حكم نقض تبديد تعديل الاتهام ومسئولية مدنية

جلسة 14 من يونيه سنة 1982
برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد الحميد صادق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: فؤاد بدر ومسعد الساعي وأحمد سعفان وعبد السلام خطاب.
(146)
الطعن رقم 1944 لسنة 52 القضائية
1 – دعوى مدنية. دعوى جنائية. تعويض. ضرر. حكم “تسبيه. تسبيب غير معيب”.
الدعوى المدنية. شرط رفعها إلى المحكمة الجنائية؟

2 – مسئولية مدنية. دعوى مدنية. تعو

يض. سرقة.
مسئولية المتبوع عن فعل تابعة. أساسها ومناط تحققها؟
3 – تبديد. سرقة. نقض “الصفة في الطعن”. محكمة الموضوع “سلطتها في نظر الدعوى”. دعوى مدنية “نظرها والحكم فيها”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
الطعن في الحكم من المدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها. حده؟

1 – وحيث إنه لما كان الأصل في دعاوى الحقوق المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية وإنما أباح قانون الإجراءات الجنائية في المادة 251 منه استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى الجنائية وكان الحق المدعى به ناشئاً عن ضرر للمدعي من الجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية بمعنى أن يكون طلب التعويض ناشئاً مباشرة عن الفعل الخاطئ المكون للجريمة موضوع الدعوى الجنائية.

2 – المشرع إذ نص في المادة 147 من القانون المدني على أن المتبوع يكون مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعة بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه حال تأدية وظيفته وبسببها إنما أقام المسئولية على خطأ مفترض من جانب المتبوع يرجع إلى سوء اختيار تابعة وتقصيره في رقابته – ولا يشترط في ذلك أن يكون المتبوع قادراً على الرقابة والتوجيه من الناحية الفنية بل يكفي أن يكون من الناحية الإدارية هو صاحب الرقابة والتوجيه كما أن العلاقة التبعية لا تقتضي أن يكون التابع مأجوراً من المتبوع على غير دائم وبحسب المضرور أن يكون حين تعامل مع التابع معتقداً صحة الظاهر من أن التابع يعمل لحساب متبوعه فمسئولية المتبوع عن تابعه ليست مسئولية ذاتية حتى يستلزم القانون فيها اشتراكه في مقارفة الفعل الضار المستوجب للتعويض وإنما هي مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور فمتى قامت مسئولية التابع – قامت مسئولية المتبوع – ولما كان الحكم قد أقام قضاءه مسئولية الطاعنة عن الضرر الذي أصاب المدعي بالحقوق المدنية بالتضامن مع المتهم على ما استخلصته المحكمة استخلاصاً سائغاً لحقيقة العلاقة بينهما بما تحقق معه تبعيته لها فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أو شابه فساد في الاستدلال.

3 – لما كانت الفقرة الثانية من المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تنص على أنه “لا يجوز الطعن من المدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها إلا فيما يتعلق بحقوقهما المدنية” مما مفاده أنه لا يقبل من أيهما الطعن في الحكم الصادر في الدعوى الجنائية لانعدام مصلحته – في ذلك – فإن ما تنعاه الطاعنة – المسئولة عن الحقوق المدنية – على الحكم المطعون فيه بدعوى الخطأ في تطبيق القانون وإذ دان المتهم بجريمة تبديد حالة كون الواقعة تتشكل جنحة سرقة لا يكون منقولاً.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة…… و……… في الجنحة رقم…… بأنهما بدائرة قسم المعادي محافظة القاهرة: المتهم الأول: – بدد الأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة لـ….. والمسلمة إليه على سبيل الأمانة فاختلسها لنفسه إضراراً بالمجني عليه سالف البيان المتهم الثاني: – سرق الأشياء المبينة الوصف والقيمة بالأوراق والمملوكة لـ…… وطلبت معاقبتهما بالمادتين 341، 317/ 1 – 5 من قانون العقوبات. وادعى…… مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح المعادي قضت حضورياً اعتبارياً للأول ببراءته مما نسب إليه بلا مصاريف جنائية مع رفض الدعوى المدنية وإلزام رافعها مصروفاتها ومائتين قرشاً مقابل أتعاب المحاماة. وحضورياً بمعاقبة المتهم الثاني بالحبس ستة أشهر مع الشغل والنفاذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعى بالحق المدني واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت وألزمته بمصاريف الدعوى المدنية ومائتين قرشاً مقابل أتعاب المحاماة. استأنف المحكوم عليه والمدعي بالحق المدني وقيد استئنافهما برقم…… ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بالنسبة للدعوى الجنائية بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم أسبوعين مع الشغل وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من يوم الحكم على أن يكون الإيقاف شاملاً لكافة الآثار الجنائية المترتبة على الحكم. وبالنسبة للدعوى المدنية برفض الدفع بانعدام مصلحة المدعي بالحق المدني ورفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة الجنائية ورفض الدفع بانعدام التضامن وإلزام المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية بالتضامن بأن تؤديا للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات عن الدرجتين وخمسمائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

فقرر الأستاذ……. المحامي بصفته وكيلاً عن الشركة المسئولية عن الحقوق المدنية الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.. إلخ.

المحكمة
حيث إن الطاعنة – الشركة المسئولة عن الحقوق المدنية – تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذا ألزمها والمتهم بالتضامن بدفع مبلغ التعويض المطالب به قد أخطأ في تطبيق القانون – واعتراه الفساد في الاستدلال – ذلك أنها قد دفعت بعدم اختصاص القضاء الجنائي بنظر الدعوى المدنية استناداً إلى أن العلاقة بينها وبين المدعي بالحقوق المدنية علاقة إيجابية – والانتفاء رابطة التبعية بينها وبين المتهم إذ أن علاقته بالشركة قد انتهت قبل ارتكاب الفعل المعاقب عليه – إلا أن الحكم أطرح دفاعها – وأن الحكم المطعون فيه عدل وصف التهمة من سرقة إلى تبديد رغم أن المتهم لم يخن الأمانة لديها لأنه لا علاقة لها بفعله. وأنه لا يوجد تضامن بينها وبين المتهم لأنها لم تشارك في ارتكاب الفعل المؤثم.

وحيث إنه لما كان الأصل في دعاوى الحقوق المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية وإنما أباح قانون الإجراءات الجنائية في المادة 251 منه استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى الجنائية وكان الحق المدعى به ناشئاً عن ضرر للمدعي من الجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية بمعنى أن يكون طلب التعويض ناشئاً مباشرة عن الفعل الخاطئ المكون للجريمة موضوع الدعوى الجنائية – وكان الثابت من الحكم أن الدعوى المدنية قد أقيمت على أساس المطالبة بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة،

وكان الحكم قد خلص إلى أن المتهم قد استلم المنقولات موضوع الاتهام أثناء عمله بالشركة الطاعنة وذلك بما استمده من كتاب الشركة إلى نيابة المعادي من أن المتهم قد استلمها أثناء وبسبب عمله لديها ومن الكتاب الذي أرسله المتهم من أنه استلم تلك المنقولات من الشركة أثناء وبسبب عمله بها وكان ما أثبته الحكم في هذا الخصوص تتوافر به للدعوى المدنية كافة أركانها القانونية من خطأ وضرر وعلاقة سببيه فإن هذه الدعوى تكون مقبولة أمام المحكمة الجنائية. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنة بأن استلام المتهم للمنقولات كان بعد انتهاء عمله لديها وأطرحه بقوله – ولا يقدح في ذلك ما جاء بأقوال المتهم عن مناقشته بعد إعادة الدعوى للمرافعة لتعديل وصف التهمة من أنه استلم السجاد في وقت لم يكن فيه موظفاً لدى المسئول مدنياً إذ أن هذه الأقوال لا تطمئن إليها المحكمة لمخالفتها لما سبق أن قرره المتهم والمسئول مدنياً بكتابيهما المشار إليهما – فضلاً عن أنها جاءت بعد أن شعر باتجاه المحكمة إلى تعديل وصف التهمة إلى تبديد….

وكان ما أورده الحكم على ثبوت علاقة التبعية الصحيح ذلك بأن المشرع إذ نص في المادة 147 من القانون المدني على أن المتبوع يكون مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعة بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه حال تأدية وظيفته وبسببها إنما أقام المسئولية على خطأ مفترض من جانب المتبوع يرجع إلى سوء اختيار تابعه وتقصيره في رقابته – ولا يشترط في ذلك أن يكون المتبوع قادراً على الرقابة والتوجيه من الناحية الفنية بل يكفي أن يكون من الناحية الإدارية هو صاحب الرقابة والتوجيه كما أن علاقة التبعية لا تقتضي أن يكون التابع مأجوراً من المتبوع على غير دائم وبحسب المضرور أن يكون حين تعامل مع التابع معتقداً صحة الظاهر من أن التابع يعمل لحساب متبوعه فمسئولية المتبوع عن تابعه ليست مسئولية ذاتية حتى يستلزم القانون فيها اشتراكه في مقارفة الفعل الضار المستوجب للتعويض وإنما هي مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور فمتى قامت مسئولية التابع – قامت مسئولية المتبوع – ولما كان الحكم قد أقام قضاءه مسئولية الطاعنة عن الضرر الذي أصاب المدعي بالحقوق المدنية بالتضامن مع المتهم على ما استخلصته المحكمة استخلاصاً سائغاً لحقيقة العلاقة بينهما بما تحقق معه تبعيته لها فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أو شابه فساد في الاستدلال.

لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تنص على أنه “لا يجوز الطعن من المدعي بالحقوق المدنية والمسئول عنها إلا فيما يتعلق بحقوقهما المدنية” مما مفاده أنه لا يقبل من أيهما الطعن في الحكم الصادر في الدعوى الجنائية لانعدام مصلحته – في ذلك – فإن ما تنعاه الطاعنة – والمسئولة عن الحقوق المدنية – على الحكم المطعون فيه بدعوى الخطأ في تطبيق القانون وإذ دان المتهم بجريمة تبديد حالة كون الواقعة تتشكل جنحة سرقة لا يكون منقولاً. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يفصح من عدم قبوله موضوعاً مع مصادرة الكفالة وإلزام الطاعنة بالمصاريف