 لسنة 1954م بشأن الضرائب على العقارات المبنية نصت على أنه “تعتبر في حكم العقارات المبنية التركيبات التي تقام على أسطح أو واجهات العقارات إذا كانت مؤجرة” إذ أن ما أورده القانون المشار إليه – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – إنما هو قاصر طبقاً لصريح نص المادة الأولى منه – على نطاق تطبيق أحكامه فلا يسري هذا الحكم الاعتباري في مجال العمل بالقوانين الأخرى ومنها قانون إيجار الأماكن إذ أنه لو كانت هذه الأعيان مما يخضع لأحكام قانون إيجار الأماكن لما كانت هناك حاجة تدعو المشرع لأن ينص على اعتبارها في حكم الأماكن التي ينطبق عليها التشريع الاستثنائي وصولاً لإخضاعها للضريبة على العقارات المبنية. لما كان ما تقدم وكان البين من الأوراق أن المطعون عليه أستأجر من الطاعنين بموجب العقد المؤرخ 5/ 12/ 1979 م مسطح الواجهة الخارجية للحائط الجانبي من العقار المبين بالصحيفة لاستغلاله في أعمال الدعاية والإعلان لمدة ثلاث سنوات تنتهي في آخر ديسمبر سنة 1982 قابله للتجديد مدة أخرى ما لم يخطر أحد الطرفين الأخر برغبته في عدم التجديد، وذلك لقاء مبلغ ألف جنيه للمساحة محل التعاقد، واتفق بالعقد على أنه لا يجوز للمالك تأجير أي مكان آخر بالمبنى سواء بالواجهات أو الأسطح لاستعمالها في أعمال الإعلان والدعاية وكانت العين محل هذا التعاقد بوصفها هذا وطبيعتها تلك تنأى عن الأماكن التي تخضع للقواعد الاستثنائية التي أوردها قانون إيجار الأماكن ومنها قواعد الامتداد القانوني لعقد الإيجار على نحو ما سلف بيانه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بامتداد العقد موضوع التداعي على ما ذهب إليه من أن الحائط المؤجر للمطعون عليه يعد جزءاً من مكان تمتد إليه أحكام القانون الاستثنائي ومنها الامتداد القانوني للعقد إلى أجل غير مسمى فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .