الاثار القانونية لجرم سوء استعمال الأمانة في الترشح لمجلس النواب

المحامي محمد الصبيحي

صدر قراران متناقضان هذا الاسبوع عن محكمتي بداية عمان، وبداية غرب عمان بخصوص طعن مقدم من أثنين من طالبي الترشيح سبق وأن صدرت ضدهما أحكام أدانة بجرم سوء أستعمال الامانة، محكمة بداية عمان (قصر العدل) أستندت الى نص في قانون أصول المحاكمات الجزائية في المادة 365 فقرة 5 والتي نصها كالتالي (لايتولى أي شخص أعيد أعتباره وكان محكوما في أي من الجرائم التالية :

الاختلاس والرشوة وسوء الائتمان وجميع الجرائم المخلقة بالاخلاق والاداب والثقة العامة أيا من الوظائف التالية.. القضاء أو عضوية مجلس الامة أو الوزارات) وبالطبع مهما كانت مدة العقوبة المحكوم يوما أو عاما أو أكثر.

أما محكمة بداية غرب عمان فاستندت الى قانون الانتخاب الذي حدد بأن لا يكون المرشح محكوما بالسجن لمدة تزيد على سنة واحدة بجريمة غير سياسية ولم يشمله عفو عام، وأعتبرت أن قانون الانتخاب قانون خاص هو الواجب التطبيق وليس النص الوارد في قانون اصول المحاكمات على أعتبار وحسب نص القرار (أن قانون الانتخاب قانون خاص وقانون اصول المحاكمات الجزائية قانون عام سابق التاريخ وعليه يطبق القانون الخاص في حالة التعارض).

من البديهي أنه عندما يتعارض نص في قانون خاص مع نص في قانون عام فان القانون الخاص هو الذي يطبق، ولا شك بأن قانون الانتخاب قانون خاص، وهو يقول بأن المانع من الترشيح أن يكون المرشح محكوما بجريمة غير سياسية لمدة تزيد على سنة، مهما كان نوع الجريمة بالطبع، ولهذا قالت محكمة بداية غرب عمان أن المشرع في قانون الانتخاب أخذ بمعيار (العقوبة فقط)، وهذا غير صحيح لأن المشرع في قانون الانتخاب أخذ بمعيار العقوبة ومعيار نوع الجريمة أيضا ولذلك أستثنى الجريمة السياسية من موانع الترشيح حتى لو كانت عقوبتها الاعدام وليس أكثر من سنة فقط وجاء قانون أصول المحاكمات مكملا للنص ليحدد جرائم ذات دلالة خطيرة مهما كانت عقوبتها كموانع للترشيح، وهي الرشوة والاختلاس وسوء استعمال الأمانة، وهذا النص يعتبر مكملا أيضا للنص الوارد في المادة العاشرة فقرة د من قانون استقلال القضاء التي أشترطت لتولي منصب القضاء أن يكون المتقدم (غير محكوم من محكمة او مجلس تأديبي لامر مخل بالشرف ولو رد اعتباره او شمله عفو عام) لأن نص قانون أصول المحاكمات فسر تلك الجرائم التي أشار اليها قانون استقلال القضاء وحددها (الرشوة والاختلاس وإساءة الائتمان) وأعتبرها من الجرائم التي أشار اليها قانون استقلال القضاء وهي (المخلة بالشرف).

ومن هنا فان نص قانون أصول المحاكمات الجزائية بمنع المحكوم بالرشوة أو الاختلاس أو سوء الائتمان من الترشح مهما كانت مدة عقوبته أنما هو نص مكمل لقانون الانتخاب وليس متعارضا معه، ولو اعتمدنا رأي محكمة غرب عمان فسنجد وضعا غريبا في السلطة التنفيذية انه يجوز أن يكون هناك نائب يمثل الامة ومؤتمن على مصالحها رغم أنه مدان قضائيا بجريمة سوء استعمال الامانة، بينما نجد أنه لا يجوز تعيين وزير سبق أن أدين بجريمة سوء استعمال الامانة ولا يجوز تعيين قاض مدان بنفس الجريمة أيضا، وهكذا لا يكون في السلطة القضائية والسلطة التنفيذية من هو محكوم بالرشوة أو الاختلاس أو سوء استعمال الامانة، بينما يجوز أن يكون في مجلس النواب من المحكومين بمثل هذه الجرائم.

نحترم قرار المحكمة القطعي. غير أن هناك مخرج قانون لتفادي قرار محكمة غرب عمان ليس مجال شرحه الان، ولأن المقال موجه للعموم فإنني لم أدخل في الاراء الفقهية التي تؤيد قرار محكمة بداية عمان التي رفضت قبول ترشيح المحكوم بسوء ائتمان.