شرط التموين الاستئثاري وأهميته في عقود الترخيص

كما هو معلوم فالمرخص لا يترك الحرية للمرخص له في عملية التموين الذي يتطلبها نشاطه، الأمر الذي يفسر بأن هذا الشرط يوحد مصدر التموين بالنسبة لجميع أعضاء الشبكة وبالتالي الحفاظ على هويتها وصورتها في نظر الزبناء أينما وجدت الوحدات التابعة لها، وفي مقابل ذلك تقييد لحرية المرخص له في الحصول على مصدر التموين بطريقة سهلة وأقل تكلفة، خاصة في حالة كون مصدر التموين المفروض عليه أجنبيا، وما يترتب على ذلك من مشاكل تعيق المرخص له وكذلك الإنتاج الوطني.

كما أن أهمية تطبيق هذا الشرط تختلف باختلاف أهمية السلع والبضائع في تطبيق أسلوب الترخيص التجاري من جهة ومن جهة أخرى فهي تختلف باختلاف مجالات الترخيص[1].

ذلك أن شرط التموين في إطار الترخيص التجاري الخدماتي، يشكل نسبة قليلة بالمقارنة مع مجموع العمليات التجارية والقانونية والمالية التي تربط المرخص له بالمنتوجات التي سبق له أن اقتناها من المرخص، أو من مورديه المعتمدين[2] إلا أنه في المقابل نجد هذا الشرط في مجال التوزيع بكثرة[3]، أما في مجال الإنتاج والتصنيع فشرط التمويل الاستئثاري يبقى ضروريا في عقود الترخيص التجارية إذ يعد من طبيعتها، كتلك العقود التي تبرمها شركة كوكاكولا مع أصحاب تعبئة المياه الغازية[4]. كما أن هذا الشرط ليس ضروريا لنشأة عقد الترخيص التجاري، خاصة المتعلق بالتوزيع، إلا إذا كان ضروريا لتوحيد الجودة بين مجموعة من الموزعين، أما في باقي أنواع الترخيص التجاري، فهو لا يؤخذ به إلا إذا كان يهدف المحافظة على هوية وسمعة الشبكة المرخصة.

بذلك فشرط التموين يبقى مقبولا بالنسبة للسلع والبضائع التي تعد موضوع عقد الترخيص، والإشكال الذي يبقى مطروح فهو بخصوص تموين السلع والبضائع التي لا ترتبط بمحل عقد الترخيص، وما يلاحظ في هذا الصدد أن المرخص ورغبة منه في أن تكون جميع نقط البيع في أي مكان توجد فيه موحدة ومتماثلة، فهو يعمل على أن يكون لها نفس المظهر، كما يتطلب أن تكون جميع التجهيزات والمعدات اللازمة لتأثيث هذه المؤسسات متماثلة أيضا الأمر الذي يجعل المرخص يشترط أن يكون هو مصدر التموين، أو يحدد موردين معتمدين من طرفه، مبررا ذلك بالحفاظ على صورة الشبكة لكن إذا كانت هذه السلع والتجهيزات ليست مرتبطة بالمعرفة الفنية وبتصور المرخص، لماذا لا يترك للمرخص له الحرية في اختيارها؟ لماذا لا يترك أمام المرخص له المجال للبحث بنفسه عن سبل وطرق أخرى لتجهيز محلاته؟ مع احترامه بالطبع للجودة المطلوبة وعلى مواصفات ومميزات صورة العلامة والتي يستطيع أن يتحقق منها المرخص بفرضه للمراقبة.

ويبدو لنا أن اختلاف الأفكار في تقديم الخدمات الموحدة يمكن أن يؤدي إلى تحقيق نجاح أكثر[5].
وهناك من يرى[6] بأنه من الأفضل أن يتفق الأطراف على إبرام عقد تموين مستقل عن العقد الرئيسي مع تضمينه مختلف المسائل المرتبطة بعملية التموين، من أجل التخفيف من حدة شرط التموين الاستئثاري.

[1] – في هذا الصدد يمكن التمييز بين نوعين من السلع والخدمات:
أولا- سلع وبضائع تشكل محل العقد فهي تعتبر موضوع أو محل عقد الترخيص بين المرخص والمرخص له، وتتشكل من مواد أولية أو مواد مصنعة أو قطع غيار وغيرها من المواد التي تختلف باختلاف مجال الترخيص التجاري.

ثانيا- السلع والبضائع التي ترتبط بمحل العقد.
[2] – سعيد غنايم، “عقد الترخيص التجاري بين التنظيم والتطبيق”، م.س، ص 46.
وللمزيد من التوسع انظر:
– Yves Marot, « franchise et approvisionnement », in Dalloz 1995, 2eme semestre, doctrine, p. 1088.
[3] – حنان البكوري، “عقد الترخيص التجاري بالمغرب”، م.س، 214.
[4] – حسام الدين عبد الغني الصغير، م.س، ص 104.
[5] – مثلا في مجال الفنادق يترك للمرخص لهم الحرية في المنافسة فيما بينهم في اختيار شكل الغرف وأثاثها والديكور، مما يجعل الزبون يحس بأنه أمام تجديد وتطور مستمر كلما غير منطقة ما أو فندق ما رغم أنه ينتمي إلى نفس الشبكة، وبالتالي لن يشعر بالملل من تواجده دائما أمام نفس التجهيزات.
[6] – Thiriez pamier مشار إليه عند حنان البكوري، م.س، ص 219.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت