بواسطة باحث قانوني
ملخص ورقة عمل – محاماة نت

د.عبد المجيد بن عبد العزيز الدهيشي
9/1/1433 هـ

{حقوق المرأة في النظام القضائي السعودي}

بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أما بعد :
ففي الورقات الآتية لمحات حول حقوق المرأة في النظام القضائي السعودي أقدمها ورقة عمل لملتقى “المرأة السعودية..ما لها وما عليها ” الذي ينظمه المراكز الرائد (مركز باحثات لدراسات المرأة) يومي السبت والأحد 15ــ16/1/1433هـ في مدينة الرياض.
• الأسباب التي دعت لطرح هذا الموضوع كثيرة،أهمها:
1) إبراز عناية الشريعة الإسلامية والأنظمة التي لا تتعارض معها بحقوق المرأة.
2) إبراز الجوانب المشرقة التي حظيت بها المرأة السعودية في الأنظمة القضائية.
3) استعراض أبرز الحقوق التي تضمنتها الأنظمة القضائية السعودية للمرأة.
4) التنبيه إلى أخطاء تقع فيها المرأة مما يسبب ضياع بعض حقوقها.
المراد بحقوق المرأة والنظام القضائي السعودي:

• الحقوق جمع حق،و”(الحق) ضد الباطل.
• والمقصود بحق المرأة في هذه الورقة:(ما ورد في النظام القضائي من إجراءات تُحفظ بها حقوق المرأة،أو تكون معينة لها على حفظ حقوقها، والإجراءات التي خُصّت بها المرأة مراعاة لوضعها وطبيعتها).
• والمراد بالنظام القضائي السعودي في هذه الورقة:الأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية في القضاء العام.

وسأقتصر في هذه الورقة على الإشارة إلى الحقوق التي تختص بها المرأة في الأنظمة القضائية وإبراز الجوانب التي تبيّن عناية الأنظمة القضائية بالمرأة،وأما القواعد العامة مما يستوي فيه الرجال والنساء فلن أعرّج عليه لكونه معلوماً في الجملة.
• وسيكون تناول الموضوع عبر المحاور الآتية:
1) حقوقٌ وتعليمات عند عقد النكاح.
2) حقوق خلال العشرة الزوجية.
3) حقوق عند انتهاء العشرة الزوجية.
4) توصيات.
• ومنهجي في الورقة استعراض أبرز الموضوعات والمواد التي تبين حرص النظام القضائي السعودي على حقوق المرأة .
• أولاً/ حقوقٌ وتعليمات عند عقد النكاح.
• تختص وزارة العدل بالإشراف على مأذوني عقود الأنكحة ومتابعتهم،كما تختص المحاكم بالتصديق على عقود الأنكحة.
وقد صدر المرسوم الملكي:
يصدر وزير العدل الرخص لمأذوني عقود الأنكحة وفقاً لما يضعه من ضوابط, وتتولى وزارة العدل الإشراف على أعمالهم ومتابعتها,وتوثيق المحكمة المختصة ما يصدر منهم بعد التحقق من صحة الإجراءات الشرعية والنظامية.
وقد صدر قرار معالي وزير العدل؛ القاضي بالموافقة على لائحة مأذوني عقود الأنكحة.
ومما ورد في هذه اللائحة:
المادة الحادية عشرة:يقتصر عمل مأذون عقود الأنكحة في حدود الولاية المكانية للمحكمة المختصة التابع لها.
المادة الرابعة عشرة:على المأذون قبل إجراء عقد النكاح التحقق من توفر الأركان والشروط وانتفاء الموانع في الزوجين وعدم مخالفة الأنظمة المرعية.
المادة الخامسة عشرة:إذا كان الولي غير الأب فعلى المأذون أن يتحقق أنه أقرب ولي ويشير إلى ذلك في الضبط.
المادة السابعة عشرة:في حال عدم وجود ولي شرعي للمرأة فإن إجراء عقد النكاح يكون من قبل المحكمة المختصة.
المادة الثانية والعشرون:تصادق المحكمة على صحة ختم وتوقيع المأذون بعد التحقق من سلامة إجراء المأذون ومدى تقيده بما ورد في اللائحة من خلال مادون في وثيقة عقد النكاح.
المادة الثالثة والعشرون:تدون كافة البيانات في دفتر الضبط مع أخذ توقيع طرفي العقد والولي والشاهدين وإخراج الوثيقة من واقعه.
ويتضح من هذه المواد حرص المنظم على تنظيم أعمال مأذوني عقود الأنكحة وضبطها،لما في ذلك من حفظ الحقوق لطرفي عقد النكاح.
وحيث نصت المادة السابعة عشرة من اللائحة على أنه في حال عدم وجود ولي شرعي للمرأة فإن إجراء عقد النكاح يكون من قبل المحكمة المختصة
ومن ذلك:
– ” تزويج من لا ولي لها من النساء؛ويراعى في تزويج من لا ولي لها من النساء،موافقة وزارة الداخلية فيما يحتاج إلى ذلك مما صدرت به التعليمات.
-ذوات الظروف الخاصة يبنى النظر في تزويجهن على خطاب الجهة المختصة بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية وفق التعليمات).
• وإذا امتنع ولي المرأة ــ التي يصدر بحقها حكم قضائي وتبقى تحت إشراف مؤسسة رعاية الفتيات أو غيرها ــ من تزويجها فإن للقاضي تزويجها بعد إجراء ما يلزم لذلك.
• وأما التأكيد على حق المرأة في قبولها للزواج ورضاها بالخاطب فقد ورد في نصوص متعددة.
• ويحقّ الزوجة في اشتراط الشروط المباحة عند العقد عليها جاء التأكيد على تسجيل الشروط في وثيقة العقد.
• ولأهمية الفحص الطبي قبل إجراء العقد،ولما فيه من مصلحة الزوجين وذريتهما صدر تعميم وزارة العدل بشأن تطبيق الضوابط الصحية للزواج على جميع السعوديين قبل الزواج.
ثانياً/حقوق خلال العشرة الزوجية:

• قررت الشريعة الإسلامية للمرأة جملة من الحقوق،وجاء القضاء السعودي منفذاً لذلك.
فللمرأة خلال قيام العشرة الزوجية حقوقها المشروعة،ومتى أخل زوجها بشيء من تلك الحقوق كان لها المطالبة به عبر القضاء.
ومن أنواع المطالبات التي يمكن للمرأة المطالبة بها قضاءً:
1) المطالبة بالصداق أو ما بقي منه.
2) المطالبة بإنفاذ الشروط التي اشترطتها الزوجة عند العقد.
3) المطالبة بإحسان العشرة فيما لو أساء الزوج عشرتها.
4) المطالبة بحق السكن فيما لو منعها الزوج من هذا الحق أو أخل به.
5) المطالبة بالنفقة.
وإذا امتنع الزوج عن بذلها فإن للزوجة رفع الدعوى أمام المحكمة المختصة للمطالبة بها وفق الإجراءات المنظمة لذلك.
6) وللزوجة أيضاً رفع الدعوى في حال تضررها بسبب تعليقها أو هجرها.
7) كما لها المطالبة بفسخ النكاح عند تعذر تحقيق المصالح المرجوة في الزواج.
أبرز الأمور المتعلقة بالتقاضي في الحقوق الزوجية وما يُلحق بها:

ب ـ … وإثبات الزواج،والوصية،والطلاق،والخلع،والنسب،والوفاة،وحصر الورثة.
ج ـ إقامة الأوصياء،والأولياء،والنظار،والإذن لهم في التصرفات التي تستوجب إذن القاضي،وعزلهم عند الاقتضاء.
د ـ فرض النفقة وإسقاطها.
هـ ـ تزويج من لا ولي لها من النساء.
وفي اللائحة التنفيذية لهذه المادة:نذكر شيء منها:أو مما جاء في هذه اللائحة:
يراعى لإثبات الخلع:اقترانه بإقرار الخالع بقبض عوض الخالعة،أو حضور الزوجة،أو وليها للمصادقة على قدر العوض وكيفية السداد.
32/7 ليس للقاضي تولية الأب على أولاده؛لأن الأصل ولايته شرعاً.
32/ 10 للقاضي عزل الأولياء والأوصياء والنظَّار حال عجزهم أو فقدهم الأهلية المعتبرة شرعاً.
32/ يدخل في فقرة (من لا ولي لها من النساء):من انقطع أولياؤها؛بفقدٍ،أو موتٍ،أو غيبةٍ يتعذر معها الاتصال بهم،أو حضورهم،أو توكيلهم ومن عضلها أولياؤها،وحكم بثبوت عضلهم،ومن أسلمت وليس لها ولي مسلم .
• ومن أبرز الأمور والأحكام التي تؤخذ من هذه المادة ولائحتها:
‌أ) حق المحكمة في إقامة الأوصياء،والأولياء،والنظار،والإذن لهم في التصرفات التي تستوجب إذن القاضي،وعزلهم عند الاقتضاء،إذ للمحكمة ولاية وسلطة تمكّنها من عزل الولي عند تعسفه أو امتناعه مما فيه مصلحة لمن هو مولَّى عليه.
‌ب) فرض النفقة على الأب والزوج ونحوهما إذا حصل منهم امتناع عن أداء هذا الحق.
‌ج) وللمحكمة أيضاً حق إسقاط النفقة عند قيام ما يوجب ذلك،كما لو نشزت الزوجة وهجرت بيت زوجها دون عذر.
‌د) التأكيد على المحاكم بتضمين إقرار الخالع بقبض عوض الخالعة،أو حضور الزوجة،أو وليها للمصادقة على قدر العوض وكيفية السداد؛لأن في ذلك حفظاً لحق الزوجة الخالعة.
‌ه) للقاضي رفع ولاية الأب فيما يخص النكاح،أو المال،أو الحضانة،أو جميعها؛لموجب يقتضي ذلك،كما لو امتنع من تزويج موليته أو إعادتها إلى زوجها.
‌و) ومن أبرز الأمور المتعلقة بإجراءات رفع الدعوى معرفة الاختصاص المكاني لإقامة الدعوى في المسائل الزوجية.
فمن المقرر فقهاً ونظاماً أن الدعوى تقام في بلد المدعى عليه؛إلا أن اللائحة التنفيذية لهذا النظام استثنت المسائل الزوجية من هذه القاعدة.
ونظراً لخصوصية المطالبة بالنفقة فقد ورد فيها التخيير في مكان إقامة الدعوى
والمقصود من هذه المادة التيسير على المدعي الذي يطالب بالنفقة.
ومن نماذج الخصومات الأسرية التي ترد للمحاكم نشوز الزوجة وامتناعها عن بذل حقوق زوجها عليها:
1. أن يبدأ القاضي بنصح الزوجة وترغيبها في الانقياد لزوجها وطاعته
2. إن أصرت فلا نفقة لها عليه ولا كسوة ولا سكنى.
3. فإن استمرت على نفرتها وعدم الاستجابة عرض عليهما الصلح.
4. فإن لم يقبلا ذلك نصح الزوج بمفارقتها وبين له أن عودتها إليه أمر بعيد
5. فإن لم يتفق الحكمان أو لم يوجدا وتعذرت العشرة بالمعروف بين الزوجين نظر القاضي في أمرهما وفسخ النكاح حسبما يراه شرعاً بعوض أو بغير عوض،والأصل في ذلك الكتاب والسنة والأثر والمعنى.
• تنفيذ الأحكام القضائية:إن اللائحة التنفيذية استثنت من ذلك صورة مهمة،ونصها:”لا تشمل هذه المادة الحكم على الزوجة بالعودة إلى بيت الزوجية حيث تُفهم عند الحكم بسقوط حقوقها الزوجية إن هي رفضت العودة،ويدون ذلك في الضبط والصك
• التأكيد على سرعة البت في القضايا الأسرية:
• هل يشترط مرافقة المحرم للزوجة في حال تقديم الدعوى والمراجعة ونظر الدعوى؟
الأصل أن يكون مع المرأة حال مراجعتها للمحكمة مَحرَمٌ،أما إذا لم يتيسر ذلك فإن هذا لا يمنع من قبول دعوى المرأة والشروع في نظر قضيتها.
• العناية بأماكن انتظار النساء في جميع المحاكم وكتابات العدل وإعدادها بما يليق بها
• إنشاء مكاتب الإصلاح الأسري في المحاكم.

ثالثاً/حقوق عند انتهاء العشرة الزوجية:
تحفظ الأنظمة القضائية حق المرأة فيما لو وقع الفراق بين الزوجين،وفي الفقرات الآتية إيضاح بعض الإجراءات التي تُسهم في المحافظة على حق المرأة:
1. وثيقة الطلاق لها أهميتها،والمطلَّقة أحق باستلام هذه الوثيقة حال إثبات الطلاق،ولذا ورد التأكيد على المحاكم بذلك.
2. يمكن توثيق الشروط بين الزوجين عند الطلاق على عوض.
3. إسقاط اسم المطلقة من دفتر عائلة زوجها الذي طلقها وفي هذا حماية لحق الزوجة المطلقة ومنع لاستغلال اسمها في بعض الأغراض.
• الحقُّ في حضانة الأبناء والبنات عند الطلاق: تلخيص الجواب في الفقرات الآتية:
الأصل أن الأم أحق بحضانة الصغير الذي دون سبع سنوات.
إذا بلغ الصبي سبعاً خُيِّر بين أبويه.
وإن لم يختر أحدهما فإنه يُصار إلى القرعة.
والأنثى إذا بلغت سبعاً تكون عند أبيها.
وأما البنات الكبيرات فعلى الخلاف السابق،والعبرة بالمصلحة.
‌أ- ولا يمكن الإطلاق بأن الأحق بحضانة الصغير أمه أو أبوه أو غيرهما،وإنما يخضع ذلك لتقدير المحكمة فيما تتحقق به مصلحة الصغير وتوفر القدرة على القيام بواجب الحضانة ومتطلباتها.
رابعاً/ توصيات:
1) النظر في إلزام الزوج بالحضور بالقوة الجبرية في القضايا الأسرية عند عدم تجاوبه،لما في ذلك من الظلم وإطالة أمد الخصومة .
2) النظر في إمكانية إلزام المطلق ــ عند إثبات الطلاق ــ بالتفاهم مع مطلقته حول حضانة الأولاد وزيارتهم ونفقتهم ووسيلة تسليم النفقة.
3) النظر في إلزام المطلق بتسليم النفقة للصغار من أولاده عن طريق الاقتطاع من الراتب،تلافياً لما قد يقع من مماطلة الأب أحياناً في تسليم نفقة أولاده واضطرار أمهم للمطالبة من جديد مع ما في ذلك من تأخير وإشغال للمحاكم .
وفي حال عدم وجود مرتب شهري يُنظر في إلزام الأب بالنفقة إما عن طريق وجود كفيل غرمي بالنفقة أو غير ذلك .
4) النظر في إمكانية ربط توثيق الطلاق بمحل سكن المطلقة لفائدة ذلك في علم الزوجة،وقد يكون بينهما حقوق مالية ونحو ذلك،ولإمكانية النظر في موضوع الأولاد والنفقة والزيارة،إضافةً إلى سهولة تدخل مكتب الصلح الأسري في حالتهما،إذ لو كان مقر إقامة الزوجة بعيداً فكيف يتسنى للمكتب محاولة الإصلاح ؟! .
5) النظر في إمكانية اشتراط حضور المطلقة أو وليها عند توثيق الطلاق.
6) تزويد أماكن الانتظار في المحاكم التي تنظر في القضايا الأسرية بالمطويات والكتيبات الإرشادية في مجال الأسرة،وتعليق بعض اللافتات المعبرة.
7) التأكيد على الحقوق التي كفلتها الشريعة الإسلامية للمرأة،ومن أهمها في هذا الموضوع:
‌أ) أن للمرأة ذمتها المالية المستقلة.
‌ب) أن حق الزوجة في النفقة واجب على الزوج حتى لو كانت غنية.
‌ج) أن الأصل في حال وفاة الأب أن تجعل المحكمة للأم حق الولاية المالية على صغارها،والأولى أن لا تتنازل الأم عن هذا الحق، وفي حال عدم استطاعتها على القيام بأعباء الولاية يمكنها الاكتفاء بتوكيل الغير لإنهاء مصالحهم بموجب وكالة شرعية مع إبقاء الولاية لديها؛لأن إجراءات إثبات الوكالة وفسخها يسيرة،ومتى تبين للأم أن الوكيل مقصر في القيام بما وُكّل فيه تيسر لها فسخ الوكالة،وأما فسخ الولاية ــ فيما لو كان الولي غير الأم ــ فإن له إجراءات طويلة،ولا بد فيه من البيّنة الموصلة.
8) بذل الأسباب من قبل المرأة لحفظ حقوقها وعدم التفريط فيها،ومن وسائل ذلك:
‌أ- العناية بالتوثيق في العقود والديون ونحوها،وقد وردت الأدلة الشرعية على أهمية حفظ الحقوق بتوثيقها والإشهاد عليها.
‌ب- تسجيل العقارات التي تملكها المرأة باسمها وعدم التساهل بتسمية العقارات بأسماء غيرهن مهما كانت الثقة موجودة.
‌ج- الحذر من استخراج قروض باسم المرأة لصالح أطراف أخرى إلا بضمانات كافية.

وختاماً .. هذا ما تيسر ذكره في هذه الورقة الموجزة .
والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
حرر في 9/1/1433هـ